أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - من سباحة الأجرام إلى تعاقب الليل والنهار: حوار العقل والقلب في نظام الكون-














المزيد.....

من سباحة الأجرام إلى تعاقب الليل والنهار: حوار العقل والقلب في نظام الكون-


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 08:15
المحور: قضايا ثقافية
    


"سبحان من خلق فأبدع، ونظم الكون بدقة لا يُدركها إلا ذوو العقول المستنيرة."
عندما نتأمل في النظام الكوني حولنا، نغرق في بحر من التساؤلات الفلسفية والروحانية التي تدفعنا للتفكر في تلك القوة الإلهية العظمى التي تدير الكون. فما الذي يجعل الشمس لا تدرك القمر، ولا الليل يسبق النهار؟ وكيف تسبح الأجرام السماوية في أفلاكها دون أن تخرج عن مسارها؟ إن هذه الأسئلة التي شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة قد أجابت عليها آيات القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، وباتت اليوم تتقاطع مع ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة.
يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ (يس: 40). هذه الآية الكريمة ليست مجرد كلمات نزلت على قلب النبي محمد ﷺ، بل هي إعلان عن نظام كوني دقيق، يبرهن على قدرة الخالق وإتقانه في صنع الكون. فما من شيء يحدث في هذا الكون إلا وفق نظام محكم قدّره الله.
يقول الله تعالى: "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ". هنا نجد الوصف القرآني الدقيق لحركة الشمس والقمر، حيث يعبران أفلاكهما دون أن يتداخلا. في الزمن الذي نزل فيه القرآن، لم يكن لدى البشرية أي تصور عن النظام الفلكي الدقيق للأجرام السماوية. الدراسات الفلكية الحديثة أظهرت أن كل جسم سماوي يتحرك في مدار خاص به، سواء كانت الشمس أو القمر أو الكواكب الأخرى. هذه الحركة الدائمة التي سماها الله "سباحة" تعكس الحركة الانسيابية للأجرام، تمامًا كما اكتشف العلماء.
فالعلماء في جامعات مثل NASA استخدموا التليسكوبات والمراصد لمراقبة حركة الأجرام السماوية، ووجدوا أن كل جسم في السماء يتحرك بدقة وبسرعة محسوبة، وهو ما يؤكد الإعجاز القرآني في استخدام كلمة "يسبحون".
الله سبحانه يقول: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ". الشمس لا تلحق بالقمر ولا تتداخل معه في مسار حركتهما. هذه الحقيقة أثبتتها علوم الفلك الحديثة التي تبين أن كل من الشمس والقمر له مدار مختلف ولا يمكن أن يحدث تداخل بينهما إلا في ظواهر مثل الكسوف أو الخسوف، التي تحدث بشكل نادر ولفترات زمنية قصيرة. لكن هذه الظواهر لا تعني أن الشمس والقمر يتداخلان في مساراتهما، بل هي جزء من النظام الإلهي المحكم.
الآية تقول: "وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ". هنا نشهد النظام البديع لتعاقب الليل والنهار دون أي خلل أو فوضى. الأرض تدور حول محورها، مما يخلق تعاقبًا ثابتًا بين الليل والنهار. وقد أثبتت الدراسات العلمية أن هذا التعاقب ناتج عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، وأن أي خلل بسيط في هذا النظام قد يؤدي إلى اضطراب كارثي في الحياة على الأرض.
الدراسات الفلكية اليوم تثبت أن هذه الآية تعبّر عن حقيقة علمية مؤكدة، حيث أن الليل لا يسبق النهار، وأن التعاقب يحدث بشكل منتظم ومستمر. هذه الحقائق العلمية تظهر عظمة الخالق وقدرته في تنظيم هذا الكون بدقة متناهية.
إن التأمل في هذه الظواهر الكونية يقودنا إلى استشعار قدرة الله تعالى، وكيف أن القرآن الكريم سبق العلم الحديث في الإشارة إلى هذه الحقائق. ويأتي الحديث النبوي الشريف ليكمل هذه الصورة. فقد قال النبي ﷺ: "الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا" (صحيح البخاري). هذا الحديث يربط بين الظواهر الطبيعية والعبادة، مما يعزز العلاقة بين الكون والخالق.
العلم اليوم يثبت أن حركة الشمس والقمر هي جزء من نظام كوني متكامل، لكن هذا النظام لم ينشأ عن فوضى، بل هو نتيجة قدرة إلهية عظيمة تتجاوز إدراك العقل البشري. العلماء في الجامعات والمراكز البحثية يواصلون أبحاثهم ليكتشفوا أسرار الكون، لكننا في النهاية نعود إلى التأمل الروحاني الذي يعمق فهمنا لقدرة الله.
كما أشار القرآن قبل أربعة عشر قرنًا إلى هذا النظام الكوني البديع، جاء العلم ليؤكد صحة هذه الحقائق. فالشمس والقمر والليل والنهار ليسوا مجرد ظواهر طبيعية عابرة، بل هم آيات إلهية تدعونا للتفكر والتأمل في عظمة الخالق. ما أثبته العلم من حركة الأجرام السماوية وتعاقب الليل والنهار إنما يؤكد على أن هذا الكون ليس عشوائيًا، بل هو نتيجة تدبير حكيم وقدرة لا متناهية.
إن قراءة هذه الآيات في ضوء الدراسات العلمية تجعلنا ندرك أن الله قد أودع في الكون نظامًا لا يختل، وأن الإنسان مطالب بأن يتدبر هذه الآيات ليدرك عظمة الخالق ويقوي إيمانه. إنه الحوار الصوفي بين القلب والعقل، بين الروح والعلم، الذي يعمق شعورنا بالارتباط بالخالق ويدعونا إلى التواضع أمام حكمته.
"سبحانك يا الله، ما خلقت هذا باطلاً. فلك الحمد على ما وهبتنا من قدرة على التأمل في آياتك، وما فتحت لنا من أبواب العلم لندرك بديع صنعك."



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملل والتسرب المدرسي: قراءة في الأسباب النفسية والاجتماعية ...
- الذئب الذي يقطف الإوزة
- الملل المدرسي بين العوامل المؤثرة والاستراتيجيات العلاجية: م ...
- بين الفهم والوهم
- فنون التعليم الحديثة: بين تعزيز المشاركة وبناء العاطفة وتنمي ...
- أشياء لا يفعلها الرجل إلا للمرأة التي يحبها حقًا
- -اخضرار الياسمين-،
- -الانطفاء الأخير-
- المقامة الفاسدة
- الأدب الياباني: مرايا الروح بين البساطة والعمق
- التي جعلت إبليس يعيد التفكير في كل شيء
- صراع وصفقات وضياع شعب
- «سكن الليل وفي ثوب السكون تختبئ الأحلام» – جبران خليل جبران
- نقد النقد: المفهوم والتطبيق في ضوء المقاربات الأدبية – قراءة ...
- تانكا من نبض القلب
- -الأبدية في رسائل لم تُرسل- -حين تلتف الكلمات حول عنق الذاكر ...
- في رمزية الهايكو وتجلياتها
- -حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-
- حين ابتسمت الخلايا… وابتدأتُ أنا
- تأملات فلسفية ونفسية في مشوار العمر والشيب-


المزيد.....




- لماذا يسعى ترامب لاستعادة قاعدة باغرام الجوية من حكومة طالبا ...
- خارجية أمريكا: قتلى الغارة الإسرائيلية بجنوب لبنان ليسوا من ...
- هل تشعل قاعدة باغرام صراعا جديدا بين أميركا وأفغانستان؟
- اعتراف بريطانيا ودول غربية بدولة فلسطين: خطوة تاريخية تشعل ج ...
- ترامب يصف تشارلي كيرك بـ-عملاق جيله- خلال مراسم تأبين حاشدة ...
- باكستان تتيح مظلتها النووية للرياض بموجب اتفاقية استراتيجية ...
- زعيم كوريا الشمالية: أحمل ذكريات طيبة عن ترامب والحوار مع أم ...
- روسيا تعلن مقتل 3 وإصابة 16 في هجوم أوكراني بالمسيّرات على ا ...
- آفاق جديدة لأفريقيا بعد إدراج 3 معادن بقائمة الموارد الحيوية ...
- لماذا يمتلك البعض قدرة خارقة على التمييز بين الروائح المختلف ...


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - من سباحة الأجرام إلى تعاقب الليل والنهار: حوار العقل والقلب في نظام الكون-