بشار مرشد
كاتب وباحث
(Bashar Murshid)
الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 10:24
المحور:
القضية الفلسطينية
في فلسطين، كانت أشعة الشمس تتسلل من بين السحب الرمادية، والريح تحمل الغبار بين الركام. والمكان باهت، والأصوات نادرة، إلا من همسات الماضي والحاضر الممزقين.
##جلست غزّة على حجر محطم، تحدق في الطريق، ثم سألت ببطء:
— هل تعرفين جودو، صمويل؟
##ابتسمت الضفة وهي تستند إلى جدار متصدع:
— نعم… أليست إحدى مسرحيات العبث للكاتب الإيرلندي صمويل بيكيت؟
##ضحكت غزّة بمرارة:
— نعم، أنني لا أشك في ثقافتك… وهل حضر أم لا يزال في الطريق؟
##هزت الضفة رأسها بحزن:
— لا أحد يعلم… يقولون إنه سيأتي غدًا… وغدًا لا يصل أبدًا.
##تنهدت غزّة، وابتسمت ابتسامة قصيرة، ممزوجة بالألم:
— غدًا… دائمًا غدًا… وكل غدٍ يصبح ذكرى.
##أكملت الضفة، وهي تنظر إلى السماء الباهتة:
— وربما الطريق طويل جدًا… مليء بالأشواك… والأبواب… وبعض الشواخص مكتوبة بلغة صعبة تعيق الفهم!
##ضحكت غزّة بمرارة أكبر:
— إذن سنظل ننتظر… نجر جراحنا… ونحاول فهم الرسائل الغريبة!
##ابتسمت الضفة مرة أخرى، ممسكة بخطوط الأمل الصغيرة في قلبها:
— طالما نحن معًا… وطالما نحمل الوطن في قلوبنا… غودو ليس بعيدًا… حتى لو كانت اللغة عائقًا صغيرًا. ولكن اليوم العصر الرقمي والترجمة الفورية.
##ارتبكت غزّة قليلاً:
— لا أعلم… أتظنين أنه اختفى بفعل فاعل أم حدث له مكروه؟
##همست الضفة بصوت خافت:
— أخشى ما أخشاه… أنه أصبح سرابًا.
صمت طويل. الريح تتحرك برفق، تحمل غبار الأمس واليوم، وكأن الزمن توقف للحظة. الأمل موجود، لكنه بعيد وغير واضح.
وفجأة، ظهر طفل صغير بين الركام:
— لماذا لم تذكروني في قصتكم؟
##تبادلت غزة والضفة نظرة صامتة، ثم أجابتا بصوت يئن:
— خشينا أن يسمعنا قتلة الأطفال…
##ابتسم الطفل بابتسامة حزينة، وقال:
ـــ لا تخشوا علي، فأنا مرتاح في قبري.
صمت طويل يملأ المكان، والريح تلامس أوراق الذكريات. وربما سيأتي غودو يومًا… وربما لا يأتي أبدًا… وربما تبقى الأشواك والأبواب عائقًا دائمًا، والصبر طريقهما الوحيد. وكل ما تملكه غزّة والضفة هو هذا الانتظار المشترك، وهذه اللحظة… وهذه الذكرى المفتوحة على غموض المستقبل.
#بشار__مرشد (هاشتاغ)
Bashar_Murshid#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟