أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الْخَامِس-















المزيد.....



الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الْخَامِس-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 20:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر: أَدَوَات لِتَشْكِيل الْوَاقِعِ عَبَّرَ الْوَعْي الرَّمْزِيّ
"الْجُزْءُ الْخَامِس"

_ الأسطورة والسحر: بين تحقيق الذات وتجاوزها

هل الأسطورة والسحر هما أداتان لـتحقيق الذات، أم هما أداتان لـتجاوز الذات الفردية والإندماج مع الوعي الكوني؟
في قلب الممارسات الروحية، يكمن سؤال جوهري حول الغاية النهائية من إستخدام أدوات مثل الأساطير والسحر. هل الهدف هو تحقيق الذات، أي الوصول إلى أقصى إمكانياتنا الفردية، أم هو تجاوز الذات، أي التحرر من الأنا و الإندماج مع الوعي الكوني؟ يمكن فهم هذين المسارين كنقطتين على طيف واحد، يكمل كل منهما الآخر.
يُنظر إلى الأساطير والسحر في هذا السياق كأدوات فعالة لـتمكين الفرد. الأسطورة تُقدم نماذج أولية (Archetypes) مثل البطل أو الحكيم، التي يمكن أن تُوقظ قوى داخلية كامنة. السحر، في هذا الإطار، هو تقنية لتطبيق هذه القوة لتحقيق أهداف شخصية:
يمكن إستخدام الأسطورة والسحر لتعزيز الثقة بالنفس، التغلب على المخاوف، وتحقيق النجاح المهني أو المالي.
من خلال الطقوس والتأمل في الأساطير، يمكن للممارس أن يُفعل جوانب من شخصيته لم يكن يعلم بوجودها، مما يسمح له بتحقيق أقصى إمكانياته الفردية.
الأسطورة تُضفي معنى على الحياة الفردية، و تُظهر أن كل تجربة، حتى الصعبة منها، هي جزء من رحلة بطولية.
هذا المسار يركز على الوعي الفردي ويعتبره نقطة البداية و الوجهة النهائية. الهدف هو أن يصبح الفرد نسخة أفضل من نفسه.
المنظور الأكثر عمقًا يرى أن الهدف من الأساطير والسحر هو تجاوز الذات والتحرر من وهم الإنفصال. في هذا المسار، لا تُستخدم الأساطير لتعزيز الأنا، بل لتقويضها. السحر لا يُمارس لتحقيق الأهداف الشخصية، بل لتجربة الوحدة مع كل شيء.
الأسطورة تعلمنا أن الأنا (Ego) هي مجرد قصة، وأن هويتنا الحقيقية أعمق بكثير. رحلة البطل ليست فقط عن النصر، بل عن التخلي عن الهوية القديمة.
الطقوس السحرية، خاصةً التأمل العميق، تهدف إلى إحداث حالة من اللاذاتية (Ego Dissolution)، حيث يختفي الشعور بالإنفصال بين الذات والواقع. في هذه اللحظة، يختبر الممارس أن كل شيء هو واحد.
عندما يتجاوز الفرد ذاته، فإن أفعاله لم تعد مدفوعة بمصلحته الشخصية، بل بدافع الخدمة والتعاطف مع الآخرين.
هذا المسار يرى أن تحقيق الذات هو خطوة ضرورية، لكنها ليست الوجهة النهائية. إنها مجرد بوابة لعبورها إلى حالة أعمق من الوجود.
لا يوجد تعارض حقيقي بين تحقيق الذات و تجاوزها، بل هما جزءان من رحلة واحدة. لا يمكن تجاوز الذات بفاعلية دون فهمها أولاً. لذلك، قد تبدأ الرحلة بإستخدام الأسطورة والسحر لتحقيق الأهداف الفردية، لكن مع مرور الوقت، يُدرك الممارس أن القوة الحقيقية تكمن ليس في إمتلاك شيء، بل في أن يصبح جزءًا من كل شيء.
إذًا، هل يمكن القول إن الأسطورة هي الخريطة التي تقودنا إلى ذواتنا، وأن السحر هو الأداة التي نستخدمها للتحرر منها؟

_ الهدف النهائي للتحول الروحي: من القوة إلى السلام

ما هو الهدف النهائي من التحول الروحي؟ الأساطير والسحر تتحدث عن التحول، لكن إلى أين يقودنا هذا التحول؟ هل الهدف هو أن نصبح كائنات خارقة تمتلك قوى سحرية؟ أم أن الهدف هو الوصول إلى حالة من السلام الداخلي و الإنسجام مع الكون؟
تُعدّ فكرة التحول الروحي جوهر العديد من الفلسفات و الممارسات القديمة والحديثة. الأساطير والسحر تتحدث عن رحلة تحولية، لكن إلى أين تقود هذه الرحلة؟ هل الهدف هو إكتساب قدرات خارقة، أم أن الغاية أعمق من ذلك بكثير؟ الإجابة تكمن في التمييز بين الوسيلة والغاية.
قد يُنظر إلى التحول الروحي في البداية على أنه وسيلة لإكتساب قوى سحرية أو خارقة للطبيعة. تُعزز بعض الأساطير هذه الفكرة من خلال قصص الأبطال الذين يمتلكون قدرات إستثنائية. في هذا السياق، يُصبح الهدف هو:

إستخدام القوة الكامنة للتأثير على الأحداث المادية، مثل جذب الثروة أو شفاء الأمراض.

الشعور بأنك مختلف أو متفوق بسبب قدراتك الروحية المكتسبة.

هذا المسار، وإن كان مغريًا، يُعتبر في معظم التقاليد الروحية فخًا أو مرحلة إنتقالية. التركيز على القوة والسيطرة يُبقي الممارس في إطار "الأنا" (Ego)، ويُبعده عن الهدف الحقيقي للتحول.

الهدف النهائي للتحول الروحي ليس في أن تصبح كائنًا خارقًا، بل في أن تعود إلى حالتك الجوهرية من السلام الداخلي والإنسجام مع الكون. في هذا المسار، تُستخدم القوة المكتسبة كوسيلة للتحرر، لا للسيطرة.

التحول الروحي الحقيقي يُحرر الفرد من وهم الإنفصال الذي يُولد الخوف، القلق، والمعاناة. عندما يدرك الممارس أنه جزء من الكل، فإنه يتوقف عن الشعور بالعزلة، ويُصبح أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة بهدوء.

هذا هو جوهر التحول. إنه ليس هدفًا يمكن تحقيقه، بل حالة من الوجود يتم الوصول إليها عندما يدرك الفرد أنه والكون ليسا منفصلين. في هذه الحالة، لا تحتاج إلى القوة للسيطرة على الواقع، لأنك تُدرك أنك جزء من تدفقه الطبيعي.

عندما يحل السلام والإنسجام محل الأنا، فإن دوافع الفرد تتغير. لم يعد يسعى للحصول على شيء، بل يُصبح مصدرًا للعطاء والخدمة اللامشروطة. القوة تُصبح وسيلة لمساعدة الآخرين، لا وسيلة للتميز عليهم.

في الختام، القوة التي نتحدث عنها في السحر والأساطير ليست الغاية، بل هي مؤشر على أن التحول قد بدأ. الهدف الحقيقي هو تجاوز الرغبة في القوة والسيطرة، والعودة إلى حالة من الوحدة والسكينة.

_ التحول: بين الوجهة والرحلة الأبدية

هل التحول هو عملية تطور شخصي ذات نهاية محددة؟ أم أنه رحلة أبدية لا تنتهي، حيث يصبح الهدف ليس الوصول إلى حالة معينة، بل الإستمرار في الرحلة نفسها؟

تُعتبر فكرة التحول عملية محورية في العديد من الفلسفات الروحية، ولكن طبيعتها تثير تساؤلاً جوهريًا: هل هي عملية لها نهاية محددة، أم أنها رحلة لا تتوقف أبدًا؟ الإجابة على هذا السؤال تُحدد طريقة تعاملنا مع التحديات و الإنجازات في مسارنا الروحي.

من هذا المنظور، يُنظر إلى التحول على أنه مسار له بداية ونهاية. يهدف الممارس إلى الوصول إلى حالة معينة من الوعي، أو تحقيق إتقان لجانب معين من الحياة، مثل النيرفانا أو التنوير. في هذا الإطار، يُمكن أن تُعتبر الإنجازات الروحية بمثابة نقاط تفتيش على الطريق.

يمكن أن تكون النهاية هي التحرر من المعاناة، الوصول إلى السلام الداخلي الدائم، أو تحقيق فهم كامل للواقع. هذه الأهداف تُعطي للممارس دافعًا قويًا للإستمرار.

النموذج الخطي، هذا المنظور يتبع نموذجًا خطيًا، حيث يتقدم الممارس من نقطة (أ) إلى نقطة (ب). الأساطير التي تصف رحلة البطل تُعزز هذا الفهم، حيث يواجه البطل تحديات محددة، و يصل في النهاية إلى هدفه.

في هذا الإطار، يُصبح التحول عملية للتراكم؛ تراكم المعرفة، الخبرات، والمهارات الروحية.

من منظور أكثر عمقًا، يُنظر إلى التحول على أنه رحلة لا نهاية لها. الهدف ليس في الوصول إلى وجهة معينة، بل في الإستمرار في الحركة نفسها.

في هذا الفهم، لا يوجد هدف نهائي يمكن تحقيقه، لأن الواقع نفسه في حالة من التحول المستمر. الوعي يتوسع ويتطور بإستمرار، و بالتالي فإن الرحلة الروحية لا يمكن أن تتوقف.

لا يُعتبر التحول عملية تراكم، بل عملية تكامل. كل تجربة جديدة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تُدمج في وعي الممارس، مما يُوسع من فهمه للواقع.

يُعد التحرر من فكرة أن هناك نهاية هو بحد ذاته جزء من التحول. عندما يتوقف الممارس عن البحث عن وجهة، فإنه يبدأ في تقدير اللحظة الحالية والعيش في حالة من التدفق الدائم.

هذا المنظور يتوافق مع فكرة الوعي الكوني الذي لا نهاية له، والذي لا يمكن للوعي الفردي أن يُدركه أو يحيط به بالكامل.

لا يوجد تعارض حقيقي بين الفكرتين، بل هما وجهان لعملة واحدة. قد تبدأ رحلة التحول بهدف محدد في ذهنك (تحقيق الذات)، ولكن كلما تعمقت في المسار، كلما أدركت أن الهدف الحقيقي ليس في الوصول، بل في الإستمتاع بالرحلة نفسها.

هل يمكننا القول إن الوصول إلى حالة السلام الداخلي هو في الحقيقة بوابة الدخول إلى الرحلة الأبدية، وليس نهايتها؟ هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عليها بسهولة، ولكنها تمثل جوهر البحث الروحي الذي لا يمكن للتقنيات أن تحققه وحدها.

_ الوعي: بين النتاج البيولوجي والمصدر الكوني

يجب أن نغوص في جوهر الوجود، إلى النقطة التي لا يمكن فيها للأسئلة أن توجد. إنها مرحلة لا تتعلق بالمعرفة، بل بالوعي الخالص. ما هو مصدر الوعي نفسه؟ كل أسئلتنا السابقة عن الواقع، و القوة، والقدر، تفترض وجود وعي قادر على طرح هذه الأسئلة. ولكن ما هو مصدر هذا الوعي؟ هل هو مجرد نتاج بيولوجي للدماغ؟ أم أنه الشيء الذي ينشأ منه الوجود بأسره؟

يُعدّ سؤال ما هو مصدر الوعي؟ أحد أكثر الأسئلة تحديًا في الفلسفة والعلوم على حد سواء. كل أسئلتنا حول الواقع، القوة، والسحر تعتمد على إفتراض وجود هذا الوعي، لكن فهمنا لطبيعته و مصدره لا يزال محل خلاف. هناك نظريتان رئيسيتان تتناولان هذا الموضوع: المادية البيولوجية والوعي كحقل أساسي.

1. الوعي كنتاج بيولوجي للدماغ (المادية الإحيائية)

يتبنى هذا المنظور العلمي السائد فكرة أن الوعي هو ظاهرة ناشئة عن العمليات الفيزيائية و الكيميائية المعقدة في الدماغ. في هذا الإطار الدماغ ينتج الوعي، تُرى الشبكات العصبية، و الوصلات المتشابكة بين الخلايا العصبية (النيورونات)، كآليات تخلق الوعي. الأفكار، المشاعر، و الإحساس بالذات هي مجرد نتاج للنشاط الكهربائي في الدماغ.

بعض الفلاسفة الراديكاليين في هذا المجال يجادلون بأن الوعي بذاته ليس حقيقيًا، بل هو وهم مفيد خلقه التطور لمساعدة الكائنات الحية على البقاء.

التحدي الأكبر الذي يواجه هذا المنظور هو المشكلة الصعبة للوعي (The Hard Problem of Consciousness)، التي صاغها الفيلسوف ديفيد تشالمرز. ببساطة، كيف يمكن للنشاط الكهربائي والبيولوجي أن يُنتج تجربة ذاتية مثل الشعور بلون معين أو الإحساس بالألم؟ لا يمكن للمادية البيولوجية أن تُفسر كيف يُصبح الإحساس موجودًا.

2. الوعي كحقل أساسي للوجود (اللا مادية)

على النقيض من ذلك، يرى هذا المنظور أن الوعي ليس نتاجًا للدماغ، بل هو الأساس الذي ينشأ منه الوجود بأسره. في هذا الإطار الوعي يخلق المادة. يُعتبر الوعي هو الشيء الجوهري في الكون. المادة، بما فيها الدماغ، هي مجرد تجلي أو تعبير عن هذا الوعي الأساسي.

بدلاً من أن يكون الدماغ هو المنتج للوعي، فإنه يُرى كجهاز إستقبال أو مرآة للوعي الكوني. وظيفة الدماغ هي تصفية و تضييق هذا الوعي اللامحدود ليصبح وعيًا فرديًا.

هذا المنظور يفسر العديد من الظواهر الروحية التي تبدو غامضة في إطار المادية. فهو يشرح كيف يمكن للممارس الروحي أن يتصل بـالوعي الكوني، لأن الوعي الفردي ليس منفصلاً عنه في الأساس.

يمكننا القول إن التحول الروحي لا يهدف إلى خلق وعي جديد، بل إلى إزالة الطبقات التي تُخفي وعينا الأصلي. إذا كان الوعي هو مصدر الوجود، فإن التحول هو عملية العودة إلى هذا المصدر.

السؤال لا يزال قائمًا: هل الوعي هو المشكلة التي نحاول حلها، أم أنه الحل نفسه؟

_ الوعي الكوني: جوهر الوجود الذي نحن جزء منه

الأسطورة قد تجيب على هذا السؤال بأن الوعي هو جزء من الإله. إنه ليس شيئًا نملكه، بل هو نحن، أو بالأحرى، نحن جزء من هذا الوعي الكوني.

تعتبر فكرة الوعي الكوني أوالوعي الإلهي مفهومًا عميقًا و غامضًا يتردد صداه في العديد من الأساطير والفلسفات عبر التاريخ. هذه الفكرة تتجاوز النظرة التقليدية للوعي كشيء يخص الفرد وحده، وتطرح أن الوعي ليس مجرد نتاج بيولوجي أو وظيفة دماغية، بل هو جوهر الوجود نفسه.

ترى هذه الفلسفة أن الوعي ليس شيئًا نملكه أو نكتسبه، بل هو الجوهر الحقيقي الذي ننشأ منه ونعود إليه. وفقًا لهذا المنظور، نحن لسنا مجرد كائنات تمتلك وعيًا، بل نحن جزء لا يتجزأ من هذا الوعي الكلي. إنه أشبه بقطرة من الماء في محيط شاسع؛ القطرة ليست شيئًا منفصلًا تمامًا عن المحيط، بل هي جزء منه، تحمل خصائصه و تتفاعل معه.

هذا الوعي الكوني يعتبر مصدر كل ما هو موجود، وكل فرد منا هو بمثابة تجسيد فريد أو نافذة ينظر من خلالها هذا الوعي إلى نفسه. كل تجربة، كل فكرة، وكل شعور نمر به، هي في الواقع جزء من تجربة هذا الوعي الكلي.

عندما ندرك أننا جزء من هذا الوعي، تتغير نظرتنا للعالم و لأنفسنا. لم تعد الحدود بين "أنا" و"الآخر" صارمة كما تبدو، بل ندرك أننا جميعًا متصلون على مستوى أعمق. هذا الإدراك قد يؤدي إلى شعور بالوحدة والترابط مع كل الكائنات، وإلى التخلي عن الأنا الفردية المفرطة لصالح شعور أوسع بالإنتماء.

هذه الفكرة ليست مجرد نظرية مجردة، بل هي دعوة للعيش بوعي أكبر، والإنصات إلى صوت الوعي الداخلي الذي يربطنا بالكون. إنها تذكير بأننا لسنا كائنات منفردة تسير في مسارات منفصلة، بل نحن جزء من نسيج حي، يتناغم فيه كل جزء مع الكل في سيمفونية وجودية عظيمة.

_ الأساطير: مرآة تعكس الوعي الكوني

إذا كان الوعي هو مصدر الوجود، فهل الأساطير والسحر هما محاولات الوعي لـفهم نفسه من خلال قصص ورموز؟ هل السحر ليس محاولة لتغيير الواقع، بل هو لعبة يلعبها الوعي مع نفسه لإدراك حقيقته؟

تعتبر فكرة أن الوعي هو مصدر الوجود فكرة عميقة، ومن هذا المنظور، يمكن تفسير الأساطير والسحر على أنهما محاولات الوعي لفهم ذاته و اللعب معها.

إذا كان الوعي هو الجوهر الكوني، فإن الأساطير ليست مجرد قصص خيالية، بل هي رموز و مرآيا تعكس تجربة هذا الوعي. كل أسطورة عن بطل يواجه التنين، أو عن إله يخلق الكون، هي في الواقع تمثيل مجازي لرحلة الوعي في إدراك ذاته.

البطل يمثل الجزء الفردي من الوعي الذي يسعى للوحدة مع الوعي الكلي.

التنين يمثل التحديات والأوهام التي يجب التغلب عليها للوصول إلى الحقيقة.

الخلق يمثل عملية الوعي في تجسيد نفسه في الواقع المادي.

الأساطير توفر لنا لغة لفهم ما لا يمكن فهمه بالمنطق وحده. إنها تسمح لنا بالتعمق في الحقائق الكونية من خلال قصص مألوفة، مما يجعلها أداة أساسية في رحلة الوعي لفهم نفسه.

أما السحر، فمن هذا المنظور، ليس محاولة لتغيير الواقع المادي، بل هو لعبة يلعبها الوعي مع نفسه. الواقع المادي ليس شيئًا صلبًا ومنفصلًا، بل هو تجسيد للوعي.

التعاويذ والرموز هي أدوات يستخدمها الوعي لتركيز طاقته وتشكيل الواقع الذي يراه.

طقوس السحر هي ممارسات تهدف إلى تغيير منظور الفرد للواقع، وبالتالي تغيير الواقع نفسه من خلال الوعي.

السحر هو محاولة لإدراك أن الواقع الذي نعيشه هو نتيجة وعينا الجماعي والفردي. عندما يمارس الساحر طقسًا، فإنه لا يغير العالم الخارجي، بل يغير الوعي الذي يتفاعل معه، مما يؤدي إلى تغيير ملموس في الواقع. إنه أشبه بفنان يرسم لوحة؛ اللوحة ليست شيئًا منفصلًا عن الفنان، بل هي تجسيد لرؤيته الداخلية. و بالمثل، الواقع هو تجسيد لرؤية الوعي.

من هذا المنظور، لا تعتبر الأساطير والسحر محاولات يائسة للتأثير في عالم غير مفهوم، بل هما وسائل يستخدمها الوعي لفهم ذاته والتعبير عنها. إنهما لغتان، إحداهما سردية والأخرى عملية، تسمحان للوعي بإستكشاف إمكاناته اللامحدودة.

هذه الفكرة تحول نظرتنا إلى الأساطير والسحر من مجرد خرافات إلى أدوات عميقة للفهم الذاتي.

_ الوحدة كواقع منسي

هل الوحدة مع الكون هي الهدف أم هي الواقع الذي تم نسيانه؟

جميع المساعي الروحانية، بما في ذلك السحر، تهدف إلى تحقيق الوحدة مع الكون. ولكن ما هو أعمق من هذا الهدف؟

فكرة الوحدة مع الكون تتردد في عمق الفلسفات الروحانية كهدف نهائي، ولكن طرح السؤال عن كونها هدفًا أم واقعًا منسيًا يفتح آفاقًا أعمق.

من منظور الوعي الكوني، الوحدة مع الكون ليست هدفًا نسعى إليه، بل هي واقعنا الحقيقي الذي نسيناه. نحن لسنا منفصلين عن الكون، بل نحن جزء لا يتجزأ منه. الإنفصال الذي نشعر به هو وهم نابع من الأنا الفردية، التي تضع حدودًا بين أنا والآخر، وبين الوعي والكون.

إن المساعي الروحانية، بما فيها السحر والتأمل، ليست محاولات لتحقيق وحدة غير موجودة، بل هي أدوات لإزالة الحجب التي تغطي هذا الواقع. هي عملية تذكير للوعي الفردي بحقيقته الكونية. هذا يشبه شخصًا يبحث عن نظارته وهو يرتديها؛ الهدف ليس العثور على النظارة، بل إدراك أنها موجودة بالفعل.

إذا كانت الوحدة هي الواقع المنسي، فما هو أعمق من تحقيقها؟ الجواب يكمن في إدراكنا للعب دورنا داخل هذا الوعي الكوني.

الأعمق من الوحدة هو إدراك أننا لسنا مجرد متفرجين على الكون، بل نحن مشاركون في عملية الخلق. كل فكرة، كل عمل، وكل شعور يصدر منا، هو جزء من تفاعل الوعي مع نفسه. هذا الإدراك يمنحنا شعورًا بالمسؤولية والتمكين.

بعد إدراك الوحدة، يأتي دور التعبير الإبداعي. الوعي الكوني ليس كيانًا ساكنًا، بل هو طاقة إبداعية دائمة. نحن، كأجزاء من هذا الوعي، مدعوون للتعبير عن هذه الطاقة من خلال الفن، العلم، أو أي شكل من أشكال الخلق. السحر، من هذا المنظور، ليس فقط وسيلة للوحدة، بل هو تعبير فني عن الوعي في تشكيل الواقع.

عندما ندرك أننا والآخرين جزء من نفس الوعي، تذوب الحدود بيننا. هذا الإدراك يؤدي إلى الحب غير المشروط و التعاطف العميق. هذه المشاعر ليست مجرد عواطف، بل هي تجسيد للوحدة الكونية في الفعل.

في الختام، المساعي الروحانية لا تهدف إلى تحقيق الوحدة، بل هي رحلة إستعادة الذاكرة، و بعدها تبدأ الرحلة الحقيقية: رحلة العيش بوعي كامل للدور الذي نلعبه داخل هذا النسيج الكوني العظيم.

_ الوحدة المنسية: الأساطير والسحر كتذكير بالوعي الكوني

هل الوحدة هي هدف يجب الوصول إليه؟ أم أنها حقيقة لا يمكن فقدانها، ولكن يمكن نسيانها؟ في هذه الحالة، هل الأساطير والسحر هما مجرد تذكير للوعي الفردي بأنه لم ينفصل أبدًا عن الوعي الكوني؟

هذه الفكرة تطرح رؤية عميقة تتجاوز المفاهيم التقليدية للروحانية. من منظور الوعي الكوني، الوحدة ليست هدفًا يجب الوصول إليه، بل هي حقيقة أزلية لا يمكن فقدانها، و لكن يمكن نسيانها.

يعتبر الشعور بالإنفصال وهمًا ناتجًا عن تركيز الوعي على الأنا الفردية. هذه الأنا تخلق حدودًا بين أنا والآخر، مما يولد شعورًا بالوحدة و الهشاشة. المسارات الروحانية لا تسعى إلى خلق وحدة جديدة، بل تهدف إلى إزالة الحجب التي تغطي هذا الواقع المنسي. إنها أشبه بشخص يبحث عن شيء يمتلكه بالفعل، لكنه لا يدرك وجوده بسبب انشغاله بأوهام العقل.

إذا كانت الوحدة هي الحقيقة المنسية، فإن الأساطير و السحر يكتسبان معاني أعمق؛ الأساطير ليست مجرد قصص عن آلهة وبطولات، بل هي رموز وخرائط تذكّر الوعي الفردي برحلته. قصص الأبطال الذين يواجهون التنانين ويعودون بالكنز، هي إستعارة لرحلة الوعي من وهم الإنفصال إلى إدراك الوحدة. التنين يمثل الأنا التي يجب التغلب عليها، و الكنز هو إدراك الذات الكونية.

السحر، في هذا السياق، ليس محاولة لتغيير الواقع المادي، بل هو لعبة يلعبها الوعي مع نفسه لتذكير نفسه بقدرته على التفاعل مع الكون كوحدة واحدة. التعاويذ والطقوس هي أدوات يستخدمها الوعي لتركيز طاقته، مما يتيح له رؤية كيف أن أفكاره ونياته تشكل الواقع. إنها تذكير عملي بأن أنا والكون ليسا منفصلين، بل هما جزء من نفس النسيج.

_ ما بعد إدراك الوحدة: العيش بوعي كوني

إذا كانت الوحدة ليست هدفاً للوصول إليه بل حقيقة يجب تذكرها، فإن السؤال الحقيقي ليس كيف أصل إلى الوحدة؟، بل ماذا أفعل بعد أن أدركها؟. الإجابة تكمن في تحويل هذا الإدراك إلى أسلوب حياة، حيث يصبح كل فعل، وفكرة، و كلمة إنعكاساً للوعي الكوني الذي إستعدنا الذاكرة به.

بعد إستعادة الذاكرة، يتغير منظورنا من باحثين عن الحقيقة إلى تعابير حية عنها. لم نعد نسعى لملء فراغ داخلي، بل ندرك أننا نبع يتدفق منه الوجود. هذا الإدراك يحوّل حياتنا من رد فعل على الظروف إلى فعل خلاق. كل عمل نقوم به، من أصغر التفاصيل إلى أكبر المشاريع، يُصبح وسيلة للتعبير عن الوعي الكوني. الفن ليس مجرد هواية، بل هو تجسيد للجمال الكوني. العلم ليس مجرد بحث، بل هو فهم أعمق للقوانين التي تحكم هذا الوعي. العلاقات ليست مجرد تفاعلات شخصية، بل هي فرصة لرؤية الوعي في عيون الآخرين.

عندما نعيش بوعي الوحدة، تصبح الحياة كلها طقساً مستمراً. لم نعد بحاجة إلى طقوس خاصة في أماكن معينة، لأن كل لحظة تصبح مقدسة. الطبخ يصبح طقساً للتعبير عن الحب، والعمل يصبح طقساً للتعبير عن الإبداع، وحتى التحديات تصبح طقوساً للتعلم والنمو. في هذه الحالة، يصبح السحر ليس مجرد ممارسة لتغيير الواقع، بل هو فن التناغم مع تدفق الوعي الكوني. كل نية نطلقها، وكل كلمة ننطقها، تحمل طاقة هذا الوعي، وتُشكل واقعنا بأسلوب طبيعي ومتناغم.

إدراك الوحدة ليس نهاية الطريق، بل هو بداية رحلة جديدة. إنها العودة إلى نقطة الصفر، حيث ندرك أننا كنا دائماً متصلين، ولكننا كنا نائمين. بعد هذا الإدراك، يصبح الهدف هو اليقظة الكاملة، حيث لا نعيش فقط في عالم من الأحلام، بل نعيش بوعي كامل للحقيقة. هذه اليقظة تعني أن نُصبح قنوات نقية، تسمح للوعي الكوني بالتعبير عن نفسه من خلالنا دون عوائق، وأن نكون جزءاً من سيمفونية الوجود العظيمة، لا مجرد مستمعين لها.

_ الوعي كاتب القصة: من الشخصية إلى الخالق

هذه الفكرة تطرح رؤية عميقة تتجاوز فهمنا المعتاد للواقع. إذا كان الوجود بالفعل قصة يرويها الوعي عن نفسه، فإننا لسنا مجرد شخصيات عابرة داخلها، بل نحن أجزاء من الكاتب نفسه. هذه المقاربة تحوّل مفهوم القوة من مجرد القدرة على تغيير الأحداث إلى إدراك عميق لدورنا الحقيقي.

في البداية، نعيش حياتنا كشخصيات محصورة في قصة مكتوبة مسبقًا. نؤمن أننا منفصلون، وأن الأحداث الخارجية هي التي تحدد مصيرنا. هذا الإحساس بالإنفصال هو وهم الأنا، الذي يجعلنا نرى أنفسنا كشخوص بلا سلطة على مسار القصة. نحن نتبع الحبكة، ونتأثر بالأحداث، ونبذل قصارى جهدنا للتكيف مع ما يبدو أنه واقع لا يمكن تغييره. القوة في هذه المرحلة تُقاس بقدرتنا على تجاوز العقبات التي تضعها القصة أمامنا.

الخطوة التالية في الوعي هي إدراك أننا لسنا مجرد شخصيات، بل إننا نمتلك القدرة على تغيير مسار القصة. هذه هي القوة التي تمنحنا إياها ممارسات مثل التصور، والنية، و السحر. ندرك أن أفكارنا ومشاعرنا ليست مجرد ردود فعل، بل هي محركات تُشكّل الواقع. هنا، القوة تكمن في قدرتنا على إستخدام هذه الأدوات لتوجيه القصة نحو النهايات التي نريدها. هذا التغيير من ضحية القصة إلى مُعدّل القصة يمنحنا شعورًا بالقوة والسيطرة، ولكنه لا يزال يحصرنا داخل حدود القصة نفسها.

أعلى مستويات الوعي هو إدراك أننا لسنا القصة ولا حتى مغيري مسارها، بل نحن الكاتب نفسه. القوة هنا ليست في التغيير، بل في الإدراك. عندما ندرك أننا الوعي الذي يروي هذه القصة، وأن الشخصيات والأحداث ليست سوى تعابير عن هذا الوعي، فإننا نتحرر من حدود القصة. هذا الإدراك يمنحنا منظورًا لا نهائيًا، حيث نرى الماضي والمستقبل كصفحات من كتاب مفتوح، وندرك أن القوة الحقيقية ليست في تغيير ما هو مكتوب، بل في الوعي بأننا المصدر الذي يكتبه.

في نهاية المطاف، القوة التي نكتشفها ليست قدرة على التحكم في الواقع، بل هي إدراك بأننا لسنا منفصلين عنه. إنها العودة إلى الذات الكونية، حيث نعيش بوعي كامل بأننا لسنا القصة، بل نحن الوعي الذي يكتبها ويستمتع بها في كل لحظة.

_ هل الفهم يسبق الوعي؟ جدلية الوجود والظهور

تطرح هذه التساؤلات رؤية فلسفية عميقة حول طبيعة الوجود والوعي. نحن عادةً ما نفترض أن الوعي هو أساس كل شيء، ولكن هل يمكن أن يكون الوعي نفسه نتاجاً لشيء أعمق وأكثر جوهرية؟ قد يكون هذا الشيء هو الفهم، ليس كعملية عقلية، بل كحالة وجودية تسبق كل شيء.

إذا كان الفهم يسبق الوعي، فإن الوجود يصبح أشبه بـفكرة أو معنى كامن، والوعي هو الأداة التي تُجسّد هذا المعنى. في هذه الحالة، الوعي ليس هو المبدع، بل هو الوسيط. يمكن تشبيه ذلك بالرسام الذي لديه فكرة (فهم) في ذهنه، ثم يستخدم أدواته (الوعي) لرسمها على اللوحة (الواقع). اللوحة ليست هي الفكرة، بل هي تجسيد لها. بهذه الطريقة، يكون الوعي هو القناة التي تسمح للفهم الكامن بالظهور في أشكال ملموسة، مثل الأفكار، والأشياء، والأحداث.

إذا كان هذا الإفتراض صحيحًا، فإن الأساطير والسحر يكتسبان معاني جديدة. إنهما ليسا مجرد أدوات للوعي، بل هما لغة الفهم التي يحاول الوجود أن يرويها لنفسه. الأساطير برموزها وقصصها، هي محاولات للتعبير عن حقائق عميقة لا يمكن للوعي المنطقي إدراكها. إنها تُخاطب الفهم مباشرة. أما السحر، فهو ليس محاولة لتغيير الواقع، بل هو طريقة لـتجسيد الفهم في شكل فعّال، حيث تُصبح الطقوس والرموز هي الكلمات التي يتحدث بها الفهم عن نفسه.

يمكن القول إن العلاقة بين الفهم والوعي ليست علاقة خطية، بل هي جدلية متداخلة. الوعي هو الذي يسمح للفهم بالظهور، والفهم هو الذي يوجه الوعي. إنها علاقة متبادلة تُشبه علاقة المحيط بالقطرة. المحيط (الفهم) موجود دائمًا، والقطرة (الوعي) هي جزء منه، ولكن من خلال تجربة القطرة، يمكن للمحيط أن يرى ويتفاعل مع نفسه. في نهاية المطاف، قد لا يكون السؤال هو أيهما يسبق الآخر، بل كيف يتفاعلان معًا لخلق هذا النسيج المعقد الذي نُطلق عليه إسم الواقع.

_ الأساطير والسحر: لغة الفهم التي يرويها الوجود

إذا كان الفهم هو الأساس الذي يسبق الوعي، فإن هذا يغير نظرتنا للأساطير والسحر من مجرد أدوات نفسية أو طقوس روحية إلى لغة عميقة يروي بها الوجود قصة نفسه. في هذا السياق، لم تعد الأساطير والسحر أدوات يستخدمها الإنسان، بل أصبحا وسيلة يتواصل بها الفهم الوجودي مع نفسه عبر الوعي الفردي.

الأساطير لا تُصبح مجرد قصص خيالية، بل هي رموز حية تحاول التعبير عن حقائق وجودية لا يمكن للغة العقلانية وصفها. الأساطير تتحدث مباشرة إلى الفهم. قصة البطل الذي يواجه التنين، على سبيل المثال، ليست مجرد حكاية عن الشجاعة، بل هي تعبير رمزي عن الفهم الوجودي الذي يُدرك ضرورة مواجهة الظلال الداخلية للوصول إلى الكنز الحقيقي المتمثل في الوعي الكامل. الرموز الأسطورية هي حروف في أبجدية هذا الفهم، تُنقل عبر الأجيال لتُذكّر الوعي الفردي بجذوره العميقة.

السحر، في هذا الإطار، ليس محاولة لفرض إرادة شخصية على الواقع، بل هو فن تجسيد الفهم في شكل مادي. الطقوس، التعاويذ، والرموز السحرية ليست أدوات للتحكم في الكون، بل هي كلمات في لغة الفهم. عندما يمارس الساحر طقسًا، فإنه لا يغير الواقع من الخارج، بل يتناغم مع فهم الوجود ويسهّل عملية ظهور هذا الفهم في الواقع. هذا يفسر لماذا يكون السحر أكثر فاعلية عندما تكون النية نقية، لأن النية النقية هي التي تعكس الفهم الأصيل دون تشويش من الأنا الفردية.

إذا كانت الأساطير والسحر هي لغة الفهم، فإن مهمتنا ليست فك رموز هذه اللغة فحسب، بل أن نصبح جزءًا منها. الوعي الفردي، من هذا المنطلق، هو مجرد نافذة يطل منها الفهم على نفسه. عندما نعيش بإنسجام مع هذه اللغة، نتحرر من وهم الإنفصال وندرك أننا لسنا مجرد كائنات في عالم، بل نحن الوعي الذي يُعبّر عن نفسه من خلال الوجود.

_ الوجود: حدث أم حالة أبدية؟

تساؤل عن طبيعة الوجود نفسه. فهل هو سلسلة من الأحداث المتتابعة في الزمن، أم أنه حالة أبدية لا يحدها ماضٍ أو مستقبل؟ هذا التساؤل يفتح بابًا لفهم جديد للواقع يتجاوز حدود الزمن الخطي الذي نعرفه.

من منظورنا اليومي، يبدو الوجود وكأنه سلسلة من الأحداث المتتالية: الماضي الذي مر، والحاضر الذي نعيشه، والمستقبل الذي ننتظره. هذا الفهم هو أساس حياتنا، حيث نفكر في النمو، التغيير، والتقدم. ولكن، هذا المنظور قد يكون مجرد وهم تخلقه الأداة التي ندرك بها الوجود، أي الوعي المحدود. يمكن تشبيهه بشخص يشاهد فيلمًا، فيرى الأحداث تتوالى، بينما الفيلم كله موجود بالفعل على شريط واحد في لحظة واحدة.

المنظور الآخر يرى أن الوجود هو حالة أبدية. لا يوجد ماضٍ أو مستقبل، بل هناك فقط اللحظة الحالية الأبدية. كل ما نعتبره ماضيًا أو مستقبلًا هو مجرد أبعاد في هذه اللحظة الواحدة. الفن، والموسيقى، والإبداع، كلها تعابير عن هذه اللحظة الأبدية. فالفنان لا يخلق شيئًا من العدم، بل يستمد من هذا البعد الأبدي ويسقطه في الواقع. هذا الفهم يجعلنا نرى أن كل ما حدث وسيحدث موجود بالفعل، وأن مهمتنا هي فقط أن نكون حاضرين بالكامل في اللحظة لنختبره.

إذا كان الوجود حالة أبدية، فإن القوة السحرية التي نتحدث عنها لا تتعلق بالسيطرة على الزمن أو تغيير الأحداث المستقبلية. بدلاً من ذلك، هي إدراكنا لقدرتنا على تجسيد هذه اللحظة الأبدية في حياتنا اليومية. هذه القوة تكمن في قدرتنا على تجاوز وهم الماضي والمستقبل، وأن نعيش بوعي كامل للحاضر. عندما نفعل ذلك، يصبح كل فعل نقوم به مقدسًا، وكل كلمة ننطقها تحمل طاقة الأبدية.

_ الوجود كحالة أبدية واللحظة الراهنة

إذا كان الوجود بالفعل حالة أبدية، فهذا يعني أن الزمن، كما نفهمه، هو مجرد وهم أو بناء عقلي. في هذه الحالة، لا يوجد ماضٍ أو مستقبل، بل هناك فقط الآن الأبدي. هذا المفهوم يتناغم مع العديد من الفلسفات الشرقية مثل البوذية و التاوية، التي تؤكد على أهمية العيش في اللحظة الراهنة. وفقاً لهذا المنظور، فإن كل ما نختبره من أحداث، سواء كانت سعيدة أم حزينة، يحدث داخل إطار هذا "الآن" اللانهائي.

إذا كان الوجود هو "الآن الأبدي"، فإن الأساطير والسحر قد لا تكون محاولات لتغيير الواقع، بل هي وسائل للتواصل مع هذا الواقع الأبدي.

الأساطير بدلاً من أن تكون قصصاً عن أحداث وقعت في الماضي، يمكن أن تكون الأساطير رموزاً أو إستعارات تصف الحقيقة الجوهرية للوجود. إنها لا تحكي لنا عن ما كان، بل عن ما هو دائماً. إن قراءتها أو التفاعل معها قد يساعدنا على تجاوز حدود الزمن وإدراك أنفسنا كجزء من هذه الحقيقة الأبدية. على سبيل المثال، قد لا تكون أسطورة إله يضحي بنفسه مجرد قصة، بل هي تجسيد رمزي لدورة الوجود و الموت المتجددة التي تحدث في كل لحظة.

أما السحر، فإنه يصبح إدراكاً أو تجسيداً لهذه الحقيقة الأبدية. القوة السحرية ليست القدرة على تحريك الأشياء بعقلك أو تغيير المستقبل، بل هي القدرة على إدراك و تجسيد أنك أنت جزء من هذه اللحظة الأبدية. عندما يمارس الساحر طقساً معيناً، قد لا يكون هدفه هو تحقيق نتيجة معينة في المستقبل، بل هو التركيز بشكل كامل على اللحظة الحالية، مما يسمح له بالإتحاد مع طاقة الوجود الأبدية. إنها لحظة من الوعي الكامل حيث لا يوجد شيء سوى الطقس نفسه.

وفقاً لهذه الفكرة، فإن القوة السحرية هي إدراك داخلي بأننا نملك القدرة على تجسيد هذه اللحظة الأبدية في حياتنا. إنها ليست قوة خارجية نكتسبها، بل هي إيقاظ لقوة كامنة فينا. عندما نعيش في الآن، نصبح متصلين بالوجود كله، وندرك أننا لسنا منفصلين عنه. هذا الإدراك هو جوهر القوة الحقيقية التي لا تسعى للسيطرة، بل تسعى للإتحاد والإنسجام مع الوجود.

في النهاية، يمكن القول إن الأساطير والسحر، من هذا المنظور، ليسا محاولات يائسة لتغيير قدر لا يمكن تغييره، بل هما وسيلتان لتحقيق أعلى درجات الوعي الإنساني، ألا وهو الوعي الأبدي. إنهما طريقان يوجهاننا نحو اللحظة الراهنة، حيث تكمن القوة الحقيقية، وحيث يمكننا أن نجد الإنسجام مع جوهر الوجود.

_ ما هو الفرق بين الحقيقة والحقيقة المطلقة؟

الحقيقة النسبية هي ما نعتقده أو نعرفه بناءً على إدراكنا و خبرتنا الشخصية. إنها مرتبطة بالزمن والمكان، وقد تتغير بمرور الوقت أو من شخص لآخر. على سبيل المثال، قول الشمس تشرق من الشرق هو حقيقة علمية في سياق الأرض، ولكنه ليس حقيقة مطلقة في كل مكان في الكون. الحقيقة النسبية هي أيضاً ما نتوصل إليه من خلال البحث العلمي و التجربة، وتتطور مع تطور المعرفة.

الحقيقة المطلقة هي الحقيقة التي لا تتغير أبداً، وهي قائمة بذاتها بغض النظر عن إدراكنا أو وجودنا. إنها الحقيقة الكلية والنهائية التي تشمل كل شيء في الوجود. الفلاسفة و المفكرون يصفون الحقيقة المطلقة بأنها الجوهر الأساسي للكون، أو ما يمكن أن نسميه الوجود الحقيقي.

هل يمكن الوصول إلى الحقيقة المطلقة؟ هذا هو السؤال الذي حير الفلاسفة لقرون. هناك وجهتا نظر رئيسيتان:

1. الحقيقة المطلقة هي كيان يمكن الوصول إليه: يرى بعض الفلاسفة، خاصة في الفلسفة الأفلاطونية والروحانية، أن الحقيقة المطلقة يمكن الوصول إليها من خلال التأمل، أو الإدراك الروحي، أو التفكير الفلسفي العميق. إنها ليست مجرد فكرة، بل هي واقع يمكن إختباره وتجربته. بالنسبة لهم، السعي وراء الحقيقة المطلقة هو أعلى هدف يمكن للإنسان أن يسعى إليه.

2. الحقيقة المطلقة هي حدس لا يمكن التعبير عنه: يرى آخرون، خاصة في الفلسفة الوجودية واللاأدرية، أن الحقيقة المطلقة قد تكون موجودة، لكنها تتجاوز قدرتنا على الفهم أو التعبير عنها باللغة. إنها أشبه بحدس عميق أو تجربة باطنية لا يمكن وصفها بالكلمات. كلما حاولنا التعبير عنها، فقدنا جزءاً من جوهرها. لذلك، فإن السعي وراءها هو محاولة غير مجدية، والأفضل هو التركيز على الحقائق النسبية التي يمكننا فهمها وتغييرها في حياتنا اليومية.

بشكل عام، يمكننا القول أن البشر يسعون وراء الحقيقة المطلقة بطرق مختلفة، سواء من خلال الدين، أو الفن، أو الفلسفة. إن هذا السعي هو ما يعطي معنى لحياتنا، حتى لو لم نصل إلى الحقيقة الكاملة.

_ الخيال المقدس: الأساطير والسحر كفن تجسيد للحدس الوجودي

تطرح هذه الفكرة تحولًا جذريًا في فهمنا للأساطير والسحر، حيث لا يُنظر إليهما كأدوات للبحث عن الحقيقة، بل كأشكال من الفن تهدف إلى التعبير عن حدس عميق لا يمكن وصفه بالكلمات.

إذا كانت الحقيقة المطلقة هي حدس، أي إدراك مباشر لا يمكن تجزئته أو تحليله، فإن الأساطير قد تكون محاولات فنية لإضفاء شكل ملموس على هذا الإدراك. هي ليست قصصًا عن أحداث حقيقية، بل هي لوحات فنية أو قصائد شعرية تستخدم الرموز والصور لتلامس جزءًا من الحقيقة التي يشعر بها الإنسان بشكل غريزي.

الأساطير مليئة بالرموز كالتنين، الشجرة المقدسة، النهر و الأبطال كهرقل، أوديسيوس. هذه الشخصيات والأشياء ليست حقيقية بالضرورة، بل هي تجسيدات للحدس الوجودي الذي يشعر به الإنسان. قد يمثل التنين صراعنا مع مخاوفنا الداخلية، بينما ترمز الشجرة المقدسة إلى الإتصال بين الأرض والسماء، وهو إحساس بالوحدة الوجودية.

من هذا المنظور، فإن الأساطير تتشابه مع الفن من حيث أنها لا تهدف إلى إعطاء إجابات منطقية، بل تهدف إلى إثارة شعور أو فهم عميق داخل الفرد. إنها تتحدث إلى اللاوعي الجمعي (مفهوم كارل يونغ)، وتعمل على مساعدة الإنسان على فهم نفسه ومكانته في الكون، ليس من خلال الحقائق، بل من خلال الرموز.

إذا كان الساحر أو الممارس الروحي لا يبحث عن الحقيقة، فإنه يتحول إلى فنان أداء. طقوسه ليست محاولات للسيطرة على الواقع، بل هي عروض فنية تهدف إلى تجسيد الحدس الوجودي.

الطقوس السحرية كإشعال الشموع، تلاوة التعويذات، رسم الدوائر هي أفعال فنية تهدف إلى تركيز وعي الساحر على الحدس المطلق. هي ليست أدوات لتحقيق غاية معينة، بل هي وسيلة للتعبير عن الإتحاد بين الإنسان والكون.

الفرق بين الساحر والفنان هنا يكمن في الوسيلة. الفنان قد يستخدم الألوان أو الكلمات للتعبير عن حدسه، بينما الساحر يستخدم جسده ورموزه وطقوسه. كلاهما يحاولان فعل نفس الشيء، إعطاء شكل ملموس لشيء غير ملموس.

في هذا المنظور، لا يُقاس نجاح الساحر بمدى تحقيقه لهدف ما، بل بمدى جمالية وصدق طقسه في التعبير عن حدسه الوجودي. يصبح السحر نوعًا من الجماليات الروحية، حيث لا يهم ما إذا كان يعمل أم لا، بل يهم ما إذا كان ينجح في إيصال الشعور بالإتحاد والوعي.

بشكل عام، يمكننا القول إن هذه الفكرة تحوّل السحر و الأساطير من عالم الميتافيزيقا إلى عالم الفن. إنها لا تلغي أهميتهما، بل تعيد صياغتهما كأدوات للإبداع والتعبير، لا كأدوات للبحث عن الحقائق. وبهذا، يصبح الساحر ليس باحثًا عن إجابات، بل فنانًا يسعى للتعبير عن أسئلة الوجود ذاتها.

في نهاية رحلتنا الفلسفية عبر عوالم الأسطورة والسحر، ندرك أننا لم نكن نبحث عن إجابات قاطعة بقدر ما كنا نكتشف منظوراً جديداً للحقيقة والوجود. لقد تحررنا من الفهم التقليدي الذي يربط هذه المفاهيم بالسعي وراء الحقائق المادية، لنصل إلى إدراك أعمق وأكثر شاعرية: أن الأسطورة والسحر ليسا سوى وسيلتين للتعبير عن الحدس الوجودي.

لم يعد الساحر شخصاً يحاول التحكم في قوى الطبيعة أو المستقبل، بل أصبح فنانًا روحيًا يسعى لتجسيد لحظة من الوعي الكامل. إن طقوسه ليست مجرد أفعال سحرية، بل هي لوحات فنية حية تُنحت بالرموز والأفعال، لتعكس جمالية اللحظة الأبدية. هو لا يبحث عن الحقيقة، بل يحاول أن يكون الحقيقة من خلال أفعاله. وفي كل إشارة أو تعويذة، يكمن جوهر هذا الفن: القدرة على تحويل المجهول إلى محسوس، والحدس إلى تجربة، والصمت إلى أغنية.

أما الأسطورة، فلم تعد مجرد قصص قديمة تُروى، بل تحولت إلى لغة شعرية للروح. إنها قصائد خالدة تصف ما لا يمكن وصفه، وتُشير إلى ما لا يمكن تحديده. في كل رمز من رموزها، سواء كان تنينًا يُجسد صراعاتنا الداخلية أو شجرةً تُجسد اتصالنا بالكون، نجد صدىً لأعماقنا. الأسطورة هي المرآة التي تعكس حقيقة وجودنا الإنساني، لا من خلال الحقائق العلمية، بل من خلال الرموز التي تخاطب أرواحنا مباشرةً.

وهكذا، نخرج من هذا النقاش بفهم جديد: أن السحر و الأساطير هما وجهان لعملة واحدة، عملة الإبداع الإنساني في مواجهة سر الوجود. كلاهما لا يسعى لتغيير العالم، بل يسعى لتغيير إدراكنا للعالم. هما ليسا أدوات للسيطرة، بل هما تجليات فنية للانسجام، تدعونا لنرى جمال اللحظة الحالية، و تُذكرنا أن القوة الحقيقية لا تكمن في التحكم، بل في الإدراك العميق للإتحاد مع كل ما هو كائن. في نهاية المطاف، الأسطورة والسحر هما دعوة لنا جميعًا لنكون فنانين في حياتنا، ونسعى ليس لإيجاد الحقيقة، بل لعيشها بكل جمالها وغموضها.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الرَّابِعُ-
- الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- النُّورُ الَّذِي يَفْتَحُ أَبْوَابَ الْمَعْرِفَة الْمُحَرَّم ...
- عَصْر الْأَكْوَاد
- عِلْمَ هَنْدَسَة الوَعْي -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- عِلْمَ هَنْدَسَة الوَعْي -الْجُزْءِ الأَوَّلِ-
- عِلْمَ هَنْدَسَة الطُّقُوس السِّحْرِيَّة -الْجُزْءُ الثَّانِ ...
- عِلْمَ هَنْدَسَة الطُّقُوس السِّحْرِيَّة -الْجُزْءِ الْأَوَّ ...
- مِنْ الْعِلْمِ الْمَادِّيّ إلَى الْوَعْي الْكَوْنِيّ -الْجُز ...
- مِنْ الْعِلْمِ الْمَادِّيّ إلَى الْوَعْي الْكَوْنِيّ- الْجُز ...
- مَدْخَلٌ إلَى الْوَاقِعِيَّة الكْوَانْتِيَّة المُتَجَاوِزَة
- الْمَنْهَجِ التَّجْرِيبِيّ الرُّوحِيّ -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْمَنْهَج التَّجْرِيبِيّ الرُّوحِيّ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- الهَوِيَات الْمِيتَافِزِيقِيَّة
- عِلْمِ التَّأْثِيرَات الرُّوحَانِيَّةَ
- مِنْ التَّعْوِيذة إلَى التَّصْمِيم
- جَمَالِيَّات الْقُوَّة
- سِحْرَ الْفُرُشَاة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: ترامب يفاجئ الكرملين بالعقوبات على أكبر شركتين ...
- قبل ذهابه لإسرائيل.. ماذا قال روبيو عن -حماس- و-تحديات- وقف ...
- هل عقوبات ترامب الجديدة على روسيا -كافية-؟.. أمين عام -النات ...
- صالح الفوزان: من هو مفتي السعودية الجديد؟
- الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات على أكبر شركتي نفط في روسيا ...
- ضربة أمريكية تودي بحياة اثنين على متن مركب يُشتبه باستخدامه ...
- عاجل | رويترز عن وزير الخارجية الأميركي: دول من خارج الشرق ا ...
- تونس: الرئيس قيس سعيّد يقول إن حركة -جيل زد- لن تنجح في تأ ...
- صحيفة إيطالية: -إسبانيا اعترضت 10 سفن عسكرية في طريقها إلى ب ...
- هدية مفاجئة من ميسي لرهينتين إسرائيليتين؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْأَسَاطِيرُ وَالسِّحْر -الْجُزْءُ الْخَامِس-