أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والعرق والمنطقة














المزيد.....

مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والعرق والمنطقة


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:
في خضم الأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية التي يعاني منها العراق الحديث، برزت الحاجة إلى إعادة تعريف الهوية الوطنية بعيدًا عن المحاصصات الطائفية والعرقية، وإحياء مشروع شامل ينطلق من الجذور الحضارية الرافدينية ... ؛ تقدم هذه المقالة الموجزة رؤية فكرية تأصيلية لمشروع "الهوية الرافدينية" بوصفه ضرورة حضارية تستمد قوتها من التاريخ العراقي العميق، وتسعى إلى إعادة بناء الإنسان العراقي وفق فهم جامع للذات يتجاوز الأطر المستوردة والمفروضة.
أولاً: الخلفية التاريخية للهوية العراقية
لقد كان العراق مهدًا للحضارات الأولى في التاريخ البشري، حيث ظهرت في سهوله حضارات سومر وعيلام وأكد وبابل وآشور [1]، وتمخضت عنها أعظم الابتكارات البشرية مثل الكتابة (الخط المسماري في أوروك)، والعجلة، والقانون المدون (شريعة حمورابي)[ 2].
ولم يجانب الحقيقة والصواب المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي عندما قال : "من لا يعرف العراق، لا يعرف أصل الحضارة"[3].
إلا أن الهوية العراقية في ظل الاحتلالات الاجنبية , وتواصل الهجرات الخارجية , وتغلغل الفئة الهجينة في البنية الحكومية والاجتماعية والثقافية - حتى عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 بل استمر الوضع الى ما بعد 2003 - ؛ أُغرقت في هويات فرعية بديلة وثقافات دخيلة وهجينة مزّقت الانتماء الوطني، وجرّت البلاد إلى مستنقعات الطائفية والعنصرية والمناطقية والانقسام والتشرذم .
ثانيًا: الهوية الرافدينية كمشروع وطني جامع
يمثّل مشروع "الهوية الرافدينية" واحياء امجاد الامة العراقية ؛ دعوة لاستعادة البعد الروحي والتاريخي للعراق بوصفه كيانًا حضاريًا عريقًا لا مجرّد حدود جغرافية أو انتماءات حزبية وطائفية وعرقية وقومية وفئوية ومناطقية وعشائرية ... ؛ هذا المشروع لا يسعى إلى خلق قومية جديدة، بل إلى بعث شعور وطني عميق يرتكز على:
أن العراقي هو ابن دجلة والفرات والاراضي العراقية التاريخية حتى المسلوبة والمغتصبة منها ... ؛ لا ابن العرق أو الدين أو المذهب أو الحزب أو العشيرة ... ؛ أن الهوية العراقية لا تُصنّع، بل تُستعاد من الذاكرة الحضارية العريقة ... ؛ فالإنسان العراقي هو وريث أول حرفٍ، وأول قانون، وأول مدينة عرفها التاريخ[4].
ثالثًا: التحديات التي تواجه مشروع الهوية العراقية
*الطائفية السياسية: تقويض الهوية الوطنية لصالح هويات طائفية ضيقة.
*القومية والثقافة المستوردة: هيمنة مفاهيم عرقية وهجينة من خارج البيئة العراقية التاريخية والوطنية والمعروفة للقاصي والداني .
*التفكك المجتمعي: الانقسام بين مكونات العراق على أساس المذهب والمنطقة والقومية ... الخ .
*الفساد والجهل والتجهيل: التجهيل المقصود لهوية الإنسان العراقي وذاكرته الجمعية.
رابعًا: عناصر المشروع وأهدافه
*التحرر من الانتماءات الفرعية لصالح هوية وطنية شاملة.
*تأصيل الانتماء للتاريخ العراقي بدءًا من سومر وحتى الدولة المعاصرة.
*بناء خطاب إعلامي وثقافي موحد يعزز المشتركات بدل الفوارق.
*إنتاج فكر وطني جديد يعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة.
خامسًا: دراسات مماثلة ومقاربات فكرية

من أبرز من تناول الهوية العراقية وارتباطها بالحضارة الكاتب العراقي الاصيل سليم مطر في كتابه "الذات الجريحة"[5]، حيث يقدّم قراءة نقدية للانشطار الهوياتي في المجتمع العراقي، ودعا إلى مشروع "الأمة العراقية" بوصفها الصيغة التي تعيد توحيد العراقيين.
كما برزت مقاربات قريبة في كتابات عراقيين اخريين كالدكتور فالح عبد الجبار، والدكتور علي الوردي . وحسن العلوي، وغيرهم من الذين أشاروا إلى الصراع المزمن بين الريف والحضر، والانقسام الطائفي، وأزمة الدولة الحديثة في العراق.
خاتمة: نحو بعث الهوية العراقية من رماد الانقسام
إن الهوية الرافدينية ومشروع الامة العراقية ليست خيالاً رومانسياً، بل مشروع وطني جامع يقوم على فهمٍ عميق لجذور الإنسان العراقي وتاريخه... ؛ إنها استعادة لروح العراق التاريخي العظيم ؛ لا كتمجيد للماضي، بل كوقود حضاري للنهوض بالحاضر والتطلع للمستقبل الزاهر... ؛ ولم و لن تقوم دولة عادلة في العراق، ما لم تُبْنَ على أساس هويّة جامعة تعترف بهويته الاصيلة وحقيقته التاريخية , وتحترم تعدده ومكوناته , وتتخلص من سموم الفئة الهجينة والخط المنكوس ، وتسمو بالعراق والعراقي إلى مستوى المواطنة والعدالة والانتماء الحقيقي والمساواة .
...............................................
الهوامش والمراجع:
[1]: طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1986.
[2]: صموئيل نوح كريمر، من ألواح سومر، ترجمة: فيصل الوائلي، دار المدى، دمشق، 1997.
[3]: Arnold Toynbee, A Study of History, Oxford University Press, 1946. [4]: عبد الأمير الحمداني، "تاريخ العراق القديم"، مجلة الموروث، العدد 12، 2004.
[5]: سليم مطر، الذات الجريحة: الإنسان العراقي ومشكلة الهوية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (4)
- لا تعارض في البين : هوية الاغلبية في طول الهوية الوطنية لا ف ...
- مصير الأغلبية بين ثنائية الدونية والشعارات والبرامج الطوباوي ...
- جنوب العراق :أرض الثروة والإهمال ... المحطات السياسية والاقت ...
- فشل الإعلام الحكومي في معركة الوعي: العراق بين عجز الداخل وه ...
- وادي حوران بين النصر الأمني والرسائل الاستراتيجية
- حملات إزالة التجاوزات في العراق: لعبة انتخابية أم صراع على ا ...
- صرخة في مشهد: الزوار العراقيون بين قدسية المكان وسرقة الكرام ...
- أوكسجين الشفاه
- مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (3)
- نزع سلاح الشيعة... حين يصبح الحشد عقبة أمام مشروع التفكيك
- مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوط ...
- آليات التفكير بين الإبداع والتسطيح: دراسة في أنماط التفكير و ...
- العراق يفتح الأبواب… بينما تغلقها الدول الكبرى والانظمة الاق ...
- بين دقة الاغتيال ووحشية الإبادة.. لماذا تختار القوى الكبرى ا ...
- رفع الأعلام الأجنبية بين السيادة الوطنية والرمزية الدينية: ج ...
- حين يربح الضبع وتُهزم الغزالة
- الزيارة الدينية التي تُقصي أهلها: حين يصبح العراقي غريباً في ...
- البروكرستية العراقية: حين تُقصّ الأرواح لتناسب سرير السلطة
- الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق د ...


المزيد.....




- على الخريطة.. مسرح جريمة مقتل تشارلي كيرك بطلقة واحدة خلال ح ...
- تحليل: ما هو القادم بمحادثات وقف إطلاق النار في غزة بعد الضر ...
- أم من غزة: أمسكت برأس جنيني، وقطعت حبله السُري.. وأطفالي الص ...
- هل تعاني من آلام الظهر؟ قد تكون الأرداف هي السبب الحقيقي!
- مقتل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك بإطلاق نار وترامب يأمر بتنك ...
- أفريقيا تسعى لجمع 50 مليار دولار سنويا لمبادرة حلول المناخ
- لوبوان: هكذا تتخيل واشنطن صداما مباشرا مع بكين
- كاتب أميركي: المسيّرات الروسية ببولندا اختبار ثلاثي الأبعاد ...
- التمرد يتصاعد بموزمبيق بعد 4 سنوات من التدخل الرواندي
- كيم جونغ أون يعزز مكانة ابنته كخليفة محتملة له


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والعرق والمنطقة