|
الترابط المذهبي والاستلاب السياسي: تحليل ظاهرة التأثير الإيراني على شيعة العراق
رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 10:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل شعوب وأمم العالم تسخّر ما تملك من أدوات واليات فكرية وسياسية وثقافية ودينية ؛ و كل شيء لترسيخ هويتها الوطنية و خدمة مصالحها العليا... ؛ بل إن بعضها يذهب أبعد من ذلك فينسب لنفسه أحداثاً أو انجازات وافكارا أو شخصيات أو أراضٍ لا تمت لها بصلة وبعيدة كل البعد عنها ، فقط من أجل صناعة سردية تاريخية متماسكة تعزز الانتماء وتبني ثقة الأجيال والمواطنين ... ؛ و من أجل ترسيخ هوية وطنية عالمية وإثبات ادعاءات تُعرض على الآخرين على أنها حقائق واقعية لا تقبل الجدل و مرتبطة بهم دون سواهم. نعم كل شعوب الدنيا تسعى لترسيخ هويتها الوطنية، ولو بالكذب وتزوير التاريخ ... ؛ كما يفعل الأتراك الذين يدعون ملكية حضارات لم يشاركوا في بنائها ... ؛ فالأتراك –على سبيل المثال– الذين وفدوا إلى الأناضول من أواسط آسيا، مجرّد قبائل بدوية بدائية مهاجرة دفعتها الحاجة والعوز والجوع ... ؛ صاروا بعد قرون يدّعون ملكية مدن رافدينية عريقة مثل نينوى وادّعوا أنها مدينتهم - واستولوا على ديار بكر العراقية واعتبروها تركية - ، على الرغم من أنها سبقت وجودهم بآلاف السنين...!! وكذلك الإيرانيون، إذ يصرّون على نسب حضارات عيلام والأهواز للفرس ... ؛ وحتى شخصيات إسلامية بارزة لأنفسهم كالفقيه العراقي ( ابو حنيفة النبطي) ؛ في محاولة لتزوير الوقائع وتثبيت حقائق مصطنعة... ؛ بل حتى النبي إبراهيم أرادوا نسبته زوراً لأنفسهم فتارة يقولون انه فارسي واخرى انه كردي من اكراد ايران ... ! فهم يصرون على أن أراضي الأحواز العراقية تاريخياً هي جزء من إيران ... ؛ علما ان عبادان والمحمرة لا يشك شخص في العالم بكونهما وما جاورهما من الاراضي العراقية ... . حتى بلغت المهزلة حدا ؛ ان يدعي حكام الكويت العراقية بأن السندباد وقصص الف ليلة وليلة ؛تراث خاص بهم ...!! كل ذلك يفعلونه من أجل ترسيخ هوية وطنية مزعومة، وإثبات ادعاءات يقدّمونها لأنفسهم وللآخرين على أنها حقائق واقعية حصرية مرتبطة بهم دون سواهم... ؛ و كل ذلك يحدث في خضم موجة من التدليسات والافتراءات والاعتداءات التي تستهدف الأراضي والمياه الوطنية، والهوية العراقية، والتاريخ الرافديني العريق... ؛ إنهم يعملون على سلخ العراق أرضاً وشعباً وتاريخاً لصالح دول الجوار وغيرها ... ؛ فيما يقف العراقي الأصيل والمواطن الرافديني النبيل متفرجاً مشلول الإرادة، كأن الأمر لا يعنيه، لا يحرّك ساكناً ولا يواجه الخطر الداهم... ؛ فالمأساة الحقيقية لا تكمن في ادعاءات الآخرين وحدهم، بل في موقف العراقي نفسه، الذي ظلّ عبر القرون متساهلاً في التنازل عن حقوقه، تاركاً أرضه وتاريخه وعزته نهباً للأطماع الخارجية... ؛ فمنذ القدم، لم يُعر العراقي بالاً للتنازلات الكبيرة التي تُمنح لدول الجوار وغيرها ... ؛ فما من قرن يمر، أو عقد ينصرم، أو سنة تنقضي، إلا ويُسجَّل على العراقيين تنازل عن حق من حقوقهم التاريخية والمعنوية والمادية لصالح هذه الدولة أو تلك، حتى تقلّصت مساحة البلاد وما تزال تتقلّص بفعل الأطماع الخارجية وضعف الموقف الوطني وهزيمة الداخل. والمفارقة أن الآخرين يعرفون جيداً حقيقة العراقيين وقوة بطشهم إذا ما انتفضوا، ويُدركون صلابة عزيمتهم إذا ما توحّدوا... ؛ ولهذا لم يجرؤوا على المواجهة المباشرة معهم ، بل نفذوا مخططاتهم عبر "الحرب الناعمة" وأساليب الخداع والطرق الملتوية... ؛ فجاء العثمانيون تحت شعار "الخلافة الإسلامية" وأن المسلمين أمة واحدة ... ؛ بينما دخل الصفويون بذريعة "المذهب الواحد" وولاية الإمام علي بن أبي طالب... ؛ أما الإنكليز فحملوا راية "تحرير العراقيين من العثمانيين"، لكنها كانت حيلة للاستعمار... ؛ وعلى الرغم من هذه الروابط والشعارات والذرائع، لم يقر للعراقيين قرار؛ فثاروا وانتفضوا وأعلنوا العصيان وخاضوا حروباً وثورات ضد القوى الخارجية، لكن الكفة مالت في النهاية لتلك القوى بسبب تفوقها في العدد والعدة، وبسبب استجابة جماعات داخلية لنداءاتها وأطماعها. حتى بعد إعلان الدولة العراقية الحديثة عام 1921، لم يتبدل الحال بل ازداد سوءاً، إذ جرى اقتطاع أجزاء واسعة من البلاد لصالح دول الجوار... ؛ ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد نكّل الإنكليز بالعراقيين الأصلاء عبر استقدام الغرباء والعملاء من بقايا العثمنة والعجم ليتسلموا مقاليد الحكم... ؛ وهكذا حكمت الفئة "الهجينة" العراق طوال ثلاثة وثمانين عاماً، وكانت معظم الحكومات ذات أصول أجنبية وغريبة ؛ لا تمت بصلة حقيقية إلى العراق ولا إلى العراقيين الأصلاء... ؛ وفي تلك الحقبة المظلمة ذاق العراقيون الأصليون الويل والثبور، وعانوا من الجوع والحرمان والعذاب والحروب والسجون ومختلف عظائم الأمور، ولم تتشكل خلالها هوية وطنية راسخة تعزز الانتماء الوطني قط . وعندما سقطت الأنظمة الهجينة إلى غير رجعة عام 2003، سقطت معها الأقنعة... ؛ فالممارسات الطائفية التي كانت خفية في السجون والمعتقلات برزت للعلن، والعنصرية التي كانت تختفي وراء هوية الأحوال المدنية ظهرت جهاراً، بل صار دعاتها يجهرون بمطالب الانفصال بذريعة تقرير المصير أو إنشاء الأقاليم... ؛ أما النزعة المناطقية التي عُرفت في دوائر الدولة فقد تحولت إلى إرهاب مسلح ونعرات طائفية وعنصرية أحرقت الأخضر واليابس... ؛ وهكذا وجد العراق نفسه ممزقاً كجثة هامدة تنهشها مؤامرات الخارج وتغذيها حملات التشويه السياسية والثقافية والدينية والإعلامية، فضلاً عن تنامي الظواهر السلبية التي تبشر بالطائفية والتكفير والتفرقة والعنصرية والمناطقية. وسط هذا الركام، أصبح من المألوف أن يترحم التركمان على قتلى الجيش التركي الغازي في شمال العراق ويصفونهم بـ"شهداء الأمة التركية"، وأن يطالب الأكراد جهاراً نهارا بالانفصال وإقامة "كردستان الكبرى" مع السعي الدائم والمستمر لتجنيس أكراد سوريا وإيران وتركيا على حساب العراق وأهله والهوية الوطنية ... ؛ كما غدا مألوفاً أن تدعو بعض فئات السنة، ولا سيما الفئة الهجينة منهم، كل شذاذ الآفاق من العرب والاعراب والأعاجم والاجانب إلى المجيء للعراق والفتك بأهله تحت ذريعة "مقاومة المحتل" أو بحجة "قتل الروافض الصفويين والمتعاونين معهم". وكحصيلة طبيعية لهذه التراكمات، ارتمت الأغلبية العراقية الأصيلة في أحضان إيران، باعتبارها الداعم الوحيد لها وسط غابة مليئة بالذئاب العنصرية والضباع الطائفية والوحوش الأعرابية... ؛ والعجيب أن أعداء العراق وخصوم الأمة العراقية، على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأطماعهم، قد اتفقوا فيما بينهم على تقاسم الأدوار داخل العراق، ودفع العراقيين من مختلف الطوائف والمكونات إلى تبني هذه الأيديولوجيات الطائفية والعنصرية والمناطقية المنكوسة، والترويج للأباطيل على حساب الهوية الوطنية والوجود الرافديني . وبما أن الفرع لا يقوم إلا بأصله، وبما أن الكل يؤثر في الجزء، فقد أصبح لزاماً أن يبدأ الإصلاح من الأغلبية العراقية الأصيلة أولاً، لتستعيد وعيها ودورها التاريخي ، ثم ينتقل الإصلاح إلى بقية مكوّنات الأمة العراقية، لتعود الهوية الوطنية العراقية إلى أصلها الجامع، وتستعيد الأمة العراقية مجدها المفقود. لقد أصبح التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع العراقي الحديث ليس فقط التدخلات الخارجية المباشرة، بل التغلغل الأيديولوجي والثقافي الذي يطال عمق العقل والوجدان العراقي... ؛ ففي الوقت الذي تنظر فيه كل شعوب العالم إلى مصالحها العليا وهويتها الوطنية كمعيار لتوجيه سياساتها، نجد أن البعض من ابناء الغالبية الشيعية في العراق، تحت تأثير ديني وسياسي، قد تبنت نهجًا يضع إيران في مقدمة أولوياتها، إلى حد تقديس رجال الدين الإيرانيين ومقارنتهم بالمعصومين احيانا ؛ أو حتى تجاوزهم في الولاء والانتماء ؛ بحيث صار البعض ايرانيا اكثر من الايراني نفسه , ثم اعرض بوجهه عن بلده الام (العراق) ...!! إن هذه الظاهرة ليست مجرد ميول شخصية أو انتماء ديني عابر، بل هي امتداد طبيعي لسنوات بل قرون طويلة من الهيمنة الثقافية والسياسية الإيرانية على الفضاء الشيعي العراقي، والتي تترسخ من خلال الإعلام، التعليم الديني، الخطاب الطائفي، والمنظمات والشخصيات التابعة لإيران داخل العراق... ؛ فالشيعي العراقي – البعض - الذي يجد نفسه مضطرًا للتماهي مع الأجندات الإيرانية ... ؛ يرى في طاعة المرجعيات الإيرانية واتباعها والولاء والاخلاص لها ؛ أعلى من ولائه لوطنه بل ولأبناء مكونه الشيعي نفسه ، وهذا الوضع يخلق هشاشة وطنية خطيرة ويعزز من قدرة إيران على التأثير في القرار السياسي والاقتصادي والأمني العراقي، بل وحتى الاجتماعي والثقافي. هذا الامتداد الأيديولوجي يقود إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع: فهو يقلل من قدرة الدولة العراقية على فرض سيادتها، ويتيح لطهران إدارة مفاصل الحياة العراقية عبر وكلاء محليين، بينما يتحول المواطن الشيعي العراقي إلى تابع ومؤيد لمصالح خارجية لا تتماشى دائمًا مع مصالح بلده وابناء مكونه ... بل قد تتقاطع مع مصالح شيعة العراق احيانا ؛ ومع استمرار هذا النمط، تتحول الطائفة الكبرى في العراق إلى أداة طيعة لتوظيف الصراعات الإقليمية، وتحجيم القدرة الوطنية على مواجهة المطامع الخارجية. وللأسف، فإن هذا الانحياز لا يقتصر على السياسة، بل يمتد إلى الثقافة والوعي التاريخي... ؛ فالشيعي العراقي، تحت تأثير الترويج الإيراني، قد ينظر إلى الفارسية، أو إلى الرموز الدينية الإيرانية، باعتبارها أكثر قدسية وأهمية من رموزه التاريخية الوطنية، على الرغم من أن العراق هو مهد الحضارات، ومصدر التشيع التاريخي، ومنطلق الفتوحات الإسلامية، ومهد العلماء والفقهاء العظام الذين شكلوا الفكر الشيعي قبل أن تقوم أي دولة إيرانية شيعية على أرض فارس. إن تبعية جزء كبير من المجتمع الشيعي العراقي لإيران تهدد وحدة الهوية الوطنية، لأنها تنسخ صورة مزدوجة: الولاء للوطن يبدو ثانويًا أمام الولاء لمؤسسات دينية وسياسية خارجية... ؛ وهذا يفتح الباب أمام التدخلات الإيرانية في شؤون العراق الداخلية، ويخلق قنوات لصراعات واحتكاكات مجتمعية داخلية تُسهم في تفكيك النسيج الاجتماعي، وإضعاف الدولة، واستمرار الاعتماد على الخارج في رسم السياسات المصيرية للعراق. ولذلك، فإن معالجة هذه الظاهرة تبدأ بالوعي الوطني وإعادة الاعتبار لمكانة العراق كقلب الحضارات ومهد التشيع، وعدم السماح لأي مرجعية خارجية أو أجندة إقليمية بأن تفرض نفسها على قرار المواطن الشيعي... ؛ فالواجب الوطني يحتم على العراقيين جميعًا، ومن بينهم الشيعة، أن يدركوا أن الولاء للوطن والمصلحة الوطنية فوق أي ولاء ديني أو مذهبي خارجي، وأن حماية العراق هي حماية للهوية والتاريخ والثقافة والسيادة، وأن التشيع الحقيقي يمكن أن يعيش داخل العراق دون أن يكون أداة تبعية لطهران أو غيرها من القوى الخارجية. إن التاريخ يعلمنا أن التهاون في هذا الولاء يؤدي إلى تقويض الأمة والاغلبية العراقية، واستمرار الهيمنة الأجنبية على القرار الوطني، وبالتالي فإن الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة الاعتبار للعراق أولاً، وتمكين المواطن العراقي من فهم أنه محور الصدارة، وأن أي مصالح خارجية يجب أن تخضع للمصلحة العليا للوطن، لا العكس. نعم بسبب هذه التداعيات التاريخية والاحداث والوقائع السياسية المتشابكة والاخطار الخارجية والطائفية والعنصرية والتكفيرية والارهابية ؛ برزت هذه الظاهرة الخطيرة: ارتماء جزء من شيعة العراق في أحضان إيران، حتى صار بعضهم يقدّم الولاء لولاية الفقيه على الولاء لوطنه وساسة مكونه ، ويعلي من شأن رجال الدين الإيرانيين فوق رموز العراق وحضارته ورجال دينه الشيعة ... ؛ وهكذا تحوّل الشيعي العراقي –بفعل الخوف والخذلان والتلاعب السياسي والديني– إلى تابع يتلقى إملاءاته من الخارج، ناسياً أن العراق هو كعبة التشيع الأولى، وجمجمة العرب، ومهد الحضارات الإنسانية ؛ كما اسلفنا . إن التشيع، الذي منح إيران قوة وهيبة إقليمية، لم يجلب للعراق سوى الويلات والانقسامات والخسائر المادية والمعنوية والنكبات والانتكاسات ، تماماً كما أن القومية العربية خدمت مصر بينما الحقت افدح الاضرار بالعراق ... ؛ والتسنن رفع من شأن تركيا بينما دفع سنة العراق إلى تدمير مدنهم وقراهم بأيديهم فضلا عن التبرع بأموال العراق لسنة العالم ... ؛ وبذلك تكرّس المشهد العراقي الشاذ: كل شعارات الدين والمذهب والقومية تضرّ بالعراق بدلاً من أن تنفعه. إن مشكلة الشيعي العراقي اليوم ليست في حبّه لأهل البيت واتباع الامام علي بن ابي طالب وتقديسه ، فهذا أمر راسخ لا ينازع فيه أحد، بل في تحويل الولاء المذهبي إلى أداة سياسية بيد دولة أخرى، إلى درجة تقديس إيران ورجال دينها وتفضيلهم على العراق نفسه ورموزه الدينية ... ؛ وهنا يصير الأصل تابعا للفرع، ويغيب الوعي الوطني لحساب سرديات مذهبية عابرة للحدود. إن إصلاح حال العراق يبدأ من إصلاح وعي الأغلبية الشيعية كما اسلفنا ؛ لتدرك أن لا شيء يعلو على العراق: لا إيران بذريعة التشيع، ولا تركيا بحجة الإسلام، ولا اعراب الصحراء باسم العروبة... ؛ فالوطن هو الأصل، وكل ما عداه فروع وأدوات ينبغي أن تخدمه لا أن تستبدل به. إن المطلوب اليوم ليس قطع العلاقات مع الشعوب المجاورة، بل إعادة صياغتها على أساس الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة... ؛ فلا يعقل أن يسكت العراق عن استغلال ثرواته من قبل الأردن، أو عن التجاوزات الكويتية، أو عن قطع المياه من قبل تركيا وإيران، بذريعة المذهب أو حسن الجوار أو القومية أو الاسلام . وليس من الانصاف ان يقوم البعض من شيعة العراق ؛ والذين يشكّلون أغلبية هذا الوطن، برفع صور رجال الدين والقادة الايرانيين والعلم الايراني ؛ أكثر من رفعهم للعلم العراقي وصور الشهداء العراقيين و صور رموز العراق وشخصياته الدينية ؛ ويبجّلون مراجع قم المقدسة أكثر مما يجلّون مراجع وعلماء حوزة النجف الاشرف ... ؛ فلا يقبل أن يتحوّل بلد الامام علي بن أبي طالب إلى ملحقية سياسية لإيران ؛ ولا يُعقل أن تُمحى كعبة التشيع الأولى، النجف الاشرف او يضعف دورها العالمي والاقليمي ، من الذاكرة والنفوذ لحساب قم المقدسة ؟! العراق أكبر من أن يكون ذيلاً لدولة أخرى، وأقدس من أن يُضحّى به تحت شعارات طائفية أو دينية أو قومية... ؛ و ما لم يستفق العراقي –وفي مقدمته الشيعي– إلى هذه الحقيقة، فسيبقى وطنه مهدداً بالتفكك والضياع... ؛ أما إذا عاد العراق إلى ذاته، ووعى أبناؤه أن هويتهم الوطنية هي البوصلة الأولى، فحينها فقط يمكن أن ينهض من جديد، ويستعيد مكانته التي تستحقها حضارته الضاربة في أعماق التاريخ. إن إيران استفادت من التشيع حتى صارت دولة نووية يحسب لها ألف حساب... ؛ أما التشيع في العراق فصار لعنة على الشيعة أنفسهم : فقر، جوع، مخدرات , جرائم جنائية , تخلف , فساد، ميليشيات , فصائل واحزاب متناحرة، تبعية، وتقديس أعمى لأمة أخرى! أي منطق هذا؟! أية مهزلة هذه؟! لماذا لا يجرؤ الشيعي العراقي على قول كلمة حق: "العراق أولاً"؟ لماذا يخاف من مواجهة الخرافة التي جعلت الوطن مجرد ذريعة لخدمة الجار الشرقي؟! أي شرف يبقى لرجل يضحّي ببلاده في سبيل أوهام واراء اجنبية وغريبة لا تعنيه؟! لقد تحوّل العراق إلى مسرح عبثي: التركماني يترحم على قتلى الجيش التركي الغازي ويسميهم شهداء الامة ...! الكردي يطالب بالانفصال ويستورد أكراد سوريا وتركيا وايران على حساب العراق! السنّي يفتح أبواب بلاده لشراذم التكفير باسم "مقاومة المحتل"! أما الشيعي، فقد وضع رأسه في حضن إيران، وسلم قراره السياسي والاقتصادي والعسكري بيدها، وهو يهتف لها ليل نهار...! إنها قمة المأساة، وقمة الخيانة! النجف الاشرف ليست قم المقدسة ، والعراقي ليس فارسياً ... ؛ ولا يجوز أن يضحّى بالعراق باسم التشيع، كما لا يجوز بيعه باسم الإسلام أو العروبة ... ؛ فالعراق هو الأصل ؛ و من لا يضع العراق فوق الجميع فليس بعراقي مهما ادّعى وتشدق بالمذهبية أو الدين أو القومية.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق واستقرار الأغلبية الأصيلة: معادلة الأمن الوطني وحقيقة
...
-
سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري
-
الخيانة في العراق … الدونية المتوارثة
-
الوقاحة… الوجه العاري لانهيار القيم
-
مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والع
...
-
مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (4)
-
لا تعارض في البين : هوية الاغلبية في طول الهوية الوطنية لا ف
...
-
مصير الأغلبية بين ثنائية الدونية والشعارات والبرامج الطوباوي
...
-
جنوب العراق :أرض الثروة والإهمال ... المحطات السياسية والاقت
...
-
فشل الإعلام الحكومي في معركة الوعي: العراق بين عجز الداخل وه
...
-
وادي حوران بين النصر الأمني والرسائل الاستراتيجية
-
حملات إزالة التجاوزات في العراق: لعبة انتخابية أم صراع على ا
...
-
صرخة في مشهد: الزوار العراقيون بين قدسية المكان وسرقة الكرام
...
-
أوكسجين الشفاه
-
مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (3)
-
نزع سلاح الشيعة... حين يصبح الحشد عقبة أمام مشروع التفكيك
-
مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوط
...
-
آليات التفكير بين الإبداع والتسطيح: دراسة في أنماط التفكير و
...
-
العراق يفتح الأبواب… بينما تغلقها الدول الكبرى والانظمة الاق
...
-
بين دقة الاغتيال ووحشية الإبادة.. لماذا تختار القوى الكبرى ا
...
المزيد.....
-
مسلسلات تركية.. -ورود وخطايا- مسلسل جديد يجمع مراد يلدريم وج
...
-
أمير قطر بالأردن.. ما الذي تحمله زيارة الشيخ تميم بعد -القمة
...
-
لا تهاجمها إسرائيل.. كيف تشكلت مجموعة ياسر أبو شباب وما خلفه
...
-
ترامب يحظى باستقبال ملكي في وندسور: 1300 عسكري وعربة ذهبية
-
لوحات مفاتيح تضمن سرعة الاستجابة لتحسين طبيعة اللعب
-
واشنطن تُدرج أربعة منها على قوائم الإرهاب، ما هي أبرز المليش
...
-
الذكاء الاصطناعي يصنع نجمات -ساحرات- للعلامات التجارية في جن
...
-
كيف ينظر المجتمع الإسرائيلي إلى الحرب في غزة؟
-
الجيش الإسرائيلي يمهل سكان مدينة غزة 48 ساعة لإخلائها
-
الربو لدى الأطفال.. لماذا تكثر الحالات في كل دخول مدرسي؟
المزيد.....
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|