أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المنعم عجب الفَيا - رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته















المزيد.....

رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته


عبد المنعم عجب الفَيا

الحوار المتمدن-العدد: 7495 - 2023 / 1 / 18 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


مدخل:
"علينا أن نقرأ ونتذوق الشعر الشرقي وكأنه لم يكن هناك يونان ولا رومان"
جوته، من التعليقات والأبحاث الملحقة بـ(الديوان الشرقي)
___________
كان الشاعر الصوفي عبد الرحمن الجامي (الفارسي) قد وضع قصيدة عرفانية مطولة بعنوان: (يوسف وزليخا) أعاد فيها قراءة وتأويل القصة الدينية المعروفة والواردة بالقرآن الكريم والكتاب المقدس واتخذها رمزا عرفانيا للعشق الصوفي الإلهي.
وكانت قصيدة الجامي قد ترجمت إلى الألمانية، وقد أعجب بها شاعر ألمانيا الأكبر جوته (1749-1832م)، أيّما إعجاب.
وجريا على طريقة شعراء العرفان الصوفي رمز جوته إلى معشوقته وملهمته "مريانة فيلمر" باسم زليخا، ورمز إلى نفسه هو، كعاشق باسم "حاتم". وذلك كناية عن البذل والعطاء بلا حدود فداءً للمحبوب. يقول جوته في قصيدة بـ"كتاب زليخا" من (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) :

لما كنتِ الآن تسمين زليخا
فأنا كذلك يجب أن أحمل اسما
فحين تناجين حبيبك
فليكن حاتم هو اسمه
كي يعرفني الناس به
وليس في ذلك إدعاء،
فأنا في فقري،
لا أستطيع أكون حاتم الطائي أكرم الكرماء.

وكان جوته قد قرأ عن حاتم الطائي في ترجمة، يوسف فون همر، لديوان الشاعر الصوفي حافظ الشيرازي، حيث يقول حافظ: "من يحب حباً يعدل ألف حاتم". وعلق همر على ذلك بالقول "حاتم الطائي أكرم العرب".
وكان حافظ الشيرازي (1315- 1290م) أحد المتصوفة المسلمين الذين فتن بهم جوته، وذلك إلى الحد الذي يصفه فيه بـ"تؤام روحه في اللذة والألم" ويخصص له فصل كامل من ديوانه الشرقي، تحت اسم (كتاب حافظ) يقول فيه بقصيدة (بغير حدود):

لو يسقط العالم كله في الهاوية
فأنت يا حافظ، أنت وحدك مَنْ يطيب لي منافسته
فلنتقاسم معاً نحن التوأمين
اللذة والألم!
وليكن سبيلك في الحب كما في الشراب
هو موضع فخري ومدار حياتي.

وكان الشاعر الصوفي عبد الرحمن الجامي قد وضع أيضا منظومة عرفانية رمزية في العشق الإلهي بعنوان (ليلى والمجنون) ترجمها المستشرق الألماني هارتمان. وزاد تعلق جوته بهذه القصة عندما قرأ عنها في ديوان حافظ الشيرازي حيث ورد ذكر ليلى والمجنون في عدد من الرباعيات. ومن ذلك قول حافظ: "أنا المجنون الذي لم يستبدل بليلى كل بلاد العرب وفارس". وقوله في رباعية أخرى:" في دروب ليلى المليء بالمخاطر، والمحفوف بالمشاق أقسى ما تلقى هو أن تكون المجنون".
وقد ورد اسم "المجنون" بالديوان الشرقي بنطقه العربي ورسمه الإفرنجي مقرونا بليلى أكثر من مرة. ففي قصيدة (نماذج) وهي أول قصيدة بكتاب العشق، من الديوان الشرقي يقول جوته:

ليلى والمجنون
ما عرفا إلا الحب.
*
عشقُ جميل بثينة
حتى وهي عجوز.
*
وحلاوةُ صبوات العشق
بين سليمان وبلقيس السمرا
*
وأنتَ لو استوعبتَ قصص الحب
لتشجع قلبك وعرفتَ طعمَ العشق.

وكذلك استعار جوته من حافظ الشيرازي وغيره من الشعراء المتصوفة، رمزية: الفراشة والنار/النور، للدلالة على فناء العاشق في ذات المحبوب. إذ تتخذ (الفراشة العاشقة) التي يدفعها شغفها بالنار إلى الاحتراق فيها رمزا إلى الصوفي الذي يقوده عشقه للذات الإلهية (نور الشمعة) إلى التضحية بالجسد بالزهد والتقشف والتعبد رغبةً في الفناء في ذات الله.
ومن ذلك أنه ورد بقصيدة لحافظ الشيرازي قوله: "إن الروح تحترق كما تحترق الشمعة/، قدمت جسدي قربانا للهيب االغرام/ وأنا طاهر الذيل نقي الضمير/فان لم تحترق كما تحترق الفراشة/ فلن تجد سبيلا للخلاص من عذاب الحب".
وقد تناصص جوته مع قول حافظ هذا بقصيدة: (حنين مبارك) من "الديوان الشرقي" وكان قد أعطاها في المخطوطة اسم "كمال". يقول:

لا تقل هذا لغير الحكماء
فقد يسخر منك بعض الجهلاء
فأنا اُثنِي على الحي الذي
يتوق إلى الموت في أحضان اللهيب.
*
في ليالي الحب والشوق الرطيب
يصبح الوالد والمولود أنت
يأسر قلبك إحساس غريب
ومن الشمعة إطراق وصمت
*
تترك السجن الذي عشت فيه
غارقا في عتمة اليل الكئيب
ينشر الشوق جناحيه إلى
وحدة أعلى وانجاب عجيب
*
سوف تعتريك من السحر ارتعاشة
فلا تجفل من بعد الطريق،
وستأتي مثلما رفت فراشة،
تعشق النور فتهوى في الحريق
*
وإذا لم تصغ إلى الصوت القديم
داعيا إياك: مُتْ كيما تكون!
فستبقى دائما ضيفا يهيم
في ظلام الأرض كالطيف الحزين.

كذلك استعار جوته من شعراء الصوفية المسلمين رمزية "البلبل والوردة". البليل هو العاشق والوردة (المعشوق). يقول بكتاب الأمثال من (الديوان الشرقي):

غناء البلبل في الليل يتصاعد
إلى عرش الله الوضاء
وجزاء غنائه الرخيم
حبسه في قفصٍ ذهبي.

يشير جوته بهذا إلى قول حافظ الشيرازي: "هذا البلبل الحبيس الذي يسمى الروح، لا يخدم البدن الذي هو قفصه". ومن ذات المنظور يخاطب جوته بكتاب زليخا من الديوان الشرقي معشوقته بقوله:

أهذا ممكن يا حبيبتي أن ألاطفك؟
وأن استمع إلى صوتك الإلهي؟
هكذا تبدو الوردة دائما مستحيلة.

وقد استوحى هذا من قول حافظ الشيرازي: "البلبل يغرد ويتغنى بكيف جعل الورد صديقه. لقد تعلم البلبل الغناء من الورد".
وكان الشاعر والناقد والأكاديمي السوداني، محمد عبد الحي، قد أشار إلى رمزية البلبل والوردة في الأدب الصوفي وذلك بكتابه القيّم (الرؤيا والكلمات) حيث يقول:
"في الأدب الصوفي لم تزل قصة الوردة التي يسقيها البلبل، عاشقها، من دمه رمزاً من رموز الحب وقوة الجمال، إنها قصة فناء الروح، العندليب العاشق في وردة المحبوب، كاحتراق فراشة الروح في نار الجمال الجوهري". انتهى.
ومن هذا الرمز الصوفي استعار محمد عبد الحي عنوان ديوانه (حديقة الورد الأخيرة). ويضم الديوان قصيدة تحمل عنوان: (في الحلم رأيتُ سَعدِي وحافظ). حافظ هو حافظ الشيرازي، وسعدي سابق لحافظ، وهو الشاعر الصوفي سعدي الشيرازي صاحب ديوان (كلستان) أي البستان (حديقة الورد)، وقد تُرجم أيضاً في عصر جوته إلى الألمانية واستلهمه جوته في بعض أشعاره. يقول محمد عبد الحي في قصيدة (في الحلم رأيتُ سَعدِي وحافظ):

النّارُ وَطَنُ العُشّاق
يَتَفَتّحُ في قَلْبِ الظُلْمَة
في شُجَيرَة الليلْ
حَيثُ السَمَنْدَل والفَرَاشَة
شَيءٌ وَاحِدْ
زَهْرَة نَارِيّة
في الليلِ الأبَدِيّ..

مصادر ومراجع:
1- كاتارينا مومزن، جوته والعالم العربي، ترجمة عدنان عباس، مراجعة د. عبد الغفار مكاوي، سلسلة عالم المعرفة، رقم 194، الكويت، فبراير 1995
2- عبد الغفار مكاوي، جوته: النور والفراشة- مع النص الكامل للديوان الشرقي للشاعر الغربي، ترجمة وتقديم: عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2006.
3- جيته، الديوان الشرقي للمؤلف الغربي، ترجمة وتقديم وتعليق: د. عبد الرحمن بدوي، المؤسة العربية للدراسات والنشر. (صدرت الطبعة الأولى عن دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1967 ).
4- محمد عبد الحي، الرؤيا والكلمات، دار ابن زيدون ودار الفكر الخرطوم، 1984.
5- محمد عبد الحي، حديقة الورد الأخيرة، الخرطوم، الطبعة الأولى 1984.

مصادر ومراجع:
1- كاتارينا مومزن، جوته والعالم العربي، ترجمة عدنان عباس، مراجعة د. عبد الغفار مكاوي، سلسلة عالم المعرفة، رقم 194، الكويت، فبراير 1995
2- عبد الغفار مكاوي، جوته: النور والفراشة- مع النص الكامل للديوان الشرقي للشاعر الغربي، ترجمة وتقديم: عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2006.
3- جيته، الديوان الشرقي للمؤلف الغربي، ترجمة وتقديم وتعليق: د. عبد الرحمن بدوي، المؤسة العربية للدراسات والنشر. (صدرت الطبعة الأولى عن دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1967 ).
4- محمد عبد الحي، الرؤيا والكلمات، دار ابن زيدون ودار الفكر الخرطوم، 1984.
5- محمد عبد الحي، حديقة الورد الأخيرة، الخرطوم، الطبعة الأولى 1984.



#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة -النثر- والبلاغة الكلاسيكية*
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- جماليات المكان بين معاوية نور وغاستون باشلار
- رواية موسم الهجرة إلى الشمال ونقد (خطاب الاستعمار وما بعد ال ...
- أخطاء الترجمة: Bible تعني الكتاب المقدس لا الإنجيل
- في أصل كلمة corona وهل تكتب في العربية كرونة أم كورونا؟
- تأملات لغوية بمناسبة وباء كرونا: كحّة أم قُحّة؟!
- حفر لغوي مقارن في كلمة حُبّ amour الفرنسية
- فريدريش نيتشه والمثقفون العرب


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المنعم عجب الفَيا - رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته