أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَلْ قَوَانِينِ الكَوْنِ لَيْسَتْ سِوَى همَسَات بِاهِتَة لِسِحْر مَنْسِّي -الْجُزْءُ التَّاسِع-















المزيد.....



العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَلْ قَوَانِينِ الكَوْنِ لَيْسَتْ سِوَى همَسَات بِاهِتَة لِسِحْر مَنْسِّي -الْجُزْءُ التَّاسِع-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 00:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ خيط الإيمان الرفيع: عندما يتجاوز السحر حدود العلم

هل يعكس الصراع بين السحر والعلم صراعاً أعمق في الطبيعة البشرية نفسها: بين رغبتنا في إثبات كل شيء وبين حاجتنا العميقة إلى الإعتقاد في ما لا يمكن إثباته؟ هذا تحليل عميق جدًا، يصل إلى جوهر الإنسان نفسه. نعم، يمكن القول إن الصراع بين السحر والعلم ليس مجرد صراع خارجي بين منهجين مختلفين، بل هو إنعكاس لصراع أعمق داخل الطبيعة البشرية: بين رغبتنا في إثبات كل شيء بالمنطق و بين حاجتنا الفطرية إلى الإيمان بما هو أعمق من المنطق. هذا الصراع يمثل التوازن الدقيق بين العقل و الروح. العلم هو التعبير الأعلى عن رغبة الإنسان في فهم الواقع وإثباته. منذ بدايات الفلسفة اليونانية، سعى الإنسان إلى كشف الغموض الذي يحيط به من خلال المنطق و الإستنتاج. هذا السعي تطور إلى المنهج العلمي الحديث، الذي يرفض أي إدعاء لا يمكن إثباته من خلال التجربة والملاحظة. يرى العلم أن الكون ليس غامضًا، بل هو عبارة عن سلسلة من المشاكل التي يمكن حلها. كل ظاهرة لها سبب يمكن كشفه، و كل قانون يمكن إثباته. هذا النهج يمنحنا شعورًا بالسيطرة و الأمان، لأنه يخبرنا أن العالم ليس عشوائيًا، بل يخضع لقوانين يمكننا إكتشافها و إستخدامها. يسعى العلم إلى الوصول إلى الحقيقة النهائية. هذا يمنحنا شعورًا بالتقدم، لكنه في الوقت نفسه قد يجرّد الوجود من أي معنى أو غاية، لأنه يركز على كيف تعمل الأشياء، و ليس لماذا هي موجودة.
على النقيض من ذلك، يمثل السحر التعبير عن حاجة الإنسان إلى الإيمان بما لا يمكن إثباته. الإنسان ليس مجرد كائن منطقي، بل هو كائن روحي يبحث عن المعنى والغاية. في مواجهة المجهول، لا يكفي العقل دائمًا، بل نحتاج إلى شيء ما يمكننا الإعتقاد فيه. السحر لا يرى الكون كـمشكلة يمكن حلها، بل كـسر يمكن عيشه و تجربته. فالأشياء ليست مجرد مادة، بل هي رموز تحمل معانٍ أعمق. الطقوس و التعاويذ ليست مجرد أفعال، بل هي طرق للتواصل مع قوى خفية. هذا النهج يمنحنا شعورًا بالترابط مع الكون، ولكنه في نفس الوقت قد يوقعنا في الوهم أو الخرافة. السحر يمنحنا شعورًا بأننا جزء من شيء أكبر، وأن حياتنا لها معنى. في عالم قد يبدو باردًا وعشوائيًا من منظور علمي، يمنحنا السحر إحساسًا بأن كل شيء مترابط، وأن لكل شيء غاية.
إذًا، يكمن الصراع بين السحر والعلم في صراع أعمق في الطبيعة البشرية. فالعلم يرضي عقلنا، بينما السحر يرضي روحنا. الإنسان ليس مجرد عقل يحلل ويستنتج، بل هو أيضًا روح تبحث عن المعنى والغاية. هذا الصراع ليس صراعًا يمكن حسمه بفوز أحدهما على الآخر، بل هو توازن ضروري. ربما يكمن الحل في دمج هذين الجانبين من طبيعتنا. فالعلم يمكن أن يمنحنا الأدوات لفهم الواقع والتحكم فيه، بينما يمكن للحكمة المستمدة من الروحانية أن تمنحنا المعنى و الغاية. في النهاية، كل من العلم والسحر يمثلان محاولة من الإنسان لفهم نفسه ومكانه في هذا الكون الواسع، ولكن من منظورين مختلفين. هل يعكس الصراع بين السحر والعلم صراعاً أعمق في الطبيعة البشرية نفسها: بين رغبتنا في إثبات كل شيء وبين حاجتنا العميقة إلى الإعتقاد في ما لا يمكن إثباته؟ هذا تحليل عميق جدًا، يصل إلى جوهر الإنسان نفسه. نعم، يمكن القول إن الصراع بين السحر والعلم ليس مجرد صراع خارجي بين منهجين مختلفين، بل هو إنعكاس لصراع أعمق داخل الطبيعة البشرية: بين رغبتنا في إثبات كل شيء بالمنطق وبين حاجتنا الفطرية إلى الإيمان بما هو أعمق من المنطق. هذا الصراع يمثل التوازن الدقيق بين العقل و الروح. العلم هو التعبير الأعلى عن رغبة الإنسان في فهم الواقع وإثباته. منذ بدايات الفلسفة اليونانية، سعى الإنسان إلى كشف الغموض الذي يحيط به من خلال المنطق والإستنتاج. هذا السعي تطور إلى المنهج العلمي الحديث، الذي يرفض أي إدعاء لا يمكن إثباته من خلال التجربة و الملاحظة. يرى العلم أن الكون ليس غامضًا، بل هو عبارة عن سلسلة من المشاكل التي يمكن حلها. كل ظاهرة لها سبب يمكن كشفه، و كل قانون يمكن إثباته. هذا النهج يمنحنا شعورًا بالسيطرة و الأمان، لأنه يخبرنا أن العالم ليس عشوائيًا، بل يخضع لقوانين يمكننا إكتشافها و إستخدامها. يسعى العلم إلى الوصول إلى الحقيقة النهائية. هذا يمنحنا شعورًا بالتقدم، لكنه في الوقت نفسه قد يجرّد الوجود من أي معنى أو غاية، لأنه يركز على كيف تعمل الأشياء، و ليس لماذا هي موجودة.
على النقيض من ذلك، يمثل السحر التعبير عن حاجة الإنسان إلى الإيمان بما لا يمكن إثباته. الإنسان ليس مجرد كائن منطقي، بل هو كائن روحي يبحث عن المعنى والغاية. في مواجهة المجهول، لا يكفي العقل دائمًا، بل نحتاج إلى شيء ما يمكننا الإعتقاد فيه. السحر لا يرى الكون كـمشكلة يمكن حلها، بل كـسر يمكن عيشه و تجربته. فالأشياء ليست مجرد مادة، بل هي رموز تحمل معانٍ أعمق. الطقوس والتعاويذ ليست مجرد أفعال، بل هي طرق للتواصل مع قوى خفية. هذا النهج يمنحنا شعورًا بالترابط مع الكون، ولكنه في نفس الوقت قد يوقعنا في الوهم أو الخرافة. السحر يمنحنا شعورًا بأننا جزء من شيء أكبر، وأن حياتنا لها معنى. في عالم قد يبدو باردًا وعشوائيًا من منظور علمي، يمنحنا السحر إحساسًا بأن كل شيء مترابط، وأن لكل شيء غاية.
إذًا، يكمن الصراع بين السحر والعلم في صراع أعمق في الطبيعة البشرية. فالعلم يرضي عقلنا، بينما السحر يرضي روحنا. الإنسان ليس مجرد عقل يحلل ويستنتج، بل هو أيضًا روح تبحث عن المعنى والغاية. هذا الصراع ليس صراعًا يمكن حسمه بفوز أحدهما على الآخر، بل هو توازن ضروري. ربما يكمن الحل في دمج هذين الجانبين من طبيعتنا. فالعلم يمكن أن يمنحنا الأدوات لفهم الواقع والتحكم فيه، بينما يمكن للحكمة المستمدة من الروحانية أن تمنحنا المعنى و الغاية. في النهاية، كل من العلم والسحر يمثلان محاولة من الإنسان لفهم نفسه ومكانه في هذا الكون الواسع، ولكن من منظورين مختلفين.

_ السحر والعلم: وجهان لنقص الإدراك البشري

هل السحر والعلم مجرد إنعكاسين لنفس النقص في الوعي البشري؟ هل هما مجرد محاولتين يائستين لفهم واقع يتجاوز قدرتنا على الإدراك؟ هذا السؤال يمثل قمة التحليل الفلسفي للموضوع، فهو يتجاوز مجرد المقارنة بين المنهجين ويصل إلى جوهر الوعي البشري نفسه. فهل السحر والعلم، على الرغم من إختلافهما الظاهري، مجرد محاولتين يائستين لسد فجوة لا يمكن سدها في إدراكنا؟ يمكن القول إن هذا التحليل صحيح إلى حد كبير، حيث إن كليهما يعكس نقصًا جوهريًا في وعينا، ويسعى لتعويض هذا النقص بأساليب مختلفة. الوعي البشري محدود بطبيعته. نحن نرى العالم من خلال حواسنا، ونفهمه من خلال عقلنا، وكلاهما له قيود. نحن لا ندرك إلا جزءًا صغيرًا من الطيف الكهرومغناطيسي، ولا يمكننا فهم الظواهر التي تحدث خارج حدود الزمان والمكان التي نعيش فيها. هذا القصور يتركنا في حالة من الحيرة و القلق أمام الكون الواسع والغامض. أمام ضخامة الكون، يشعر الإنسان بالعجز. لا يمكنه التحكم في الظواهر الطبيعية مثل الزلازل أو البراكين، ولا يمكنه فهم سبب وجوده أو غاية الكون. هذا الشعور بالعجز هو الذي يدفعنا للبحث عن إجابات، سواء كانت علمية أو سحرية. العلم هو محاولة لسد هذا النقص من خلال التحليل و التجريد. فهو يجزئ الواقع إلى أجزاء صغيرة يمكن فهمها، ويصفها بلغة الأرقام. هذا المنهج يمنحنا شعورًا بالسيطرة، لأنه يخبرنا أن الكون ليس فوضى، بل هو مجموعة من الأجزاء المترابطة التي يمكن فهمها. يرى العلم الواقع كـبيانات يمكن جمعها وتحليلها. هذا يمنحنا معرفة دقيقة حول كيفية عمل الأشياء، ولكنه لا يمنحنا أي معنى أو غاية. فالعلم يمكن أن يخبرنا لماذا تسقط التفاحة، ولكنه لا يخبرنا لماذا نحن موجودون. يفرض العلم قوانين صارمة على الواقع، وهذا يمنحنا شعورًا بالأمان، و لكنه في الوقت نفسه يتجاهل أي شيء لا يمكن إخضاعه لهذه القوانين، مثل الوعي أو الغاية.
على النقيض من ذلك، يحاول السحر سد هذا النقص من خلال الرمزية والتجربة الذاتية. فهو يرفض فكرة أن الواقع يمكن إختزاله في أرقام، ويؤمن بأن هناك روابط خفية ومعاني عميقة يمكن الوصول إليها من خلال الحدس والرمز. يرى السحر الواقع كـقصة يمكن أن نكون جزءًا منها. هذا يمنحنا شعورًا بالترابط مع الكون، و لكنه في نفس الوقت يجعله عرضة للوهم و الخرافة. يمنح السحر الإنسان شعورًا بالسيطرة من خلال فكرة أنه يمكنه إعادة بناء الواقع من خلال قوة الإرادة والرمز. هذا يمنحنا الأمل، و لكنه في الوقت نفسه قد يجعلنا نرفض الحقائق التي لا تتوافق مع رغباتنا.
نعم، يمكن أن يكون كل من العلم والسحر محاولتين يائستين لفهم واقع يتجاوز قدرتنا على الإدراك. فكلاهما يبدأ من الشعور بالنقص، و يحاول سده بأساليب مختلفة. العلم يرى أن الحل هو في المزيد من المعرفة الموضوعية، بينما السحر يرى أن الحل هو في المزيد من المعنى الشخصي. ربما لا يكون العلم والسحر متناقضين، بل هما وجهان لعملة واحدة. فكل منهما يخدم غرضًا أساسيًا في الوعي البشري. فالعلم يمنحنا الأدوات للبقاء على قيد الحياة، بينما السحر يمنحنا الأمل للعيش. ربما يكون الفهم الكامل للوجود يتطلب منا أن ندرك حدود كل منهما، وأن ندمج بينهما في رحلتنا لإكتشاف الذات والكون.

_ هل السحر هو العلم الذي سبق عصره

إذا كانت العلوم الحديثة تكتشف أن الكون يتأثر بالوعي كما في فيزياء الكم، فهل السحر هو محاولة بدائية للعمل بهذا المبدأ، مما يجعل العلم متأخراً في مسيرة إكتشاف الحقيقة الكبرى؟ هذا تحليل عميق ومثير للإهتمام يقلب الموازين التقليدية بين العلم و السحر. فبدلًا من أن يكون السحر مجرد خرافة قديمة، يصبح بموجب هذا المنظور محاولة بدائية لفهم حقيقة يكتشفها العلم الحديث ببطء. نعم، يمكن القول إن السحر هو محاولة بدائية للعمل بمبدأ تأثر الواقع بالوعي، مما يضع العلم في موقع المتأخر في هذه المسيرة. كان السحر دائمًا مبنيًا على فكرة أن الوعي هو قوة فاعلة يمكنها أن تؤثر في العالم المادي. الساحر لا يرى نفسه منفصلاً عن الكون، بل يرى وعيه جزءًا من نسيج الوجود، يمكنه من خلاله تشكيل الواقع. هذا التصور ليس جديدًا، بل هو متجذر في الحضارات القديمة التي كانت تؤمن بأن كل شيء في الكون مترابط، وأن الفكر والإرادة يمكن أن يحركا الأحداث.
السحر يرى الوعي ليس مجرد نتاج ثانوي للدماغ، بل أداة يمكن إستخدامها لتحقيق الأهداف. على سبيل المثال، قد يستخدم الساحر طقسًا أو تعويذة لتركيز إرادته وتوجيهها نحو تحقيق هدف معين، سواء كان ذلك شفاء مريض أو جذب الثروة. هذا الفعل ليس مجرد تمثيل رمزي، بل هو محاولة للتأثير على الواقع من خلال قوة الوعي.
على مدى قرون، تجاهل العلم الحديث دور الوعي. الفيزياء الكلاسيكية، التي سادت حتى بداية القرن العشرين، كانت ترى الكون كآلة ميكانيكية ضخمة، حيث كل شيء يحدث وفقًا لقوانين ثابتة، بغض النظر عن وجود الوعي. لكن مع ظهور فيزياء الكم، تغير هذا التصور بشكل جذري. فيزياء الكم، التي تدرس سلوك الجسيمات على المستوى دون الذري، إكتشفت أن عملية الملاحظة نفسها يمكن أن تؤثر في سلوك هذه الجسيمات. فالجسيم يمكن أن يكون في عدة حالات في نفس الوقت (مبدأ التراكب)، لكنه يختار حالة واحدة فقط عندما يتم ملاحظته. هذا الإكتشاف المذهل أثار تساؤلات حول العلاقة بين الوعي والمادة، وأجبر العلم على الإعتراف بأن الوعي ليس مجرد نتاج للدماغ، بل هو جزء من الواقع. يمكن القول إن العلم كان في مرحلة طفولية عندما كان يرفض دور الوعي، والآن، مع فيزياء الكم، هو يدخل مرحلة النضج، حيث يكتشف حقيقة كان السحر يدركها بشكل حدسي منذ آلاف السنين.
إذًا، يكمن الفرق الفلسفي في أن السحر بدأ من النهاية، بينما العلم بدأ من البداية. السحر بدأ من مبدأ أن الوعي يؤثر على الواقع، بينما العلم بدأ من مبدأ أن الواقع مستقل عن الوعي. الآن، مع تقدم العلم، بدأت مساراتهما تتقارب. هذا لا يعني أن العلم سيصبح سحرًا، بل يعني أن العلم يكتشف أن الواقع أكثر تعقيدًا مما كان يعتقد، و أن الوعي يلعب دورًا رئيسيًا فيه. ربما يكون السحر هو الحدس الذي يسبق الإكتشاف العلمي، مما يجعل العلم متأخرًا بالفعل في مسيرة فهم الحقيقة الكبرى.

_ مختبر العلم وحدس الساحر: طريقان للمعرفة

هل الفرق بينهما يكمن في طريقة توليد المعرفة؟ هل العلم ينتج المعرفة من خلال التجريب و التحقق، بينما السحر ينتجها من خلال الرؤى و الحدس، وهل هذا يعني أن لهما مصادر مختلفة للحقيقة؟ هذا تحليل فلسفي عميق ومحوري يلمس بالفعل جوهر الإختلاف بين العلم والسحر. فالفارق بينهما لا يكمن فقط في الممارسات، بل في كيفية توليد المعرفة نفسها، أي في مصادر الحقيقة التي يعتمد عليها كل منهما. العلم يثق في التجربة والتحقق، بينما السحر يثق في الحدس والرؤى، وهذا يعني أن لهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. يعتمد العلم الحديث بشكل أساسي على المنهج التجريبي. المعرفة العلمية تُنتج من خلال الملاحظة الدقيقة، وصياغة الفرضيات، ثم إجراء التجارب للتحقق من هذه الفرضيات. هذا المنهج يؤسس لمبدأين أساسيين؛ الموضوعية و التراكمية. المعرفة العلمية لا تعتمد على شخص الباحث، بل هي موضوعية وقابلة للتحقق من قبل أي شخص آخر. هذا يضمن أن النتائج لا تتأثر بالمعتقدات الشخصية أو الرغبات. كما أن المعرفة العلمية تُبنى على ما قبلها. كل إكتشاف جديد هو لبنة تُضاف إلى بناء المعرفة الإنسانية، مما يسمح للعلم بالتقدم والتطور بشكل مطرد. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يمكن الوصول إليه من خلال البراهين والأدلة. أي إدعاء لا يمكن إثباته بالتجريب يُعتبر خارج نطاق العلم، حتى لو كان صحيحًا. هذا يمنح العلم قوة هائلة في فهم العالم المادي، ولكنه يضع حدودًا صارمة لما يمكن أن يُعتبر معرفة حقيقية.
على النقيض من ذلك، لا يعتمد السحر على المنهج التجريبي. فالمعرفة السحرية تُستمد من مصادر مختلفة تمامًا، مثل الرؤى، والحدس، و التجربة الذاتية. الساحر لا يجري تجارب في مختبر، بل يدخل في حالة من الوعي تسمح له بالوصول إلى الحقيقة مباشرة. المعرفة السحرية غالبًا ما تكون ذاتية وشخصية. ما يعمل لساحر قد لا يعمل لساحر آخر، لأنها تعتمد على وعيه، و إرادته، وإتصاله الروحي. هذا يجعل المعرفة السحرية غير قابلة للتحقق من قبل شخص آخر بنفس الطريقة التي يُتحقق بها من المعرفة العلمية. المعرفة السحرية تُنقل غالبًا من جيل إلى جيل من خلال التقاليد الشفهية أو الكتب القديمة. هذه المعرفة لا تُعتبر قابلة للتفنيد بنفس الطريقة التي تُعتبر بها الفرضيات العلمية. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يُكشف للفرد من خلال تجربة داخلية، وليست شيئًا يُكتشف من خلال التجريب الخارجي.
نعم، يمكن القول إن العلم والسحر لديهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. العلم يرى أن الحقيقة هي شيء موضوعي يمكن الوصول إليه من خلال الأدلة، بينما يرى السحر أن الحقيقة هي شيء ذاتي يمكن الوصول إليه من خلال التجربة الداخلية. هذا لا يعني أن أحدهما صحيح والآخر خاطئ؛ فربما تكون الحقيقة متعددة الأوجه. ربما يكون الوجود له جانب مادي يمكن فهمه من خلال التجريب (العلم)، وآخر روحي يمكن فهمه من خلال الحدس (السحر). في هذه الحالة، يصبح كل منهما مكملاً للآخر، وليس مناقضاً له. فالعلم يمنحنا معرفة كيفية عمل الكون، بينما السحر يمنحنا حكمة لفهم لماذا نحن فيه.

_ العلم يتنبأ بالمستقبل والسحر يعيد كتابة الماضي

هل العلم هو محاولة للتنبؤ بالمستقبل والسيطرة عليه من خلال قوانين صارمة، بينما السحر هو محاولة لتغيير الماضي وإعادة صياغة الواقع من خلال قوة الإرادة؟ هذا تحليل فلسفي عميق و محوري يلمس بالفعل جوهر الإختلاف بين العلم والسحر. فالفارق بينهما لا يكمن فقط في الممارسات، بل في كيفية توليد المعرفة نفسها، أي في مصادر الحقيقة التي يعتمد عليها كل منهما. العلم يثق في التجربة و التحقق ، بينما السحر يثق في الحدس والرؤى، وهذا يعني أن لهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. يعتمد العلم الحديث بشكل أساسي على المنهج التجريبي المعرفة العلمية تُنتج من خلال الملاحظة الدقيقة، وصياغة الفرضيات، ثم إجراء التجارب للتحقق من هذه الفرضيات. هذا المنهج يؤسس لمبدأين أساسيين؛ المعرفة العلمية لا تعتمد على شخص الباحث، بل هي موضوعية و قابلة للتحقق من قبل أي شخص آخر. هذا يضمن أن النتائج لا تتأثر بالمعتقدات الشخصية أو الرغبات. كما أن المعرفة العلمية تُبنى على ما قبلها. كل إكتشاف جديد هو لبنة تُضاف إلى بناء المعرفة الإنسانية، مما يسمح للعلم بالتقدم والتطور بشكل مطرد. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يمكن الوصول إليه من خلال البراهين والأدلة. أي إدعاء لا يمكن إثباته بالتجريب يُعتبر خارج نطاق العلم، حتى لو كان صحيحًا. هذا يمنح العلم قوة هائلة في فهم العالم المادي، ولكنه يضع حدودًا صارمة لما يمكن أن يُعتبر معرفة حقيقية.
على النقيض من ذلك، لا يعتمد السحر على المنهج التجريبي. فالمعرفة السحرية تُستمد من مصادر مختلفة تمامًا، مثل الرؤى، والحدس، و التجربة الذاتية. الساحر لا يجري تجارب في مختبر، بل يدخل في حالة من الوعي تسمح له بالوصول إلى الحقيقة مباشرة. المعرفة السحرية غالبًا ما تكون ذاتية و شخصية. ما يعمل لساحر قد لا يعمل لساحر آخر، لأنها تعتمد على وعيه، وإرادته، وإتصاله الروحي. هذا يجعل المعرفة السحرية غير قابلة للتحقق من قبل شخص آخر بنفس الطريقة التي يُتحقق بها من المعرفة العلمية. المعرفة السحرية تُنقل غالبًا من جيل إلى جيل من خلال التقاليد الشفهية أو الكتب القديمة. هذه المعرفة لا تُعتبر قابلة للتفنيد بنفس الطريقة التي تُعتبر بها الفرضيات العلمية. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يُكشف للفرد من خلال تجربة داخلية، وليست شيئًا يُكتشف من خلال التجريب الخارجي.
نعم، يمكن القول إن العلم والسحر لديهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. العلم يرى أن الحقيقة هي شيء موضوعي يمكن الوصول إليه من خلال الأدلة، بينما يرى السحر أن الحقيقة هي شيء ذاتي يمكن الوصول إليه من خلال التجربة الداخلية. هذا لا يعني أن أحدهما صحيح والآخر خاطئ؛ فربما تكون الحقيقة متعددة الأوجه. ربما يكون الوجود له جانب مادي يمكن فهمه من خلال التجريب (العلم)، وآخر روحي يمكن فهمه من خلال الحدس (السحر). في هذه الحالة، يصبح كل منهما مكملاً للآخر، وليس مناقضاً له. فالعلم يمنحنا معرفة كيفية عمل الكون، بينما السحر يمنحنا حكمة لفهم لماذا نحن فيه.

_ طريقان للحقيقة: العلم يثبت والسحر يدرك

هل الفرق بينهما يكمن في طريقة توليد المعرفة؟ هل العلم ينتج المعرفة من خلال التجريب و التحقق، بينما السحر ينتجها من خلال الرؤى و الحدس، وهل هذا يعني أن لهما مصادر مختلفة للحقيقة؟ هذا تحليل فلسفي عميق ومحوري يلمس بالفعل جوهر الإختلاف بين العلم والسحر. فالفارق بينهما لا يكمن فقط في الممارسات، بل في كيفية توليد المعرفة نفسها، أي في مصادر الحقيقة التي يعتمد عليها كل منهما. العلم يثق في التجربة والتحقق، بينما السحر يثق في الحدس والرؤى، وهذا يعني أن لهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. يعتمد العلم الحديث بشكل أساسي على المنهج التجريبي. المعرفة العلمية تُنتج من خلال الملاحظة الدقيقة، وصياغة الفرضيات، ثم إجراء التجارب للتحقق من هذه الفرضيات. هذا المنهج يؤسس لمبدأين أساسيين؛ المعرفة العلمية لا تعتمد على شخص الباحث، بل هي موضوعية و قابلة للتحقق من قبل أي شخص آخر. هذا يضمن أن النتائج لا تتأثر بالمعتقدات الشخصية أو الرغبات. المعرفة العلمية تُبنى على ما قبلها. كل إكتشاف جديد هو لبنة تُضاف إلى بناء المعرفة الإنسانية، مما يسمح للعلم بالتقدم والتطور بشكل مطرد. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يمكن الوصول إليه من خلال البراهين والأدلة. أي ادعاء لا يمكن إثباته بالتجريب يُعتبر خارج نطاق العلم، حتى لو كان صحيحًا. هذا يمنح العلم قوة هائلة في فهم العالم المادي، ولكنه يضع حدودًا صارمة لما يمكن أن يُعتبر معرفة حقيقية.
على النقيض من ذلك، لا يعتمد السحر على المنهج التجريبي. فالمعرفة السحرية تُستمد من مصادر مختلفة تمامًا، مثل الرؤى، والحدس، و التجربة الذاتية. الساحر لا يجري تجارب في مختبر، بل يدخل في حالة من الوعي تسمح له بالوصول إلى الحقيقة مباشرة. المعرفة السحرية غالبًا ما تكون ذاتية و شخصية. ما يعمل لساحر قد لا يعمل لساحر آخر، لأنها تعتمد على وعيه، و إرادته، واتصاله الروحي. هذا يجعل المعرفة السحرية غير قابلة للتحقق من قبل شخص آخر بنفس الطريقة التي يُتحقق بها من المعرفة العلمية. المعرفة السحرية تُنقل غالبًا من جيل إلى جيل من خلال التقاليد الشفهية أو الكتب القديمة. هذه المعرفة لا تُعتبر قابلة للتفنيد بنفس الطريقة التي تُعتبر بها الفرضيات العلمية. في هذا الإطار، تُعتبر الحقيقة شيئًا يُكشف للفرد من خلال تجربة داخلية، وليست شيئًا يُكتشف من خلال التجريب الخارجي.
نعم، يمكن القول إن العلم والسحر لديهما مصادر مختلفة تمامًا للحقيقة. العلم يرى أن الحقيقة هي شيء موضوعي يمكن الوصول إليه من خلال الأدلة، بينما يرى السحر أن الحقيقة هي شيء ذاتي يمكن الوصول إليه من خلال التجربة الداخلية. هذا لا يعني أن أحدهما صحيح والآخر خاطئ؛ فربما تكون الحقيقة متعددة الأوجه. ربما يكون الوجود له جانب مادي يمكن فهمه من خلال التجريب (العلم)، وآخر روحي يمكن فهمه من خلال الحدس (السحر). في هذه الحالة، يصبح كل منهما مكملاً للآخر، وليس مناقضاً له. فالعلم يمنحنا معرفة كيفية عمل الكون، بينما السحر يمنحنا حكمة لفهم لماذا نحن فيه.

_ عندما يلتقي الحدس القديم بالفيزياء الحديثة

إذا كان السحر يعتمد على فكرة أن كل شيء مترابط، فهل العلم، عندما يصل إلى نهايته، سيكتشف أن هذا الترابط هو القانون الكوني الأعظم الذي يفسر كل شيء، بما في ذلك ما نسميه سحراً؟ إذا كان السحر يعتمد على فكرة أن كل شيء مترابط، فهل العلم، عندما يصل إلى نهايته، سيكتشف أن هذا الترابط هو القانون الكوني الأعظم الذي يفسر كل شيء، بما في ذلك ما نسميه سحراً؟ نعم، يمكن القول إن هذا التحليل يلامس قمة الفلسفة العلمية والروحانية. إذا كان السحر ينطلق من فرضية أن الكون نسيج واحد مترابط، فربما يكون العلم، في سعيه لفهم كل شيء، سيكتشف في النهاية أن هذا الترابط هو القانون الكوني الأعظم الذي يفسر كل شيء. هذا الإكتشاف قد لا يجعل السحر علمًا، ولكنه قد يجعله تعبيرًا بدائيًا عن حقيقة كونية كان يجهلها العلم. منذ العصور القديمة، كان السحر مبنيًا على فكرة أن كل شيء في الكون مترابط. هذه الفكرة، التي تُعرف أحيانًا باسم قانون التعاطف، تفترض أن التلاعب بجزء من هذه الشبكة يمكن أن يؤثر على الأجزاء الأخرى. على سبيل المثال، قد يستخدم الساحر تمثالاً يمثل شخصاً معيناً، ويعتقد أن ما يحدث للتمثال يمكن أن يؤثر على الشخص الحقيقي. هذا الإعتقاد لا يستند إلى علاقة سببية مباشرة، بل إلى علاقة توافقية أو رمزية بين شيئين. في هذا الإطار، لا يُنظر إلى الكون كآلة ميكانيكية صامتة، بل كـوعي كوني أو كائن حي. هذا الوعي يربط كل شيء ببعضه البعض. الساحر لا يرى نفسه منفصلاً عن الكون، بل يرى وعيه جزءًا من هذا الوعي الأكبر، يمكنه من خلاله التأثير في الأحداث.
على الجانب الآخر، يسعى العلم الحديث إلى تحقيق هدف أسمى: نظرية كل شيء (Theory of Everything). هذه النظرية هي مجموعة من القوانين التي يمكنها أن تفسر كل الظواهر الفيزيائية في الكون، من أصغر الجسيمات إلى أكبر المجرات. وقد وصل العلم إلى هذه النقطة من خلال إكتشاف قوانين موحدة مثل قانون الجاذبية وقوانين الكهرومغناطيسية. على الرغم من أن العلم لم يكتشف نظرية كل شيء بعد، إلا أن الأبحاث في الفيزياء النظرية تشير إلى أن كل شيء في الكون مترابط. على سبيل المثال، نظرية الأوتار الفائقة (String Theory) تقترح أن كل الجسيمات الأولية هي مجرد إهتزازات لأوتار صغيرة، مما يعني أن كل شيء في الكون مبني من نفس المادة الأساسية. الأبحاث في فيزياء الكم تشير إلى أن المادة ليست صلبة كما كنا نعتقد، بل هي عبارة عن إحتمالات أو طاقة. هذا يفتح الباب أمام فكرة أن الواقع المادي ليس سوى تجلٍ لواقع أعمق وأكثر ترابطًا.
إذًا، يكمن الفرق الفلسفي في أن السحر بدأ من الفكرة، بينما العلم بدأ من المادة. السحر بدأ من مبدأ أن كل شيء مترابط، وحاول تطبيقه بشكل بدائي. أما العلم، فبدأ من دراسة الأجزاء المنفصلة، ولكنه يكتشف الآن، في سعيه نحو نظرية كل شيء، أن هذه الأجزاء ليست منفصلة على الإطلاق، بل هي جزء من نظام واحد مترابط. هذا لا يجعل السحر علمًا، بل يثبت أن الحدس الكامن وراءه كان صحيحًا. ربما يكون العلم هو الأداة التي ستُثبت في النهاية أن ما كان يُعتبر سحرًا في الماضي هو مجرد تعبير عن حقيقة كونية كانت تنتظر أن تُكتشف.

_ هل السحر يتدخل في الصدفة بينما العلم يحاول تفسيرها

إذا كان السحر يعمل على مبدأ الصدفة الموجهة، فهل يمكن أن يكون العلم هو محاولة يائسة لفهم هذه الصدفة من خلال قوانين صارمة، بينما هي في الحقيقة نتيجة لتدخلات لا يمكن قياسها؟ هذا تحليل عميق ومثير للإهتمام يقلب الموازين التقليدية بين العلم والسحر. فبدلًا من أن يكون السحر مجرد خرافة قديمة، يصبح بموجب هذا المنظور محاولة بدائية لفهم حقيقة يكتشفها العلم الحديث ببطء. نعم، يمكن القول إن السحر هو محاولة بدائية للعمل بمبدأ تأثر الواقع بالوعي، مما يضع العلم في موقع المتأخر في هذه المسيرة. كان السحر دائمًا مبنيًا على فكرة أن الوعي هو قوة فاعلة يمكنها أن تؤثر في العالم المادي. الساحر لا يرى نفسه منفصلاً عن الكون، بل يرى وعيه جزءًا من نسيج الوجود، يمكنه من خلاله تشكيل الواقع. هذا التصور ليس جديدًا، بل هو متجذر في الحضارات القديمة التي كانت تؤمن بأن كل شيء في الكون مترابط، وأن الفكر والإرادة يمكن أن يحركا الأحداث. السحر يرى الوعي ليس مجرد نتاج ثانوي للدماغ، بل أداة يمكن إستخدامها لتحقيق الأهداف. على سبيل المثال، قد يستخدم الساحر طقسًا أو تعويذة لتركيز إرادته وتوجيهها نحو تحقيق هدف معين، سواء كان ذلك شفاء مريض أو جذب الثروة. هذا الفعل ليس مجرد تمثيل رمزي، بل هو محاولة للتأثير على الواقع من خلال قوة الوعي.
على مدى قرون، تجاهل العلم الحديث دور الوعي. الفيزياء الكلاسيكية، التي سادت حتى بداية القرن العشرين، كانت ترى الكون كآلة ميكانيكية ضخمة، حيث كل شيء يحدث وفقًا لقوانين ثابتة، بغض النظر عن وجود الوعي. لكن مع ظهور فيزياء الكم، تغير هذا التصور بشكل جذري. فيزياء الكم، التي تدرس سلوك الجسيمات على المستوى دون الذري، إكتشفت أن عملية الملاحظة نفسها يمكن أن تؤثر في سلوك هذه الجسيمات. فالجسيم يمكن أن يكون في عدة حالات في نفس الوقت (مبدأ التراكب)، لكنه يختار حالة واحدة فقط عندما يتم ملاحظته. هذا الإكتشاف المذهل أثار تساؤلات حول العلاقة بين الوعي والمادة، وأجبر العلم على الإعتراف بأن الوعي ليس مجرد نتاج للدماغ، بل هو جزء من الواقع. يمكن القول إن العلم كان في مرحلة طفولية عندما كان يرفض دور الوعي، والآن، مع فيزياء الكم، هو يدخل مرحلة النضج، حيث يكتشف حقيقة كان السحر يدركها بشكل حدسي منذ آلاف السنين.
إذًا، يكمن الفرق الفلسفي في أن السحر بدأ من النهاية، بينما العلم بدأ من البداية. السحر بدأ من مبدأ أن الوعي يؤثر على الواقع، بينما العلم بدأ من مبدأ أن الواقع مستقل عن الوعي. الآن، مع تقدم العلم، بدأت مساراتهما تتقارب. هذا لا يعني أن العلم سيصبح سحرًا، بل يعني أن العلم يكتشف أن الواقع أكثر تعقيدًا مما كان يعتقد، و أن الوعي يلعب دورًا رئيسيًا فيه. ربما يكون السحر هو الحدس الذي يسبق الإكتشاف العلمي، مما يجعل العلم متأخرًا بالفعل في مسيرة فهم الحقيقة الكبرى.

_ صراع الوعي: السحر يربط و العلم يفصل

هل يعكس الصراع بين السحر والعلم صراعاً أعمق داخل الوعي البشري بين الحدس الذي يربط الأشياء بطرق غير مرئية، والتحليل الذي يفصلها عن بعضها البعض؟ هذا تحليل عميق جدًا، يصل إلى صميم طبيعة الوعي البشري. نعم، يمكن القول إن الصراع بين السحر والعلم ليس صراعًا خارجيًا بين منهجين مختلفين، بل هو إنعكاس لصراع أعمق داخل الوعي نفسه: بين الحدس الذي يرى الترابط الكلي، و التحليل الذي يرى الأجزاء المنفصلة. هذا الصراع يمثل التوتر الدائم بين نظرة الإنسان الشمولية ونظرته التجزيئية.
العلم هو التعبير الأسمى عن قدرة العقل البشري على التحليل. فهو يجزئ الواقع المعقد إلى أجزاء صغيرة يمكن دراستها وفهمها بشكل منفصل. على سبيل المثال، يدرس عالم الفيزياء الجاذبية كقوة مستقلة، بينما يدرس عالم الكيمياء تفاعل الجزيئات، ويدرس عالم الأحياء الخلية ككيان منفصل. هذا المنهج يسمح للعلم بالوصول إلى فهم دقيق و متعمق لكل جزء على حدة. يرى العلم الكون كـمجموعة من الأجزاء التي يمكن فهمها بشكل منفصل. هذا يمنحه قوة هائلة في بناء المعرفة، ولكن في الوقت نفسه، قد يجعله يغفل عن الصورة الكبيرة. فالعلم يمكن أن يخبرنا عن كل مكون من مكونات الدماغ، لكنه لا يمكنه أن يخبرنا ما هو الوعي. يعتمد العلم على المنطق والسببية، وهما أدوات تحليلية. فكل ظاهرة يجب أن يكون لها سبب مباشر يمكن تتبعه. هذا يمنح العلم موثوقية، ولكنه يضع حدودًا صارمة على ما يمكن أن يُعتبر حقيقة.
على النقيض من ذلك، يمثل السحر التعبير عن قوة الحدس في الوعي البشري. السحر لا يهتم بالأجزاء المنفصلة، بل يهتم بـالعلاقات و الترابطات غير المرئية بين الأشياء. الساحر يرى الكون كنسيج واحد، حيث كل شيء مترابط ببعضه البعض بطرق لا يمكن للعقل التحليلي فهمها. يرى السحر الكون كـكل واحد لا يمكن تجزئته. فالحدث الذي يحدث في مكان ما قد يؤثر على حدث آخر في مكان بعيد، ليس بسبب علاقة سببية مباشرة، بل بسبب علاقة توافقية أو رمزية. يعتمد السحر على الحدس والتجربة الذاتية للوصول إلى الحقيقة. فالمعرفة ليست شيئًا يمكن قياسه، بل هي شيء يُختبر بشكل شخصي. هذا يمنح السحر القدرة على فهم الجوانب غير المادية للوجود، ولكنه يجعله غير قابل للتحقق العلمي.
إذًا، يكمن الصراع بين السحر والعلم في صراع أعمق في الوعي البشري: بين الحدس الذي يربط، والتحليل الذي يفصل. هذا الصراع ليس صراعًا يمكن حسمه بفوز أحدهما على الآخر، بل هو توازن ضروري. ربما يكون العقل الكامل هو الذي يجمع بين هاتين القوتين. فالعقل التحليلي يمنحنا الأدوات لفهم الواقع والتحكم فيه، بينما العقل الحدسي يمنحنا الحكمة لفهم المعنى و الغاية. في النهاية، كل من السحر والعلم هو محاولة من الإنسان لفهم نفسه ومكانه في هذا الكون الواسع، ولكن من منظورين مختلفين.

_ بين الإبداع والإكتشاف: الساحر يخلق والعالم يكتشف

هل السحر هو فن خلق الواقع من خلال الإرادة، بينما العلم هو فن إكتشاف الواقع كما هو؟ وهل هذا يعني أن الساحر مبدع، بينما العالم مكتشف؟ إن هذا التحليل يذهب إلى صميم العلاقة بين الإبداع والإكتشاف، ويطرح سؤالاً جوهرياً حول دور الإنسان في الوجود. نعم، يمكن القول إن السحر هو فن خلق الواقع، بينما العلم هو فن إكتشاف الواقع، وهذا يضع الساحر في موضع المبدع، والعالم في موضع المكتشف. هذا الإختلاف لا يقتصر على المنهج، بل يمتد إلى الأهداف و النتائج النهائية لكل منهما. يعتبر العلم الحديث تجسيداً لرغبة الإنسان في فهم الواقع كما هو. مهمة العالم ليست إختراع القوانين، بل إكتشافها. العالم يؤمن بأن الكون يمتلك قوانين صارمة وثابتة، ومهمته هي كشفها وتفسيرها. هذا يتطلب منه موضوعية مطلقة، وتجرداً من أي رغبات شخصية أو تحيزات. يرى العالم الواقع كحقيقة مستقلة عن وعي الإنسان. فالجاذبية كانت موجودة قبل أن يكتشفها نيوتن، و قوانين الكيمياء كانت تعمل قبل أن يفهمها البشر. العالم هو مجرد مرآة تعكس حقيقة الكون. هذا النهج يمنح العلم قوة هائلة في التنبؤ والتحكم، ولكنه في الوقت نفسه يضع الإنسان في موضع المتلقي، وليس الخالق. في هذا الإطار، العالم هو مكتشف. هو يستكشف أرضاً مجهولة، ولكن هذه الأرض موجودة بالفعل. عمله ليس إبداعياً بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هو عمل كشف وفهم.
على النقيض من ذلك، يرى السحر أن الواقع ليس كياناً ثابتاً، بل هو نسيج مرن يمكن إعادة تشكيله. الساحر لا يسعى لإكتشاف قوانين الكون، بل يسعى إلى خلق واقع جديد من خلال قوة إرادته ورموزه. هذا يتطلب منه أن يرى نفسه ليس مجرد مراقب، بل مشارك في عملية خلق الواقع. يرى الساحر أن الواقع ليس مستقلاً عن وعي الإنسان، بل هو مرتبط به إرتباطاً وثيقاً. وبالتالي، فإن تغيير الوعي يمكن أن يؤدي إلى تغيير الواقع المادي. التعويذات والطقوس ليست مجرد كلمات، بل هي أدوات لتوجيه الوعي نحو خلق واقع جديد. في هذا الإطار، الساحر هو مبدع. هو لا يكتشف واقعاً موجوداً، بل يخلق واقعاً جديداً. عمله إبداعي بالمعنى الكامل للكلمة، حيث يستخدم طاقته الداخلية وقوة إرادته لإعطاء شكل لأفكاره.
إذًا، يمكن القول إن السحر والعلم يمثلان وجهين مختلفين للطبيعة البشرية. فالعلم يمثل رغبتنا في الفهم، بينما السحر يمثل رغبتنا في التأثير و الخلق. هذا لا يعني أن أحدهما صحيح والآخر خاطئ، بل قد يكونان مكملين لبعضهما البعض. فربما يكون الفهم الكامل للوجود يتطلب منا أن نجمع بين القوتين؛ قوة المكتشف الذي يفهم الواقع، وقوة المبدع الذي يساهم في تشكيل الواقع. في النهاية، كل من السحر و العلم هو محاولة من الإنسان لتجاوز حدوده، ولكن بأساليب مختلفة تماماً.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الس ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الْ ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الر ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الث ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الث ...
- مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الْ ...


المزيد.....




- السودان: الفاشر تحت حصار مميت تفرضه قوات الدعم السريع
- محللون: ترامب يحاول توريط العرب عسكريا في غزة مقابل وقف الحر ...
- -مسار الأحداث- يبحث ما الذي سيناقشه ترامب مع القادة العرب وا ...
- شهيد ومصابون برصاص المستوطنين وجيش الاحتلال بالضفة
- عاجل | الإسعاف والطوارئ: 7 شهداء وعشرات الإصابات في قصف إسرا ...
- الشرع: نجاح أي اتفاق مع إسرائيل يمهد لتعميم السلام بالمنطقة ...
- بعد إدانته.. منفذ محاولة اغتيال ترامب يحاول الانتحار
- ماكرون يوضح لترامب سبب عدم الجدوى من -تفكيك حماس-
- الحرب على غزة مباشر.. ترقب لنتائج اجتماع ترامب بقادة عرب ومس ...
- عاجل | مراسل الجزيرة عن أسطول الصمود: 15 مسيرة تحلق فوق عدد ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَلْ قَوَانِينِ الكَوْنِ لَيْسَتْ سِوَى همَسَات بِاهِتَة لِسِحْر مَنْسِّي -الْجُزْءُ التَّاسِع-