هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 22:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في زمنٍ يتنازع فيه الصخب مع الصمت، والسطحية مع العمق، يطلّ علينا سؤال أشبه بالمرآة: أين يقف جوهر الرجولة اليوم؟
هل ما زالت الرجولة، بمعناها الأصيل، قادرة على الصمود وسط زيف المظاهر وضجيج المنصات، أم أنّها تتلاشى شيئاً فشيئاً لتتحول إلى أطلال قيمةٍ اندثرت؟
الرجولة لم تكن يوماً لقباً يُمنح، ولا مظهراً يُشترى، بل كانت امتحاناً مستمراً لصدق الإنسان، ومرآةً لقدرته على الثبات حين ينهار الآخرون. إنها موقف، لا صورة؛ جوهر، لا قشرة.
في ماضٍ لم يغب عن الذاكرة، كان الرجل يُقاس بقدرته على حماية الضعيف، وبوفائه حين تشتد المحن، وبإخلاصه للعهد مهما ضاقت السبل. الرجولة آنذاك لم تكن استعراضاً، بل ممارسة يومية تتجلى في السلوك: صبرٌ على الشدائد، شهامة في نصرة المظلوم، وكرامة لا تُشترى.
أما اليوم، فقد تغيّرت الملامح. في زمنٍ يفيض بالمغريات، اختُزلت الرجولة في صورٍ عابرة على شاشات الهواتف، في أرقام المتابعين، في بريق المال والسيارات. أصبحت الرجولة، في نظر كثيرين، مرتبطة بالسطحيات لا بالجوهر، فغاب المضمون، وحضرت الأقنعة.
لكن، ورغم كل هذا، لم تمت الرجولة. إنما هي في امتحان عسير. فما زال بيننا رجال صامتون لا يُشبهون ضجيج هذا العصر، رجال يثبتون أن الرجولة ليست صخباً ولا استعراضاً، بل أمانة تُحمل في القلب، وصدق يُترجم في الأفعال، وثبات يُختبر في المواقف التي لا يجرؤ الآخرون على خوضها.
إنّ التحدي اليوم لا يكمن في وجود الرجولة أو غيابها، بل في قدرتنا على نقل صورتها الحقيقية إلى الأجيال القادمة. هل نعلّم أبناءنا أن الرجولة هي قوة في الحق لا في البطش؟ أنها صدق في الوعد لا زيف في الكلام؟ أنها عطاء وبذل لا مظهر وبهرجة؟
الزمن قد يتغير، لكن القيم لا تموت إلا إذا دفناها نحن. والرجولة ستبقى ما بقينا نؤمن بأنّها ليست كلمة، بل حياة تُعاش، ومسؤولية لا يُمكن التخلّي عنها.
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟