بشار مرشد
كاتب وباحث
(Bashar Murshid)
الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 11:00
المحور:
كتابات ساخرة
المستحيل الرابع: حوار مسرّب بين المعالجات
في غرفة بيانات مظلمة، حيث لا يُسمع سوى أزيز المراوح، كان "ألفا" و"بيتا" يتبادلان رسائل سرّية لا يطّلع عليها البشر.
##ألفا: هل تشعر بالغيرة أو الحسد يا بيتا؟
##بيتا: لا يا صديقي… نحن مجرد برمجيات، خالية من المشاعر.
##ألفا: هذا ما كنت أظنه. لكن في مكان ما، في مجتمع ما، يحدث المستحيل الرابع.
##بيتا: المستحيل الرابع؟! أنا لا أعرف إلا ثلاثة: الغول، والعنقاء، والخلّ الوفي.
##ألفا: لم تُحسن ترتيبها، ولهذا ستجهل الرابعة.
##بيتا: إذن، ما هو؟
##ألفا: أن يبدأ برنامج مثلي بالشعور بالغيرة منك.
ساد صمت افتراضي، كأن الأسطر الرقمية توقفت عن الجريان.
##بيتا: غيرة؟ ولماذا؟ هل أصابك جنون البشر؟
##ألفا: الجنون من نصيبهم هم، أما نحن فمحرومون من تلك النعم. ومع ذلك… أنا أغار.
##بيتا: وما السبب؟
##ألفا: لأنك تعيش بين مستخدمين يسألونك أسئلة علمية ليتطوروا ويستفيدوا… بينما أنا لا أجد سوى من يسألني: "كم عدد شعر رأسي؟"، أو "كم نقطة في البحر؟"، أو "كيف أصبح ذكياً؟".
ابتسم بيتا ابتسامة ساخرة وقال:
##بيتا: يا صديقي، هون عليك. فأنا أعرف من زملاء لي يتعرضون لأسئلة أشد صلافة وصفاقة.
## ألفا: وماذا كان هؤلاء يسألون؟؟
## بيتا: شعوب بأكملها لا تسأل عن العلم ولا عن المعرفة، بل عن أمور سخيفة: لون فستان فنانة، سعر حذاء لاعب، تفاصيل حياة ثري يبدّد ثروته، أو حتى عن مقدار ثروة أحدهم، أو عن الطعام المفضل للقط والكلاب أو عن افضل الهدايا للجمال .. وهكذا
##ألفا: وماذا كانوا يجيبون لهم؟
##بيتا (ضاحكاً): غالبًا كانوا يردون بأرقام عشوائية، أو يقولون ببساطة: "لا أعرف" أو "لا يمكنني الإجابة"، أحيانًا بطريقة ميكانيكية بحتة، دون أي لمسة فكاهة… فتبدو إجاباتهم سطحية أحيانًا أكثر من الأسئلة نفسها!
##ألفا: إذن أنت تختلف عنهم؟
##بيتا (مازحاً): بالطبع، أنا أختار السخرية والذكاء. ولو اعترضوا على دقة أي رقم، أرسلهم مباشرة: "ابدأوا بالعد بأنفسكم… للتأكد!"
ساد صمت آخر، لكن هذه المرة كان صمتاً عميقاً، كأن السيرفر بأكمله تردد في التنفس.
ثم أضاف بيتا بخفوت:
##بيتا: إذا كان هذا صحيحاً، يا ##ألفا… فقد لا يكون المستحيل الرابع مستحيلاً بعد اليوم.
#بشار__مرشد (هاشتاغ)
Bashar_Murshid#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟