فريدة رمزي شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 19:56
المحور:
الطب , والعلوم
فلنتفق مبدئياً على ما يقوله العلم، وما لا يقوله، بمعنى أنه لا يوجد دليل مؤكد على وجود الروح أو وعي يغادر الجسد، فلا يستطيع العلم كما يتعامل مع العالم المادي، أن يثبت أو ينفي وجود الروح أو الوعي غير المادي الذي يستمر بعد الموت.
ـــــ في صحيفة إيكونوميك تايمز بتاريخ 20/2/2025 تقرير طبي يقول:
(إكتشف باحثون في إمبريال كولدچ لندن إن مادة DMT الكيماوية العصبية قد تكون مرتبطة بتجارب الاقتراب من الموت وهي تجارب تشبه المعتقدات الروحية القديمة. وأن DMT قد يسهل الرؤى والأحاسيس التي يُبلّغ عنها عادة الناجون من تجارب الإقتراب من الموت، ورغم أن هذه النتيجة ليست قاطعة، إلا أنها تقرّب العلم من فهم ما يحدث على شفا الموت )
أظهرت إحدى الدراسة المصورة على مجلة the hell أن شخصين يبدو أنهما ميتان دماغياً وتم فصلهما عن أجهزة دعم الحياة، أظهرا ارتفاعاً مفاجئاً في النشاط العصبي.
وتقدم النتائج المنشورة في« مجلة وقائع» الأكاديمية الوطنية للعلوم الدعم العلمي لتجارب « الإقتراب من المو» - وهي تجارب قوية وغامضة في كثير من الأحيان تحدث عندما يكون المريض على وشك الموت.
ــــ وفي دراسة صغيرة أجريت على أربعة مرضى تم فصلهم عن أجهزة دعم الحياة، وجد فريق بورجيجين شيئا مفاجئا: فقد انفجرت أدمغة اثنين من المرضى الأربعة بالحياة في اللحظات التي سبقت الموت. وعلى وجه الخصوص، أظهر المرضى ارتفاعًا مفاجئًا في نوع معين من الموجات الدماغية التي تشير عادةً إلى التفكير الواعي.
وأرتفع إنتاج تلك الموجات الدماغية - والتي تسمى موجات جاما - إلى ما يصل إلى ثلاثمائة مرة عن مستوياتها السابقة في مريض واحد في اللحظات التي سبقت الوفاة. وصلت أنماط موجات جاما لدى المريض المحتضر إلى مستويات أعلى من تلك الموجودة في الأدمغة الواعية الطبيعية.
ــــ «الحالة الثالثة»، حالة اللاحياة واللاموت وجسر غامض بين الحياة والموت :
كشف العلماء عن ظاهرة تُسمى « الحالة الثالثة»، وهي مرحلة إنتقالية لا تقتصر فيها خلايا الكائنات الميتة على البقاء فحسب، بل تتحول إلى أشكال حياة جديدة متعددة الخلايا ذات سلوكيات ووظائف فريدة.
الحالة الثالثة هي مرحلة إستثنائية تُعيد فيها الخلايا الميتة تنظيم نفسها لتُشكّل هياكل متعددة الخلايا الجديدة كلياً، ومُطوّرةً القدرات، لم يكن الإنسان يمتلكها أثناء حياته. هذه التحولات ليست مُبرمجة مسبقاً، كما تتحول اليرقة إلى فراشة، بل تنشأ تلقائياً في ظل ظروف مُحددة.
أظهرت الخلايا البشرية قدرة مماثلة على التكيف. وجد الباحثون أن خلايا الرئة قادرة على التجمع ذاتياً لتكوين كيانات صغيرة متعددة الخلايا تُسمى « روبوتات الإنسان». تتحرك هذه الروبوتات بشكل مستقل، وتُصلِّح الخلايا العصبية المصابة الموجودة بالقرب منها، وتؤدي وظائف تتجاوز بكثير أدوارها البيولوجية الأصلية.
يعتمد بقاء الخلايا بعد الوفاة على عدة عوامل، منها الظروف البيئية، وتقنيات الحفظ، ومرونة الخلايا. تؤثر الظروف البيئية، مثل درجة الحرارة وتوافر الأكسجين، بشكل كبير على قابلية الخلايا للحياة.
على سبيل المثال، يمكن لخلايا الدم البيضاء البشرية البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 86 ساعة بعد الوفاة، بينما تبقى خلايا العضلات الهيكلية لدى الفئران، قابلة للحياة لمدة تصل إلى 14 يومًا.
وتلعب طرق الحفظ، كالتجميد، دوراً بالغ الأهمية في الحفاظ على وظائف الخلايا. فمن خلال تجميد الأنسجة في درجات حرارة منخفضة للغاية، يمكن للعلماء تخزين خلايا مثل نخاع العظم لفترات طويلة، مما يضمن بقائها صالحة للاستخدام الطبي.
ـــــ التحول الخلوي بعد الموت:
إن قدرة الخلايا على إعادة تنظيم نفسها وتولي أدوار جديدة بعد الموت دليل على مرونتها الفطرية. تعمل القنوات والمضخات المتخصصة في أغشية الخلايا كدوائر كهربائية، مولدةً إشارات تُمكّن الخلايا من التواصل وتنفيذ سلوكيات معقدة.
تُمكِّن هذه الآليات الخلايا من تنظيم نفسها ذاتياً وتحويلها إلى هياكل متعددة الخلايا، مما يُمهد الطريق لتحولات كتلك التي نراها في روبوتات « زينوبوت» الروبوتات البشرية. وتشير هذه القدرة على التكيف إلى أن إمكانات الحياة تتجاوز بكثير فهمنا الحالي.
ـــــ والسؤال :
ماذا لو كانت هناك «حالة ثالثة» بين الحياة والموت، وماذا لو كانت خلاياك... واعية؟!
تظهر أبحاث جديدة مذهلة أن الموت، على الأقل بالنسبة لبعض الخلايا، ليس نهاية المطاف، بل هو بداية شيء غير متوقع تماماً - وكل هذا يتجلى في شكل مخلوقات صغيرة غريبة تسمى « زينوبوتس ».
ـــــ في دراسة جديدة نشرت بصحيفة « إيكونوميك تايمز»، بتاريخ 17سبتمبر 2024، تقول الدراسة عن «الحالة الثالثة» تعتبر الحياة والموت عموما متناقضين، ويُنظر إلى الموت على أنه الإنقطاع التام للحياة، ومع ذلك تشير دراسة جديدة إلى أن الحياة والموت قد لا يكونان متناقضان تماماً .
وتكمل الدراسة بقول:
« إنه في مقال نشر بمواقع « ذا كونفرزيشن » إكتشف علماء الأحياء «بيتر نوبل» و « ألكس بوزيتكوف» من « جامعة واشنطن، سياتل».. وكيف مكننا ظهور كيانات متعددة الخلايا الجديدة من تجاوز الحدود التقليدية للحياة والموت.
يدرس نوبل وبوزيتكوف العمليات التي تحدث داخل الكائنات الحيّة بعد الوفاة وبما أن عمليات زرع الأعضاء الناجحة أثبتت أن الخلايا يمكن أن تستمر في وظيفتها بعد الموت، وتعمقاً في العمليات التي تجعل ذلك ممكناً .
كشف بحثهم أن خلايا الجلد المأخوذة من أجنة ضفادع ميتة يمكن أن تتكيف تلقائياً مع ظروف طبق مختبري، مكونة هياكل جديدة متعددة الخلايا تعرف باسم زينوبوتس التي أظهرت سلوكيات تتجاوز بكثير وظائفها البيلوچية الأصلية ، هذه الكيانات تستخدم أهدابها وهي نتوءات صغيرة تشبه الشعر للتنقل والتحرك عبر بيئتها، بينما تستخدم الأهداب في جنين الضفدع الحيّ لدفع المخاط. وتتمتع روبوتات زينوبوتس بقدرة فريدة على المضاعف الذاتي الحركي، ما يعني قدرتها على مضاعفة شكلها ووضيفتها المادية دون الحاجة إلى النمو التقليدي.
كما أظهرت الدراسة أن خلايا الرئة البشرية الفردية يمكنها أن تتجمع تلقائياً لتشكل كيانات صغيرة متعددة الخلايا قادرة على الحركة. تتميز هذه الروبوتات بسلوكيات هياكل جديدة، فبالأضافة إلى قدرتها على المناورة في بيئتها فهي تستطيع أن تصلح نفسها وإصلاح الخلايا العصبية التالفة المجاورة.
ـــــ في مجلة « نيو ساينتست» للعلوم، نشرت في يونيو 2016 بحث عن التأثيرات على زراعة الأعضاء، حيث أن نشاط بعض الچينات بعد الوفاة قد يكون له دور في الحد من حالات الإصابة بالسرطان. وأن مئات الچينات تعود للحياة بعد يومين من الوفاة، وإكتشاف العديد من الچينات لا تزال تعمل لمدة تصل إلى 48 ساعة بعد الوفاة له آثار على عمليات زرع الأعضاء والطب الشرعي وتعريفنا للموت.
واستعرضت المجلة أبحاث بيتر نوبل وأليكس بوزيتكوف، وقالت إن « مئات الچينات ذات الوظائف المختلفة أستيقظت بعد الموت، بما في ذلك چينات نمو الجنين والتي عادةً ما تتوقف عن العمل بعد الولادة، بالإضافة إلى چينات سبق ربطها بالسرطان. وبلغ نشاطها ذروته بعد حوالي 24 ساعة من الوفاة.»
أظهرت دراسات سابقة أن چينات مختلفة، بما فيها تلك المرتبطة بإنقباض عضلة القلب وإلتئام الجروح، كانت نشطة لأكثر من 12 ساعة بعد الوفاة لدى البشر الذين ماتوا نتيجة صدمات متعددة أو نوبة قلبية أو إختناق .
ـــــ وتحت عنوان « قد تظهر الحياة فجأة أمام عينيك عند الموت» - دراسة جديد، تقرير هولي هوندريتش في فبراير 2022 في صحيفة الـBBC، واشنطن .
تشير بيانات جديدة من «حادث» علمي إلى أن الحياة قد تظهر بالفعل أمام أعيننا عندما نموت.
شرع فريق من العلماء في قياس موجات دماغ مريض يبلغ من العمر 87 عامًا، وكان يعاني من الصرع. ولكن أثناء التسجيل العصبي، أصيب بنوبة قلبية قاتلة، مما أدى إلى ظهور تسجيل غير متوقع لنشاط دماغ يحتضر.
وكشفت الدراسة أنه في الثلاثين ثانية قبل وبعد ذلك، أتبعت الموجات الدماغية للرجل نفس الأنماط مثل الأحلام أو إسترجاع الذكريات.
أن هذا النوع من نشاط الدماغ قد يشير إلى أن « التذكر النهائي للحياة» قد يحدث في اللحظات الأخيرة من حياة الشخص.
وقال الدكتور «أجمل زيمار»، وهو جراح أعصاب في جامعة لويزفيل بولاية كنتاكي، إنه في الثلاثين ثانية التي تسبق توقف قلب المريض عن إمداد الدماغ بالدم، أتبعت موجات دماغه نفس الأنماط كما هو الحال عندما نقوم بمهام تتطلب مهارات معرفية عالية، مثل التركيز أو الحلم أو إسترجاع الذكريات.
واستمرت العملية لمدة 30 ثانية بعد توقف قلب المريض عن النبض، وهي النقطة التي عادة ما يتم إعلان وفاة المريض عندها.
« قد يكون هذا هو التذكير الأخير للذكريات التي مررنا بها في الحياة، والتي تتكرر في أدمغتنا في الثواني الأخيرة قبل أن نموت.»
وتثير الدراسة أيضًا تساؤلات حول متى تنتهي الحياة بالضبط - عندما يتوقف القلب عن النبض، أم عندما يتوقف الدماغ عن العمل؟!
قال الدكتور زيمار: « أعتقد أن هناك جانبًا روحانياً وغامضاً في تجربة الاقتراب من الموت هذه. ونتائج كهذه تُعدّ لحظةً يحيا العلماء من أجلها».
ولي تكملة في الجزء الروحي والإيماني ووجهة نظر الأديان في الموت والحياة بعد الموت.
#فريدة_رمزي_شاكر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟