فريدة رمزي شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 02:18
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ـــــ قيامـــــة الجســــــد
خلق الله العالم كله، بما في ذلك أجسادنا، «حسنًا جدًا» « تكوين1: 31 ». وموت الجسد هو جزء من لعنة الخطيئة الأصلية «وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» ــ تكوين 2: 17
ويُرى الموت في الجنس البشري ولكن الموت ليس طبيعة في خلق الانسان، ولكنه دخيل على الطبيعة الإنسانية، ولهذا سيكون آخر عدو يهزمه الله ويبطله هو الموت نفسه، عندما تُقام أجساد المؤمنين في اليوم الأخير :
«آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ.» ــ 1كورونثوس 15: 26
«وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ» ــ1كو15: 54
كما سيُقام غير المؤمنين أيضًا، وإن كانوا في أجساد مناسبة للعقاب الأبدي:
« فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.» ــ يوحنا 5: 29
ـــــ القيامة حقيقة روحانية مادية:
فبعد قيامة السيد المسيح، وكان من الممكن لمس جسده وجراحته من أثر المسامير كما لمسته مريم المجدلية وقال لها «لاَ تَلْمِسِينِي»ــ يوحنا 20: 17
وكما قال لتوما : «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي»ـــ يوحنا 20: 27
وفي قيامته « وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ» ــ 1كورنثوس 15: 20 للقيامة المستقبلية لجميع المؤمنين. وبطريقة بسيطة يمكن القول بأن يسوع « في قيامته الجسدية» قد دخل بالفعل في الحالة التي سيدخلها جميع المؤمنين عندما يعود ليفتتح مِلء الخليقة الجديدة.
وبسبب إتحادنا غير القابل للكسر مع يسوع في الحياة والموت نقوم نفس قيامته، كما في رومية 6: 5 :
« لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ »
وكذلك:
« لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ.» ــ1تسالونيكي 4: 14
فإن ما ينطبق على السيد المسيح بعد قيامته سيكون بالتأكيد صحيحاً بالنسبة لنا نحن أيضًا: سنُقام جسدياً روحانياً، كما ذكر بولس في«1كورنثوس 15: 12-19»
وكما قال: «الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ.»ــ فيلبي3: 21
وكما قال:
« وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ.» ــ رومية 8: 11
وستكون أجسادنا روحانية،1كورنثوس 15: 44:
«يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ.»
جسد روحاني ليس بمعنى أنها أجساد هلامية وغير مادية، ولكن بمعنى كونها خاضعة بالكامل لقوة الروح القدس ومقودة به ومجيدة لا تعود ترى فساد الموت ثانية.
ـــــ سماوات جديدة، وأرض جديدة:
إذاً، تُظهر لنا قيامة الجسد أن السماء المجردة لم تكن مُقدّرة من الله أن تدوم إلى الأبد لأن كما يقول الإنجيل أن كل العناصر ستنحل:
« يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا.» ــ2 بط 3: 10
لا بد من وجود عالم روحاني آخر ليسكن فيه الجسد الروحاني المُقام. هذه هي الخليقة الجديدة، التي، كجسد القيامة، هي حقيقة مادية. الخليقة الجديدة هي الأرض التي حوّلها الله بقدرته إلى كل ما قصده لها في البداية عندما خلقها.
إنها السماء الجديدة التي نزلت إلى الأرض الجديدة وليست هذه الأرض التي نحيا عليها الآن:
1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.
2 وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.
3 وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ.
5 وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!» وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ».
6 ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا.
7 مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.
10 وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
ــ رؤيا يوحنا 21: 1-10
إن أمجاد الخليقة الجديدة المذهلة تتجاوز بكثير أمجاد الخليقة الحالية، وهي خليقة مذهلة في شهادتها على صلاح الله وجماله ومجده « مزمور 19: 1-6 ». كان العالم كما خلقه الله في الأصل «حسنًا جدًا» ــ تكوين 1: 31، ولكنه غير مكتمل بسبب حالة السقوط، فلم يكن قد وصل العالم بعد إلى الحالة التي أرادها الله في الكمال، وهي الحالة التي كان آدم وحواء وذريتهم سيدخلونها لو كان آدم أميناً في حفظ العهد الذي كلفه الله به في بدء الخليقة.
ـــــ تظهر هذه الحقيقة بوضوح في رؤيا يوحنا 22: 1-5 :
1 وَأَرَانِي نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعًا كَبَلُّورٍ، خَارِجًا مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ.
2 فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ، شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطِي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ.
3 وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ. وَعَرْشُ اللهِ وَالْخَرُوفِ يَكُونُ فِيهَا، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ.
4 وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ.
5 وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.
حيث شعب الله في ملء الخليقة الجديدة، يُشفى من شجرة الحياة ويعيشون إلى الأبد، دون إمكانية فقدان هذه الحالة المباركة والنعمة الكاملة على الإطلاق.
ولي تكملة في جزء أخير عن كيف ستكون الخليقة الجديدة؟
#فريدة_رمزي_شاكر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟