أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بسام العمري - -المرأة العصبية: بين الحقائق العلمية والافتراضات الاجتماعية-














المزيد.....

-المرأة العصبية: بين الحقائق العلمية والافتراضات الاجتماعية-


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 03:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد أصبح من المعتاد أن نرى العديد من الأقوال والمفاهيم المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يتداولها الناس دون تمحيص علمي أو تحليل فلسفي دقيق. ومن الأمثلة على ذلك الادعاء القائل بأن "المرأة العصبية كنز ثمين"، والذي يزعم بعضهم أن علماء النفس قد أثبتوه. لكن الحقيقة تحتاج إلى فحص دقيق من زوايا علمية وفلسفية واجتماعية، تستند إلى دراسات أكاديمية وليس مجرد أراء شخصية أو افتراضات.
فيما يتعلق بالعلم، يجب توضيح أن هناك فرقاً بين الصفات الشخصية مثل العصبية وبين الجوانب النفسية التي تحكم السلوك البشري. العصبية هي سمة قد تكون متعلقة بعدة عوامل، مثل التركيب النفسي، أو مستوى الضغط العصبي، أو عوامل بيولوجية مثل التغيرات الهرمونية.
وفقًا للدراسات النفسية، لا توجد قاعدة علمية تؤكد أن العصبية بشكلها العام تُعدّ ميزة إيجابية. العصبية غالبًا ما تكون مرتبطة بمشاكل مثل القلق والتوتر، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والعملية. أما القول بأن "المرأة العصبية كنز ثمين" فهو افتراض يعتمد على تعميمات غير مستندة إلى دليل علمي واضح.
على سبيل المثال، الادعاء بأن المرأة العصبية صريحة أو عفوية أو مرتاحة نفسياً (كما ورد في النقاط المطروحة) لا يمكن أن يكون صحيحًا دائمًا. الأشخاص العصبيون قد يجدون صعوبة في التعامل مع التوتر، وغالبًا ما يعبرون عن مشاعرهم بطرق قد تخلق صراعات. في المقابل، الصراحة والعفوية يمكن أن تكون صفات تتعلق بسمات شخصية أخرى لا ترتبط بالعصبية مباشرةً.
من الناحية الفلسفية، يتمحور مفهوم العصبية حول القدرة على ضبط النفس والتفاعل مع المحيط. الفيلسوف الإغريقي أرسطو، على سبيل المثال، يرى أن الفضيلة تكمن في الاعتدال، حيث يكون الشخص قادرًا على تحقيق التوازن بين العاطفة والعقل. وبالتالي، العصبية الشديدة قد تعتبر علامة على نقص السيطرة على الذات، وهو ما يتناقض مع المفهوم الفلسفي للكمال الأخلاقي.
اجتماعيًا، العصبية تعتبر أحيانًا سمة تُستخدم في إطار التبرير أو تعزيز الصور النمطية. المجتمعات قد تسعى في بعض الأحيان إلى تبسيط السلوكيات المعقدة، وتفسير العصبية كعلامة على الحنان أو الصراحة يمكن أن يؤدي إلى تعزيز هذه الصور النمطية. ولكن، في الحقيقة، الأشخاص العصبيون قد يواجهون تحديات في بناء علاقات مستدامة إذا لم يتمكنوا من إدارة انفعالاتهم بشكل جيد.
إضافةً إلى ذلك، يتفاوت تقدير العصبية من مجتمع لآخر، ففي بعض الثقافات قد يُنظر إليها على أنها علامة قوة وصراحة، بينما في ثقافات أخرى قد تُعتبر سلوكاً غير مقبول.
لا توجد دراسات نفسية معتبرة تدعم الادعاء بأن "المرأة العصبية كنز ثمين"، بل تشير البحوث إلى أن العصبية قد تكون علامة على اضطرابات مثل القلق أو التوتر، وأن العمل على ضبط النفس وتحسين استراتيجيات التعامل مع الضغوط هو ما يساعد في بناء علاقات صحية ومثمرة. في دراسة نشرت في Journal of Personality and Social Psychology، أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يتمتعون بالهدوء والانضباط الذاتي قادرون على تحقيق توازن أفضل في علاقاتهم الشخصية والمهنية مقارنةً بالأشخاص الذين يعانون من العصبية المفرطة.
المرأة العصبية ليست كنزًا بالمعنى المجرد الذي يقترحه المقال المتداول، فالعصبية ليست فضيلة قائمة بحد ذاتها بل هي سمة تحتاج إلى إدارة متوازنة. من المهم دائمًا أن نخضع هذه الأفكار للتدقيق العلمي والفلسفي والاجتماعي قبل تبنيها ونشرها. في النهاية، تتطلب العلاقات الإنسانية صفات أكثر تعقيدًا من مجرد العصبية، مثل التفاهم، الاحترام المتبادل، وإدارة العواطف بطرق بنّاءة.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سباحة الأجرام إلى تعاقب الليل والنهار: حوار العقل والقلب ...
- الملل والتسرب المدرسي: قراءة في الأسباب النفسية والاجتماعية ...
- الذئب الذي يقطف الإوزة
- الملل المدرسي بين العوامل المؤثرة والاستراتيجيات العلاجية: م ...
- بين الفهم والوهم
- فنون التعليم الحديثة: بين تعزيز المشاركة وبناء العاطفة وتنمي ...
- أشياء لا يفعلها الرجل إلا للمرأة التي يحبها حقًا
- -اخضرار الياسمين-،
- -الانطفاء الأخير-
- المقامة الفاسدة
- الأدب الياباني: مرايا الروح بين البساطة والعمق
- التي جعلت إبليس يعيد التفكير في كل شيء
- صراع وصفقات وضياع شعب
- «سكن الليل وفي ثوب السكون تختبئ الأحلام» – جبران خليل جبران
- نقد النقد: المفهوم والتطبيق في ضوء المقاربات الأدبية – قراءة ...
- تانكا من نبض القلب
- -الأبدية في رسائل لم تُرسل- -حين تلتف الكلمات حول عنق الذاكر ...
- في رمزية الهايكو وتجلياتها
- -حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-
- حين ابتسمت الخلايا… وابتدأتُ أنا


المزيد.....




- لماذا ستخسر الولايات المتحدة أكثر من الهند بسبب قرار ترامب ز ...
- ديزني تعيد برنامج جيمي كيميل إلى الشاشة الثلاثاء بعد أيام من ...
- أردوغان: سأتفاوض مع ترامب على شراء تركيا طائرات -إف 35-
- مؤتمر -حل الدولتين- ينطلق في نيويورك..دعوات لوقف الحرب في غز ...
- ماكرون يعلن اعتراف فرنسا بفلسطين ويدعو لوقف الحرب في غزة
- عاهل الأردن عن -الإجماع العالمي لدعم حل الدولتين-: يبعث برسا ...
- الاعتراف بدولة فلسطين: أبرز ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطين ...
- الدوري الفرنسي: باريس سان جرمان يخسر أمام مرسيليا لأول مرة م ...
- الخطة الصهيونية لتفتيت المشرق العربي
- الحرب على غزة مباشر.. اعترافات متلاحقة بفلسطين بمؤتمر حل الد ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بسام العمري - -المرأة العصبية: بين الحقائق العلمية والافتراضات الاجتماعية-