أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فريدة رمزي شاكر - شنودة، أيقونة متألمة!















المزيد.....

شنودة، أيقونة متألمة!


فريدة رمزي شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 04:50
المحور: حقوق الانسان
    


مأساة شنودة هي مأساة أكثر من ثلاثة مليون طفل شوارع وملاجئ. شنودة قصة متكررة يومياً. فهو أول طفل يتم تغيير ثلاثة شهادات ميلاد له على مدار سنة شهرين. عاد «شنودة فاروق فوزي بولس» لأبويه من خلف القضبان، ولكنه عاد بإسم «يوسف عبدالله محمد إبراهيم»، ثم بإسم ثالث «يوسف سمير زكريا إبراهيم»، عودة مُذِلة تحمل القهر و الإهانة. يعني إيه تعيش الذُل، يعني نرجِّع لكم الطفل بس نشارككم فيه. يعني تفرحوا به وتطلع عينيكم في تربيته ولكن يظل لا هو إبنكم ولا لكم حق فيه ولا هو بإسمكم. ولا تقدروا تدخَّلوه مدرسة ولا تورَّثوه ممتلكاتكم ولا أموالكم ولا تقدروا تضيفوه لجواز سفركم، ولا تفتحوا له دفتر توفير ولا حساب بنكي ولا تتعملوا مع أوراق رسمية إلا من خلال وزارة التضامن، شريككم اللدود في طفل الكفالة!

- يوما ما ستكبر يا شنودة، والأيام بتجري بنا وبك وتكبر معك مأساتك وتكتشف وجعك الحقيقي حين تقرأ مأساتك المُرّة وتشاهد فيديوهاتك المنتشرة عبر الإنترنت. وسيكون قد طمسها الزمن قليلاً في طيِّ النسيان ولكنك ستظل الوحيد الذي يتذكرها وتبحث عنها لترى فيها كم أجرم المجتمع في حقك، وتتسائل لماذا كل هذا الإهتمام بيَّ !

- يعني لما تروح المدرسة هتعرف أنك «لقيط» و بيربيك الكفيل فاروق فوزي- إللى كنت فاكر أنه أبوك - لكنك ستكتشف أن إسمك مش على إسمه، لأن إسمك أصبح إعتباري وإختاره لك القانون! وصار مفروضاً عليك - بسلطة القانون - أن تعرف الفارق بين أبوك فاروق وبين آباء زملائك الطبيعيين في المدرسة والجامعة ! وأن أسرار وجودك في الحياة قد دفنت مع هذا الرجل الطيب الذي حارب في سبيل فك أسرك من بين أنياب قوات الظلمة والشر.
وستعرف أن أمك أمال ميخائيل ليست أمك، وليست تلك التي حبلت بطنها فيك ثم رمتك وتنكرت لك وأنت لحمة حمرة، بل أمك هي تلك التي سهرت عليك وقبلت أن تشوه صورتها وسُمعة أسرتها لأجل إبتزاز أقارب زوجها لها، مقابل أن تتنازل عن قضيتها وحقها فيك كإبن بالتبني، ولم يمنحوها حتى حق كتابة إسمها في شهادة ميلادك! .

- بإعطاء الطفل إسم غير إسم أبيه لمنع الطفل من إرث أبويه بالتبني، واللذان نُزعت منهما أي صلاحية وحقوق تندرج تحتها صلاحيات « الوصاية» علي الطفل. مثل حق التقديم للمدرسة و الولاية الصحية والتعليمية علي الطفل، وحق إصطحابه معهما عند السفر ... إلخ ، كل هذه الحقوق منزوعة من الأبوين بحكم المحكمة !
أتمني أن تستمر معركة أبويه لإسترداد الطفل كاملاً، حتي يتسني للطفل ولمن هم مثله، الحق في التبني وليس الكفالة، وفق إقرار قانون للاحوال الشخصية للمسيحيين، يسمح بالتبني وتفعّل المادة الثالثة من القانون الذي ينص على إحتكام المسيحيين لشريعتهم والذي تدعمه لائحة التبني لسنة 1938 للأقباط الأرثوذكس، فهي لائحة لم تلغى كما يظن البعض.

- يوم ما سيعرف الطفل أنه إختطف غدراً من بيته وإنتزع عنوة من حضن أمه الدافئ ليجرموا في حقه بفضيحة مستقبلية شاركت فيها أطراف كثيرة ، وربما تدمر نفسيته، من مجتمع لا يستر، ومن إمراة عديمة الأخلاق والشرف من الأقارب طمعانة فيما سيتركه له والده من مال، ، وقوانين عز عليها منحه إنسانيته وبديهات الحياة الكريمة، وقوانين عوراء ليست دائماً معصوبة العينين !.

- يقول الحديث الشريف: « أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة». طبعا الكفالة عمل إنساني رائع، إنما الأروع منها والأسمى من الكفالة هو «التبني». أنت تكفل اليتيم ماديا فقط، بينما التبني يستر على الطفل «مجهول النسب» ممن يسميه المجتمع «لقيط ». التبني هو الرعاية المادية والمعنوية والنفسية وحصن الأمان للقيط أكثر منه لليتيم. لأن اليتيم معروف نسبه بينما اللقيط يحتاج للإنتساب لأسرة تعامله كإبن في كافة الحقوق التي يحتاجها.

- واحد هيقول التبني فيه إختلاط للانساب ونزلت الآية الكريمة لتحريم التبني. هأقوله التبني كانت متاح قبل وبداية ظهور الإسلام، رغم أنه لم يكن في ذلك الوقت تحليل للبصمة الوراثية وهي ال DNA ولا تحليل للحمض النووي ولا معامل تحاليل و لا دكاترة تحاليل، بينما الآن كل هذه التحليلات العلمية متاحة وفي متناول الجميع. والظروف تتغير عبر الزمان، والضروريات تبيح المحظورات، وليس كل حكم هو صالح لكل زمان ومكان نظرا لتغير الظروف والأسباب.

- واحد هيقولي أنتي مال أهلكِ ؟ أقوله ده مال أهلي ونُص، لأن هناك مسيحيين متضررين من تلك الأحكام التشريعية، لأن في شريعة المسيحيين التبني يجوز بل هو عمل إنساني ورحمة وقمة العدل الإلهي، مش بس كده، كمان السيد المسيح نفسه كان إبن بالتبني لأبيه يوسف النجار، من أعطاه إسمه كاملاً ورعاه كإبنه تماماً لأنه بلا أب بشري أمام القانون .

- وأمامنا مأساة حقيقية تم الحكم فيها قبل أيام ضد زوج، خانته زوجته مع عشيقها لمدة 11 سنة فأنجبت له ثلاثة أطفال من الحرام تم كتابتهم على إسم الزوج، وحين إكتشف الخيانة رفع دعوى بعدم إثبات النسب، وفعلا أثبت تقرير الطب الشرعي إنهم ليسوا أبنائه، وكذلك تحريات المباحث توصلت للأب الحقيقي. ولكن قانون زينب فرض على الزوج الأطفال ورفض إسقاط نسبهم إليه وكأنه (( تبني إجباري)) وتعللت المحكمة في حيثيات الحكم بالقاعدة الشرعية «الولد للفراش»، وعليه أن يربي أطفال مجهولة النسب ليسوا من صُلبه رغم أنه لا يريدهم. ورغم أن التحقيقات تعلم أبو الأطفال الحقيقي عشيق الزوجة! لينسبوا أطفال مجهولي النسب لهذا الزوج بقوة القانون! وما يتبعه من إختلاط للنسب. لكن سيادتك التبني ممنوع شرعاً منعا لأختلاط الأنساب!
أليس هذا قمة العبث والسخرية ! فرغم التحليلات العلمية للبصمة الوراثية DNA ! لكنه التشريع الذي لا يعترف بالعلم ولا بال DNA ويتغول على سلطة قانون زينب، أليس هذا تبني إجباري بحكم محكمة وبمباركة شرعية؟!
ياحلاوة يا ولاد! يعني العلم يثبت الحقيقة، يقوم التشريع ينفي العلم و تشدنا للخلف وللماضي! والأحقر أن المحكمة توافق على هذه المهزلة !

- طيب يا سيدي يِجرا إيه لو كل واحد يبُصّ في ورقته ومالوش دعوة بورقة غيره !. الموضوع أسهل من كده بكثير، المسيحية تجيز التبنى والإسلام يجيز الكفالة، فما المشكلة في هذا؟! أنا كمسيحي فين حل مشكلتي وحقوقي بحسب عقيدتي التي أطالب القانون بتطبيقها عليَّ؟
أنا كمسيحي ليه اتغعامل بشريعة غيري؟ أطالب بقانون يحترم عقيدتى و إيمانى وأن تجيز الدولة حق التبنى كمواطنين مصريين، و كفاية الملايين من أطفال الشوارع والمشردين الذين ينامون تحت الكباري وفي الحدائق وعلى الأرصفة، ليصبحوا قنابل موقوتة للإرهاب وللإجرام ، أو يتم سرقة أعضائهم وإنتهاك آدميتهم من الذئاب. الله لايرضى بهذا، فليس من الدين ترك الأطفال فى الشوارع بلا مأوى ولا أمان و لا يد تحنو عليهم وتطبطب ويحتضنهم، مع وجود أسر كثيرة محرومة من الخِلفة ولديها الإستعداد والرغبة فى التبنى وأيضا في الكفالة لدى المسلمين.

- حضرتك مش عايز تتبنى سيب غيرك يتبني. هو أنت لا بترحم وعايز رحمة ربنا تحِلِّ على هؤلاء المساكين في مجتمع بائس مطعون في شرفه. يا أخي المجد للإنسانية، المجد لمن قال« لا» في وجه العدم. استقيموا يرحمكم الله!
ما حدث وسيحدث إهانة لمصر وللمصريين، وتخبط واضح وعشوائية وغياب تام لمفهوم المواطنة .. وسؤال: لماذا غير المسلمين يعيشون حياة الإستثناء، ويظل المسيحي يعيش أسير الترجي منتظراً لرحمتهم، رغم أن يد الرحمة تلك، ستمتد إليه مرة ولكنها لن تمتد إليه كل مرة !، شيئ بائس أن يمنوا عليك بالفُتات وعليك تقبيل أيديهم!

- رجوعك يا شنودة لأبويك بهذه الطريقة المهينة سيفتح جرح جديد ومشوار طويل ملغّم بماضيك، فليس لك ميراث ولا هِبة ولا حقوق مادية عند أبيك، ولا تستطيع أن تسافر لتكمل دراستك أو تهرب بحياتك لعالم لا يعرفك فيه أحد ، ومطلوب منك أن تواجه مأساتك في مجتمع لم يرحمك، وتقابل أحزانك وخجلك من ذنب ليس لك يد فيه، تقابل كل هذا بالصبر والإيمان بالحياة حين تكبر وتكبر معك مأساتك.
شنودة الحلو،،
ياملاكي الصغير ، يامن قلبت الموازين رأساً على عقبٍ وفضحتنا كلنا وفضحت جميع الأطراف التي نالت من إنسانيتك وأظهرتنا جميعا كأقزام أمام العالم، وأنت مازلت لا تدري شيئا ولا تُدرك ما يحدث حولك، وتساؤلات عينيك: ليه كل هذا الإهتمام بيَّ وأنا لا أريد سوى حضن أبي وأمي! .
ستظل يا صغيري الأيقونة المجروحة والمتألمة التي عرّت ضمائرنا، وكشفت عن وطن مطعون في شرفه بتقوى التعصب، وتواطؤ القانون، وصمت الأتقياء، وطمع الأقُرباء!



#فريدة_رمزي_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة مدينة سانت كاترين
- الترجمة العربية المُبسّطة للإنجيل- نسخة مشوّهة
- هويتنا المصرية وخطر الأفروسنتريك
- حجر باليرمو أقدم السجلات الملكية لمصر القديمة
- ألواح إيبلا تؤكد أن سفر التكوين من التاريخ وليس من أساطير ال ...
- مريم إبنة يواقيم أم أخت هارون !
- ألواح چورچيا وحقيقة نهاية العالم
- التعريب وخطورته في إسقاط الهويات
- أيقونات المسيح عبر الثقافات المختلفة
- نجمة داود في الأديان (✡)
- إبراهيم في النقوش والنصوص الفرعونية القديمة
- مصرايم ليستْ كِميتْ، و إيچيبت ليستْ مصر (4)
- مصرايم ليست إيچيبت، و كِميتْ ليست مصر (3)
- مصرايم ليست كِمِيتْ ، و إيچيبت ليست مصر (2)
- مصرايم ليست إيچيبت، وإيچيبت ليست مصر - ج (1)
- الطلاق لغير عِلَّة الزنا ؟!
- أصحاب الكهف ؛ قصة إسلامية أم إسطورية ؟!
- عُملة أموية- تنوخية- وحرف القاف العبري (Φ) والإمبراطورية ...
- مريم، كذبتهم التي حَبَلت فولدتْ !
- هل التحولات الدينية من معابد وثنية لكنائس كالتي تحدث بتحويل ...


المزيد.....




- اعتقال 8480 فلسطينا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
- اليونيسف ترصد ارتفاع عدد الأطفال القتلى في أوكرانيا
- -أدلة- على -انتهاك- وحدات من الجيش الإسرائيلي حقوق الإنسان
- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فريدة رمزي شاكر - شنودة، أيقونة متألمة!