أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)















المزيد.....

مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)


عبد المنعم عجب الفَيا

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 22:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تحدثنا في الحلقة الأولى من هذه المراجعة عن صدور معجم الدكتور عون الشريف قاسم الموسوم (قاموس اللهجة العامية في السودان) سنة ١٩٧٢ وقلنا ان هذا المعجم يعد فريدا في بابه وعمدة في مجاله وان هذه المراجعات وغيرها تضيف ولا تنقص من قيمته العالية شيئا. وفيما يلي نواصل استدراكاتنا عليه:

أبنوس :
يقول: "أبنوس سودانية فصيحة وهو شجر عظيم صلب اسود". وفي باب حرف الباء، تحت مادة (بابنوس) يقول: بابنوس شجر كبير، ويخلط كثير من الناس بينه وبين الابنوس". ولكنه أكتفى بهذا القول ولم يوضح الفرق بينهما.
اقول البابنوس هو الابنوس نفسه، يلفظ بابنوس في اللهجات السودانية. وما يحتاج إلى بيان هو قوله ان الابنوس شجر اسود. الابنوس من الخارج ليس اسود وإنما الأسود هو قلب أو لب عوده الداخلي، والمحاط بطبقات صلبة وباللحاء والقشر والتي لا يختلف لونها عن لون سائر الشجر من الخارج.
ويكثر شجر الابنوس أو البابنوس في السودان في الحزام الأوسط المداري والممتد عرضيا من حدود الحبشة شرقا الي دارفور غربا.

ابريق :
يقول: "ابريق فصيحة سودانية، اناء له عروة وفم للماء". واقول ما لم يذكره ان الابريق يطلق في السودان حصرا على اناء الاستجمار والاستنجاء والوضوء. والابريق حديثة نسبيا في هذا الاستعمال، وقبلها كانت الركوة وجمعها ركا. في السودان البراد للشاي، كما في دول أخرى، وليس الابريق.

أزمة :
يقول : أزمة مرض الربو، وهي دخيلة". انتهى.
واقول لم يوضح ما الدخيل: لفظ أزمة ام إطلاق اللفظ على مرض الربو في السودان. المهم كلمة أزمة عربية معجمية قديمة من الفعل ازم يازم ازمة فهو مازوم. والازمة الشدة والضيق. وهي من الكلمات الاكثر استخداما اليوم للتعبير عن حالات الضيق والشدة في قضايا السياسة والاجتماع والطب. فإذا كان يقال في الطب أزمة قلبية، فما المانع ان تطلق لفظة "أزمة" في السودان أو غيره من البلدان العربية على مرض الربو حتى تكسب العربية كلمة رديفة، والترادف من ابرز خواص العربية الذي اكسبها هذا الثراء. بل اننا نرى ان ازمة ابلغ من ربو في وصف هذا المرض، كونها تدل على المرض دلالة حرفية، فضيق التنفس هو أزمة في التنفس وأما الربو فهو الزيادة.
وأما اذا كان عون الشريف يقصد بالدخيلة، القول ان كلمة أزمة هنا، هي تعريب للكلمة الإنجليزية asthma والتي تعني مرض الربو، فنحن نذهب إلى أن اللغات الأوربية هي التي استعارت كلمة أزمة من العربية، وتفوق العرب في الطب والعلوم الأخرى في القرون الوسطى وفضلهم على الأوروبيين في ذلك الزمان لا ينكر .

إكسير :
يقول إكسير، فصيحة سودانية، الدواء الناجع لكل دواء". انتهى.
واقول هذا تعريف قاصر. الأكسير لفظ يطلق على شيء ليس له وجود حقيقي في عالم الواقع اليوم، وإنما ارتبط في الماضي القديم بالخيمياء والاسطورة والاحاجي، وله مدلولات مختلفة، فهو في الخيمياء مادة لها القدرة على إحالة اي معدن إلى ذهب. وعند بعضهم مشروب يطيل العمر ويمنح الحياة الأبدية. وهو في الاجاحي والمثيولوجيا السودانية شجرة على قمة جبل غير معلوم مكانه من يستطع الوصول إليها تمنحه القدرة على فعل المعجزات، ومنها تحويل كل شيء إلى ذهب.

اولا تبادي:
يقول في مادة اول: "ويفتحون الكلام احيانا بقولهم: اولا بالتبادي (البداية)". يقصد ان، اولا بالتبادي، تعني البداية.
واقول أظن ان الصيغة الأكثر استعمالا وسماعا هي "اولا تبادي". بدون باء. وموضع استدراكنا على المؤلف هو أنه اكتفي في شرح العبارة بكلمة "البداية". ولكنه لم يحلل بنية كلمات العبارة ولم يشرح كيف انتهت إليه في هذه الصيغة الأخيرة .
ونرى ان اصل العبارة هو" اولا انت بادي". ثم ادغم الضمير انت في كلمة بادي وذلك بحدف الالف والنون من الضمير انت، وادغمت التاء في بادي، فصارت الكلمتان كلمة واحدة هي تبادي، لتصبح العبارة في صيغتها الكلية " اولا تبادي".

بزم:
يقول: "بزم في اللهجة السودانية، حسم الأمر، كان يحدد الثمن المبدئي للسلعة".
واقول بزم في كلامنا، تعني على نحو أكثر دقة التزم وتعهد واعطي قولا ووعدا جازما. يقولون: انا ما بزعمت. وفلان بزم وقال هو المسعول اي المسؤول. ويقال: بزم وجزم. واللفظ فصيح، جاء بمعجم لسان العرب: "بزم بالعبء : نهض به واستمر". وجاء المعجم الوسيط بمجمع القاهرة : "بزم القول بزما: اغلظ. وبزم على الأمر: عزم عليه".

دبل:
يقول: "دبل ضرب الأرض بقدميه. واندبل حزن".
واقول دبل ضرب ولطم على وجه العموم ومنها دبل الأرض بالقدم. وفي الغالب يكون لأكثر من ضربة واحدة في المرة الواحدة. والدبلة الضربة. يقولون زح لغادي ولا ادبلك دبلة. ودبله دبلة ودبيل. جاء بالقاموس المحيط للفيروزابادي: "دبل بالعصا: تابع عليه الضرب بها".
وأما اندبل فتعني على نحو أكثر دقة، انهمد وخمدت همته ومات قلبه اي احساسه. يقولون : فلان قلبه اندبل من كثرة الأحزان والهموم. والشواهد التي اوردها عون الشريف في هذه المادة كلها تؤكد هذا المعنى. ومنها قول الشيخ فرح د تكتوك: الرجال فيهم تخينا مندبل، همه في النوم والاكل". وقول البطحاني: مثلك كتير في غفلة طوطح واندبل".

ديس:
يقول ديس سودانية الشعر الكثيف، وايضا عشب ينمو على شاطئ النيل. وديس ورق النخل".
واقول الديس اسما على العشب هو المقصود بالاصالة وقد اطلق بالحوالة على شعر المرأة تشبيها له بنعومة هذا النوع من العشب وطوله. ويكثر استخدام كلمة ديس وصفا لشعر المرأة في شعر الدوبيت الشعبي وفي شعر اغنية ( الحقيبة) السودانية.
جاء بالمعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة :" الديس جنس أعشاب مائية من الفصيلة السعدية يصنع منه الحصر".

رد:
رد بكسر الراء وتشديد الدال. يقول: "رد فصيحة سودانية، الملجأ والماوى والناحية".
واقول الرد بكسر الراء في اللهجة السودانية هو كثرة تردد أقدام الإنسان والبهائم وأثارها في مكان ما دلالة على أنه مطروق. وترد اللفظة للتعبير عن وصف المرعي الذي انهك نباته من كثرة الرعي.
والشواهد التي اوردها المؤلف تدل كلها على هذا المعنى. ومنها قول الشاعر الشعبي الحاردلو: "ديل الديمة من رد الانيس ناجعات". يعني بذلك الظباء. ورد الانيس، حركة الإنسان وجولانه. وناجعات يعني هاربات نافرات، من النجيع والنجعة وهي فصيحة.

ردس:
يقول: "ردس سودانية تعني اتعب وارهق. قال الشكري : قل لي نعلو تيس القنة ما ردس بيك". انتهى.
واقول ردس رمى بكل ثقله على الشئ وتكرار ذلك عدة مرات، كان يقوم طفل بالقفز من فوق السرير والفرش عدة مرات من باب اللعب واللهو. وكنا نفعل ذلك في صغرنا فينهانا أهلنا قائلين: يا ولد ما تردس فوق الفرش. والشاهد الذي أورده عون الشريف: نعلو تيس القنة ما ردس بيك". يعزز هذا المعنى. والتيس هنا البعير، وردس به، تصوير لحركة الراكب على ظهر الجمل وجسمه يقفز ويهبط اثناء سير البعير.

رزية :
يقول في مادة رازة: "رازة، سودانية، الضعيفة المنحرفة الصحة".
واقول رازة صيغة في رزية وهي لفظة عربية فصيحة تجمع على رزايا . ورزية ورازة في العامية السودانية هي البهيمة (البقر خاصة) التي تصاب في فصل المحل بالتو الذي يسببه الجوع حيث يقل الكلا وتفسده أمطار الرشاش الخفيفة في أول الخريف.
وقد وردت رزايا في هذا المعنى في الشعر الجاهلي. يقول النابغة الذبياني في قصيدته التي يعتذر فيها الي النعمان واصفا النوق التي حملته:
سماما تباري الريح خوصا عيونها * لهن رزايا في الطريق ودائع
عليهن شعث عامدون لحجهم * فهن كاطراف الحني خواضع

رندل:
يقول: "رندل الليمون. الرندل أو الراندل؟ بمعنى العطشان". واقول تدل علامة الاستفهام هنا ان المؤلف في شك من صحة المفردة هل هي رندل أم راندل. والصحيح رندل والصفة منها مرندل. ومعنى رندل ضمر النبات وتغضن وكاد ان يذبل، اما بسبب شمس الظهيرة أو العطش. يقال: الخضار رندل ومرندل. ويطلق اللفظ أيضا على الحيوان اذا ضعف وخارت قواه وظل ساكنا بلا حركة.

ام رويق:
يقول في مادة روق، ام رويق المطرة أو السحاب الذي يعم خيره".
واقول ام رويق اسم يطلق في السودان على السحاب الذي يطلع من جهة الشرق حصرا. ورويق تصغير روق وهو الصف. وام هنا تعني ذات اي ذات الروق. يقولون: جوا ماشين روق روق، اي صف وراء صف. وسمي هذا السحاب بذلك لانه يطلع بكثافة متراكما بعضه فوق بعض صفوفا أو موجات متتابعة. وسرعان ما يغطي الأفق الشرقي كله ويعم قبة السماء. وفي اغلب الاحيان يسبق نزول هذا السحاب عواصف ترابية مظلمة. فإذا نزل هذا السحاب تاتي مطرته غزيرة جدا وتغطي مساحات شاسعة.
وروق فصيحة تجمع على أرواق. جاء في معجم لسان العرب: "والقت السماء على الأرض أرواقها ، الحت بالمطر. واذا الحت السحابة بالمطر وثبتت بارض قيل القت عليها بارواقها، وانشد : وباتت بارواق علينا سواريا. ويقال ارخت السماء أرواقها. وروق السحاب، سيله، وانشد: مثل السحاب اذا تحدر روقه. وفي الحدبث: اذا القت السماء بارواقها". أي بجميع ما فيها من الماء. الارواق الاثقال، أراد مياهها المثقلة بالسحاب". انتهى.

سدر:
يقول :"سدر، سودانية فصيحة، سدر الرجل في البلاد ذهب فيها لا ينثني. لذلك يقولون في الفصحي: سدر في غيه" .
واقول ان الامر الذي فات ادراكه على كل الباحثين في هذه المادة هو حقيقة أن سدر السودانية أصلها صدر من الصدور ضد الورود، قلبت الصاد سينا، ولا صلة لها بالفعل سدر في الفصحى. وقلب الصاد سينا كثير في اللهجة السودانية مثلما تقلب السين صادا في بعض اللهجات العربية الأخرى.
يقال في في العامية السودانية: البهائم سدرن اي صدرن بمعنى رحن الى المرعى. ويقال البهائم وردن الماء وسدرن اي وردن ثم صدرن الي المرعى. يقول معجم لسان العرب: "الصَّدر بالتحريك: رجوع المسافر من مقصده والشاربة من الورد. الصدر نقيض الوِرد. يقال: صدر يصدر صدوراً وصدراً. وطريق صادر، معناه أنه يصدر بأهله عن الماء. ووارد: يرِده بهم. وقوله تعالى: (يصدر الرعاء) أي يرجعوا من سقيهم. يقال صدر القوم عن المكان، أي رجعوا عنه، وصدروا إلى المكان صاروا إليه. والوارِدُ: الجائِي، والصَّادِرُ: المنصرف". انتهى.

مسدار:
يقول في مادة سدر السالفة الذكر : "المسدار في البطانة بالسودان هو مكان الرعي أو الجهة التي تتوجه إليها البهائم. ومن هذا اخذو اصطلاح المسدار في الشعر خاصة عند الشاعر القومي الحاردلو حين يتحدث عن مسدار الصيد وغيره، فهو يتناول الرحلة ومراحلها بالوصف والتصوير".
واقول هذا صحيح مع التأكيد على أن السين في مسدار أصلها صاد اي مصدار من الصدور ضد الورود على النحو المبين أعلاه. والتشديد على أن ما ذكره الباحث المصري الدكتور عبد المجيد عابدين في كتاب (الحاردلو شاعر البطانة) من أن سدر هي مقلوب سرد، بمعنى روي قصة الرحلة، غير صحيح. وكل الشواهد التي اوردها عون الشريف في هذه المادة تذهب إلى تأكيد ان مسدار مشتقة من الصدور ضد الورود. وان المسدار أو المسدار هو المرعى أو المرحال الي المرعى، اختاروه اسما على قصيدة المسدار في الشعر الشعبي.
يقول الطيب ود ضحوية : "ما دام بت ام قجة واردة وصادرة بالمسدار". ام قجة الناقة. ويقول شاعر شعبي اخر: "اخير تبقوا خرفان بالمسادير ترعوا". الي غير ذلك من الشواهد التي لا تحصى.

سردوب:
يقول في مادة سردب: "سردب انحنى. وسردوب: الظهر القوي". واقول الصحيح ان السردوب (بامالة الواو) هو النتؤ الخلقي في أعلى الظهر واسفل الرقبة. وسردب ركز وثبت ولم يتزحزح. تقال للشجاع يواجه مكروها. ومثال ذلك من يثبت في عادة الجلد بالسوط في الأفراح التي تسمى في السودان البطان.

مسنوح:
يقول في مادة سنح :"سنيح ومسنوح سودانية كريه مؤذي، الاسم سناحة : سماحة البفك الساحة".
واقول مسنوح في العامية السودانية تعني شؤوم، سئ الطالع وهو العارض أيضا في تعبيرهم. وهي أيضا مزنوح تنطق السين زايا احيانا. السناحة والزناحة سؤ الطالع. يقولون : انت زول مسنوح أو مزنوح. ويقولون في ذات المعنى: انت زول عارض. أما قوله سماحة البفك السناحة، فيعني ما أجمل الذي يفك العارض اي سوء الطالع. جاء بمعجم لسان العرب في مادة سانح: "والعرب تختلف في العيافة، فمنهم من يتيمن بالسانح ويتشاءم بالبارح. السانح ما اتاك عن يمينك من طير وغير ذلك، والبارح ما اتاك عن يسارك.. وأورد بيت الاعشى: جرت لهما طير السناح بأشأم".

سام وسوم:
يقول: "سام سودانية فصيحة، باع ووهب. قال الشاعر الا اسوم روحي ليك. وقال الشايقي، انا روحي ليك تسليمها". انتهى.
واقول سام يسوم في العامية السودانية العرض للبيع وليس البيع نفسه. وأما قول الشاعر الشعبي اسوم روحي ، وانا روحي سايمها، فهي استعمال مجازي، والمعنى أخاطر بروحي اعرضها للهلاك من أجلك.
جاء في المعجم الوسيط لمجمع القاهرة :"سام السلعة عرضها للبيع". وسام هنا غير ساوم بمعنى المساومة والمفاوضة في السعر.

ام شبتو:
يقول في مادة شبت: "ام شبتو سودانية، حبل العنكبوت. بيت العنكبوت". واقول ام شبتو هي العنكبوت نفسها في اللهجة السودانية. يقال ام شبتو للعنكبوت، وبيت ام شبنو لبيت العنكبوت. وام هنا تعني ذات، وبذا يكون معنى الاسم ذات الشبت وهو الشبث قلبت الثاء تاء.
جاء بالمعجم الوسيط لمجمع القاهرة: "الشبث نوع من العناكب يسميه العامة: ابو شبت".

ام شتيح:
يقول في مادة شتح: "ام شتيح صفة للمرأة". واقول ام شتيح صفة للمرأة القصيرة القامة وليست كل امرأة. وذلك ان شتح ويتشتح يعني يباعد ما بين رجليه. وقصر المسافة هذه دليل على القصر. وام هنا تعني ذات كذا. اي ذات الشتيح.

شختور:
يقول : شختور، القطعة الكثيفة من السحاب في بادية البطانة وهي مولدة من لهجة الشام".
واقول شختور لفظة سودانية عامة وليست خاصة ببادية البطانة فقط، كما أنها ليست مولدة عن لهجة الشام بل هي لفظة سودانية بالاصالة. والشختور السحابة الخفيفة الواحدة تمطر في رقعة محدودة وتنزل في شكل زخات مرئية من بعيد. يقولون وهم يرجون المطر الكثيف العميم :داك شختور نزل في بلاد (زراعة) فلان.

شاو:
يقول: "شاو ثمرة الاراك. وهو شجيرة أيضا الكبابيش". واقول الشاو هو شجر الاراك نفسه. يسمى اراك ويسمى شاو في السودان. والأخيرة يغلب استعمالها في كردفان وربما مناطق اخرى، بينما يغلب استعمال اراك بمناطق بحر النيل. غير ان ورود كلمة شاو في شعر خليل فرح الامدرماني دليل على استعمالها في بعض مناطق بحر النيل. يقول خليل فرح في اغنية في الضواحي:"شوف فريع الشاو مين امالو". يشبه المحبوبة بفرع الشاو اي الاراك.

شويم وشيوم :
يقول في مادة شيوم. شيوم سودانية رحلة متميزة لها علاقة بالحب والزواج". وفي مادة شويم يقول :" شويم سودانية، شويم شال الجداية: مشى في جماعة. قال الحاردلو، كم شويم ليهن في كثرة أو في قلة اي كم شديت إليهم الرحال في كثرة من الرفاق أو قلة". انتهى.
واقول شويم تطلع وقصد وسار. وشيوم القصد والسير الي الهدف. وقولهم في اغنية الزفاف السودانية: شويم شال الجداية، تعني نظر وتطلع اي العريس، ثم قصد وسار الي الجداية واخذها. والجداية الظبية وهي فصيحة، ويكني بها عن المحبوبة.
وأصل اللفظ شويم في اللغة شام شيما وشيوما. اشتقت شويم السودانية من الاسم شيوم الفصيحة. والشُّيوم في العربية تعني النظر والمشاهدة أو الترقب بلهفة لرؤية شيء مستحب والطلب بجد في حصوله.
جاء بمعجم لسان العرب: "شامَ يشِيم شَيْماً وشُيوْماً. وشامَ السحابَ والبرقَ شَيْماً: نظر إليه أين يقصد وأين يمطر. وشِمتُ البرقَ إذا نظرتُ إلى سحابته أين تمطر. وشِمتُ مخايل الشيء إذا تطلعت نحوها ببصرك منتظرا له".
يقول الحاردلو الشاعر القومي الكبير متحسراً حين أصابه الكبر:
كم شويم ليهن وقت عدال أيامي
شيخ الاتبراوي وفيهو ماشي كلامي
قوله: "كم شوْيَم ليهن" أي كم اشتقت إليهن وكم دفعني الشوق في شبابي إلى ركوب الأهوال وخوض نهر "اتبرا" مراراً من أجل زيارتهن والفوز بوصالهن.
ويقول شاعر المديح النبوي ود تميم يصف البعير الذي سافر عليه قاصدا زيارة قبر النبي (ص):
شديت أصهباً خَباب * علقْ فوقه زاد وكتابُ
سافر ليلهُ فوق مضرابهُ  * شويَمْ طالبهُ في محرابهُ
"شويَمْ طالبه في محرابه" يممتُ شطر محرابه قاصداً زيارته. وعبارة "طالبه في محرابه" تفسير وتوكيد لكلمة "شويَمْ".
هذا ولا صلة لشويم وشيوم السودانية بشيوم الحبشية وذلك على النحو الذي ذهب اليه احد الباحثين السودانيين في هذه المادة. وكان معجم لسان العرب قد ذكر في المادة المذكورة قوله: "قومٌ شيوم: آمنون، حبشية. ومن كلام النجاشي لقريش: اذهبوا فأنتم شيومٌ بأرضي". انتهى.


المراجع والمصادر:
١ عون الشريف قاسم، قاموس اللهجة العامية في السودان، المكتب المصري الحديث، القاهرة، ط٢ ١٩٨٥
٢محمد النور ود ضيف الله، كتاب الطبقات في خصوص الاولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان، تحقيق وتعليق وتقديم: الدكتور يوسف فضل حسن، دار التاليف والترجمة والنشر- جامعة الخرطوم، الطبعة الرابعة 1992.
٣ ابن منظور المصري، معجم لسان العرب، دار احياء التراث العرب، بيروت، الطبعة الثالثة.
٤ الفيروزآبادي، معجم القاموس المحيط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثالثة 2008.
٥ اسماعيل بن حماد الجوهري، معجم الصِحاح، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 2005.
٦ جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وانواعها، دار الفكر الطباعة والنشر، بدون تاريخ
٧ ابراهيم السامرائي، درس تاريخي في اللغات المحكية، دار العلم الملايين، ٢٠٠٠

٥ أغسطس ٢٠٢٥



#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعات في قاموس العامية السودانية
- أمبرتو ايكو: التمييز بين التأويل واستعمال النص
- أمبرتو إيكو : آليات القراءة وحدود التاويل
- نظريات القراءه وجماليات التلقي
- معاداة السامية : تعني معاداة العرب وكل شعوب الشرق الأوسط!
- مكانة افلاطون وارسطو في تاريخ الفلسفة
- انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل
- ذكريات د. إحسان عباس في السودان (١٩٥١ ...
- د. يوسف ادريس : حين داهمنا البوليس السياسي في بيت السودان وق ...
- الدور السياسي في نشاة خطاب ما بعد الحداثة
- نظرية -الفوضى- والعلم -ما بعد الحديث-
- حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت
- جوته والإفادة من تكنيك السرد في -ألف ليلة وليلة- والتناص معه ...
- رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته
- قصيدة -النثر- والبلاغة الكلاسيكية*
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- جماليات المكان بين معاوية نور وغاستون باشلار


المزيد.....




- -اليد الميتة-.. لماذا تُعدّ منظومة الردع الروسية أخطر ما خلف ...
- لماذا يطالب خبراء أمميون بتفكيك مؤسسة غزة الإنسانية؟
- ?? الجزائر: مقتل أربعة أشخاص إثر سقوط طائرة بمطار فرحات عباس ...
- الجزائر: أربعة قتلى إثر سقوط طائرة تابعة للحماية المدنية بمط ...
- تقرير أمني ينبه أنقرة إلى دروس الحرب الإيرانية الإسرائيلية
- اسم يحيى السنوار يثير الجدل بعد ظهوره ضمن قائمة مواليد ألمان ...
- ما قصة المثل -جزاء سنمار-؟ وكيف يستلهم الفرزدق الشعر؟
- أردوغان يعين سلجوق بيرقدار أوغلو رئيسا للأركان ويجري تغييرات ...
- الصليب الأحمر يدق ناقوس الخطر بشأن السلاح النووي في ذكرى قصف ...
- لبنان يفوّض الجيش بإعداد خطة لضمان حصر السلاح بيده قبل نهاية ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم عجب الفَيا - مراجعات في قاموس اللهجة العامية في السودان (٢)