أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغاة















المزيد.....

شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغاة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 12:39
المحور: سيرة ذاتية
    


في دروب الحلة القديمة، وعلى أرصفة محلة جبران، ولد عام 1938 طفل سيغدو لاحقًا أكثر من شاعر، سيغدو ضميرًا حيًّا، وصوتًا صادقًا، واسماً يصعب نسيانه في ذاكرة من عرفوه، أو التقطوا عبير شعره ذات مساء. اسمه: شاكر نصيف جاسم، لكنه لم يكن مجرد اسم، بل كان قصيدة تمشي على قدمين، وتحمل في قلبها الحلم والفكر والناس، وتسير، مثل "نخلة من طين"، في شوارع العراق المتعبة، حتى توقفت خطاه في عام 1983 على حبل المشنقة، بينما ظل صوته يعلو.
ولد الشاعر في بيئة لا تكتفي بإطعام أولادها الخبز، بل تغذيهم الكرامة أيضًا. ترعرع في أزقة الحلة، مدينة النهر والعلماء، مدينة الشعراء الذين لا يموتون، لأنها تحتفظ بنبضهم في طينها وفي صدور أبنائها. من تلك الأزقة عرف شاكر معنى "الناس" لا كمفردة نحوية، بل كقضية. ومنذ الصبا كانت الكلمات تتجمع على شفتيه كما تتجمع الفراشات حول الضوء، فكتب أولى قصائده في الخمسينات، وهو ما زال فتى يحمل في عينيه بريق الثورة، وفي قلبه اشتعال الأغنية.
نهل من الماركسية، لا باعتبارها قالبًا فكريًا، بل بوصفها مرآةً لرؤية الحياة عبر هموم الفقراء والمظلومين، فكان شاعرًا بحس سياسي مشبع بالحلم، لا يُخضع الشعر للأيديولوجيا، بل يجعل من الإيمان بقيم العدل والحرية دفقًا حقيقيًا في القصيدة.
لم يكن شاكر نصيف مجرد شاعر شعبي، بل كان من القلائل الذين أعادوا للشعر الشعبي هيبته الفكرية، فغنّى للوطن، للإنسان، للأخوة بين الكرد والعرب، ولامس جراح الناس دون أن يساوم على شيء. كانت قصائده، كما قال كاظم السيد علي، امتدادًا لجذور نخيل تمتد من الفرات حتى الحلة، عابقةً بعطر الصدق، ومزينةً بوجع الصبر". لم يكن مجرد تابع للرعيل السابق، بل واحد من الذين رسّخوا حضورهم وسط زخم الأسماء في المشهد الحلي الستيني، مجددًا للقصيدة الكلاسيكية من داخلها، حاملاً بصوته نغمة متفردة.
شارك في المهرجانات، وساهم بتأسيس جمعية الشعراء الشعبيين في الحلة عام 1972، لكنه ظل بعيدًا عن ضوء السلطة، قريبًا من دفء الناس. لم يكتب من أجل الجوائز، بل من أجل الحقيقة. لم يركض خلف المنابر، بل سار إليها عندما كانت تشبهه.
أدركت السلطة القمعية مبكرًا خطورته. لم يكن يحمل بندقية، لكن كلماته كانت أشد أثرًا من الرصاص. لم يكن يهتف بالشعارات، لكنه غرسها في قصائد تحوّلت إلى أغاني وأناشيد يتردد صداها في شوارع المدن والقرى. وعندما اشتد طغيان النظام، كان شاكر أحد الذين أدرجتهم أقبية الرعب في قائمتها السوداء، لأنه كان واضحًا، نظيفًا، ماركسيًا أصيلًا، لا يبيع قناعًا للنظام، ولا يشتري صمته. تم اعتقاله، ثم أُعدم شنقًا حتى الموت، فقط لأنه لم يكن خانعًا.
قال عنه صلاح العمري إنه "الوجه المشرق للثقافة العراقية"، ولم يكن في قوله مبالغة. فقد كان شاكر بحق واحدًا من أولئك المثقفين المشتعلين بالمعرفة، العابرين بين الشعر والفلسفة، الملمين بأسرار النفس والتاريخ. رجلًا يسكنه دفء الحديث وهدوء الكبار، ويمتلك قلبًا يشبه نهر الحلة: جارٍ بالحياة، وادعٌ، لكنه عميق. وكان بيته، كما يروى، مقصدًا للأدباء والفنانين، الذين وجدوا فيه مرجعًا ومعينًا.
شعره كان واضحًا كالماء، لكنه عميق كالألم. كتبه بلغة "السهل الممتنع"، كما يقال، لكنه ظل ممتنعًا على التكرار، لأنه كان يكتب من قلبه، لا من دفتر الشاعر. تحاكي قصائده الطبيعة، وتخاطب الإنسان، وتحلم بمستقبل لا يُعدم فيه الشاعر لأنه أحب الحقيقة.
لقد خسر الأدب الشعبي العراقي شاعرًا نادرًا، وخسر العراق إنسانًا كان يمكن أن يكون مدرسة فكرية وفنية متكاملة. لكن القصيدة التي تموت بجسد شاعرها، لا تموت بروحه، فكل زهرياته، وأناشيده، وكتاباته الباقية، تظل شاهدة على أن الشعر لا يُشنق، وأن المبدع الحقيقي، وإن صمت جسده، يواصل الحديث في ضمير الناس.
سلامٌ على شاكر نصيف، وهو ينام الآن في مكان لا نعرفه، بينما تسكن قصيدته في كل مكان. سلامٌ على روحه النقية، وكلماته التي ما زالت تحرض النهر على الجريان. وسلامٌ على الحلة، المدينة التي أنجبته، وما زالت تنجب من يشبهه.
رحم الله الشاعر الشهيد. والمجد لكلماته التي لم تنكسر.
نشر شعره الحسيني الباحث صلاح اللبان، من شعره قصيدته التي القاها عند صدور بيان 11 اذار:
كرد وعرب
نعلن سلم مــا ننهزم
يوم الحزن.. يا لتستمع احنه
ما نردع ما ننخدع احنه
كرد وعرب لأجل الشعب
نبني الفخر طول الدهر
عدنه عبر
ما ننخذل.. احنه الأمل
ڰول وفعل.. احنه
كرد وعرب
وله هذه القصيدة الغزلية الجميلة:
كل ظني العمر وياك يحــلالي
خاين ما دريت أتعذب أحوالي
****
رضيت انته ورضيت أنه وصبحنه اثنين
وحـــــده الروح مـــا تدري اشتمر سنين
هســـه تلتــــــــفت ليـــه او تديـــر العين
ليش اشحصـــل مني ويـــــــاك يا غالي
****
تعـــاهـــدنــــا اليضدك ينحـــسب ضـدي
حبــــيبي انته مهجتي اوصرت كل ودي
بعـــد الحــــبر مــــا جف ضيعت عهدي
هـــــذا الامـــــل بيــــك تخــون للتالي.؟
وله هذه القصيدة التي يحيى فيها الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه:
جيش مــن دجلــه او فرات اجـنوده
حكنــه نفــخر بـــيه ننثـرله الازهــار
غــيره مــن يتمكن ايضحي الاعمار
مــا يهمــه للوطــن يفـــدي النفـــس
حصـــلت منــــه العــده اكـبر درس
حارس ومخلص يظل طول الزمـان
اتشوفه لو صار السلم يبني الاوطان







للمجد والنـــصر صار اوجوده
انمجده اونشعل ابساحاته الانــوار
اسمــه بلســتان اليـــوده انشوده
وضــح برهانه مثل نور الشمس
حيث صـارت تضحياته اشهوده
رفــع رايات الشرف يوم الطعان
لچن وكت الحرب حامي احــدوده

وله هذا الاوبريت الموسوم السالة كتبه لمدرسة المحقق الابتدائية وحاز على الجائزة الاولى:
المجموعة
ونداويهه ونراعيهه
امشوا ويانه امشوا ويانه
نبني المصانع يا شعبي
ونوحد لفكار العرب
من ماضينا ومن حاضرنا
يزهر يزهر مستقبلنا
احنه الشعب احنه الثوريه
يا شعب الامه العربيه
يا جيل الثورة الشعبية
ايد يايد الكل انداعي
فرضها الموت لا استعمار ولا اقطاعي



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة
- عبد الستار شعابث شجرة الشعر التي نبتت على ضفاف الحلة
- الناقد والقاص سلام حربة صوتٌ نقدي وقلمٌ سردي في المشهد الثقا ...
- حامد كعيد الجبوري شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن وا ...
- علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاي ...
- عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف
- الشاعر إبراهيم الشيخ حسون صائغُ الحرف الشعبي ومغني الروح الح ...
- عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة ...
- مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة
- الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا


المزيد.....




- مبعوث ترامب -متفائل جدا- بشأن التوصل إلى -اتفاق سلام نهائي- ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على خطة ترامب لإنهاء الحرب بغزة
- العربدة الصهيونية ومشروع “إسرائيل الكبرى”
- كسر الحصار يبدأ من كسر الصمت وإعلاء الصوت
- مصدر لـCNN: رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية أطلعا -حم ...
- توني بلير يعلق على -خطة ترامب للسلام في غزة-
- لقاء مصري- إمارتي في القاهرة يناقش القضايا الإقليمية، فما أب ...
- مسؤول أمريكي: ضرب أوكرانيا للعمق الروسي بأسلحة أمريكية فرضية ...
- كيف يؤثر تعظيم المشاهير على الشباب المسلم؟
- بالنسبة للفلسطينيين: ما نقاط القوة والضعف في خطة ترامب؟


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغاة