أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام العمري - صراع وصفقات وضياع شعب














المزيد.....

صراع وصفقات وضياع شعب


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عتمة السياسة حيث تُحاك المؤامرات خلف الأبواب المغلقة، وحيث تُباع الأوطان على طاولات المفاوضات كما تُباع التحف النادرة في أسواق السماسرة، يعود الحديث مجددًا عن غزة، تلك البقعة الصغيرة التي تفيض بالألم، والدم، والصمود. في قلب العاصفة، يقف الفلسطيني، لا كشاهد على مصيره، بل كضحية دائمة لصراع لم يكن يومًا من اختياره. بين مخططات الاستيلاء ومشاريع التهجير، وبين تصريحات ترامب التي تفوح برائحة الامتلاك والصفقات، وأحلام نتنياهو التي تستند على أنقاض شعب، تتبدد ملامح الحقيقة، وتبقى غزة مجرد ورقة تُتداول بين الأيادي الجشعة.
ترامب، رجل الصفقات، لا رجل المبادئ.
في مقابلة تلفزيونية، أعلن بفخر أن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى غزة، وكأنها قطعة أرضٍ مجهولة المالك، تنتظر مشترٍ جديدًا. يدّعي أنه سيبني لهم مساكن أفضل، وكأن الوطن مجرد جدران وسقف، لا ذاكرة، ولا هوية، ولا روح تسكن بين شوارعه الضيقة. يشير إلى غزة وكأنها مشروع استثماري قيد التطوير، يخطط "لشرائها"، ومن ثم "إعادة إعمارها"، لكن تحت مظلة أمريكية، وبأيدٍ تتحكم بها واشنطن. أما الفلسطيني، فهو في نظره مجرد رقم بلا جذور، بلا ماضٍ، بلا حقٍّ في تقرير المصير.
وفيما كان ترامب يتحدث عن "شراء غزة" وكأنها بضاعة معروضة للمزاد، جاء الرد الفلسطيني حادًا، قويًا كالسيف، مليئًا بالرفض والتحدي. حماس، وعلى لسان قادتها، أرسلت رسائلها الواضحة: "غزة ليست للبيع، ليست عقارًا يُساوم عليه السماسرة، وليست بقعة تُفرغ من شعبها وتُملأ بأوهام جديدة." كيف لشعبٍ خُلق من نسيج النضال أن يبيع أرضًا سُقيت بدمائه؟ كيف لمن حمل وجع الوطن على كتفيه أن يُفرط فيه كأنه حقيبة سفر؟
وفي موسكو، حيث تُراقب العروش الأحداث بصمت المنتظر، يتحدث الكرملين عن الحاجة إلى "تفاصيل أكثر" حول خطة ترامب.
هل ينتظر الروس تسعيرة البيع؟ أم أنهم يترقبون الدور الذي سيلعبونه في اللعبة الجديدة؟ في العلن، يتحدثون عن قرارات مجلس الأمن وحقوق الفلسطينيين، لكن في الخفاء، السياسة لا تعرف لغة المبادئ، بل تعرف لغة المصالح وحدها.
أما في تل أبيب، حيث يقف نتنياهو وسط أروقة السلطة، يرى في مخطط ترامب "نهجًا ثوريًا" يستحق الإشادة، رؤية جديدة، كما يسميها، تضمن أن غزة لن تشكّل خطرًا على إسرائيل مجددًا. يقول ذلك وكأن غزة لم تكن يومًا تحت قصف طائراته، وكأنها لم تتحول إلى أنقاض بفعل حصاره وحروبه المتواصلة.
يرى في كلام ترامب فرصة ذهبية، يعيد ترتيب الأوراق، يوسّع نفوذه، ويفرض وقائع جديدة على الأرض.
وفي القاهرة، حيث التاريخ لا يُنسى، وحيث الجغرافيا تُحتم على مصر أن تكون شاهدة على مجريات الأحداث، يأتي الرد على لسان الخارجية المصرية.
"ادعاءات وتضليل"، هكذا وصفت تصريحات نتنياهو عن معبر رفح، مؤكدين أن مصر لن تكون جزءًا من أي مخطط لتهجير الفلسطينيين.
لكن ماذا بعد التصريحات؟
هل يُكتب لهذا الصراع أن يستمر في دوامة الرفض دون حلول؟
هل تبقى غزة معلّقة بين الأيادي المتنازعة، كلٌّ يحاول رسم مستقبلها كما يشاء؟
في هذا المشهد الرمادي، يقف الفلسطيني وحده، ممزقًا بين مخططات لا تنتهي، وبين معاناة لا تعرف الرحمة.
كل تصريح جديد يقتطع جزءًا من مصيره، كل خطةٍ تقترحها القوى الكبرى، تجعله أكثر غربة في أرضه، وأكثر اقترابًا من اللاشيء.
لكن، رغم هذا الظلام، تبقى الحقيقة الوحيدة أن غزة ليست للبيع، وليست مشروعًا استثماريًا، وليست رقعة شطرنج يتحكم بها أصحاب القرار.
غزة، التي عاشت تحت الحصار، والتي قاومت الحروب، والتي صمدت حين أراد العالم أن يطوي صفحتها، ستبقى رغم كل شيء.
لأن الشعوب لا تُباد بالصفقات، ولا تُمحى بالمفاوضات، ولا تموت رغم الألم.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «سكن الليل وفي ثوب السكون تختبئ الأحلام» – جبران خليل جبران
- نقد النقد: المفهوم والتطبيق في ضوء المقاربات الأدبية – قراءة ...
- تانكا من نبض القلب
- -الأبدية في رسائل لم تُرسل- -حين تلتف الكلمات حول عنق الذاكر ...
- في رمزية الهايكو وتجلياتها
- -حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-
- حين ابتسمت الخلايا… وابتدأتُ أنا
- تأملات فلسفية ونفسية في مشوار العمر والشيب-
- الزواج: ميثاق المحبة والسكينة بين الروح والجسد
- الأكسجين والغباء في منظور إنساني وفلسفي -
- طهي الثوم والبصل: مخاطر الحرارة العالية وحلول صحية
- وكان صوتًا… لا يُشبه الأصوات
- مزامير الفصول
- من ثدي واحد: مسرح الأدوار وتواطؤ الغايات
- الألم كجمالية وجودية: دراسة فلسفية وفكرية واجتماعية
- تأملات في فلسفة الحديث مع النفس
- اهتمامات المرأة بين البناء الذاتي والتحديات المجتمعية: قراءة ...
- -ملهمة الفجر وإشراقة الروح-
- الكذب القهري: مقاربة نفسية لاضطراب الميثومانيا-
- الدكتور الذي يعرف كل شيء


المزيد.....




- مدعي عام يوتا يوجه تهمة القتل العمد لقاتل تشارلي كيرك ويطلب ...
- وسط قلق من طموحات ترامب.. الدنمارك تقود مناورات عسكرية في غر ...
- الحرب على غزة.. عشرات الشهداء بالقصف والتجويع والحوثيون يسته ...
- الدويري: إسرائيل ستزج بـ5 فرق وليس 2 لاجتياح غزة والسيطرة عل ...
- الأكراد يصعّدون ضد الحكومة السورية
- اجتماع يبحث ملف السويداء.. وخارطة طريق بدعم أميركي أردني
- لابيد يحمّل نتنياهو مسؤولية -عزلة إسرائيل-
- ضربات إسرائيلية على ميناء الحديدة في اليمن
- وفاة أسطورة هوليوود روبرت ريدفورد عن 89 عاما
- بـ7 نقاط.. الشيباني يعلن خارطة طريق لحل أزمة السويداء


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بسام العمري - صراع وصفقات وضياع شعب