ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 02:47
المحور:
الادب والفن
حين ذهبت الشمس والريح والقمر إلى وليمة
حكاية من الهند
ترجمة ماجد الحيدر
في غابر الزمان ذهبت الشمس بصحبة أخويها الريح والقمر لتناول العشاء عند عمهم وعمتهم: الرعد والبرق. أما أمهم (وهي واحدة من أبعد النجمات التي يمكنك رؤيتها في السماء) فقد مكثت في البيت بانتظار عودة أبنائها.
كان الشمس والريح في غاية الانانية والطمع، فقد استمتعا بالوليمة الفخمة ولم يفكرا قط بأن يوفرا شيئا من الطعام كي يأخذاه إلى الأم. لكن القمر الحنون لم ينسها، إذ أخذ قليلا من كل طبق شهي يقدم لهم وخبأه تحت واحد من أظافره الجميلة الطوال(1) كي يكون لأمهم النجمة نصيب من الوليمة.
عند عودتهم إلى البيت سألتهم الأم التي ظلت متيقظة طوال الليل بانتظار إيابهم:
- "حسنا يا أطفال، ماذا جلبتم لي؟"
- "لم أجلب شيئا (قالت الشمس التي هي أكبر الأبناء) لقد خرجت لأرفه عن نفسي مع أصدقائي، لا كي أجلب عشاء لأمي."
وقالت الريح:
- "أنا أيضا لم أجلب لك شيئا فأنت تعلمين بأنني ما خرجت إلا لمتعتي الشخصية."
لكن القمر قال:
- "هاتي صحنا يا أمي. أنظري ما جلبت لك!"
ثم نفض يديه فنزل منهما وابل من طعام لذيذ لم ير من قبل.
عندها التفتت النجمة للشمس وقالت:
- "ملعونة أنتِ لأنكِ خرجتِ كي تستمعي وتلهي وتقصفي مع صحابك ولم تفكري للحظة بأمك التي تنتظر في البيت. من اليوم سيكون شعاعك حارا لاهبا إلى الأبد، وسيحرق كل ما يلامسه. وسوف يكرهك الناس ويغطون رؤوسهم عندما تظهرين."
وهذا هو سبب حرارة الشمس في زماننا.
ثم استدارت نحو الريح وقالت:
- "أنت الأخرى نسيتِ أمك في غمرة مسراتك الأنانية. استمعي لقدرك: سوف تهبين على الدوام في جو ساخن جاف، وسوف تسفعين وتُذبِلين كل كائن حي. وسوف يمقتك الناس ويتجنبوك منذ هذه اللحظة."
وهذا هو السبب في أن الريح التي تهب في الجو الحار لم تزل كريهة بغيضة.
لكنها قالت للقمر:
- "يا ابنتي، لأنكِ تذكرت أمك واحتفظت لها بنصيب من مباهجك الخاصة فسوف تكونين من اليوم هادئة ومنيرة ومعتدلة البرودة. لن يصاحب وهج مؤذٍ نورك الصافي الجميل، وسيبقى الناس ينادونك بالمباركة والبهيجة."
وهذا هو السبب في أن نور القمر ناعم ومعتدل البرودة حتى يومنا هذا.
(1) لاحظ أن الشمس مذكر والقمر مؤنث في العديد من اللغات الهندو-أوربية.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟