أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوطن / حي الصحفيين نموذجا















المزيد.....

مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوطن / حي الصحفيين نموذجا


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 10:25
المحور: الصحافة والاعلام
    


# مدخل عام
منذ سقوط نظام صدام الاجرامي عام 2003، والعراق يعيش تحت رحمة مافيات وعصابات الأراضي الحكومية والعامة والمشاعة التي نهشت خيرات هذا البلد بلا خوف ولا خجل... ؛ اذ شهد العراق انفلاتًا أمنيًا وإداريًا فتح الباب على مصراعيه أمام ظاهرة خطيرة باتت حديث الشارع العراقي: الاستيلاء على الأراضي العامة والحكومية والمشاعة... ؛ هذه الظاهرة لم تعد خافية على أحد، بل أصبحت معروفة لدى القاصي والداني، حتى صارت أشبه بقاعدة راسخة في ظل انهيار القانون وضعف الدولة، وسط تواطؤ أطراف متعددة تجمع بين المصالح السياسية، والنفوذ الاقتصادي، والسلاح المنفلت.
نعم ظاهرة الاستيلاء على الأراضي العامة والمشاعة والحكومية لم تعد مجرد حالات فردية، بل تحولت إلى جريمة منظمة برعاية المتنفذين، وتحت حماية السلاح المنفلت، وبتواطؤ الأجهزة الأمنية التي يفترض بها أن تحمي القانون لا أن تبيعه في سوق النخاسة السياسية والاقتصادية ... ؛ لكن خطورة هذه الظاهرة لا تقتصر على مجرد الاستيلاء على أراضٍ تابعة للدولة، بل إنها أفرزت ظواهر أخرى موازية جعلت من هذه الجريمة شبكة فساد متكاملة تبدأ من رأس الهرم السياسي ولا تنتهي عند عصابات الأراضي.
هذه الجريمة لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج منظومة فساد عميقة، تبدأ من الأحزاب والكتل السياسية، مرورًا بالفصائل المسلحة، وانتهاءً بعصابات الأراضي التي تتاجر بأحلام الفقراء وتبيعهم الوهم في وضح النهار.
#استيلاء محمي بالسلطة والسلاح
من يظن أن الاستيلاء على الأراضي أمر يسير يخطئ التقدير..., فالاستيلاء ليس عشوائياً بل منظماً ؛ اذ لا يستطيع مواطن عادي أن يمد يده على أرض حكومية أو يجرؤ على نهب الاراضي والممتلكات العامة ، إلا إذا كان يملك غطاءً سياسيًا وأمنيًا... ؛ أو مجموعة شباب بسطاء تبحث عن مأوى ... ؛ بل هو فعل منظم لا يتحقق إلا عبر شبكات متشابكة تضم :عصابات الجريمة المنظمة .. , أحزاب سياسية نافذة .. , فصائل مسلحة تمتلك قوة السلاح .. , شخصيات متنفذة في مؤسسات الدولة ... الخ .
فالعصابات التي تعبث بالأراضي ترتبط بشكل مباشر او غير مباشر بجهات حزبية نافذة، ومدعومة بفصائل مسلحة تفرض سطوتها على الدولة والمجتمع، لتتحول إلى دولة داخل الدولة.
وهذه الجهات التي تستحوذ على الأراضي، ليس حبًا بالسكن أو البناء أو الفقير او المواطن المعدم ، بل طمعًا في تحويلها إلى مصدر ربح هائل من خلال بيعها واستثمارها بطرق غير قانونية.
#بيع الوهم للفقراء... وبأسعار خيالية
بعد الاستيلاء تبدأ المرحلة الثانية من الجريمة: بيع الأراضي للمواطنين المعدمين بأسعار خيالية ، بحجة إسكان الفقراء ومساعدة (المكاريد) الاصلاء ... ؛ لكن الحقيقة أنها صفقة نهب جديدة، تدر المليارات على جيوب العصابات والمتنفذين... ؛ في البداية يطرحون الأراضي بأسعار منخفضة لجذب المشترين وتشجيعهم على البناء، ليس حبًا بالفقراء، بل لغرض رفع قيمتها السوقية لاحقًا ... ؛ ثم يقفزون بها إلى أرقام خيالية، مستغلين حاجة الناس إلى السكن وانعدام البدائل... ؛ بينما المواطن الفقير يظن أنه يشتري "أرض الأحلام"، وهو في الحقيقة يشتري صداعًا قانونيًا سيطارده لاحقًا عند أي حملة إزالة متوقعة .
هكذا تتحول جريمة الاستيلاء إلى مشروع تجاري يدر المليارات على حساب أحلام الفقراء.
# غياب البنى التحتية والتنصل من المسؤولية.. أين الخدمات؟ وأين الدولة؟
هذه العصابات لا توفر أي بنية تحتية في الأراضي المباعة، فلا طرق ولا ماء ولا كهرباء ،ولا مدارس , ولا حدائق , ولا ساحات , ولا حتى شارعًا معبدا واحدًا ... ؛ والأسوأ من ذلك، أنها تتخلى عن الضحايا عندما تأتي البلديات والجهات الرسمية لتهديم المنازل... , ويترك المواطن يواجه مصيره وحيدًا ؛ وحين يسأل المواطن: من المسؤول؟ يقال له: "أنت اشتريت أرضًا مخالفة!"... ؛ أما من باع الأرض، ومن قبض المليارات، فيجلس في برجه الحزبي العاجي، محميًا من كل مساءلة ؛ رغم أنهم كانوا يرفعون شعار "إسكان الفقراء والمحرومين"....!!
#مليارات تُنهب بلا حساب ولا أثر
السؤال الذي يطرحه العراقيون: أين تذهب هذه الأموال الهائلة الناتجة عن بيع هذه الأراضي ؟
هناك من يرى أنها تذهب إلى جيوب العصابات والمتنفذين والساسة والزعماء والموظفين الفاسدين .
آخرون يؤكدون أنها تُحوّل إلى الخارج لغسل الأموال , او دعم بعض الانظمة الاقليمية والجهات الخارجية .
فريق ثالث يقول إنها تمثل أحد أهم مصادر تمويل الأحزاب والفصائل المسلحة والكتل والتيارات السياسية ؛ تضخ في ماكينة الأحزاب والكتل السياسية لتمويل الانشطة والفعاليات والانتخابات وشراء الولاءات... ؛ كل شيء مباح ما دام الوطن هو الضحية ...!
وبغض النظر عن الوجهة، فإن النتيجة واحدة: سرقة المال العام عبر بوابة الأرض الوطنية.
#تواطؤ رسمي فاضح
الفضيحة الكبرى أن بعض عناصر الشرطة والاجهزة الامنية والعسكرية وامانة العاصمة والدوائر البلدية ؛ متورطون حتى النخاع... ؛ فالمواطن الذي يريد بناء بيت على أرض اشتراها يُجبر على دفع ملايين الدنانير لـ"الأمانة" والشرطة والاتحادية ... الخ ، وإلا سيهدم بيته فوق رأسه او لا يسمح له بالبناء ... ؛ هذه الحقيقة يعرفها كل عراقي، وليست من الأسرار... ؛ ومن مجموع الادلة والشهادات والقرائن ؛ نعرف انه لا يمكن لهذه العصابات أن تتحرك وتستولي على أراضٍ دون غطاء سياسي أو أمني... ؛ فالمعلومات الموثقة تشير إلى أن هذه الشبكات مرتبطة بشكل مباشر بكتل وأحزاب نافذة في الحكومات العراقية المتعاقبة، وهو ما يجعلها بمنأى عن المساءلة القانونية، حتى عندما يتم كشف أمرها عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي... .
نعم : من أخطر ما في الظاهرة هو تورط بعض الجهات الرسمية في تسهيل الاستيلاء، من خلال :غض الطرف عن عمليات البناء غير المرخص... ؛ او فرض الإتاوات والرشاوى على المواطنين الراغبين بالبناء كما اسلفنا ... ؛ وهذا لا يعني أن كل عناصر الأجهزة الأمنية متورطون، لكن الفساد الجزئي يكفي لتقويض القانون بالكامل وهدم الدولة وتشويه سمعة الحكومة .
#حي الصحفيين... شاهد حي على الجريمة
أحدث مثال على ذلك ما جرى في حي الصحفيين في منطقة البلديات مؤخرًا ، حيث حاولت إحدى عصابات الأراضي، وبحجة الاستثمار، الاستيلاء على قطعة أرض مخصصة للخدمات، بمساندة الشرطة وحماية من القوات الاتحادية , الا ان الأهالي الغيارى والذين حموا هذه الارض طوال كل تلك السنين ؛ وقفوا بصدورهم العارية لحماية الأرض، لكنهم فوجئوا بإطلاق النار عليهم وضربهم بالهراوات من قبل العناصر الامنية ... ؛ و المشاهد موثقة بالفيديوهات التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي ؛ لتؤكد أن "حماة القانون" تحولوا إلى حماة للسراق...!
نعم : رجال الأمن يضربون مواطنين أبرياء لأنهم دافعوا عن أرضهم وخدماتهم المفترضة ...؛ فأي قانون هذا؟ وأي دولة هذه؟
#خاتمة: حين يصبح حاميها حراميها
والسؤال المرير هنا: إذا كان القانون يحمي الفاسدين، فأين يلجأ المواطن؟ ومن يحمي الوطن من لصوصه؟
ظاهرة الاستيلاء على الأراضي ليس مجرد مشكلة عقارية، بل قضية أمن وكرامة وسيادة... , و ملف فساد خطير يمس أمن الدولة الاجتماعي والاقتصادي ؛ ويكشف عن غياب دولة المؤسسات وتحولها إلى دولة المافيات... ؛ ان استمرار هذه الجريمة يعني مزيدًا من الفوضى والخراب ، وانهيار الثقة بين المواطن والدولة، وتحويل العراق إلى سوق مفتوحة للنهب المنظم تحت حماية القانون وعجز الحكومة ... ؛ ان استمرار هذا النزيف يعني أننا أمام دولة بلا قانون، وشعب بلا حماية، ووطن يُنهب على مرأى ومسمع الجميع... ؛ فإلى متى يبقى العراق سوقًا مفتوحة لنهب الأراضي والضمائر؟



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آليات التفكير بين الإبداع والتسطيح: دراسة في أنماط التفكير و ...
- العراق يفتح الأبواب… بينما تغلقها الدول الكبرى والانظمة الاق ...
- بين دقة الاغتيال ووحشية الإبادة.. لماذا تختار القوى الكبرى ا ...
- رفع الأعلام الأجنبية بين السيادة الوطنية والرمزية الدينية: ج ...
- حين يربح الضبع وتُهزم الغزالة
- الزيارة الدينية التي تُقصي أهلها: حين يصبح العراقي غريباً في ...
- البروكرستية العراقية: حين تُقصّ الأرواح لتناسب سرير السلطة
- الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق د ...
- السياحة بين العراق وإيران: تبادل غير متكافئ أم استغلال اقتصا ...
- أشباح الإمبراطورية : المخابرات البريطانية في العراق من الظل ...
- قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد ب ...
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (6)
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (5) وادي حوران في ...
- السياحة الدينية في العراق: بين الفرص المهدورة والموارد المنه ...
- ثمن اغتصاب السلطة وثمن الخضوع لها: قراءة تاريخية في إرث الدو ...
- الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواط ...
- الدوافع السياسية والأمنية وراء إصرار الولايات المتحدة وحلفائ ...
- الدوني العائد من خرائب الشام : التهديد السوري والخذلان العرا ...
- السلطات الحكومية والشخصيات السياسية العراقية بين الاقنعة وال ...
- الساكن في الغرفة السابعة و الاخيرة


المزيد.....




- لن تصدق مدى سرعة وقوع الكارثة.. شاهد ما سيحدث لطوكيو إذا ثار ...
- نجل نائب أردني سابق يعلّق على مقتل والده وشقيقه: -قٌتلا وهما ...
- ماذا سيحدث إذا نجح ترامب في إقالة قادة الاحتياطي الفيدرالي ا ...
- إيران: عودة المفتشين النوويين لا تعني استئناف التعاون الكامل ...
- دبلوماسيون سابقون يطالبون الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات فو ...
- الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات اقتحام واسعة في نابلس بالضفة ال ...
- أوكرانيا: هجوم روسي بالمسيّرات يتسبب بانقطاع الكهرباء عن أكث ...
- سطو -هوليودي- على بنك في المغرب.. واللصوص يسرقون مليون درهم ...
- منصة -كيك- تؤكد تعاونها مع فرنسا بعد وفاة مدوّن خلال بث مباش ...
- -ميتا- تخسر مهندسين أنفقت عليهم مئات ملايين الدولارات


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - مافيا الأراضي في العراق: عندما يتحالف السلاح والفساد ضد الوطن / حي الصحفيين نموذجا