علي المسعود
(Ali Al- Masoud)
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 14:36
المحور:
الادب والفن
لقد مر أكثر نصف قرن منذ أن وقع أحد أعنف الاعتداءات على الديمقراطية في كل العصور وتم تصوير ذلك من خلال السينما . في يوم 11 سبتمبر، ولكن في عام 1973، وقع أحد أعظم الاعتداءات في التاريخ على الديمقراطية وحرية أمة بأكملها، وذلك عندما نفذت القوة العسكرية انقلابا ضد سلفادور أليندي في تشيلي، مما أدى إلى تأسيس ديكتاتورية قمعية ومتعطشة للدماء قادها لمدة 17 عاما زعيم الانقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه. كان للانقلاب في شيلي ضد سلفادور أليندي تأثير عميق على المجتمع، وولد الانقسامات والصدمات الناجمة عن القمع وانتهاكات حقوق الإنسان. لقد شكل الانتقال إلى الديمقراطية عملية طويلة وصعبة لتضميد جراح مجتمع تأثر بشدة بهذه الحلقة المؤلمة في تاريخه.
كيف وقع الانقلاب في تشيلي؟
كانت تشيلي تمر بلحظة اجتماعية وسياسية فوارة في عام 1970 عندما استخدم سلفادور أليندي ، عند توليه الرئاسة في نوفمبر 1970 ، بدأ سلسلة من التغييرات الدستورية للانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، وعرفت باسم " طريق تشيلي إلى الاشتراكية"، وكان برنامجه الحكومي في مقترحات منظمة في عدة محاور ، وتضمنت تأميم صناعة النحاس ، وإعادة توزيع الأراضي وسيطرة الدولة على الصناعات والبنوك الاستراتيجية الأخرى.أثارت هذه الخطوات الأشتركية حفيضة ألأمبريالية والرأسمالية العالمية التي ولدت توترات واستياء في المعارضة والقطاعات الاقتصادية القوية ، كان بعضها تأميم الصناعات المهمة وإعادة توزيع الأراضي . ومع ذلك ، فإن هذه الأفكار ولدت استياء لدى أولئك الذين أرادوا الاستيلاء على السلطة والضغط عليها ، مما أدى إلى الانقلاب تحت تأثير مختلف مصالح المعارضة الوطنية والدولية ، حيث انخرطت وكالة المخابرات المركزية في عمليات سرية لتقويض الحكومة التشيلية ، وذلك لأن الولايات المتحدة (التي كان يحكمها ريتشارد نيكسون في ذلك الوقت) كانت لديها مخاوف بشأن توسع الشيوعية في أمريكا اللاتينية ودعم بنشاط زعزعة استقرار حكومة الليندي. وفي 11 سبتمبر 1973 ، نفذت القوات المسلحة بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه انقلابا عسكريا أودى بحياة سلفادور الليندي داخل قصر (لا مونيدا ) بينما كان يقاوم الانقلاب . وهكذا أفسح موته واستيلائه على السلطة المجال لنظام بينوشيه ، الذي أسس ديكتاتورية وحشية استمرت حتى عام 1990 .
أنهى انقلاب في تشيلي واحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا في أمريكا الجنوبية حتى ذلك الوقت ، مما يعني كسر هدنة القوات العسكرية لعدم التورط في السياسة ، وبالتالي بدء ديكتاتورية استمرت 17 عاما من قبل أوغستو بينوشيه . خلال هذه الفترة ، حدثت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، حيث تم احتجاز آلاف الأشخاص وتعذيبهم وإعدامهم ، وهو أمر ترك المجتمع التشيلي منقسما ومصمما بشدة ، ومع ذلك ، بعد 50 عاما من هذا الحدث ، حاولت الأجيال التنفيس عن هذه اللحظة المظلمة في التاريخ والتقاصها من خلال السينما .
أفلام لرؤية وفهم الانقلاب في تشيلي
تعرض صانعوا الأفلام التشيليون لهجوم قاسي من قبل الديكتاتورية ، مع الاعتقالات والتعذيب والنفي والقتل والاختفاء. كان عمال السينما جزءا من صعود الصراع الطبقي الذي عبر البلاد في السبعينيات، وانعكس ذلك في تجربة تنظيم الطوق الصناعي ، روجوا ل "بيان" ذكروا فيه : " أمام صانعي الأفلام، نحن رجال ملتزمون بالظاهرة السياسية والاجتماعية لشعبنا وبمهمتهم العظيمة في بناء الاشتراكية . السينما الثورية لا تفرض بمرسوم. لذلك ، نحن لا نفترض طريقة واحدة لصنع السينما ولكن بقدر ما هو ضروري في سياق النضال ".
تعد الأعمال السينمائية جزءا من سجل قيم في الوقت الفعلي لعملية ثورية ، فهي تعبر عن عمليات مقاومة الديكتاتورية والحاجة إلى الحفاظ على الذاكرة حية . من الأفلام الوثائقية والخيالية ، سواء من صنع أولئك الذين عاشوا القصة ، وكذلك من قبل الأجيال الجديدة أو صانعي الأفلام من البلدان الأخرى ، هناك عشرات الأفلام التي تتناول هذا الموضوع. نقدم في هذه المقالة مجموعة مختارة من أفلام "ضد النسيان ، والحفاظ على ذكرى النضالات ضد الديكتاتورية التشيلية .
فيلم " مفقود " كوستا جافراس
فيلم المخرج اليساري الفرنسي واليوناني الاصل " كوستا غافراس" الذي شارك في كتابته وأخراجه واحد من الافلام المهمة التي وثقت جرائم السلطة العسكرية والنظام الديكتاتوري، و كان الفيلم من بطولة الممثل ( جاك ليمون ) ، أما إنتاج الفيلم كان في عام 1982 عن قصة حقيقية للكاتب " توماس هوزار"، والذي يصور بشاعة الاختفاء القسري للصحفي الامريكي تشارلز هورمان في العاصمة التشيلية ( سانتياغو) و بالتزامن مع أحداث الانقلاب على حكومة " سلفادور ألينيدي " .. حاولت زوجته ووالده ، اللذان انتقلا إلى هناك من الولايات المتحدة ، معرفة مكان وجوده وعاشا ملحمة حقيقية في جولات المؤسسات الدبلوماسية الأمريكية ومواجهة عقبات بيروقراطية لا نهاية لها.
فيلم "ماتشوكا " عام 2004
هذا الفيلم من تأليف وإخراج أندريس وود ، مستوحى من رواية "ثلاث سنوات لباسر - تاريخ ماتشوكا حقيقي" للروائي التشيلي إلدين باراجيز. وهوانتاج - اسباني – تشيلي بريطاني – فرنسي ، وشارك المخرج والمنتج البريطاني ذو الاصول العربية ( مأمون حسن) المولود في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية في إنتاج الفيلم ، الفيلم مستوحي من القصة الحقيقية للقس جيراردو ويلان والذي شغل منصب أدارة مدرسة سانت جورج في سانتياغو وللفترة من 1969-1973 حيث قام بتجربة وممارسة اشتراكية وهي السماح لمجموعة من الطلاب الفقراء بالدراسة في تلك المدرسة الخاصة بالاغنياء وحاول خلق جو التألف الطبقي بين الطلاب من الطبقتين ، ومن خلال ادماج أطفال من أسر فقيرة في تلك المدرسة الراقية التي كان يدرس فيها ابناء الطبقة البرجوازية في تشيلي ، هذا النهج الاشتراكي للقس جيراردو لم ترضى عليه السلطة العسكرية التي قامت بانقلاب عسكري عام 1973 ومن خلال هذا تم فصل القس من عمله. في الأيام الأخيرة لسيلفادور الليندي تدور احداث هذا الفيلم ". ما هو مرعب في "ماتشوكا" هو رؤية الطريقة التي تبدأ بها "فرق الموت" والتهميش في ضرب معنويات الأطفال بشدة . إنها رؤية مختلفة للسنوات التي أعقبت الانقلاب العسكري".
فيلم " لا" عام 2021
فيلم عام 2011 للمخرج التشيلي بابلو لارين من بطولة غايل غارسيا برنال يحكي قصة الاستفتاء الذي أنهى أخيرا ديكتاتورية أوغستو بينوشيه في عام 1989 . تدور أحداث الفيلم في عهد بينوشيه الديكتاتورية ويتبع قصة رينيه سافيدرا (شخصية لعبها المكسيكي غايل غارسيا برنال) ، وهو خبير دعاية وخبير تسويق ، تم تعيينه بالصدفة لقيادة الحملة الإعلانية للاستفتاء الوطني لعام 1988 ، حيث كان على الشعب التشيلي أن يقرر ما إذا كان يجب أن يبقى بينوشيه في السلطة لمدة ثماني سنوات أخرى . بعد أن إستسلم الديكتاتور للضغوط الدولية التي شككت في شرعية الحكومة العسكرية ودعت إلى إجراء استفتاء .
عام 2022"1976 فيلم " تشيلي
عام 1976 يذكرنا بأحداث مهمة حصلت في عدة بلدان من العالم ، في تشيلي مثلاً، تذكرنا تلك السنة في عهد الدكتاتور العسكري "أوغستو بينوشيه" الذي وصل إلى السلطة عام 1973 بعد انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة وما خلفه هذه الانقلاب من تصفية للمعارضين أو الاختفاء القسري بعد أن أطيح بالتحالف السياسي اليساري للرئيس سلفادور ألينيدي . فيلم "تشيلي" 1976 " يتناول حال البلاد وما وصلت اليه بعد سنوات من الحكم الديكتاتوري . الفيلم هو التجربة الأولى للمخرجة “مانويلا مارتيلي” التي عرفناها ممثلة منذ طفولتها تحاوا أن تقدم نوع من الدراما السياسية التي تتميز بها سينما أمريكا اللاتينية . وقد ساهمت دولة قطر في إنتاجه بالمشاركة مع كلاّ من تشيلي والأرجنتين.
تدور أحداثه في تشي بعد الانقلاب ويتبع حياة كارمن ، التي تذهب إلى الشاطئ للإشراف على إعادة تصميم منزلها. يأتي زوجها وأطفالها وأحفادها ويذهبون في إجازة شتوية ، لكن كل شيء يأخذ منعطفا جديدا عندما يطلب منها كاهن عائلتها رعاية شاب تستضيفه سرا ، تغامر كارمن في مناطق مجهولة وخطيرة ، متأثرة بشكل خاص بالحياة داخل الديكتاتورية . يستكشف الفيلم التشيلي (1976 ) الذي أعيدت تسميته باسم تشيلي 1976 ، ما إذا كانت الحياة في ظل بينوشيه - أو أي نظام استبدادي - كانت حقا "طبيعية" بعد كل شيء . يتجنب الفيلم المكائد السياسية على المستوى الكلي وينشر بدلا من ذلك أجواء البيت لتصوير كيف تتسرب السياسة إلى حياة امرأة من الطبقة العليا تدعى كارمن . تستفيد المخرجة مارتيلي بشكل مثير للإعجاب من المرئيات النابضة بالحياة وتصميم الصوت المثير للذكريات والإعداد التفصيلي الدقيق من السيارات والأزياء تلك الفترة من منتصف سبعينيات القرن الماضي ، إنها دقيقة في نقل التفاصيل ومثيرة للذكريات ، مما يضيف حنين ودفء إلى هذا السرد السياسي المشحون بالتوتر حول مكائد الدولة البوليسية وأولئك الذين يقاومونها ويناضلون من أجل الحرية .
كاتب عراقي
#علي_المسعود (هاشتاغ)
Ali_Al-_Masoud#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟