|
كتاب مشاعر هشة نادية الابراهيمي
كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 17:05
المحور:
الادب والفن
مشاعر هشة قصائد 2025
نادية الابراهيمي
مشاعـــــر هشّة -- إهداء إلى كلّ قلبٍ عرف أنّ الهشاشة ليست ضعفا، بل نافذة يطلّ منها الضوء.
مقدمـــة في داخلي غابة من الزجاج،كلّ غصن فيها يلمع بالهشاشة، وكلّ شرخ يفتح بابا للضوء. كتبت هذه النصوص كما يكتب الحلم على صفحة ماء، وكما تنقش الريح أسرارها على وجه الغيم. لم أُرِد لها أن تكون قصصا مكتملة، بل شذرات من روح تتأرجح بين الانكسار والانبلاج. "مشاعر هشّة" هي مملكتي المواربة، حيث يختلط الحبر بالدمع،والكبرياء بالعاطفة، والحضور بالغياب. أقدّمها كما يقدّم البحر صدفاته: صغيرة، متكسّرة، لكنّها تحمل في داخلها أصداء المدى كلّه. -----------
حين يخون البريق
أخانتني البصيرة... أم أن لهفتي أطفأت عيني؟ حين يخون البريق. خيّل لي أني الأقرب إليك... كما يلتصق الرمش بأسرار الجفن، كأرض تمنح خطوات العابرين صلحا أبديّا، كغمام يفيض ولا يسأل: "إلى متى؟"، وكهواء لا يُرى، لكنك تحيا به. كنت أقرأ فيك نبوءة الندى، وأصغي لصوت يتوزّع بين المسافات كأنه لي وحدي... فإذا به يتلاشى في زحمة الصدى. أبحرت فيك بكل لغات المحبّة، ورفعت بين يديك كأس الرضا. لكنني وجدتني على تخوم الريبة، مطرودا من حاشية الروح، ومسلوبا من كل رتبة. أخانتني البصيرة...؟ أم أن لهفتي أطفأت عيني؟! كيف لم أتبين وهج الترفّع في عينيك؟ كيف جعلته يستوطنني بخيامه المظلمة؟ كيف تركت للغرور منفذا إلى فؤادك؟ وأنا أغدق عليك مودّتي، أسايرك بطمأنينة كراحة الخيال، وأقيم حولك أسوارا من حنين... حتى صرت في دوّامة معلّقة، أبني بين الفهم والإدراك متاهات، وأُقيم في وجهي تعجّبا صار حالا ثابتا. متأرجحة أنا... أجل، متأرجحة أنا... بين سماوات الاستيعاب، وخنادق الارتياب.
أيلول... ما تبقى منا
يقترب كظل يتهادى على عتبات العمر، حاملا رائحة التخلّي والانسحاب،ونبض الفقد الذي يكسو الأشياء بصفرة الغياب. يا فصل التجرد... كم تُشبه خريف الروح حين تجف ينابيعها، وتصير الشرايين صحراء تنتظر مطرا لا يأتي. قلبي.. أرهقته الخسارات المتراكمة، وصار يابسا كغصن لم يعد يحتمل مزيدا من الريح. كم يلزمني من أيلول... حتى أتوقف عن تساقط مشاعري؟ وكم يلزمك أيها القلب، لتعيد ترتيب أولوياتك بين الحب والفقد، بين البداية والنهاية؟ لكنني – رغم كل شيء – أدرك أن للأقدار منطقها، وأننا ماضون في دروبها، مهما تبدّلت الفصول، ومهما بدت النهايات قاسية. فأيلول ليس عدوّا، بل مرآة تكشف هشاشتنا، وتذكّرنا أن نواصل المسير… بما تبقى منا. إلى الذين تعلّموا أن يبتسموا، حتى في مواسم الذبول. ------------------
بحر يبتلع الريح...
حين هبّت العواصف حولها، ظنّوا أن جذورها واهنة، لكنها كانت شجرة تعرف سرّ الأرض، تمدّ جذعها عميقا في صمت لا ينكسر. كم أورقت ظلالا لغيرها،أعطت من مائها حتى جفّت أنهارها،وخبأت تعبهم في صدرها كما تخبئ الغيمة المطر.لكن بعض الأيادي رمت حجارتها،وظنّت أنها ستنهار. هي ليست صدى لخيباتهم، ولا مرآة لخذلانهم. هي البحر الذي يبتلع صراخ الريح، ويعود ليعانق الشطآن بهدوء عظيم. في داخلها عشّ للعصافير لا تهزّه الرياح، ونجوم تعبر ليلها لتضيء خطواتها. هي لم تخلق لتبكي الغياب، بل لتصنع من الرماد جمرة جديدة،ومن كل طعنة، جناحا يعلو بها بعيدا. ستظل تمدّ يدها، نعم…لكنها يد تزرعها في نفسها أوّلا، كي لا تذبل في صخبهم، وكي تبقى تلك الشجرة التي تعرف كيف تحوّل الجراح إلى أزهار لا يطالها الخريف. ----------------
حين يلتقي الضوء بالظل (خُذلت بك)
منذ أن مررت، والهواء لم يعد نفسه. صار أثقل قليلا وأرقّ كثيرا كأنه يتعلّم كيف يحمل اسمك دون أن يتهجّاه. قلت يوما: "كوني كالنسيم حين أختنق". تركت الجملة تمشي في روحي بلا سقف فصارت نسيما يفتح الأبواب… ويغلق صدري. أدور في دائرتك لا أراها لكنني أعرف أنني كلما حاولت الخروج وجدتني أقترب من مركزك أكثر. في حضورك يضطرب ميزان القلب. في غيابك تصير اللغة مثل ماء البحر… يبلّل الشفاه ولا يشرب. وأنا… القصيدة التي لا تكتمل إلا بفقدك والتي تمحو اسمك من أول السطر لتكتبه في آخره. أراك أحيانا طيفا يمرّ بين غيمتين، وأحيانا ظلّ نجمة يتفتّت في الضوء. أشعر بك تراقب من بعيد، لكن المسافة بيننا ليست أمتارا… إنها لغة لم تولد بعد.
في ضوء الغياب ..
لم يكن الوداع صاخبا… بل كان يشبه اختناق الضوء في عتمة كثيفة، ويشبه ارتجاف الورد حين يُنتزع من جذوره. هو يمضي لا لأن الحب انتهى، بل لأن البقاء صار يؤلم أكثر من الرحيل. وهي هناك… لا تبكي، لكن قلبها يتكسّر آلاف المرّات بصمت لا يُسمع. أيّ حبّ هذا الذي ينسحب على رؤوس الأصابع، كي لا يوقظ الذكريات النائمة بين ضلوعهم؟! وأيّ حنين هذا الذي يترك الأجساد متباعدة، لكن الأرواح ما زالت تنزف من ذات الجرح؟! لم يكن بينهما وداع، بل انسكب الفراق كما ينسكب الدخان في رئتي الحنين… ثقيل، خانق، لا يُرى… لكنه يوجِع. إنه بوح الضياع بين قلبين، أحبّا بصدق… لكن الحياة لم تكن كريمة بما يكفي. ---------------
آثار على الرمال
ثمة شيء في الموج…كأنّه يعرف أسراري! كلّما اقتربَ همس لقلبي بما لم أجرؤ على قوله لنفسي. أجلس عند حافة البحر،حافية من الأمنيات،أنظر إلى آثار خطواتي التي يمحوها المدى…واحدة تلو الأخرى كأنني لم أكن... السماء فوقي صامتة، لكنّها تنبض بلون لا يشبه الزرقة.لون يشبهني…حين أكون نصفَ غيمة،ونصفَ غياب... الرمال تحت أصابعي تكتبني بلا حبر، وترجوني أن لا أرحل.لكنني أذوب كندبة قديمة في ذاكرة الشاطئ،أخجل من البقاء، ولا أجيد الفقدان. الموج يبتعد ويعود…كما أنت. كما الذكرى... وأنا.. أترك قلبي في أثر على الرمال، وأدعو البحر أن لا يغسله. ------------------
مرآة الغياب
لم أعد أعرف من بدأ الغياب… أنا.. أم اللغة.. أم ظلّي الذي نسي أن يعود..! في الداخل.. ثمة أصوات تمشي حافية على أرصفة الذكرى، تدوس على قلبي وتعتذر بحرف لا يكتب... كل فكرة تراودني تسقطني من عيني... وكل حلم يشبهني يخونني عند أول بوح. الكتابة لم تعد وطنا.. صارت نافذة مفتوحة على العدم... كلما اقتربت.. دفعتني الريح إلى الوراء. جربت أن أكتب…لكن الورق كان ميتا والقلم صائم عن الحبر.. والنية… كانت غائبة.! وقفت أمامي، كما وقفت… سألت المرآة: "هل أنا منفيّ؟ أم أن الوطن هو من فرّ مني؟" ابتسمت بخجل الزجاج، ولم تجب. كانت اللغة تنتظرني.. تعرف أنني أراوغها.. وأدّعي النسيان… لكنها.. بخلق العاشق ظلت تنتظر. أحيانا.. أشعر أن الكلمات تمشي على رؤوس أصابعها.. خشية أن توقظ فيّ شيئا دفنته. وأحيانا.. تعود مثل عاصفة... تبعثرني ولا تعتذر! كل يوم.. أحمل جثة جملة لم تكمل.. وأدفنها في قصيدة لم تكتب... أنا أيضا يا صديقي... أقف على جسر لا يؤدي إلى شيء. يساري مدينة تتحدث لغات لا أفهمها.. ويميني طفولة فقدت ملامحها في زحمة التأويل. لكنني أكتب… ليس لأنني أريد.. لكن الوجع لا يعرف غير الحرف مهربا... فإن توقفت اللغة عني.. فربّما… كنت أنا من أغلق النوافذ.. ---------—-----
الفراغ... الذي يسبق الامتلاء العظيم
حوار بين النفس والعقل النفس: أشعر بفراغ لا يسكنه شيء… كأن في قلبي غرفة لم يدخلها أحد، كأنني أتنفس وحدي منذ أعوام. العقل: أتعلمين أن الوحدة أحيانا أصدق من حب مزيف؟ لماذا تخشينها كأنها لعنة؟! النفس: لا أطلب كثيرا… فقط أن أجد من يربك قلبي.. من تهمس روحه لروحي دون تكلّف.. من أنظر إليه وأشعر أنني وصلت... لا أنني بدأت حربا جديدة مع نفسي. العقل (بهدوء): لكن كل من دخل، خرج سريعا، أليس كذلك؟!! كل من ظننتِه حبا، سقط أمام أول اختبار للدهشة أو الصبر. أتذكرين كم مرة قلت: "ربما هو…"، ثم مللت؟! النفس (بهمس): كأن قلبي يفرح بالبدايات فقط.. ثم يطفئ شموعه قبل العشاء... هل أنا مريضة؟! هل الحب لا يكمل الطريق معي؟! العقل: لست مريضة، لكنك لا تكتفين بالقشور... والمشكلة أن معظم من مرّ بك… كانوا قشرة. كنت تطلبين العمق، وهم يجيدون السباحة على السّطح فقط. النفس: أخشى أن يمرّ العمر ولم يحبّني أحد كما أستحق… أخشى أن أظلّ ذكية في قتل الحب، بارعة في الهروب من الحنين... العقل: ومن قال إنك خربت الحب؟! ربما نجوت من وهم اسمه حب. ليس كل من جعل القلب يخفق، جديرا بالسكنى فيه. النفس (بدمعة صامتة): لكنني تعبت من وحدتي… العقل (بحنان نادر): ولن يدوم هذا الحال... في مكان ما، يوجد قلب مثلك… لا يريد جسدا، بل سكنا.. لا يخيفك، بل يشبهكِ... العقل (بهمس أخير): لا تخافي من هذا الفراغ... فهو ليس موتا... هو فسحة يتهيأ فيها القلب لامتلائه العظيم. -----------------
حنين لا ينطفئ
هجرني سكون ليلي... حين تعثرت أحلامي بطيفك.. حين عادت الذكرى تسير على رؤوس أصابعي.. تباغتني كلما أقنعت قلبي أنه نجا... ولم ينجُ! صاخب... ثائر.. حبك من يوم الاجتياح.. كأنك فتحت في داخلي بابا للتيه لا يغلق.. كأنك زرعت في صدري نداء لا يخفت.. صوتك يسكن صمت الأشياء... ونبضك يضبط إيقاع غربتي. أن تكتبني حرفا خالدا في أشعارك... لا يكفي! أن تملأني بضجيج جنونك... وتدقّني كأجراس الكنائس لهفة... ذاك حسبك.! لكنني بقيت هناك... في الزاوية الدافئة من ذاكرتك... أشتعل شوقا! كقنديل لم يجد من يطفئه... أو يشعله من جديد! ألهبت الفؤاد حين نفخت في رماد النسيان.. أيقظت جمرة كانت تظنها الأيام قد خمدت... لكن الحنين لا ينطفئ.. بل ينام بعين واحدة، ويصحو إذا عبرت في البال! أعدت النبض إلى قلب كان مدينة من خرائب.. أحبّها العابرون، لكن لم يسكنها أحد... كانت تتكئ على الحنين.. تثرثر.. تبكي.. تبوح... وتحرس كنوزها القديمة بنظرات الانتظار... غسلتَ قلبي بماء الشغف.. وزرعتَ أرضي زنابق بنفسجية.. أنت تعلم كم أحب زهر البنفسج...؟! إنّه لون الحنين.. لون الغياب إذا تنكّر للعتمة واختار أن يكون جميلا رغم كل شيء... وفجأة... كأن الحلم كان مؤقتا منذ البداية... تجمّعت في سمائنا غيمات... أبرقت.. أرعدت.. وانسحبت دون أن تذرف دمعة... لكن الحنين... ذلك الحنين الذي أشعلتَه.. ما زال هنا... في نظرة خبأتها بين الكتب.. في عطر ما زال يتشبث بوشاحي.. في أغنية خجلى سمعتها صدفة.. في كلّ "ربما"... وكلّ "لو"... وكلّ "ماذا لو عدت؟" فعدْ... اقتربْ... أرخِ قبضة غيابك.. وعد كيوم الاجتياح الأول.. حين كنت بداية القصيدة... لا نهايتها.. ------------
نجم... وأفل
شعاع واحد... تسلّل إلى غرفتي، تلك الغارقة في سبات الظلمة منذ عقود من الانتظار... كم بدا دافئا، آسرا...!! كأنّ الضوء نفسه قرّر أن يقيم بين جدراني.. يمتصّ سواد الأيام.. ويمنح أشيائي المهملة بهاء لم أعهده من قبل. طيف من ألوان ساحرة.. يلهو بعنفوان جنون على بلاط غرفتي.. يرقص على الصور المعلّقة.. ويمتدّ كدرب من ذهب فوق الطاولة... أعاد الحياة إلى عطري المنسيّ.. وأغرى المرآة أن تعكسني عاشقة من جديد. كل بقعة ضوء كانت مسرحا لخطواتي... كنت أصدّق أنني أرقص مع الأبد. صدّقت مروره العابر.. ووهبته دعاء البقاء.. لكنّه اكتفى بالوميض... كان شعاع أمل.. لكنه لم يكن لي. كان نجما… وأفل. --------------------
على مقعد القطار..
لا أحد ينتظرني في المحطة الأخيرة، ومع ذلك... أركب. كأنني أبحث عن وداع لم يحدث.. أو عن سلام هرب من قلبي حين كنت أسرع أكثر من اللازم... النافذة كتاب مفتوح.. والأشجار على الجانبين.. تعيد لي وجوها نسيتها عمدا… أو هربت منها ذات خيبة.. في القطار… لا حاجة لي بالكلمات.. كلّ شيء يقال بالصمت.. بالاهتزازات الخفيفة.. وبتلك النظرة العابرة من غريب جلس قربي ثم نزل .. كأنه مرّ بي ليذكّرني فقط: أنّ بعض الرحلات أجمل بلا رفقة. ---------------
من خلف القضبان
أيّها الليل.. أشهد أنني ما خذلت انكساري.. وأنّ يدي وإن أوثقها الحديد.. ما خانت فطرة الانعتاق… ها أنا من وراء قضبان غليظة كالأحكام.. أُطلق طائري الوحيد نحو الضوء… طائرا نسجت من ريشه قصائدي.. ومن خفقاته أحلاما ظننتها مستحيلة.. يا قمرا يشهد ميلاد الحرية من رحم الأسر.. أما آن لهذا العالم أن يفهم .. أنّ الأمل لا يقيّد !! وأنّ من يحبّ الحياة يحرّرها ولو من فتات قلبه !! يا طائري… حلق بعيدا.. ولا تلتفت ليد نازفة أطلقتك.. فأنا إذ أهبك الفضاء.. أستردّ بقايا إنسانيتي... -------------
انطفاء القلب
منذ اليوم… لا ظلّ لك في ذاكرتي. انطفأ وهجك في قلبي كما تنطفئ شمعة في رياح باردة. لا أسمعك تناديني بين الحنين، ولا أبحث عنك في الزوايا الخالية. لقد كنتَ وطنا من وهم، وسافرت عنك بلا خارطة، بلا ندم. أتعلم؟ حين تخون الذاكرة طيفك، لا تلمني… أنا لم أعد ذلك القلب الذي ينتظر، ولا تلك العين التي تخون كبرياءها بدمعة. مزّقت رسائل الوهم في أعماقي.. وحطّمت عكّاز الحنين الذي كان يحملني إليك كلّما تعثّرت... اليوم، أعلنت فطامي عنك. قطعت الحبل الذي كنت تتدلّى منه في خاصرة أيامي... ولم أترك لنفسي مجالا لضعف أو رجفة.. صنعت القرار من وجعي.. وعزفت أنين الفراق على وتر مقطوع... لا تعد. فما عاد في صدري متسع لعذر.. ولا في قلبي متبقى منا… سوى الغياب. ----------------
حين تلاشى الغد
كنت أظن أن الضوء لا يخون الزوايا... وأن المرايا تحفظ الوجوه القديمة... لكن بعض الصّور تبهت من فرط الانتظار… وبعض الودّ هان.. تكسّر كزجاجٍ مرّ عليه الغياب كثيرا... كتبت ثمّ محوت… ثم انتظرت أن يقول الغد كلمته ! لكنه مرّ صامتا.. كأن بيننا ألف مسافة من الصّمت لا تختصر... لم أكن سوى صديقة أخطأت — ربّما — بقلب مكشوف.. فتعرت هشاشتي… واكتشفتُ هشاشة المكان... الآن، أجمع ما تبقى من ظلّ الحوار... أحمله برفق… وأمضي.. لا غاضبة. بل مثقلة بالأسف على صداقة.. كان لي فيها وطن صغير.. ------------------+
ياحلم المرايا
رسمتك ذات مساء .. أملاً يَسع مجرات الرجاء.. يُورق في شراييني كشجرة خلد تُسقى من ندى الفجر تهمس لي كلما صمت العالم وتوشّح جبين الغيب بأمنية.. أعانقك كما يعانق العاشق ظل من يحبّ.. أحلم بك كما تحلم الأرض بقطرة مطر.. أهدهدك بين أضلعي، وأغرسك في تربة الانتظار.. علّك يوما تُزهر في صحراء خوفي... ياحلمي... يا أنا.. لا تخذلني..فأنت الجسر للحياة والحقيقة الوحيدة التي أُحبّ أن أُصدّقها ولو كذبت... ----------------
غيابك..
أنا لست بخير... غيابك انهيار بطيء.. دفع قلبي إلى ارتطام بفراغ لا يُرى.. أنا لست بخير... أقولها للريح، للأعاصير التي تعصف بي .. لليالي الصقيع التي صارت رفيقتي الوحيدة.. ياقاسيا...أتلمس في عتمة الوهم وجهك .. أجد ريحك...وطيفك الذي لايعصمني منه عاصم .. لا أحد يسمع، لا أحد يفهم.. فالوجع الساخن له لغة لا تُقرأ، بل تُحسّ في رعشة الأصابع.. إنه اشتعال دائم في مواقد الذكرى.. في نظرات هاربة من مرايا الصباح. في انحصار الروح داخل جحيم الضلوع باخع نفسي على أثرك وكل شيء بداخلي يشيخ مذ غادرت.. حين كنتَ هنا.. كنتُ أعرف كيف ابتسم.. كيف أخبّئ حزني في جيبك.. وأعدّ النجوم على كتفك، واحدة واحدة... أما الآن.. فكل نجمة تذكّرني بك.. وكل غيمة تحاكي غيابك.. وكل طريق لا يصل إلا إليك... ولا أجدك.. أشتاقك بطريقة مؤلمة.. كأن الشوق إبر تمزق قلبي الرّث.. أنا هنا.. أنزفكَ بصمت .. كمن ينتظر عودة مَن لا يعود. --------
يانفس..
يا أيتها الماكرة اللعينة.. تعرفين فنون التعذيب وألوانه.. كغانية تبدين أساليب الإغراء... لتزداد الرغبة وتشتعل.. وتأتي على الأخضر واليابس.. من علّمك كل هذا ؟! وكيف أصبحت خنجرا في خاصرة النّـــقاء؟! ينمو بالداخل وحش لا أعرفه...!! من تعهده حتى كبر ؟! من سقاه حتى استقوى على القلب؟! وأضحى مفترسا للأحشاء .. ينهش العروق..يسلب نبض المشاعر ..يطفئ الفكر..يجهز على الكل..!! وأنا أنظر في صمت ،كأنني الغريب عن الجسد ! سلبت الطمأنينة وراحة البال.. واجتحت حصون الروح بألوان الدمار.. نحملك بداخلنا وننكرك...! كوليد جاء من علاقة آثمة...! نتبرأ منه ونخجل .. ولانملك إلا أن نغذيه بأفكارنا..بمخاوفنا.. نقاومك بقوة زائفــة.. نتمرّد حينا.. وبضعف يختلجنا مستسلمين.. في غفلة منا.. يانفس .. أصبحت شكلا من أشكال الإبادة لطموحاتنا ...للآمال... مازلنا نستتر بقطعة منها!! إلى متى يغلبنا طبعك وتسيئين إلينا...!! فنحن يا نفس نراودك عن نفسنا.. صبرنا غلبنا ونخشى أن نسيء إليك!! تأرجحت يا نفس بين بديع وقبيح.. بين نبض النور وظلمة الهوى.. وجاهدناك بين نزعات جائرة وشهوات فائرة تؤزينا إليها أزا.. نتوق إلى ذاك الجمال الفطري.. ذاك الصفاء ،الذي لاحدود له.. الذي يعرفنا ونعرفه.. في أعماقنا هو من أمد.. كفاك عبثا وخنوعا .. كفاك انكسارا يتزيّن بثوب القوة! عودي إلينا يانفس..نحن لا نطلب الكمال.. فقط بعض السلام يا نفس... -----------
كيف لي أن أعود إلى نفسي ؟!
سؤال قرأته لمحمود درويش أيقظ سكوني وألهمني ... ـ كيف لي أن أعود إلى نفسي ؟! ضاعت ملامحي السابقة وطالت رحلة البحث عن ذاتي ! تكاثرت انقساماتي ...! حتى تغيرت جيناتي....! أجسام غريبة استوطنتني...! وضعت قوانينها الجديدة والكل انصاع لأوامرها ... لا أجدني في هذا الجسد...! أشعر بغربة المكان... تبعثرت أشيائي الداخلية !..ولا رغبة لي في سماع نبضات القلب المضطربة... ولا حديث النفس الماكر... الذي لا أجد ما يسكته في أعماقي غير حبوب تقوية التجاهل إن نجحت....! والصمت..الكثير من الصمت ...ولا شيء غير الصمت ! في هذه الأيام .. نحن على وفاق، أنا والصمت صرنا أحبابا...! وقفت مطولا أمام المرآة ، لعلني ألمح طيفا مني...لم أر إلا السواد ! أظنه أثرك الباقي جعلني .. لا أريد... لا أهتم... لا أشعر... لا أرغب في شيء... الأمر كله سيان... عهد جديد...أعيشه أظنه نحو النضج يمضي بي والإكتفاء بذاتي المضطهدة .. لكنني لا أعرفني فيها... لا السماء سمائي... ضباب كثيف يحجب الرؤية ، لم أعدْ أحسنُ الانتظار..الوضوح مرحلة ضرورية ! يعشش الخوف والحزن في أفقها البعيد... تلك التخوم أريد إزاحتها ! لا الأرض أرضي...محروقة تحتي أختفت كل الألوان... أطمح إلى أرض مرتوية بأمنياتي القديمات ! باهتة الصورة على المرآة أفكّر في كسّرها ..! لا ضير في ألم آخر...! قد تدلني شظاياه علي.. و قد أجدني... أعود إلى نفسي...!! تلك المسجونة في الدفتر المهترئ.. فأحررها من الصّمت .
محاكمة ذاتية
المشهد: قاعة بلا جدران، وقاض يسكن الروح... المدّعي: صوت القلب، الكلام المخنوق، وأنين الجسد. المدّعى عليه: ذات تحصّنت بالصمت والكبرياء. المدّعي بصوت مرتجف: سيدي القاضي نحن شهود الألم… وجرحى الصمت. أنا كلامها الذي لم يقال كنت حرفا على حافة الولادة… لكنها شدّت عنقي إلى الخلف وولّت وجهها عنّي، كأنني فضيحة شعور. أنا صوت قلبها أشهق في لياليها كرضيع يتيم أرتجف تحت وطأة الكبرياء أتصدّع كلما مرّ به الغياب كريح لا تطرق الباب. وأنا أنين أوصالها… تقطّعت حين صارت للهجران عادة واستلقت على شرفة التردّد تراقبني وأنا أذوب. سيدي القاضي.. هي من أوصدت الباب وأوكلت إلى الصمت حراستي وجعلت من الانتظار قانونا لا يكسر... يسود الصمت… لحظة ثم يعلو صوت منهك، كمن خرج من حرب مع نفسه: المدّعى عليه (الذات): سيدي القاضي.. أنا الكلمات المسجونة.. المقصوصة الأجنحة… لا طيران لي، ولا زحف.. أنا الأصوات التي ترتجف في عتمة الليل.. تخاف النور… لا لأنها جبانة، بل لأنّ الضوء لا ينصف من نزفوا في الظل.. تبا… لا ذنب لي.. سوى أنني جعلت لهم جوفي مأوى فلما همّوا بالرحيل.. أقمت حولهم سياجا من تقلباتي…! أنتم… ظننتموني حجرا.. لكنني كنت أبحث عمن يربّت على وجعي. كلامي… كنت أملي أن تبقى رغم تعثري. صوت قلبي… كنت أمنيتي أن تداوي لا أن تبكي. أنيني… ظننتك مرشدي إلى ذاتي.. لا شاهدي على سقوطها. مالكم كيف تحكمون؟ أنتم الثلاثة.. أشعلتم ناري.. ثم عدتم لتشكوا حرّها.. سيدي القاضي.. ليست القضية إلا أنهم خذلوني في داخلي، وزرعوا في قلبي حفرة أعمق من أي محكمة. القاضي (بصوت لا يسمع، لكن يحسّ): الحكم نافذ… والسجن مستمر… في ذات ضاقت بذاتها. رفعت الجلسة. -----––------–--
في الغياب...
شيءٌ يقيدني إليكِ ،رغم سواد الليل في عينيكِ وتلك الشمس الدافئة انسلت خيوطها وراء تخوم الأفق، جعلت البحر المتجمد بداخلي من شدة الهجر ، يشكو حنينا يطبق على ضلوعي. يذرفُ دمعا أغرق كل مراكبِي ، ويناجي ظلمة الليل يسألها أن تنجلي بفجرٍ يردّ روحي الهائمة من بحور التيه إلى شواطئ هواكِ معذبتي ... تآمر عليكَ الحنينُ وطيفُها ياقلبا .. ذاب كالشمع من لوع الغياب. تٱكلت جدرانگ يا قلبُ والشوق نحتكَ أطلالا يتردد في جوفكَ صدى الجوى والعذاب. إلى متى سأبقى هكذا؟! أحصد سنابل رحيلكِ والغياب. وأكتم جراحا تنزف وجعا ،يا فؤادا صرتَ خاويا حين غاب الملاذ ، لاشيء يطفو على السطح يرشدكَ إلى نورها الساكن في الأعماق.. ------------------
يهمسني اليأس في الغياب يملؤني أحلاما متلاشية... وفي كأس العدم الفارغة يدندن أغنية الموت... يراقصني ظله المدود في دجى ليلي الطويل.. وتحملني أمواج بحره العاتية إلى أفق.. وتلقي بي إلى فناء .. تنزف أرضي ولسان حاله يقول :هل أزيد ؟!! فينفجر صمتي اثنتا عشرة ألما لايعرف الصراخ وبداخلي يصنع مدينة للفوضى تحت أنقاضها ركامي الذي يفكر بالفرار للنجاة ... --------------
مطاردة شغف
أين أنت أيّها السّحر ؟! النّور الذي يسكن داخلي .. تمهل..إلى أين الرّحيل ؟ لا تمسخني حجرا..فاقدا لكل شيء ! لا تسلمني للضياع والبكاء الصّامت. ما فائدة أي شيء سأفعله ؟ لماذا سأستمر بعدك ؟ أتُسقطني في الفراغ؟! كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟! لقد كنتَ نصف الحياة.. أصبحتُ بعدكَ نصف موت ! لا شيء يملؤني إلا الملل.. أمضي دون تلهف،يتلقفني موج منطفىء ـ أستسلم له! ويسلمني للبؤس.. صدأت روحي ، وصريرها يؤلمني ! صوت يصرخ داخلي، هاتفا يتحسّس علّته : ـ ماذا تريد ؟ ـ أريد أن أعود لشغفي..أتحسّس قلبي ونبضه..هل أنا بخير ؟! سأفعل أي شيء من أجل أن أبصر طفيف أمل ! أحتاج للنور حتى أهتدي لدربي ،ذاك التوّهج يعيد لي حلاوة الحياة ومتعتها.. دلني عليه.. ---------
سأنساك
بقايا الأمس تؤذيني تنسج من حولي أطيافا قد كانت ذات يوم تعنيني ولأني امرأة... فشلت في تربية حزنها على مبادئ النسيان... أتبع كل وساوس يقيني بأنني قد نسيتك علني أشفى منك ... لكن نوايا محاولتي تذوب.. ولا شيء يمر بي .. غير قسوة مميتة أسلمتني لدوائر محشوة بتساؤلات تقودني لنقطة البدء فأحاول يائسة... أن أصهر معرفتي.. وأذيب سؤالي.. هل نسيتك؟! هل نسيتك؟! وطوال التّذكّر وجدتني.. أحصل على ميراث رحيلك... ------------
أسيرة في هيئة حرة
في أحيان كثيرة نرى الناس كما نريد أن نراهم نحن لا كما هم عليه في الواقع. لكن بعد مرور الوقت تضمحل تلك الصورة التي كانت تغلفها الرؤية القاصرة والثقة المفرطة. .. يتقزم وجودهم بكل زوايا الفقد.. فنحن بشر ومن الطبيعي أن نرتكب الحماقات... تلك الحماقات النابعة من روح متعبة... التي بمجرد تذكرها يُخْلَق الإكتئاب ويُجرح صفو الأوقات... سحقا للحماقات التي تخرج منا بلا وعي... تبا لتلك اللحظات التي يقل فيها صبرنا ويزداد بعدها ندمنا... أن تخرجنا تصرفاتنا عن مسارنا العادي!!! و يستوطن روحنا التخلي.. كشمعة كل مسكة زمن يذوب جزء منها بدون عودة... ورغم الطعنات نبتسم للود والمحبة الزائفة والشعور بالأسر يتوغل بداخلنا يكبلنا الوجع والندم رغم الهيئة الحرة...
البحرالأسود
كيف أقنعت السماء البحر بأن يرتدي ثوبها الاسود الليلي؟! وأن ترسم على وجهه المترهل الغارق في السكون انعكاس ضوء القمر .. كيف لهذا الإمتداد العظيم أن يستسلم في هدوء ويجري فيه الظلام جري الروح في الجسد ؟! أم هو وديعة أودعها رب البحر استردتها بالرغم منه السماء ! وذاك الشاطئ يا ويح قلبي استوحش يشكو أحزانا .. تالله ما أدري لأية علة يشتكي والظلمة في روح أرضه والأعماق..!!! وفي مسالكه طيب العيش لمن أبصر دربه في سواد العتمة سيقت هدية من رب الارزاق.. أيا ليلا أهديه أفكارا دافئة في غياب الضياء و يرميني عريانا متدثرا وحدتي و المكانَ ! أيا ليلا أحرق مراكبي و أغرقني إن أعماق البحر تجذبني حين خذلني،قهرني،أوجعني .. وقال لي في استسلام يشبه خضوعه للسماء :تجاوزي !!!!
خدني إليك
الكثير من الكلام لم أقله.. ولكنه حاصر صدري.. خبأت له من جميل المشاعر ما يفيض وها أنا هنا... أراقبه في صمت ممتد.. أحاول أن أحتفظ بالأمل في غياهب السكون.. لكنني لم أعد أستطيع أن أتحمل الانتظار. أنت بعيد.. وأنت قريب.. تلمح لي بشعر يحرك مساحات القلب الميت.. لكن الكلمات تسافر في سماء غير مرئية.. هل تقصدني حقا؟! ..أم أن عطر الأزهار حولك يغشي بصيرتك؟ « ويأخذك إليه!» أشعر بأن كل لحظة تنتظرني.. وكل ثانية في غيابك ثقيلة.. كأن الزمن يتجمد على بوابة الأمل.. لكنني أصرخ في صمت قاتل: «خدني إليك!» إلى حيث لا أكون إلا أنت وحلمي.. إلى حيث تكون الحروف حصنا يحتويني... كم أتمنى أن أخرج من هذه الدوامة!! أن أكون كما أنا.. بملامحي وبكل الجروح.. أن أكون أنت والمستقبل الذي طالما رسمته في خيالي... لكني هنا.. في انتظار لا ينتهي.. في صمت تآكلت أيامه.. وفي شوق صار يصرخ من أعماقي.. «خدني إليك!»
أديم ذكرياتك
أديم ذكرياتك جلد الزمان الذي وشمت عليه ملامحك، بسواد الحنين.. أسير عليه حافية كمن تبحث عن نفسها في رماد الأساطير،أسترجع في كل خطوة وجعا ممجّدا.. صوتك حين كنت تهمس للعمر بأن لا يشيخ.. ضحكتك التي كانت تعلّق شموس الدفء على أكتافي.. في أديم ذكرياتك.. نمت ألف عام كأميرة مسحورة متجمدة.. وصحوت على غيابك لا على قُبلة الأسطورة.. ذاكرتي الخائنة الحمقاء.. كانت تُعيدني إليك حين أنوي النسيان.. تفتح لي الأبواب التي أغلقها بحد الألم.. تفرش في صدري كلّ زهوري الذابلات .. وكلّ الكلمات التي قلتها ،صارت هنجوما في ليالي وحدتي.. هل تدرك ماذا فعلت بي؟! لقد علّمتني أن أعيش في الأمس.. أن أُطعم قلبي من رماد الهجر.. وأزيّن وجعي بورود الذكرى.. أميرة الأمس تفيق من حلم ذابل ~ على غيابك.
وعد عابر
أنا لا أؤمن بالوعود العابرة.. ولا أجيد فنون التجمّل العاطفي... قلبي نقيّ كقطرة مطر.. تهبط لتزهر لا لتبلِّل ثم ترحل!! من يعبره بلطف... من يمسّه بالجمال والنيّة الطيبة.. يألفه سريعا... ويمنحه مقاما بين نبضاته.. كما لو أن البقاء حقّهم منذ البدء.. لا يفرّق قلبي بين العابر والمقيم... هو فقط يخطّ أسماءهم بالحبّ.. ثم يسدِل عليهم حراسة الذكرى.. لئلّا يضيعوا حتى في الغياب... هكذا أنا... لا أعد أحدا بما لا أقدر عليه.. لكنّي أوثّق كل لحظة شعرت فيها بالدفء.. وأمنحها في القلب عمرا... أطول من البقاء. -------
غرام العمر
عشتُ عمري كله أحلم بغرام يشبه عشق القصص التي قرأتها في الكتب، أو تلك التي تنفّستها في قصائد الشعراء… حلمت كثيرا أن أكون نصفا يكتمل بآخر، كـ "مي وجبران" حين أحبّا بالكلمات، أو كـ "قيس وليلى" حين احترقا شوقا، أو كـ "جان بول سارتر وسيمون "حين اختارا أن يكون الحب حريّة لا قيدا. وما بين حلم وحبر، ومابين واقع وخيال، مضيت في رحلة البحث… لكنني ما توقّعت يوما أن يزورني الحبّ حين عدلت عن البحث، ورضيت أن أعيش بدونه. جاء كلمعة برق في سماء راكدة، شقّ قلبي ظهوره، كاستيقاظ مباغت من سبات طويل. يخبرني أن الرحلة ستبدأ الآن فقط ... جاء حين سكت ذاك الطفل بداخلي، الجائع لحنان لا يُسمّى، فتدفّق في كنهرٍ مجنون… حرّك اليابس من شعوري، أزهرتُ به، ارتويت… لا يشبه من قرأتُ عنهم، بل تجاوزهم جميعا. هو غرام لا يرويه الحبر، ولا تسعه صفحات الكتب، هو دهشة العمر… هدية القدر.. جاء متأخرا، لكنه جاء بحجم كل الانتظار. وجاءني كالحلم، بل أجمل... كأن الحياة انتظرته لتبدأ.
تمهّل..ماذنب الحروف!
أتعبتَ من التّرقبِ ..أم ضاقت بكَ الآفاق بما رحبت..وتلاشت .. أيها العاشق المتيم ؟! ما كنتُ أحسب أن في شرع الهوى يجوز التنقل؟! تمهّل ...لا تجمع حروفك وترحل كمن لم تُنصفه الحياة، فغيرك في الهوى نفسه كادت أن تتلف .. حروفك لايليق بها الرحيل.. في الحضن مخبأة من خيبات الفصول .. في كل مساءٍ ..يتّسع لهمساتها صدى.. يردّد لحنها الخالد نبضا.. كان للعشاق نشيدا.. وكلّ صمت ،صوته بالشوق باح .. أعلم أن الجفاء قاسي ،و الليل بلا قمر .. يجثو بثقله على جسد القصيد .. تنتظر أن تُروى بشيء من صبر.. لا تنسحب كظلٍ خجول.. حتى وإن خفَتَ النور.. فإن رحلتْ... اترك حروفك تتنفس حبا.. وأنك كتبتَها يومًا عني..
ألم الفراق
نهر قلبي سدوده تقوّضت جفت جوانبه وأصاب ملمحه الرضوض ..! تصدعٌ... خطوطٌ تضرب في العمق... من يوم رحيلهم .. كأن الهابي دفنه ...! ويح قلبي ما أمرضَهْ! يرسم الشّوقُ أثلام السّراب على أطرافه..! ماباله لا يستسلم عنيد..؟! بالأمس... رقص الفراش الملوّن على موسيقى خرير ماءه العذب بالصّفاء يجود ... ليت أمس مني قريب ! أذكر ذاك الزهر حين جن جنونه.. فاح بعبق الهوى قصيدة تردد في كل عيد ...! وزورق على الضّفاف .. كم رسمت مجاذيفه دوائرا للأمل... وسنابل الفرح تعانقه كضفائر ذهبية نامت على جذع فتية يضجّ بالحياة... واليوم.. رفقا يا ذكرى ..ألم تغلغل بصمت ثائر كأفعى الحنين... بين الحطام تبحث عن قلبي المختبئ عاريا في فلات السديم... ماعدت لك أطيق ! هل من مناص إذا راودتني في حلم عميق...؟! -----------
الميراث
زاد صراخ الصمت ،يردد الصدى بين جنبات الفراغ المثقوب...هناك ثقب إتسعت هوّته يطل على الماضي القريب ،ملحمة تاريخية حب أسطوري ،كُتب بحبر الألم ليُضاف إلى سلسة العشاق التعساء في سماء الأدب والإبداع.... لم يكن حبا من طرف واحد كالعديد من القصص الحزينة... ولا حبا من طرفين هامت به الروح وصدقته النظرة فتمت الفرحة... بل كان إنكارا لصوت نشاز يعلو صوته بالداخل ،يقلق ،يؤرق، يحرق، يدمر نظام الهدوء والصمت... كان للقدر كلمته وحتميّته فرغم الإختلاف ورسم حدود الإتلاف بذرات من تراب الواقع...عُدّل اللحن للعزف على أوتار القلب المخطوف من عالم الفراغ إلى ملكوت الإطمئنان المزعوم... كان زواجا تقليديا ،لا يعرفها ولا تعرفه... إكتشفتْ عالم الحب بعينيه هو ...وحفظت كلام الحب من شفتيه هو ...وصور الحب من أفكاره هو ...فقط هو من نقل لها عرش المحبّين لتُتوج الملكة...فما كان منها إلا أن أحتضنته كإحتضان الملك العادل لشعبه ،وحرصت كل الحرص أن تكون لراعيها مسؤولة ! وكان هو الملك الأمين على تنفيذ قواعد العشق الأربعين... يا للضحية المسكينة كقطعة من طين! أُعتنى بها ليصنع منها منحوتة.. أيقونة الحب الطائع الأبدي ... هكذا النساء في بلادي متعلقات بالرجل الأول .. فهو الحياة هو الحب هو الأمل... حتى وإن كان يحمل في إحدى يديه السياط ! وفي يده الأخرى مواعيد للحب... تعلمتْ أن للحب وقتا معينا ، لا يجوز إظهاره إلاحين يرخي الليل سدوله وينقلب ذاك الرجل إلى عاشق متيم لمنحوتته الجميلة... كانت تكتم صوتا داخليا ترهقها بحته،يصر على الخروج كطائر مسجون يرفرف ألما يحلم بتحليق في سماء رسمها في عالم مختلف، وتصرّ هي على خنقه مخافة أن يسمعه سيدها ولو في المنام... فخانها في اليقظة ولليقظة أحلام ! قالت: بحق صورتك الليلية والتي أتمنى أن أراها في ضوء النهار.. أن تسمح لي بأخذ القرار في رسم حياتنا باستمرار... فثار وزمجر كسماء ترعد وتبرق لتخيف الفقير المعدوم أن أمطارها ستنزل عليه وبالا ! وقال:خائنةللعشرة وناكرة للجميل،أتتمردين!! ما لك في مملكتي بقاء...!! والنفي هو الدواء لمن تسوّل لها نفسها العناد والكبرياء...!! بكت وتوسّلت ولخصالها وفضائلها عليه كانت من العادين ... ووعدت وعاهدت لمثلها لن تعود لأن النفي من مملكته ،حسب ظنها يجلب العار... غفر لها جرأتها لكنه رأى بعد حين ،العزم على تربيتها لهدمها جدار الطاعة وزعزعت العرش... فأنزلها منه درجة وقلّده ملكة أخرى .
الفهرست
الاهداء المقدمة حين يموت البريق ايلول ما تبقى منا بحر يبتلع الريح حين يلتقي الضوء بالظل( خذلت معك) في ضوء الغياب اثار على الرمال مراة الغياب الفراغ الي يسبق الامتلاء حنين لا ينطفئ نجم وافل على مقعد القطار من خلف القضبان انطفاء القلب حين تلاشى الغد يا حلم المرايا غيابك يا نفس كيف لي ان اعود لنفسي محاكمة ذاتية في الغياب يهمسني الياس مطاردة شغف سانساك اسيرة في هيئة حرة البحر الاسود خني اليك اديم ذكرياتك وعد عابر غرام العمر تمهل ما ذنب الحروف الم الفراق الميراث
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقنعة النقد
-
مشاعر لم تشرق عليها شمس البوح يوما
-
كتابات حول مشاعر هشة
-
جسد الطوائف رواية تجسد العنف باسم الدين
-
رانية مرجية تصدر روايتها الأولى الرملة ٤٠٠
...
-
كتاب جدلية الروح والكلمة لرانية مرجية
-
الاغتيال والانتحار
-
الى بسمة الصباح
-
رسالة من المتنبي
-
نقد النقد
-
نقد سحر الايقاع
-
كتاب احاديث من التراث لازدهار الكيلاني
-
اكرم الوتري الصمت بعد الوتر الجاحد
-
لقد قتل الفقد روح الكلبة
-
تسجيل لحكايا برقية ج7
-
قانون حرية التعبير في العراق
-
انطولوجيا السرد العربي من اهم المواقع العربية
-
انطولوجيا السرد العربي من اهم المواقع العربية.
-
ملاحظات حول الكتابة
-
المودة اول حزب نسوي في العراق
المزيد.....
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
-
ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري
...
-
الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني
...
-
فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
-
فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز
...
-
كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
-
فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو
...
-
فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت
...
-
فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|