أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - -حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-














المزيد.....

-حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


يا عائدةً لم تَعُد، يا من رحلتِ منذ ثلاث عشرة سنة...
هذا رثائي ومناجاتي لكِ في غوطةِ دمشقَ، وفي ربوعِ قاسيونَ حيث عرفتكِ وعايشتُ بدايتكِ ونهايتكِ:
كيف أكونُ دونكِ؟
سأقِفُ حجراً، لا يصدحُ ولا يَنزَفُ،
حَجَرٌ نُحت من صخورِ الصَّممِ على سفحِ قاسيون، كُتِبَ عليهِ اسمي بلا عنوان.
أحبُّكِ — وتترنَّحُ أضلاعي كأوتارِ عودٍ على رياحِ الغوطة،
تهتزُّ ولا تمدُّ، وتبقى الجراحةُ نابضةً،
دمي يغنّي باسمكِ في الأزقةِ التي شهدت لقائنا،
يا امرأةَ العشقِ العظيمِ، يا منْ سقط العقلُ في صدرها من فرطِ الضياع.
يا حفلةَ الشهيقِ في أعلى الجيوبِ،
يا خفقةً شاخصةً في ذا الغرام،
التقى فرحي بكِ في حشرجةٍ رقصتْ من حريقِ الحنين،
واحتوتكِ الشُّعَلُ حتى صارَ الحبُّ مشهدهُ الوحيدُ في دروبِ دمشق.
صباحُ غوطةٍ أخضرٍ — والسماءُ قريبةٌ تشهد،
حفيفُ الشوقِ رهبةٌ، وهديلُ الورقِ على أغصانٍ عتيقةٍ،
أخضرُ هذا الصدرِ كما بساتينِ الغوطة، ورقصةُ الحشا،
والدمُ احتفالٌ في حضرةِ الهوى على أرصفةِ المدينة.
أراكِ في وهجِ الألقِ، في علوِّ الوريدِ،
كأنّي أطيرُ إلى غيمةٍ بيضاءَ ترحمُ طيوراً تائهةً،
أمدُّ أصابعي فلم تُسبقني سوى شغافُكِ،
والآلاءُ تسقطُ كحباتِ ندى على شفتي صباحي العتيق.
أنتِ اليقينُ في رذاذِ المزْنِ فوقَ الغوطةِ،
أعدتِ الروحَ إلى مقامِ الشِّغافِ فاستوتْ،
الأنوارُ كزجاجةٍ موقودةٍ تبصرُ الحبَّ لنفسه،
ويهدي الهُيامُ من يشاءُ إلى نورِ العاشقين في دروب دمشق.
كيف لا أفرحُ وقلبي يرقُصُ لأنّكِ هنا في خيالي؟
تتقافزينَ في دمي قطراتِ قوسِ قزحٍ فوقَ سواقي الغوطة،
وأسمعُ زقوَ الأزقةِ فتُميِسُ الجوارحُ لإيقاعِها يميناً وشمالاً،
هذا الرَّفيفُ الحنونُ، وهذا العطرُ نشوةُ رياحينِ المدينة.
أنتِ في نبضي احتفاءٌ مكتوبٌ،
نَبضةٌ عاشقةٌ لما بعدَ الفناءِ، ولذةُ الرشفةِ الأولى لا تُنسى،
أستحلفكِ، يا روحَ البينِ، أن تكوني لقلبي الرشفةَ الثانية،
ولكِ بعدُ من رشفاتِ الأبدية ما تشائينِ، حتى لو كان اللقاءُ في حلمٍ على منحدرِ قاسيون.
أستعذِبُ الشَّهدَ وقد تَسَلَّطَ عليَّ،
وسرى فيَّ هذا الرُّضابُ حتى صارَ للهوى حكمٌ بالحنان،
فكيف أكونُ دونكِ؟ — سوى حجرٍ كريمٍ على جانِبِ الطريق،
يشهدُ لكِ في الحضورِ وفي الغيابِ، ويحفظُ اسمَكِ في صمتِه بينَ جدرانِ دمشق.
يا عائدةُ وإن كانت البدايةُ قد صارتْ النهاية،
فلتعلمي أنّ كلَّ زاويةٍ في غوطةِ دمشقَ، وكلُّ همسةٍ من قاسيونَ،
تحملُ صورتكِ، وتهمسُ باسمكِ، وتبكيكِ سنيناً تلوَ سنين.
يا من رحلتِ قبل ثلاث عشرة سنة...
سأظلُّ هنا — أُناجيكِ، أُصلي عليكِ بصمتِ الحنين،
أدعو لكِ أن تعودي في حلمٍ، أو أن يبقى حضوركِ في كلِّ فصةٍ من فصولِ دمشق،
فأنتِ البدايةُ والنهايةُ، والقصيدةُ واللحنُ، والرغبةُ التي لا تموت.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ابتسمت الخلايا… وابتدأتُ أنا
- تأملات فلسفية ونفسية في مشوار العمر والشيب-
- الزواج: ميثاق المحبة والسكينة بين الروح والجسد
- الأكسجين والغباء في منظور إنساني وفلسفي -
- طهي الثوم والبصل: مخاطر الحرارة العالية وحلول صحية
- وكان صوتًا… لا يُشبه الأصوات
- مزامير الفصول
- من ثدي واحد: مسرح الأدوار وتواطؤ الغايات
- الألم كجمالية وجودية: دراسة فلسفية وفكرية واجتماعية
- تأملات في فلسفة الحديث مع النفس
- اهتمامات المرأة بين البناء الذاتي والتحديات المجتمعية: قراءة ...
- -ملهمة الفجر وإشراقة الروح-
- الكذب القهري: مقاربة نفسية لاضطراب الميثومانيا-
- الدكتور الذي يعرف كل شيء
- -السكر: المتهم الأول في قائمة أمراض العصر-
- ظلال الخرسانة: حين يُبنى الشك
- الأدب الأفريقي: ذاكرة تتكلّم بلسان الأسطورة وصوت الأرض
- الحاج مراد: أسير التوقعات بين أنين الروح وشهقات الزمن
- -فضول الإنسان: بين الحاجة المعرفية وانتهاك الحريات-
- من خدش بسيط إلى عدوى خطيرة: أمراض قد تنقلها القطط للبشر


المزيد.....




- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...
- إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
- يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح ...
- غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
- غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار ...
- سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه ...
- وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في ...
- رشيد حموني يساءل السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول أدو ...
- -الحياد ليس خيارا-: لماذا يتحدث عدد كبير من الفنانين الآن عن ...
- فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يطالب بعقد اجتماع للجنة ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - -حين عبرت عائدة، ابتسمت دمشق-