|
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَلْ قَوَانِينِ الكَوْنِ لَيْسَتْ سِوَى همَسَات بِاهِتَة لِسِحْر مَنْسِّي -الْجُزْءُ السَّادِسُ-
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 16:30
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ المعجزة: هل هي سحر إلهي أم قانون علمي لم يكتشف بعد
هل المعجزة في أي دين هي مجرد سحر لم نكتشف بعد قوانينه العلمية؟ هذا سؤال عميق يمس جوهر العلاقة بين الإيمان والعلم، و يتطلب تحليلًا فلسفيًا دقيقًا. للنظر في هذه العلاقة، يجب أولًا أن نميز بين مفهومي المعجزة والسحر في سياقيهما المختلفين. المعجزة (Miracle) في سياق ديني تُعرّف بأنها حدث خارق للطبيعة، لا يمكن تفسيره بالكامل بقوانين الطبيعة المعروفة، ويُعزى إلى تدخل مباشر من قوة إلهية. الهدف من المعجزة ليس مجرد إثارة الدهشة، بل هو إثبات رسالة أو نبوة، أو التأكيد على وجود قوة إلهية فوق الطبيعة. هي فعل إرادي من الخالق يخرق القوانين التي وضعها هو بنفسه. على سبيل المثال، معجزات الأنبياء في الأديان الإبراهيمية، مثل إنشقاق البحر لسيدنا موسى أو إحياء الموتى لسيدنا عيسى، تُعتبر دليلاً على صدق رسالتهم. السحر (Magic)، في المقابل، هو فن أو مجموعة من التقنيات التي تهدف إلى إحداث تأثيرات خارقة للطبيعة من خلال إستخدام قوى خفية أو قوانين لم تُفهم بعد. السحر في جوهره لا يُعزى إلى قوة إلهية عليا، بل هو نتيجة معرفة سرية أو قدرات شخصية يمتلكها الساحر. يمكن تعلمه أو نقله، ويعتمد على قوانين قد تكون غامضة ولكنها في النهاية ضمن إطار السببية. في كثير من التقاليد، يُنظر إلى السحر على أنه محاولة للسيطرة على القوى الطبيعية أو الروحية لتحقيق أهداف معينة، سواء كانت خيرة أو شريرة. القول بأن المعجزة هي مجرد سحر لم نكتشف قوانينه العلمية بعد، هو تبنٍ لوجهة نظر مادية** أو طبيعية (Naturalistic) خالصة. هذه الوجهة الفلسفية تفترض أن كل ما يحدث في الكون يمكن تفسيره في النهاية بقوانين الطبيعة، سواء كانت معروفة الآن أو ستكتشف في المستقبل. من هذا المنظور، المعجزة ليست فعلاً إلهيًا يخرق القوانين، بل هي ببساطة حدث نادر جدًا أو غير مفهوم حاليًا. مع تقدم العلم، قد نجد أن ما بدا معجزة هو مجرد ظاهرة طبيعية غريبة. السحر والمعجزة هما نفس الشيء في الأساس، كلاهما يمثلان قوانين طبيعية لم تُكتشف بعد. إذا كان الساحر يستخدم قوى خفية، فربما تكون هذه القوى هي قوانين فيزيائية أو بيولوجية معقدة جدًا لا نفهمها الآن. المعجزة، من هذا المنظور، هي مجرد مثال على هذه القوى التي تحدث دون تدخل واعٍ من الساحر، بل من خلال ظاهرة طبيعية غامضة. هناك عدة إعتراضات فلسفية ودينية على هذا الرأي، وهي تمثل وجهة نظر وراء الطبيعة (Metaphysical) أو الميتافيزيقية. الفرق الجوهري بين المعجزة والسحر يكمن في النية والغاية. المعجزة، كما يعتقد المؤمنون، تحدث بقصد إلهي محدد و واضح لغرض نبيل و هو إثبات النبوة أو هداية البشر. السحر، في المقابل، هو جهد بشري يسعى لتحقيق مصالح شخصية. لا يمكن إختزال المعجزة إلى مجرد حدث غريب لأن هدفها و غايتها يتجاوزان الحدث نفسه. المعجزة هي رسالة وليست مجرد ظاهرة. الفلسفة الإيمانية لا ترى المعجزة كجزء من قوانين الطبيعة التي لم تُفهم بعد، بل كحدث يخرق هذه القوانين بشكل مطلق. فكرة المعجزة قائمة على أن الله، الذي خلق القوانين، يستطيع أن يوقفها أو يغيرها مؤقتًا. هذا يختلف تمامًا عن فكرة أن الحدث هو نتيجة لقانون آخر لم نكتشفه بعد. على سبيل المثال، إحياء الموتى يتجاوز تمامًا أي قانون بيولوجي أو فيزيائي نعرفه. هو ليس تطبيقًا لقانون جديد، بل هو إيقاف للقانون الحالي. إذا كانت المعجزة مجرد ظاهرة طبيعية غير مفهومة، فهذا يفرغها من كل دلالاتها اللاهوتية. المعجزة تفقد معناها كدليل على وجود إلهي إذا كانت قابلة للتفسير العلمي. في الواقع، المعجزة تُعتبر دليلًا على أن هناك شيئًا يتجاوز قوانين المادة، وهذا هو ما يجعلها مهمة دينيًا. الفصل بين المعجزة والسحر ليس مجرد فصل في المعرفة العلمية، بل هو فصل أنطولوجي و ميتافيزيقي. المعجزة تتعلق بـالوجود (Being) وتدخل القوة الإلهية، بينما السحر يتعلق بـالتقنية (Technique) وإستغلال القوى الغامضة. إذا كنت تؤمن بأن كل شيء في الكون له تفسير طبيعي، وأن وجود الله أو أي قوة ميتافيزيقية غير ممكن، فمن المنطقي أن تعتبر المعجزة و السحر شيئًا واحدًا: ظواهر لم نفهم قوانينها بعد. هذا الموقف يتطلب منك إيمانًا بقدرة العلم على تفسير كل شيء في النهاية. أما إذا كنت تؤمن بوجود قوة إلهية تتجاوز الطبيعة، فإن المعجزة تظل ظاهرة مختلفة تمامًا عن السحر. هي ليست مجرد خداع أو خدعة علمية، بل هي إشارة من عالم أعلى. في النهاية، الإجابة على سؤالك تعتمد على الإفتراضات الفلسفية الأساسية التي تتبناها. هل أنت من أنصار المذهب الطبيعي (Naturalism) أم المذهب الميتافيزيقي (Metaphysical Theism)؟ كلا الموقفين له منطقه، و لكن لا يمكن دمج المعجزة والسحر معًا إلا إذا تجاهلنا القصد اللاهوتي الذي هو جوهر المعجزة في الأساس.
_ السحر: وهم الماضي أم مرحلة في رحلة العقل البشري
هل يمكن أن يكون السحر بمثابة مرحلة عابرة في تطور الوعي البشري، حيث يبدأ الإنسان بالإعتقاد في القوى الخفية ثم ينتقل تدريجياً إلى فهمها علمياً؟ يمكن إعتبار السحر مرحلة عابرة في تطور الوعي البشري، لكن هذا الطرح يتطلب تحليلًا فلسفيًا عميقًا يتجاوز التبسيط. للوصول إلى فهم أعمق لهذه الفكرة، يجب أن نحدد أولاً ما نعنيه بالسحر في هذا السياق، ثم نربطه بمراحل التطور المعرفي للبشرية. في مراحله الأولى، كان السحر يمثل محاولة مبكرة من الإنسان لفهم وتفسير العالم من حوله والتحكم فيه. قبل ظهور العلم الحديث، كان الإنسان يواجه ظواهر طبيعية غامضة مثل الكوارث، الأمراض، المواسم، والطقس. لم يكن لديه الأدوات المعرفية لفهم قوانين الفيزياء، الكيمياء، أو البيولوجيا. لذلك، لجأ إلى التفكير السببي الخارق للطبيعة. كان يعتقد أن هناك قوى خفية، أرواح، أو كائنات تؤثر على الواقع، وأن بإمكانه التأثير عليها من خلال طقوس، تعاويذ، أو رموز. السحر هنا لم يكن مجرد خيال، بل كان نموذجًا معرفيًا لتفسير الظواهر. هو يمثل المرحلة التي يرى فيها الإنسان أن كل شيء يحدث بسبب فعل إرادي من قوى غير مرئية. يمكن فهم الإنتقال من السحر إلى العلم من خلال أطر فلسفية مثل نظرية أوغست كونت للمراحل الثلاث. الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (Auguste Comte) طرح نظرية شهيرة تقول إن الفكر البشري يمر بثلاث مراحل، المرحلة اللاهوتية (Theological Stage) حيث يفسر الإنسان الظواهر الطبيعية من خلال تدخل الآلهة أو القوى الخارقة. السحر يقع ضمن هذه المرحلة، حيث القوى الخفية هي المسؤولة عن الأحداث. المرحلة الميتافيزيقية (Metaphysical Stage) ينتقل الإنسان من تفسير الظواهر بالقوى الإلهية إلى تفسيرها بقوى مجردة مثل الطبيعة أو الروح. هنا، لا يزال التفكير خارج نطاق الملاحظة التجريبية. المرحلة الوضعية (Positive Stage) يصل الفكر البشري إلى مرحلة النضج، حيث يعتمد على المنهج العلمي و الملاحظة التجريبية لإكتشاف القوانين التي تحكم الظواهر. العلم يحل محل السحر كمصدر أساسي للمعرفة. في الفكر السحري، كان الإنسان يربط بين الأحداث بطريقة سطحية وغير منهجية. فإذا حدثت عاصفة بعد أداء طقس معين، فإن الإنسان يربط بينهما ويعتقد أن الطقس هو السبب. مع تطور الوعي، بدأ الإنسان في البحث عن السببية الحقيقية القائمة على التجريب و التحقق. هذا الإنتقال من الإرتباط (Correlation) إلى السببية (Causation) هو جوهر المنهج العلمي. هناك وجهة نظر أخرى لا تعتبر السحر مجرد مرحلة عابرة، بل تعتبره علمًا زائفًا (Pseudoscience) أو نظامًا معرفيًا بديلًا لا يزال قائمًا إلى يومنا هذا. من هذا المنظور السحر لم يختفِ بالكامل. على الرغم من تقدم العلم، لا يزال الكثير من الناس يؤمنون بالسحر والأعمال الخارقة. هذا يعني أن السحر ليس مجرد مرحلة تاريخية إنتهت، بل هو نمط تفكير لا يزال موجودًا. السحر يوفر للإنسان شعورًا بالسيطرة على عالم فوضوي. عندما لا يجد تفسيرًا علميًا لمرض أو فشل، يمكنه اللجوء إلى التفكير السحري ليوفر له إجابة، حتى لو كانت غير منطقية. هذا يجعله يلبي حاجة نفسية عميقة تتجاوز الحاجة إلى المعرفة الموضوعية. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون الممارسات السحرية القديمة تحتوي على بذور لبعض الإكتشافات العلمية. على سبيل المثال، قد تكون الأعشاب المستخدمة في طقس سحري تحتوي بالفعل على خصائص طبية. في هذه الحالة، السحر لم يكن خطأً بالكامل، بل كان بذرة لم تكتمل بعد. نعم، يمكن أن يكون السحر بمثابة مرحلة عابرة في تطور الوعي الجمعي البشري إذا نظرنا إليه من منظور تاريخي تطوري. هو يمثل أولى محاولات الإنسان لتفسير العالم و السيطرة عليه قبل إكتشاف المنهج العلمي. ولكن، من منظور أوسع، لا يزال السحر موجودًا كنمط تفكير بديل أو علم زائف يلبي حاجات نفسية معينة، خاصة في المجتمعات التي لم يصلها العلم أو التي تواجه تحديات لا يمكن للعلم حلها بسهولة. الفرق بين السحر والعلم ليس فقط فرقًا في المعرفة، بل هو فرق في المنهجية. السحر يعتمد على الحدس، الرمزية، و الإرتباطات السطحية. العلم يعتمد على التجريب، التحقق، و السببية الدقيقة. الإنتقال من الأول إلى الثاني هو إنجاز حضاري ضخم، لكنه لا يعني أن الأول قد إختفى تمامًا.
_ من يمتلك المعرفة يمتلك القوة: هل العلم هو سحر العصر الحديث
إذا كان كل من السحر والعلم يسعى للسيطرة على الطبيعة، فهل يكمن الإختلاف بينهما في الأخلاق؛ أي هل العلم يبحث عن السيطرة للجميع، بينما السحر يبحث عن السيطرة للخاصة؟ هذا سؤال يربط بين الأخلاق، المعرفة، والسلطة، و يقدم إطارًا مثيرًا للإهتمام للتمييز بين السحر و العلم. في الواقع، يمكن القول إن الإختلاف بينهما لا يقتصر على المنهجية فقط، بل يمتد ليشمل الغاية الأخلاقية وإستغلال المعرفة. يمكن تحليل السحر من منظور أخلاقي كأداة للسيطرة الفردية أو النخبوية. تاريخيًا، كان الساحر أو الكاهن يمتلك معرفة سرية أو موهبة لا يمتلكها عامة الناس. هذه المعرفة كانت تُنقل عبر الأسرار أو الطقوس الخاصة، مما يمنحه قوة ونفوذًا على الآخرين. السحر بطبيعته يعتمد على فكرة أن هناك قوى خفية يمكن تسخيرها من قبل أفراد معينين فقط. هذا يخلق هرمية اجتماعية؛ حيث يقع الساحر في قمة الهرم، ويستغل جهل الآخرين بهذه القوى لتحقيق مكاسب شخصية أو للسيطرة عليهم. فكرة أن الساحر هو الوحيد القادر على إحداث التغيير تخلق نوعًا من الإحتكار للقوة. غالبًا ما يرتبط السحر بأهداف شخصية مثل الثراء، الإنتقام، الحب، أو النفوذ. إنه ليس سعيًا للمعرفة من أجل المعرفة، بل هو أداة لتحقيق رغبات فردية، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. السحر الأسود هو المثال الأوضح على هذه الغاية الأنانية. على النقيض من ذلك، يتبنى العلم الحديث قيمًا أخلاقية مختلفة جوهريًا. جوهر المنهج العلمي هو الموضوعية و الشفافية. المعرفة العلمية لا تُخزن في كتب سرية، بل تُنشر في مجلات علمية ليتمكن أي شخص من الإطلاع عليها، مراجعتها، وتجربتها. العلم يسعى إلى كشف القوانين العامة التي تحكم الكون، وليس القوانين التي تخص فئة معينة. فكرة أن المعرفة العلمية متاحة للجميع وتخضع للمراجعة من قبل الجميع هي فكرة ديمقراطية في جوهرها. إنها تضع القوة في يد العقل الجمعي، وليس في يد فرد واحد. على الرغم من أن العلم يمكن إستخدامه لأغراض سيئة، إلا أن غايته الأساسية هي تحسين حياة البشرية جمعاء. الطب، الهندسة، الزراعة، كلها علوم تهدف إلى حل المشكلات التي تواجه الجنس البشري. هذا الهدف النبيل هو ما يمنح العلم شرعيته الأخلاقية. من المهم الإشارة إلى أن هذا التقسيم ليس مطلقًا، فكلا المجالين يحتوي على جوانب رمادية؛ يمكن للعلم أن يُستخدم لأغراض شريرة، مثل تطوير أسلحة الدمار الشامل. في هذه الحالات، يتحول العلم من أداة للسيطرة للجميع إلى أداة للسيطرة للخاصة مثل الحكومات أو الشركات. هنا، الأخلاق تصبح هي المحدد الرئيسي للإستخدام السليم للعلم. بعض أنواع السحر، مثل السحر الأبيض، يُزعم أنه يُستخدم للشفاء أو الحماية. هذا يكسر القاعدة التي تقول إن السحر دائمًا أناني. ولكن حتى في هذه الحالات، لا يزال السحر يعتمد على المعرفة السرية والخاصة، مما يجعله مختلفًا عن المنهج العلمي المفتوح. في التحليل الأخير، يكمن الإختلاف الأخلاقي بين السحر و العلم في المنهجية والغاية. السحر يمثل نموذجًا للمعرفة السرية التي تهدف إلى تحقيق أهداف خاصة، وتخلق هرمية بين من يمتلكون المعرفة ومن لا يمتلكونها. العلم يمثل نموذجًا للمعرفة المعلنة التي تهدف إلى تحقيق الخير العام، و تسعى إلى نشر المعرفة بدلاً من حصرها. على الرغم من أن العلم يمكن أن يُساء إستخدامه، إلا أن مبادئه الأساسية؛ الشفافية، المراجعة، والبحث عن الحقيقة الموضوعية تجعله يميل أخلاقيًا نحو السيطرة للجميع، بينما يميل السحر بطبيعته إلى السيطرة للخاصة.
_ الجهل: المساحة الخفية التي يولد فيها السحر
هل يمثل الجهل بحد ذاته حيزًا يسمح للسحر بالوجود، وهل تتضاءل الحاجة إلى السحر كلما إزداد فهمنا العلمي للعالم؟يشكل هذا السؤال تقاطعًا بين الفلسفة وعلم النفس البشري و تاريخ المعرفة، ويدفعنا إلى تأمل العلاقة المعقدة بين الجهل، السحر، والعلم. يمكن القول إن الجهل ليس مجرد نقص في المعرفة، بل هو فضاء وجودي يسمح للسحر بالإزدهار، و أن الحاجة إليه تتضاءل بالفعل مع تقدم الفهم العلمي، ولكن هذا التضاؤل ليس مطلقًا. الجهل ليس فراغًا معرفيًا محضًا، بل هو حالة نفسية وفكرية تولد الحاجة إلى تفسيرات بديلة. عندما يواجه الإنسان ظواهر لا يستطيع فهمها سواء كانت أمراضًا مستعصية، كوارث طبيعية مدمرة، أو حظوظًا غريبة يجد نفسه في حالة من عدم اليقين والقلق. السحر هنا يتدخل ليسد هذا الفراغ. إنه يقدم إطارًا سببيًا بديلاً، حتى لو كان خياليًا، يمنح الإنسان شعورًا زائفًا بالسيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه. في مواجهة الجهل، يمنح السحر الإنسان وهمًا بأن لديه القدرة على التأثير في الأحداث من خلال طقوس، تعاويذ، أو قوى خفية. بدلاً من قبول أن المرض حدث بسبب عوامل بيولوجية لا يعرفها، يمكنه إلقاء اللوم على عين حسود أو عمل سحري، وبالتالي يجد تفسيرًا يريح نفسه نفسيًا. هذا التفسير، وإن كان غير صحيح، هو أفضل من عدم وجود أي تفسير على الإطلاق. في غياب التفسيرات العلمية، يتشكل السحر كأول وأسهل نموذج لتفسير الظواهر. إنه يمثل نقطة البداية في رحلة الوعي البشري. فإذا لم يكن هناك فهم لكيفية عمل المطر أو نمو المحاصيل، يمكن الإعتقاد بأن قوى سحرية أو أرواحًا هي المسؤولة. هذا النموذج التفسيري البدائي يتطلب إيمانًا أكثر من كونه يتطلب برهانًا، وهو ما يتناسب تمامًا مع حالة الجهل. مع تقدم المعرفة العلمية، تبدأ المساحات التي يحتلها السحر في التقلص. العلم يزودنا بأدوات منهجية لفهم العالم، و يكشف عن القوانين الحقيقية التي تحكم الظواهر. عندما يفسر العلم سبب المرض بأنه فيروس أو بكتيريا، ويقدم علاجًا فعليًا، تصبح الحاجة إلى التعويذات أو الأعمال السحرية للشفاء أقل إلحاحًا. عندما يفهم الإنسان قوانين الطقس والمناخ، يصبح رقص المطر مجرد تقليد ثقافي، و ليس وسيلة فعالة لجلب المطر. العلم هنا لا يكتفي بإزالة الجهل، بل يقدم حلاً عمليًا وموثوقًا. العلم يغير الإطار الفكري من السببية الخارقة للطبيعة إلى السببية المادية. فبدلاً من البحث عن قوى خفية أو أرواح، يبدأ الإنسان بالبحث عن علاقات السببية القابلة للملاحظة والتجريب. هذا التحول الفكري هو جوهر الثورة العلمية، وهو ما يدفع السحر إلى الهوامش. على الرغم من أن العلم يقلص من مساحة السحر، إلا أنه لا يقضي عليه تمامًا، وذلك لعدة أسباب؛ العلم ليس مطلقًا. هناك دائمًا ما هو مجهول، وما لا يمكن للعلم تفسيره في الوقت الراهن، أو ما يقع خارج نطاق البحث العلمي تمامًا مثل الأسئلة الوجودية المتعلقة بالمعنى و الهدف. هذه المساحات المتبقية يمكن أن تكون أرضًا خصبة لنمو أشكال جديدة من التفكير السحري أو الزائف. كما ذُكر سابقًا، السحر لا يقتصر على كونه تفسيرًا معرفيًا فحسب، بل هو أيضًا آلية نفسية لمواجهة القلق والخوف. حتى لو كان لدى الإنسان فهم علمي للمرض، فإن خوفه من الموت قد يدفعه إلى البحث عن حلول سحرية أو روحانية توفر له الطمأنينة. هذه الحاجة النفسية لا يمكن للعلم وحده أن يلبيها. في بعض الأحيان، يمكن أن يُنظر إلى العلم نفسه كشكل من أشكال السحر الحديث، خاصة من قبل أولئك الذين لا يفهمون مبادئه. فبالنسبة لشخص غير متخصص، قد يبدو تشغيل هاتف ذكي أو جهاز كمبيوتر وكأنه عمل سحري. وهذا يبرهن على أن السحر ليس بالضرورة تفسيرًا خاطئًا، بل هو تفسير غير مفهوم للقوى التي تعمل في العالم. يمثل الجهل بالفعل الحيز الوجودي الذي يسمح للسحر بالإزدهار، وتتضاءل الحاجة إلى السحر كلما إزداد فهمنا العلمي للعالم. هذا التضاؤل ليس بسبب أن العلم يثبت أن السحر خاطئ لأن السحر في الأصل ليس فرضية قابلة للتحقق العلمي، بل لأن العلم يزيل الأسباب التي دفعت الإنسان إلى اللجوء إلى السحر في المقام الأول، الخوف من المجهول، والحاجة إلى السيطرة، و الرغبة في تفسير ما هو غير مفهوم. ومع ذلك، فإن السحر لن يختفي تمامًا طالما بقيت هناك جوانب من الوجود خارج نطاق الفهم العلمي، أو طالما ظلت الحاجة النفسية للإنسان إلى الطمأنينة والأمل قائمة.
_ عندما يصبح السحر علمًا: هل يختفي الفاصل أم يزداد عمقًا
هل يمكن أن يكون هناك علم في المستقبل يفسر ظواهر السحر، مما يؤدي إلى تلاشي الفاصل بين المفهومين؟ هذا السؤال يفتح آفاقًا واسعة للتأمل في طبيعة المعرفة و الواقع، ويتحدى الفواصل التقليدية بين ما هو علمي وما هو خارق للطبيعة. الإجابة الفلسفية على هذا السؤال ليست بسيطة، بل تتطلب تحليلًا لأطراف العلاقة؛ السحر والعلم، و المستقبل. في الوقت الحاضر، لا يمكن للعلم أن يفسر ظواهر السحر لأسباب جوهرية. المنهج العلمي يعتمد على مبادئ ثابتة. يجب أن تكون الظاهرة قابلة للتكرار في ظروف يمكن التحكم فيها، بحيث يمكن للعلماء الآخرين التحقق من النتائج. يجب أن تكون النظرية قابلة للدحض. إذا إدعى أحدهم أن السحر يعمل، فيجب أن يكون هناك طريقة لإثبات أنه لا يعمل. يركز العلم على تفسير الظواهر من خلال قوانين الطبيعة المادية، مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. الظواهر التي تُنسب إلى السحر، مثل تحريك الأشياء عن بعد أو الشفاء بمعجزة، لا تتوافق مع هذه المبادئ. فهي غالبًا ما تكون غير قابلة للتكرار، و تعتمد على عوامل غير مادية مثل النية أو الطاقة الروحية، مما يضعها خارج نطاق المنهج العلمي الحالي. يمكن أن نتخيل سيناريو مستقبليًا يفسر فيه العلم ظواهر السحر، ولكن هذا يتطلب توسعًا جذريًا في فهمنا للواقع نفسه. هذا التوسع قد يأخذ عدة أشكال؛ قد يكشف علم الأعصاب في المستقبل عن وجود قوى لم نكن نعرفها بعد، تتعلق بقدرة الوعي البشري على التأثير في الواقع المادي. ربما تكون هناك أبعاد فيزيائية خفية ترتبط بشكل مباشر بالأفكار والنوايا. في هذا السيناريو، لن يختفي السحر، بل سيُعاد تعريفه كـعلم التلاعب بالواقع من خلال الوعي. ما نعتبره اليوم سحرًا قد يصبح فرعًا من فروع الفيزياء الكمومية أو علم النفس العميق. ربما يكون الكون أكبر بكثير مما نعتقده، ويحتوي على أبعاد مادية لا نستطيع إدراكها بحواسنا الحالية. السحر في هذا السياق قد يكون ببساطة إستخدامًا غير واعٍ أو بدائيًا لقوانين هذه الأبعاد. على سبيل المثال، إذا كان هناك بعد رابع يربط بين الأشياء، فإن السحر قد يكون مجرد قدرة على التلاعب بهذا البعد، تمامًا كما نتلاعب بالجاذبية أو المغناطيسية اليوم. من منظور آخر، يمكن القول إن العلم الحديث نفسه هو شكل من أشكال السحر بالنسبة لأسلافنا. فمن كان يصدق أن الإنسان يمكنه الطيران في الهواء، أو التحدث مع شخص في الجانب الآخر من العالم؟ هذه القدرات كانت ستُعتبر سحرًا خالصًا. الفاصل قد يتلاشى ليس لأن السحر أصبح علمًا، بل لأن العلم أصبح قادرًا على تحقيق ما كان يُعتبر في الماضي سحرًا. على الرغم من هذه السيناريوهات الممكنة، هناك جانب فلسفي جوهري قد يمنع تلاشي الفاصل تمامًا؛ الغاية الأخلاقية. السحر في جوهره يتعلق بالسيطرة الشخصية، سواء كانت غايته شريرة أو خيرة. هو معرفة تُكتسب و تُستخدم لخدمة أهداف فردية. العلم يسعى إلى كشف القوانين العامة التي تحكم الكون، ونشر هذه المعرفة لتكون متاحة للجميع. الهدف من العلم هو فهم الواقع، وليس بالضرورة السيطرة عليه بشكل شخصي. حتى لو إكتشف العلم في المستقبل أن السحر هو مجرد فرع من الفيزياء، فإن الجانب الأخلاقي سيبقى. هل سيُستخدم هذا العلم الجديد للسيطرة على الآخرين، أم لنشر المعرفة وتحسين حياة الجميع؟ هذا السؤال الأخلاقي سيظل يفرق بين المفهومين، حتى لو تلاشت الفوارق المعرفية. يمكن أن يكون هناك علم في المستقبل يفسر ظواهر السحر، وهذا سيؤدي حتمًا إلى تلاشي الفاصل بين المفهومين من حيث السببية. فما نعتبره اليوم سحرًا، قد نعتبره غدًا فرعًا من فروع العلم التطبيقي. ومع ذلك، فإن الفاصل لن يتلاشى بالكامل أبدًا من حيث النية والغاية. السحر سيبقى مرتبطًا بفكرة السيطرة السرية و النخبوية، بينما سيظل العلم مرتبطًا بفكرة المعرفة المشتركة والشفافية. هذا الإختلاف الجوهري في النية هو ما سيُبقي على هوية كل منهما مستقلة، حتى لو كان كلاهما يستخدم نفس الأدوات المادية في النهاية.
_ الصدفة والقدر: هل يختلف العلم عن السحر في تفسير المجهول
هل يمكن أن تكون الصدفة في العلم هي القدر في السحر، و هل الفرق بينهما يكمن فقط في التسمية والفهم ؟ هذا السؤال يغوص في أعماق المفاهيم التي تحدد نظرتنا للواقع، ويضع الصدفة والقدر في مواجهة فلسفية مثيرة للإهتمام. الإجابة ليست مجرد نعم أو لا، بل تتطلب تحليلًا دقيقًا للفروقات الجوهرية بين المفهومين في سياقيهما العلمي و السحري/الغيبي. في العلم، تُعرّف الصدفة (Chance´-or-Randomness) بأنها نتيجة لحدث أو مجموعة أحداث لا يمكن التنبؤ بها بشكل دقيق، إما بسبب تعقيد النظام كما في حالة الطقس أو بسبب طبيعته الجوهرية التي تحكمها قوانين الإحتمالات كما في ميكانيكا الكم. الصدفة ليست قوة فاعلة أو واعية، بل هي مصطلح لوصف غياب نمط أو سبب مباشر يمكن إدراكه. ليس للصدفة غاية أو قصد. عندما يُصاب شخص بمرض وراثي نادر، فإن العلم لا يرى في ذلك قضاءً وقدرًا، بل يراه نتيجة لتركيبة جينية عشوائية أو طفرة جينية حدثت بلا قصد. الأمر يتعلق بالإحتمالات الرياضية، وليس بقوة توجه الأحداث. على الرغم من أن الحدث الفردي قد يكون عشوائيًا، إلا أن العلم يدرس أنماط الصدفة من خلال الإحصاء والإحتمالات. إن فهم قوانين الصدفة هو ما سمح لنا بتطوير مجالات مثل نظرية الألعاب، والتنبؤات الإقتصادية، وحتى فهم بعض الظواهر البيولوجية. على النقيض من ذلك، فإن القدر (Fate´-or-Destiny) في السياقات السحرية أو الغيبية يُنظر إليه على أنه قوة فاعلة موجهة؛ أي أن الأحداث لا تحدث عشوائيًا، بل هي جزء من خطة محكمة أو مصير محتوم. حتى لو بدا الحدث صدفة، فإنه في الواقع نتيجة لسبب خفي أو قوة غيبية. القدر يحمل غاية. عندما يفوز شخص ما باليانصيب، فإن التفكير السحري قد يرى في ذلك حظًا مباركًا أو تدخلًا من قوى كونية كانت تريد له هذا الفوز. الأمر ليس مجرد عشوائية، بل هو فعل إرادي من قبل قوى لا يمكننا إدراكها. لا يمكن إخضاع القدر للمنهج العلمي. لا يمكن إجراء تجارب لإثبات وجوده، ولا يمكن قياسه أو التنبؤ به من خلال المعادلات الرياضية. إنه مفهوم ميتافيزيقي بحت، يقع خارج نطاق الواقع المادي الذي يدرسه العلم. من منظور ظاهري، يمكن أن يبدو الفرق مجرد تسمية. كلاهما يشير إلى أحداث غير متوقعة. لكن من منظور فلسفي عميق، فإن الفرق بينهما يكمن في الإفتراضات الأساسية التي تُبنى عليها كل منهما. الصدفة" تفترض أن الكون محايد، لا يملك وعيًا ولا قصدًا. القدر يفترض أن الكون ليس محايدًا، بل هو موجه من قبل قوى عليا أو مبادئ كونية. هذا ليس مجرد إختلاف في التسمية، بل هو إختلاف في طبيعة الواقع (أنطولوجيا). الصدفة تضع الإنسان ككائن صغير في عالم لا يكترث بوجوده. الإنسان لا يملك أي سيطرة على الصدفة، ولا يمكنه التأثير فيها إلا من خلال فهم قوانينها الإحتمالية. أما القدر، فإنه غالبًا ما يضع الإنسان في علاقة خاصة مع الكون، حيث يمكن أن يكون هناك مصير أو دور ينتظره. الإنسان قد يشعر بأنه مختار أو موجّه. في عالم الصدفة، الإنسان مسؤول عن أفعاله وعن كيفية تعامله مع الأحداث غير المتوقعة. أما في عالم القدر، قد يشعر الإنسان بأنه ليس مسؤولًا تمامًا عن مصيره، لأن هناك قوة عليا توجهه. هذا له تداعيات أخلاقية عميقة. الصدفة في العلم ليست هي القدر في السحر. على الرغم من أنهما يصفان ظواهر غير متوقعة، إلا أن الفرق بينهما يكمن في الإفتراضات الجوهرية التي تكمن وراء كل مفهوم. الصدفة مفهوم علمي يصف غياب السببية الواضحة، وهو محايد، ومادي، وقابل للدراسة الإحصائية. القدر مفهوم ميتافيزيقي يصف وجود سبب خفي أو قصد غيبي، وهو غير مادي، وغير قابل للدراسة العلمية. الفاصل بينهما ليس مجرد مسألة تسمية، بل هو حد فاصل بين نموذج فكري مادي وآخر غيبي. الأول يرى في الكون نظامًا محايدًا يحكمه الإحتمال، والثاني يرى فيه كيانًا واعيًا له غاية وقصد.
_ السحر والعلم: صراع النوايا أم صراع المنهج
هل يكمن الإختلاف بين السحر والعلم في النوايا؛ أي هل الساحر يستخدم معرفته لتحقيق أهدافه الخاصة، بينما العالم يستخدمها لخدمة البشرية؟ الجواب المباشر هو أن الفرق بين السحر والعلم يكمن في أكثر من مجرد النوايا؛ إنه يمتد ليشمل المنهج والغاية و طبيعة المعرفة نفسها. ومع ذلك، فإن النوايا تلعب دورًا محوريًا في التمييز الأخلاقي بينهما. في الفلسفة التقليدية، يُنظر إلى السحر كأداة لتحقيق أهداف فردية أو خاصة. الساحر، غالبًا، يسعى لإكتساب قوة غير متاحة للجميع. هذه القوة تُستخدم لتحقيق أغراض شخصية، سواء كانت نبيلة كالحب أو الشفاء أو شريرة كالإنتقام أو السيطرة. هذا التركيز على الذاتية (subjectivity) يجعل السحر بطبيعته يميل نحو الإحتكار. السحر يعتمد على فكرة أن المعرفة يجب أن تكون سرية و مقتصرة على فئة معينة. تُنقل الطقوس والتعاويذ عبر الأجيال أو تُخفى في كتب قديمة، مما يمنح الساحر قوة على الآخرين. هذه السرية تخلق هرمية، حيث يصبح الساحر وسيطًا بين العالم الخفي والناس العاديين. حتى عندما تُستخدم لأغراض خيرة، غالبًا ما تكون دوافع السحر شخصية. شفاء شخص ما قد يكون بهدف كسب المال أو النفوذ، وجلب الحظ قد يكون لتحقيق مكسب شخصي. النية هي تحقيق غاية ذاتية، وليس بالضرورة المصلحة العامة. على النقيض من ذلك، يتبنى العلم الحديث قيمًا أخلاقية مختلفة. المنهج العلمي يقوم على مبادئ الشفافية والمساءلة والموضوعية. هذه المبادئ تؤثر بشكل مباشر على النوايا وتوجهها نحو المصلحة العامة. جوهر العلم هو أن المعرفة يجب أن تكون متاحة للجميع. تُنشر الأبحاث في المجلات الأكاديمية، وتُراجع من قبل الأقران، و تُدرّس في الجامعات. هذا الإنفتاح يؤدي إلى تراكم المعرفة وتطورها بشكل جماعي، مما يجعلها قوة لخدمة البشرية بأكملها. بينما يمكن للعالم أن يسعى للشهرة أو الثروة، فإن المبادئ الأخلاقية للعلم توجهه نحو حل المشكلات التي تواجه الجنس البشري. البحث عن علاج للأمراض، تطوير مصادر الطاقة النظيفة، و فهم الكون، كلها أهداف تهدف إلى تحسين حياة الجميع، و ليس شخصًا واحدًا. هذه الغاية الجماعية هي ما يمنح العلم شرعيته الأخلاقية. يمكن إستخدام المعرفة العلمية لأغراض شريرة، مثل تطوير الأسلحة البيولوجية أو النووية. هذا لا يغير من طبيعة العلم نفسه كمنهج، ولكنه يسلط الضوء على أن الأخلاق البشرية هي التي تحدد كيفية إستخدام المعرفة. في هذه الحالات، يتحول العلم من كونه أداة لخدمة البشرية إلى أداة لتحقيق نوايا أنانية مثل السيطرة السياسية أو العسكرية. لا يقتصر الإختلاف بين السحر والعلم على النوايا فقط، و لكنه يمثل جانبًا رئيسيًا من الفروقات. السحر يميل بطبيعته إلى أن يكون محتكرًا وذاتي الغاية، بينما العلم يميل إلى أن يكون مشتركًا وذو غاية عامة. النوايا في السحر غالبًا ما تكون جزءًا من جوهره؛ أما في العلم، فالنوايا هي جزء من إستخدام الإنسان له، و ليست من طبيعته. الفرق الجوهري يكمن في المنهجية، والغاية السحر يعتمد على الأسرار والطقوس، بينما العلم يعتمد على الملاحظة و التجريب والشفافية. السحر يخدم الفرد، بينما العلم يهدف إلى خدمة البشرية. حتى لو كانت نوايا الساحر نبيلة، فإن طبيعة المعرفة السرية والخاصة للسحر تجعله مختلفًا عن المنهج العلمي الذي يهدف إلى نشر المعرفة للجميع.
_ من الكلمة السحرية إلى الكود البرمجي: هل يعيد العلم إكتشاف قوة الرمز
هل يعكس السحر إيمان الإنسان بقوة الكلمة و الرمز، وهل العلم الحديث يحاول إعادة إكتشاف هذه القوة من خلال لغة الرياضيات والبرمجة؟ إن سؤالنا هذا يضعنا في مواجهة فلسفية مثيرة بين عوالم تبدو متباعدة، لكنها في العمق تتقاسم شيئاً جوهرياً: الإيمان بقدرة الرمز على تشكيل الواقع. يمكن القول إن السحر يعكس إيمان الإنسان بقوة الكلمة والرمز كقوة سحرية، بينما يحاول العلم الحديث إعادة إكتشاف هذه القوة، ولكن من منظور مختلف تماماً، من خلال لغة الرياضيات والبرمجة. في الفكر السحري، الكلمة ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي كائن حي يحمل قوة تأثيرية. التعاويذ والأناشيد السحرية لا تصف شيئاً، بل تُحدثه. إنها محاولة لإجبار الواقع على الإنصياع لإرادة الساحر من خلال التلاعب بالرموز. في العديد من التقاليد السحرية، يُعتقد أن لكل شيء إسماً حقيقياً أو جوهرًا سريًا. معرفة هذا الإسم تمنح الساحر القدرة على السيطرة على الشيء نفسه. هذا الإيمان يعكس فكرة أن هناك علاقة مباشرة بين الكلمة و الشيء الذي تصفه، وأن الكلمة ليست مجرد تسمية عشوائية. الرموز السحرية، مثل الطلاسم والأشكال الهندسية، ليست مجرد رسومات. إنها تُعتبر بؤرًا للطاقة، تُكثف القوة الكونية في شكل مرئي. هذه الرموز تُستخدم لفتح بوابات، أو إستدعاء قوى، أو حتى حماية النفس من الشر. هنا، الرمز ليس مجرد تمثيل، بل هو أداة فاعلة تؤثر في الواقع. في المقابل، العلم الحديث لا يرى الكلمة كقوة سحرية، بل يرى في لغة الرياضيات والبرمجة الأداة الأكثر فعالية لوصف الواقع والتنبؤ به، و حتى تشكيله. الفيلسوف الإيطالي جاليليو جاليلي قال إن الكون مكتوب بلغة الرياضيات. هذا يعني أن القوانين التي تحكم الطبيعة يمكن التعبير عنها من خلال الأرقام والمعادلات. هذه المعادلات ليست مجرد رموز مجردة، بل هي تجسيد للقوانين التي تُفسر كيفية عمل الكون. هنا، الكلمة (الرياضية) لا تصف الواقع فحسب، بل تُكشفه وتُفصّله. البرمجة تأخذ هذا المفهوم خطوة إلى الأمام. المبرمج لا يصف واقعًا، بل يُنشئ واقعًا داخل حاسوب. الأوامر البرمجية و الرموز الرقمية (0 و 1) هي أدوات لإخبار الآلة بما تفعله. في عالم الذكاء الإصطناعي، تتعلم الآلات من خلال خوارزميات معقدة، وهي ليست سوى لغة برمجة فائقة التطور. هنا، الرمز ليس سحرياً، بل هو سبب ونتيجة؛ إدخال رمز صحيح يؤدي إلى نتيجة يمكن التنبؤ بها وتكرارها. في النهاية، يمكن القول إن الفاصل بين المفهومين يتضاءل في جوهره، لكنه لا يتلاشى. كلا المجالين يعكسان إيماناً أساسياً بأن هناك ترابطًا عميقاً بين الفكرة والواقع يمكن إستغلاله. فكما يعتقد الساحر أن كلمة سر يمكن أن تفتح باباً سرياً، يعتقد المبرمج أن كلمة مرور يمكن أن تفتح نظاماً إلكترونياً. كلاهما يؤمن بأن الرموز لها قوة. ومع ذلك، فإن الفارق الأساسي يكمن في المنهجية. السحر يعتمد على الإيمان والسرية و الحدس. العلم يعتمد على البرهان و الشفافية و التجريب. الكلمة السحرية قوتها مستمدة من مصدر غامض، بينما قوة لغة البرمجة مستمدة من قوانين المنطق والفيزياء. إذن، السحر يمثل الإيمان البدائي بقدرة الرمز على تشكيل الواقع، بينما العلم يمثل الإيمان الناضج بأن هذه القدرة ليست سحرية، بل هي نتاج قوانين يمكن فهمها والتحكم فيها من خلال لغة دقيقة وموضوعية. هل يمكن أن يكون العلم الحديث هو السحر الذي أصبح قابلاً للقياس والتعليم؟ ربما.
_ عندما يلتقي العلم بالروح: هل يكون السحر هو الرابط المفقود
إذا كان السحر يمثل الجانب الروحي من الواقع، والعلم يمثل الجانب المادي، فهل يمكن أن يكونا وجهين لعملة واحدة، و أن التكامل بينهما هو ما يؤدي إلى فهم كامل للعالم؟ هذا السؤال يمس جوهر العلاقة بين العقل و الإيمان، والمادة و الروح، ويطرح إمكانية وجود رؤية موحدة للكون تتجاوز الإنقسامات التقليدية. إن فكرة أن السحر والعلم هما وجهان لعملة واحدة، وأن التكامل بينهما يؤدي إلى فهم كامل للعالم، هي فكرة فلسفية عميقة تتبنى الشمولية (Holism) بدلاً من الإختزال (Reductionism). إذا إفترضنا أن السحر يمثل الجانب الروحي من الواقع، فإننا نتحدث عن عالم من الوعي، الرمزية، والمعنى. هذا الجانب لا يمكن قياسه بالأدوات العلمية التقليدية، لأنه يتعلق بتجارب ذاتية وشخصية. السحر يتعامل مع القصد والنية. كيف يمكن لنية الإنسان أن تؤثر على الواقع؟ السحر يفترض أن النية ليست مجرد فكرة، بل هي قوة لها تأثير مادي. السحر يستفيد من الرموز و القصص الأسطورية التي تتجاوز العقل الواعي، وتتواصل مع العقل الباطن للإنسان، مما يؤثر على حالته النفسية و العاطفية. الكثير من التقاليد السحرية تتحدث عن الطاقة الكونية أو الترابط الخفي بين الأشياء، وهو ما يفسر الظواهر التي تبدو عشوائية. هذا الجانب الروحي ليس بالضرورة خارقاً للطبيعة، بل قد يكون بعداً غير مكتشف من أبعادها، يتعلق بكيفية تفاعل الوعي مع المادة. إنه يتجاوز حدود المادية البحتة، ويركز على الجانب الكيفي والتجريبي للوجود. العلم، على النقيض، يمثل الجانب المادي من الواقع. منهجيته تعتمد على الملاحظة، القياس، و التجريب. هدفه هو الكشف عن القوانين الموضوعية والكمية التي تحكم الكون، وتفسير الظواهر من خلالها. العلم يتجاهل، إلى حد كبير، القصد و النية، ويركز على السببية المادية التي يمكن تكرارها و التحقق منها. العلم يطلب من الباحث أن يكون محايداً و موضوعياً قدر الإمكان. القيمة الأساسية هي إثبات الفرضية بغض النظر عن النوايا أو العواطف. يرى العلم أن الكون يمكن فهمه بالكامل من خلال الأرقام و المعادلات. إنه يركز على كيف تحدث الأشياء، و ليس لماذا تحدث. العلم في جوهره هو نموذج إختزالي؛ يحاول فهم الكل من خلال تحليل أجزائه الصغيرة. فكرة أن السحر والعلم هما وجهان لعملة واحدة تعتمد على إمكانية وجود فلسفة موحدة تجمع بينهما. هذه الفلسفة تتجاوز الصراع بينهما، و تنظر إليهما كأداتين مختلفتين لفهم واقع واحد. إذا كان الواقع يحتوي على جانب روحي كما يقترح السحر وجانب مادي كما يؤكد العلم، فإن أي نموذج لا يأخذ كلا الجانبين في الإعتبار سيكون ناقصًا. فهم الكون بشكل كامل يتطلب فهم التفاعل بين الوعي والمادة. يمكن أن يُنظر إلى السحر كأولى محاولات الإنسان لإستكشاف الجانب الروحي من الواقع، تمامًا كما كانت الخيمياء أولى محاولات إستكشاف الكيمياء. العلم، من ناحية أخرى، هو المنهج الأكثر تطورًا لإستكشاف الجانب المادي. التكامل بينهما قد يكون المفتاح. فبينما يكتشف العلم قوانين الكون المادية، قد يساعدنا السحر بشكل رمزي على فهم علاقتنا العاطفية والروحية بهذه القوانين. على سبيل المثال، يمكن للعلم أن يفسر لنا آلية الشفاء الذاتي، بينما يمكن للسحر أن يفسر لنا كيف يمكن للإيمان أو النية أن تحفز هذه الآلية. نعم، يمكن أن يكون السحر والعلم وجهين لعملة واحدة، وأن التكامل بينهما هو ما يؤدي إلى فهم كامل للعالم، ولكن هذا يتطلب إعادة تعريف لكلا المفهومين. فالسحر هنا لا يُنظر إليه كقوة خارقة للطبيعة، بل كـعلم الوعي، بينما يُنظر إلى العلم كـعلم المادة. التكامل بينهما يعني الإعتراف بأن الواقع ليس ماديًا فقط، بل له بعد روحي وواعي. العلم قادر على إستكشاف هذا البعد الروحي بأدوات جديدة مثل علم الأعصاب الإدراكي. السحر يقدم رؤى وتجارب لا يمكن للعلم أن يكتشفها بالكامل، ولكنه يمكن أن يدرسها. في النهاية، الفهم الكامل للعالم لا يأتي من أحدهما فقط، بل من تكامل منهجهما؛ أحدهما يصف ما هو كائن، والآخر يعكس ما نحن عليه في علاقتنا بهذا الكائن.
_ الوعي الكمومي: هل يختبئ السحر في معادلات الفيزياء
هل يمكن أن يكون الوعي في السحر هو المتغير المفقود في معادلات الفيزياء الكمومية، وهل هذا يفتح بابًا أمام وجود قوى خارقة للطبيعة؟ إذا كان الوعي في السحر هو المتغير المفقود في معادلات الفيزياء الكمومية، فهذا لا يفتح الباب أمام قوى خارقة للطبيعة، بل قد يوسع فهمنا لطبيعة الواقع ذاته، مما يؤدي إلى إعادة تعريف ما نعتبره طبيعيًا. هذا الطرح يربط بين فلسفة الوعي والفيزياء الكمومية، وهما مجالان منفصلان في الوقت الحالي. تتحدث الفيزياء الكمومية عن ظواهر غريبة لا يمكن تفسيرها بالفيزياء الكلاسيكية. أحد أكثر هذه الظواهر إثارة للجدل هو إنهيار الدالة الموجية (Wave -function- Collapse)، وهي العملية التي تتحول فيها الجسيمات الكمومية من حالة إحتمالية (موجة) إلى حالة محددة (جسيم) عندما تُلاحظ. بعض التفسيرات الفلسفية للفيزياء الكمومية، مثل تفسير كوبنهاغن، تشير إلى أن فعل الملاحظة نفسه، والذي يتضمن الوعي، هو ما يسبب هذا الإنهيار. إذا كان الوعي هو ما يسبب إنهيار الدالة الموجية، فهذا يعني أن الوعي ليس مجرد نتاج ثانوي لعمليات الدماغ المادية، بل هو عنصر فاعل في تشكيل الواقع. هذا يفتح الباب أمام فكرة أن الوعي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على العالم المادي، وهو ما يقع في صلب الفكر السحري. في السحر، النية و التركيز الذهني وهما جانبان من الوعي، يُعتبران أدوات أساسية لتحقيق التأثيرات. الساحر يؤمن بأن وعيه يمكن أن يوجه الطاقة أو يؤثر على الأحداث. هذا الإيمان يتماشى بشكل غامض مع فكرة أن الوعي قد يكون له دور أساسي في تشكيل الواقع الكمومي. إذا كانت هناك علاقة بين الوعي والواقع الكمومي، فإن هذا لا يفتح الباب أمام قوى خارقة للطبيعة، بل قد يوسع مفهومنا لما هو طبيعي. القوة الخارقة للطبيعة هي تلك التي تخرق قوانين الطبيعة. ولكن إذا تبين أن الوعي هو جزء من هذه القوانين، فإن هذه القوة لم تعد خارقة، بل هي ببساطة قوة طبيعية لم نكن نعرف بوجودها. لنفترض أننا نكتشف أن الوعي يؤثر على الواقع المادي. هذا التأثير لن يكون مثل السحر في الأفلام كالتحليق في الهواء أو إحياء الموتى، بل سيكون تأثيرًا كموميًا دقيقًا، و ربما يمكن قياسه في المستقبل. هذا التفسير يمنح السحر أساسًا علميًا، ولكنه يجرده من سحريته في الوقت نفسه. الفارق الجوهري بين السحر والعلم هو أن السحر يدعي أن النية وحدها كافية لإحداث التأثير، بينما العلم يرى أن النية يجب أن تعمل من خلال آليات مادية قابلة للقياس. حتى لو كان الوعي يؤثر على الواقع الكمومي، فهل يمكن للإنسان أن يوجه هذا التأثير بوعي لتحقيق أهداف معقدة؟ هذا لا يزال سؤالاً مفتوحًا. إن فكرة أن الوعي في السحر هو المتغير المفقود في معادلات الفيزياء الكمومية هي فكرة فلسفية عميقة ومثيرة، لكنها لا تبرر وجود قوى خارقة للطبيعة. بل إنها تدفعنا إلى إعادة التفكير في طبيعة الوجود نفسه. إذا كان الوعي حقًا يؤثر على الواقع المادي، فإن ما نعتبره اليوم سحرًا قد يكون مجرد إنعكاس لقوانين طبيعية أعمق لم نكتشفها بعد. الخلاصة هي أن السحر يمثل الإيمان بأن الوعي يمكن أن يشكل الواقع، بينما الفيزياء الكمومية تطرح سؤالًا علميًا عما إذا كان هذا صحيحًا بالفعل. التكامل بينهما لن يجعل السحر حقيقة، بل سيجعل العلم أكثر شمولية.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ
...
-
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ
...
-
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ
...
-
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ
...
-
العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
الْفَلْسَفَةِ وَالسِّحْر: قِرَاءَةٍ فِي تَارِيخِ عَلَاقَة ال
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الس
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الْ
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الر
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الث
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الث
...
-
مِنْ سِحْرِ السَّيْطَرَة إلَى دِينِ الخُضُوعِ -الْجُزْءُ الْ
...
-
الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الْخَامِس-
-
الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الرَّابِعُ-
-
الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
المزيد.....
-
مجلس الأمن الدولي يصوت ضد رفع العقوبات المفروضة على طهران
-
كندا تحظر دخول فرقة -نيكاب- لدعمها فلسطين.. والفرقة تلجأ للق
...
-
رئيس وزراء السودان يناشد الإقليم والعالم دعم مبادرة لفك حصار
...
-
بعد تصويت على عودة العقوبات.. بزشكيان: لا يمكن إيقاف إيران ع
...
-
تزايد إقبال المتطوعين على الخدمة العسكرية في الجيش الألماني
...
-
نائب رئيس جنوب السودان المعتقل يعلن استعداده للمحاكمة
-
مرصد: إسرائيل تفجر بغزة يوميا 17 عربة كل واحدة تعادل زلزالا
...
-
بعد قرار مصر الحد من الولادة القيصرية.. لماذا ترتفع معدلاتها
...
-
محاولات شعبية لتسيير أسطول الصمود المصري في مواجهة تحديات قا
...
-
كيف دمّرت سياسة ترامب خطط طلاب غزة؟ شاهد ما قالته فلسطينية ل
...
المزيد.....
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|