أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فريدة رمزي شاكر - لوحة الخروج عن القطيع، وثقافة القطيع














المزيد.....

لوحة الخروج عن القطيع، وثقافة القطيع


فريدة رمزي شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 7636 - 2023 / 6 / 8 - 03:20
المحور: حقوق الانسان
    


لوحة فنية للرسام البولندي «توماس كوبرا » بعنوان « الخروج عن القطيع » تصوِّر مدى تراچيدية المعاناة التي يعانيها الشخص وهو يطلق صيحته في محاولة للخروج من بين القطيع لفضح النفاق ولسقوط الأقنعة.
لو بحثنا بين الناس، عن إعتقاداتهم وآرائهم ومدى ما يعتنقون من أفكار وتميزهم لما يحدث، سنجد أن جزء كبير من وعيّ الأغلبية قد تشكّل نتيجة إتفاقهم ضمنياً فيما بينهم، وتجمُّعهم حول آراءٍ وقناعاتّ جمعية لهدف ما، بحيث يصبح من الصعوبة أن تتغيّر هذه الآراء والقناعات، حتى وإن ثبتَ لبعضهم بطلانها وعدم صحتها، ولطالما رددوا عبارات كثيرةٍ مثل:
هل يعُقل أن كل الأغلبية على خطأ ؟!
هذا الأسلوب تعتمد عليه شعوب الشرق البائس، وهدفهم الدائم هو التكتل العددي.
- مثال بسيط على هذا النمط الثقافي، العملية الانتحارية التي قام بها المجند الإرهابي محمد صلاح وتسلله داخل الحدود الإسرائيلية ليقتل ثلاثة من جنودهم، فقام الجيش الإسرائيلي بالرد عليه وقاموا بقتله. فهلل قطيع الأغلبية من مصريين وعرب ونشروا صوره على صفحات مواقع التواصل كبطل قومي، وعبارات حماسية:« برافو يا بطل يا فخر العرب، في الجنة يا شهيد ». هل صحيح المجرم تحول لبطل وشهيد في أزهان الناس أم إنتقلبت الموازين وإنتحر المنطق!
إن كان هذا الإرهابي صار مفخرة للعرب، ولكننا مصريين لسنا عرباً ولن نكون، بل هذا المجرم صار عار على المصريين وليس مفخرة لنا.
ماذا لو كان هذا الإرهابي مسيحياً، هل سيجعلون منه بطلاً قومياً وشهيداً ؟! أم سيختلف الوضع عندنا لنُكيل بمكيالين ونقول اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين!!
ماذا لو إحتفظت إسرائيل بحق الرد بعملية مماثلة وتسلل جندي إسرائيلي لداخل حدودنا المصرية وقتل كتيبة من جنودنا ؟! هل من حق أي إنسان يقتل غيره من المختلفين معه عرفياً ودينياً وتتحول البلاد إلى غابة بلا قانون يحمي المسالمين الأبرياء.
- من يؤيد العمليات الإنتحارية للإرهابيين بغطاء ديني وعنصري، ويعتبر الجريمة وإراقة دماء أناس لا ذنب لهم، هو نوع من المقاومة، فهذا الشخص عبارة عن مشروع داعشي كامن يتحين الفرصة، ولا ينقصه سوى حمل السلاح ليكرر بنفس الجريمة!.
عفواً الضمير الإنساني يرفض العمليات الجهادية الإنتحارية، وهذه ليست بطولة بل خِسة ووضاعة وترويع للآمنين، أن يخون الجندي بلده ويُخِلّ بالشرف العسكري ويورط وطنه في دفع تعويضات بملايين الدولارات لأسر الضحايا. لأن ماقام به من مذبحة ليست بأوامر عسكرية، وليست «مقاومة»، لأننا لسنا في حالة حرب وهناك معاهدة سلام بيننا. نحن دولة قانون ولسنا دولة ميليشيات جهادية مسلحة، وليس مباح لكل واحد أن يحكم على غيره وينفذ فيه حكمه. وإلا تحولت مجتمعاتنا لغابة!
ولمن يصفقون له، أقول لهم دائما الحروب تندلع من مستصغر الشرر. فلنكُف عن تغليف الإرهاب بمسميات حماسية رنانة وإلا تحولنا لشعب إرهابي، متخطيين أي ثوابت للتعايش السلمي!
من يهلل بنصر زائف فهو ليس أقل خطورة من القاتل نفسه، لأن التحريض أحيانا أشد عنفاً من القتل. وإن عارضت المهللين والمكبرين يصفونك بالخنوع والإنبطاح أو بالخيانة والتطبيع!!
فأيهما الخائن من يقتل أم من يدافع عن المبادئ الإنسانية التي تميز العالم المتحضّر عن العالم المتخلف الذي يعيش بشريعة الغاب؟!
- كثيرون من الرعاع يشعرون بصحّة ما يعتقدون لمجرد أنهم يجدون أنفسهم مع قطيع الأغلبية ورأي الجماعة، حيث يبحثون عن الأمان الزائف بمجرد الإنغماس فيما إنغمس قطيع الأغلبية فيه، دون أدنى مراجعةٍ لأنفسهم ولما يعتنقون من أفكار، ومن دون أدنى تدقيق حول صحة ما إختاروا أن ينغمسون فيه من قناعات وآراء و إعتقادات ومواقف، وأحياناً كثيرة يكون تصالح المصالح هو السبب في إنضمامهم لقطيع الأغلبية وثقافة التكتل العددي، وهنا الكارثة الأكاذيب والشائعات ولويّ عنق الحقيقة تسود قطيع الأغلبية وتكبر كل يوم ككرة الثلج ليصبح الوهم حقيقة، ويصبح الإستثناء هو القاعدة السائدة.
ياخسارة يابلد، لما يبقى أغلبية شعبكِ إرهابيين إن ماكانش بحملهم للسلاح يبقى بالتطرف الفكري. فالداعشية أصبحت نمط حياة معششة تحت جلدهم!

أتذكر أن الحرب العالمية الأولى قامت بين عدة دول بسبب شخص واحد وهو الطالب الصربي الإرهابي غافريلو برينسيب، الذي أطلق النار ليغتال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند مع زوجته من قبل، عام 1914 أثناء زيارتهما لسراييفو.
البطولة ليست في إراقة الدماء لمجرد أن الضحية يختلف عنا دينياً أو عرقيا. إنقلبت الموازين فأصبحنا نعتبر الإرهابي شهيد وبطل، أما ضحاياه الأبرياء فنرى أن قتلهم حق مكتسب لنا !
البطل الحقيقي مَنْ ينقذ الأرواح وليس مَن يزهق الأرواح ويزيد في تعذيب ضحاياه. البطل الحقيقي مَنْ يحمي وطنه ويبنيه وليس من يورِّط وطنه ويهدمه.
أصبحنا نخاصم المنطق ونخشى التفكير الفردي بعقلانية خارج الصندوق المؤدلج لتمييز الأمور والحكم على الأحداث بعيون ثاقبة، فصرنا كمستنسخين. مات السلف الأولين من رواة الخرافات والأساطير والأفكار المسمومة ولكنهم تركوا لنا أساطيرهم كجثة نتنة جاثمة فوف صدورنا ومعششة في عقولنا، تسبح تحت جلدنا، ليقتلوا فينا الحياة وينشروا ثقافة الموت.
أختم بقول آرثر شوبنهاور :
« أكثر ما يكرهه القطيع هو إنسان يفكر بشكل مختلف ، إنهم لا يكرهون رأيه في الحقيقة، ولكن يكرهون جرأة هذا الفرد على إمتلاك الشجاعة للتفكير بنفسه ليكون مختلفاً».



#فريدة_رمزي_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة النور المقدس
- هل يوجد مسيحيون عرب في شرقنا؟!
- ماهو الدين الذي سيحكم العالم في نهاية الزمان؟!
- شنودة، أيقونة متألمة!
- أزمة مدينة سانت كاترين
- الترجمة العربية المُبسّطة للإنجيل- نسخة مشوّهة
- هويتنا المصرية وخطر الأفروسنتريك
- حجر باليرمو أقدم السجلات الملكية لمصر القديمة
- ألواح إيبلا تؤكد أن سفر التكوين من التاريخ وليس من أساطير ال ...
- مريم إبنة يواقيم أم أخت هارون !
- ألواح چورچيا وحقيقة نهاية العالم
- التعريب وخطورته في إسقاط الهويات
- أيقونات المسيح عبر الثقافات المختلفة
- نجمة داود في الأديان (✡)
- إبراهيم في النقوش والنصوص الفرعونية القديمة
- مصرايم ليستْ كِميتْ، و إيچيبت ليستْ مصر (4)
- مصرايم ليست إيچيبت، و كِميتْ ليست مصر (3)
- مصرايم ليست كِمِيتْ ، و إيچيبت ليست مصر (2)
- مصرايم ليست إيچيبت، وإيچيبت ليست مصر - ج (1)
- الطلاق لغير عِلَّة الزنا ؟!


المزيد.....




- بصورة يحيى السنوار وتمزيق ميثاق الأمم المتحدة.. ضجة على رد ف ...
- محمد بن سلمان والملك فيصل وتعليق إمام الحرم المكي الأسبق.. ت ...
- شاهد لحظة تمزيق سفير إسرائيل ميثاق الأمم المتحدة خلال كلمة غ ...
- إيران تدعم بقوة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن فلسطي ...
- ما هي الدول الممتنعة والمعارضة لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟ ...
- ليست بالرَّكيكة عن الحكومة الضاحكة
- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فريدة رمزي شاكر - لوحة الخروج عن القطيع، وثقافة القطيع