أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - غزة 🇵🇸: طروادة العصر : حصانها سفن المتضامنين🐎🚢 …















المزيد.....

غزة 🇵🇸: طروادة العصر : حصانها سفن المتضامنين🐎🚢 …


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


/ لم يكن الشعب الفلسطيني في أي مرحلة من تاريخه طارئاً على النضال أو المواجهة ، بل ظل مرتبطاً بماضي الأمة الناصع وتاريخها الممتد منذ الحقبة الإسلامية وصولاً إلى تشكّل الدول الوطنية الحديثة ، وقد شكّل النضال الفلسطيني جزءاً من المسار التاريخي لحركات المقاومة والتحرر في العالم ، وهو ما يجعل قراءة واقعه الحالي مرتبطة بالذاكرة التاريخية للأمة وكذلك بالحركات الشعبية العالمية (هوبزباوم، 1994) ، إنّ الحصار المفروض على قطاع غزة ليس مجرد حدث سياسي معاصر ، بل يحمل في طياته امتدادات تاريخية ورمزية ، فمحاولات كسر الحصار عبر البحر ــ مثل حادثة سفينة مرمرة 🇹🇷 عام 2010 ــ تمثل لحظة استحضرت في الوعي الجمعي مشاهد أسطورية وتاريخية مثل حصار طروادة في الأدب الإغريقي (هوميروس ، ترجمة عربية) ، وقد عبّر أسطول الحرية🗽حينها عن إرادة إنسانية تسعى إلى كسر منظومة القهر ، أكثر مما كان يمثل مجرد شحنة مساعدات رمزية (تشومسكي، 2012) .

رغم ضيق مساحتها الجغرافية ، فقد تحوّلت غزة إلى رمز عالمي يتجاوز حدودها ، فهي ـ مثل طروادة : الأناضول ـ مدينة محاصرة ، لكنها في الوقت ذاته إستطاعت أن تحرّك الضمير الإنساني عبر إعادة تعريف مفاهيم العدالة والتضامن ، فإنّ الإحتلال الإسرائيلي ، وبتواطؤ إقليمي ودولي ، جعل من القطاع سجناً مفتوحاً ، حيث هناك 👉يشيخ السكان مبكراً ، ويُحرم الأطفال من طفولتهم الطبيعية (سعيد، 1979) ، بل البحر يحتل مكانة خاصة في الوعي الجمعي الفلسطيني ، وبخاصة لدى سكان غزة ، فقد ورث البحّارة البحر عن أجدادهم جيلاً بعد الأخر ، لكنهم اليوم يقفون أمامه غرباء ، ينظرون إلى أمواجه دون قدرة على ملامسة امتداداته ، إنّ البحر هنا 👈 لم يعد مجرد فضاء جغرافي ، بل تحوّل إلى مرآة للهوية والحرمان في آن واحد ، بل تجربة غزة والحصار المفروض عليها تقدم حالة نموذجية لفهم العلاقة بين المقاومة والذاكرة التاريخية والبعد الرمزي للصراع ، فهي ليست مجرد جغرافيا محاصرة ، بل فضاء يعيد صياغة معاني الحرية والكرامة الإنسانية في السياقين العربي والعالمي …

شهد العالم في السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في المآسي الإنسانية التىّ يعيشها المدنيون في قطاع غزة ، حيث أدى الحصار المفروض والعمليات العسكرية المتكررة إلى استشهاد عدد كبير من الأبرياء وتجويع السكان المحليين (United Nations, 2023) ، وقد أظهرت التقارير الدولية أن البحرية الإسرائيلية كثيراً ما استخدمت أساليب قمعية في مواجهة الأساطيل التضامنية القادمة عبر البحر ، مثل إطلاق مدافع المياه لإغراق القوارب أو إجبارها على التوقف بالقوة (Human Rights Watch, 2022) ، حتى في الحالات التىّ امتثلت فيها السفن لأوامر القوات البحرية ، واصلت هذه الأخيرة التعامل بعنف مع النشطاء الدوليين المشاركين في محاولات كسر الحصار (Amnesty International, 2021) ، على نحو متصل ، تشير الدراسات إلى أن النشطاء الدوليين والفلسطينيين اعتمدوا استراتيجيات متنوعة للتغلب على القيود العسكرية ، منها تشتيت إنتباه القوات الإسرائيلية بعدد من السفن الصغيرة لتمكين أخرى من الوصول إلى غزة ، بالتنسيق مع سكانها المحليين (Palestine Studies, 2020) ، في المقابل ، يواجه الفلسطينيون منذ سنوات واقعاً يومياً يتسم بالقصف المتكرر وفقدان الأمان الليلي ، حيث تحولت سماء الأحياء السكنية إلى فضاء مثقوب بالصواريخ والقنابل ، في مشهد يوصف أحياناً بالرمزي لحرمان الناس من أبسط مقومات الإستقرار النفسي والاجتماعي (Al-Mezan Center, 2021).

تاريخياً ، يجد بعض الكتّاب تشابهاً بين الحصار المفروض على غزة وحصار طروادة كما ورد في الملاحم الإغريقية ، حيث استمرّ الحصار لفترة طويلة دون أن يؤدي إلى إخضاع السكان ، حتى لجأ الإغريق إلى “خدعة الحصان الخشبي” لتحقيق غاياتهم (Homer, The Iliad) ، وبالمقارنة ، يرى محللون معاصرون أن سكان غزة لا يحتاجون إلى رمزية أسطورية بقدر حاجتهم إلى حلول إنسانية ملموسة تُنهي سياسة التجويع وتعيد الإعتبار لحقوقهم الأساسية في الغذاء والكرامة (The Guardian, 2023) …

من وجهة نظري ، وبالاستناد إلى التجارب التاريخية في متابعة حركات الشعوب المعاصرة ، يمكن القول إنّ الإنتفاضات الشعبية في أوروبا وغيرها من الدول الغربية شكّلت أحد أبرز أشكال المقاومة ضد الأنظمة العنصرية في العصر الحديث (Tilly, 2004) ، فقد أسهمت هذه التحركات ، سواء في الميادين أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وحتى في المؤسسات البرلمانية وغيرها من المنابر العامة ، في رسم مشهد عالمي جديد للحراك الثوري (Castells, 2012) ، وفي السياق نفسه ، تكشف الأحداث الأخيرة في البحر عن تصاعد مظاهر العنصرية اتجاه المتضامنين الأوروبيون ، بضبط كما هو تجلى في سلوك وزير الأمن القومي الإسرائيلي ابن غفير ، الذي عمد إلى قمع المتضامنين ضمن أسطول الحرية المتجه نحو غزة لكسر الحصار (Sheen, 2016) وزجهم في المعتقلات ، ومنذ عامين تقريباً ، إجتمع ناشطون من أوروبا وأمريكا ، من بينهم شعراء وصحافيون وسياسيون وأطباء وغيرهم ، في حراك شعبي واسع ، ليشكّلوا صورة رمزية أشبه بـ”حصان طروادة” حديث ، مصنوع من الغضب والدم والصوت الجماعي ، فإنّ العالم بصراحة يعيش اليوم لحظة تاريخية فارقة ، حيث يشهد تحوّلاً نوعياً في التضامن مع غزة ، وإذا كانت الحكومات الغربية في أوروبا والولايات المتحدة تلجأ إلى قمع المتظاهرين (Human Rights Watch, 2023)، فإنّ الشعوب تجاوزت ذلك عبر النزول إلى البحر ، وتحويله إلى مساحة تضامن شعبية عالمية ترفع شعارات الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية ، فلقد نجحت فعلياً من خلال هذه المبادرات من كسر جدار الصمت ، ونقل صورة ما يحدث من وحشية احتلال مجرم في غزة إلى الرأي العام الدولي .

وهكذا ، لم تعد قضية غزة شأنًا يقتصر على مجلس الأمن الخاضع لهيمنة الفيتو الأمريكي ، بل تحوّلت إلى قضية إنسانية عالمية (Pappé, 2006) ، وفي المقابل ، باتت إسرائيل تُعرَف أكثر فأكثر بوصفها كياناً عنصرياً يمارس سياسات الإبادة الجماعية بحق المدنيين ، وخاصة الأطفال (UNHRC, 2022) …

تُطرح إشكالية القدرة على إتخاذ إجراءات عقابية ضدّ الإحتلال الإسرائيلي أو مواجهته عسكرياً ، سواء بصورة مباشرة أو عبر أساليب المراوغة ، كقضية محورية في سياق الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي ، غير أنّ الواقع يُظهر أنّ الفلسطينيين أنفسهم هم الفاعل الأساسي في هذا الميدان ، على الرغم من الكلفة البشرية العالية وما يرافقها من مظاهر الخذلان العربي والدولي (بطاطو، 2003) ، وفي مقابل محدودية الخيارات العسكرية ، برزت أشكال أخرى من الفعل المقاوم ، إتخذت طابعاً شعبياً ورمزياً ، مثل مساهمات الفنانين التشكيليين والموسيقيين والمسرحيين والبرلمانيين وغيرهم ، الأمر الذي يشير إلى تنوّع مسارات المقاومة وتجاوزها للبعد العسكري الصرف (سعيد، 1999) ، وقد شكّل “أسطول الحرية ” مثالاً بارزاً على هذا النمط من المبادرات ، إذ تحوّل من كونه مجرّد محاولة لكسر الحصار البحري إلى رمز ثقافي–سياسي ذي أبعاد تتجاوز الهدف التكتيكي المباشر ، فرغم أنّه لم ينجح في إنهاء الحصار عسكرياً أو في فتح المعابر بصورة عملية (الأمم المتحدة، 2010)، إلا أنّه أرسى خطاباً جديداً يقوم على مقاومة الهزيمة الداخلية ، وتأكيد أنّ الإبداع والخيال قد يكونان أدوات مقاومة لا تقلّ أهمية عن العمل المسلّح ، بهذا المعنى ، أعاد “أسطول الحرية” إحياء البعد الرمزي للمقاومة عبر إستدعاء المخيال الجمعي ، إذ تحوّلت السفن إلى ما يشبه “حصان طروادة” معكوساً ؛ ليس لإخفاء الجنود ، بل لإخفاء الأمل الكامن في إرادة الشعوب …

غزة 🇵🇸 ، مثل طروادة ، ظلت أسطورة حية لا تموت ، لكنها لم تنتظر حصانًا خشبيًا ليحرقها ؛ هي التىّ صنعت حصانها من الصمود الإنساني ومن قلب التضامن الانساني ، لتهمس للعالم أجمع : «نحن نعيش ، ونحلم ، ونخادع اليأس ، حتى نبلغ الحرية ، وننال الحق والكرامة … والسلام 🙋‍♂ ✍



#مروان_صباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براغماتية الرئيس ترمب🇺🇸الكامنة خلف انضباطه م ...
- إسرائيل🇮🇱بين نخبة عاجزة وشعب غائب …
- ردّ مشترك من البترو-نووي 🇵🇰 🇸㇊ ...
- وكيف لذاكرة قارئٍ مخلص أن تنسى الذكرى السنوية لإلياس خوري …
- المصالحة ضرورية🇸🇦 -البعد الاستراتيجي في فكر ...
- من جديد ، يشعلون نار المحرقة🔥التىّ وعدوا العالم بإخم ...
- إلى متى ستستمر العربدة الإسرائيلية🦹‍♂ 🦯 ...
- الإبادة الجماعية مثل الهولوكوست 🔥 – سيأتي الحريق بال ...
- قطع رأس المقاومة 🇵🇸 وساحر البيت الأبيض  ...
- البرمجيات والطاقة البديلة☀تصنعان الحاضر وتكتبان المستق ...
- الذهب الأخضر🌲🧑‍🌾كرافعة اقتصاديّة وثق ...
- البيت الأبيض إدارة الرئيس ترمب 🇺🇸 السلطة الف ...
- من لوثر إلى طه : تبرئة الإسخريوطي وابن سبأ🩸….
- العرب ودايان 🫤 …
- البيت الأبيض – إدارة الرئيس ترامب
- يُعَدّ جدَارا التكنولوجيا والتقدّم العلمي الركيزة التىّ تمنح ...
- الربيع العربي في سوريا يا صديقي شرفاً على صدر كل حرَّ …
- إدارة البيت الأبيض 🏡 في عهد الرئيس ترمب 🇺 ...
- الجدُّ جدعون الذي أباد أهلَ مِديَن (سفر القضاة - والحفيدُ نت ...
- الفلسطينيون 🇵🇸 في لبنان 🇱🇧 ب ...


المزيد.....




- مسؤول في حماس لـCNN: مصر تنظم مؤتمرًا للفصائل الفلسطينية لتح ...
- إيران تعدم 7 أشخاص بتهم الإرهاب والتجسس لإسرائيل وسط جدل حقو ...
- فرنسا: رئيس الوزراء يخطط لفرض ضريبة على من يفوق دخلهم 250 أل ...
- كيف تفاعلت الحكومة المغربية مع مطالب حركة -جيل زد-؟
- فؤاد العروي: -الغرب فقد بوصلته الأخلاقية.-
- 7 أنواع للجوع تكشف أسرار الإفراط في الأكل
- إعلاميون مغاربة يطالبون بإطلاق سراح محتجزي أسطول الصمود
- خامس محكمة تمنع ترامب من حرمان المواليد من الجنسية
- ترامب يحذر حماس وويتكوف وكوشنر يتوجهان للقاهرة
- نساء غزة بعد عامين من الطوفان.. صمود وقيادة في وجه الجوع وال ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - غزة 🇵🇸: طروادة العصر : حصانها سفن المتضامنين🐎🚢 …