|
حكايات عالمية - كيف جاء الصيف
ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 04:49
المحور:
الادب والفن
كيف جاء الصيف من حكايات الهنود الحمر ترجمة ماجد الحيدر
سئمتْ ألقُ الصباح(1) من الشتاء وتاقت للربيع. لقد بدا الأمر كما لو أن (كا-بب-أون-أوكا ،إله الرياح الشمالية الشرسة، لن يعود أبدًا إلى منزله في أرض الجليد. لقد جمد بأنفاسه الباردة مياه البحر الكبير (كج كومي) وغطاها بالثلج إلى عمق كبير حتى لم تعد تستطيع تمييز البحيرة العظيمة عن الأرض. كان العالم كله، باستثناء أشجار الصنوبر الخضراء الجميلة، متشحاً بالبياض- عالمًا صامتًا يغشي العين لا تسمع فيه موسيقى خرير الماء ولا أغنيات للطيور. - "ألن يأتي أبو الحناء(2) مرة أخرى؟ (تنهدت ألق الصباح وأضافت) تخيّل يا (إياغو) لو لم يكن هناك صيف في أي مكان، ولم تكن ريح جنوبية تجلب البنفسج والحمام، ألن يكون الأمر مروعًا؟" - " أصبري يا ألق الصباح (أجاب الرجل العجوز) ستسمعين قريبًا الإوزة البرية وهي تحلق عالياً في طريقها إلى الشمال. لقد عشت الكثير من الأقمار(3). أحيانا يبدو كأنه قد تأخر طويلاً، لكنه يأتي دائمًا. عندما تسمعين نداءه فأن ريح الجنوب لن تتخلف كثيرًا وراءه." - "سأحاول التحلي بالصبر. (قالت ألق الصباح) لكن ريح الشمال قوية جدًا وشرسة. لا يسعني إلا أن أتساءل عما إذا كان هناك وقت كانت فيه قوته عظيمة لدرجة أنه جعل منزله هنا دائمًا. إن مجرد التفكير في الأمر يجعلني أرتعش!" نهض إياغو من مكانه بالقرب من النار وأزاح جانبا ستارة جلد الجاموس التي تسد المدخل وأشار إلى السماء الصافية المتألقة بالنجوم. - "أنظري هناك (قال إياغو).. في الشمال. انظري إلى تلك الكوكبة الصغيرة من النجوم. هل تعرفين ماذا نسميها؟" فانبرى (ريش النسر) قائلا: - "أنا أعرف، إنها كوكبة الدَلق(4). إذا نظرت إليها سترى مجموعة النجوم التي تشكل جسد الدلق ممدودا وسهم يخترق ذيله. انظري يا أختي." - "الدلق ( كررت ألق الصبا) أتقصد الحيوان الصغير ذا الفرو، ذاك الشبيه بالثعلب؟" - "نعم هذا صحيح." - "آه، فهمت. ولكن لماذا يتمدد الدلق بهذه الطريقة في السماء والسهم يخترق ذيله؟" - "لا أعرف السبب بالضبط (اعترف ريش النسر) أعتقد أن بعض الصيادين كانوا يطاردونه. ربما يستطيع إياغو إخبارنا." أسدل إياغو الستارة وعاد إلى النار وقال لألق الصباح: - "أنت محقة باعتقادك بأن زمنا مضى لم يكن فيه صيف على الأرض. حتى وجد الدلق المسمى أوجيك طريقة لإخراج الصيف من السماء. كان الثلج يغطي كل أرجاء الأرض، وكان الجو دائم البرودة. ولولا استعداد الدلق أوجيك لتقديم حياته لكي نشعر كلنا بالدفء لكان ريح الشمال (كا بيب أون أوكا) سيحكم العالم كله كما يحكم الآن أرض الجليد." ثم جلس ألق الصباح وريش النسر على السجادة الناعمة التي كانت ذات يوم المعطف الشتوي للدب (كموك وا) ليقص لهم إياغو كيف جاء الصيف: - "في الغابة البرية التي تحد البحيرة العظمى عاش صياد عظيم يدعى (أوجيك). ما من أحد يعرف الغابة جيدًا مثله؛ إذ بينما كان الآخرون يتيهون دون آثار ترشدهم، كان أوجيك يجد طريقه بسهولة وبسرعة سواء في الليل أو في النهار بين الأشجار والنباتات المتشابكة التي لا تخلف أثراً. كان يتتبع الأيل الأحمر أينما ذهب، ولم يستطع أي دب أن ينجو من ملاحقته السريعة. إن لديه دهاء الثعلب وقوة احتمال الذئب وسرعة الديك الرومي البري حين يركض وقد شم رائحة الخطر. سهامه لم تخطئ هدفها يوما، وحين ينوي الخروج في رحلة ما لا توقفه عاصفة أو ثلج. كان يفعل كل ما يعد بفعله، بل يفعله على أتم وجه. كل هذا دفع البعض إلى الاعتقاد بأن أوجيك كان مانيتو، وهو الاسم الهندي لمن لديه قوى سحرية. بدا هذا مؤكدًا؛ إذ يمكنه، متى ما شاء، أن يحول نفسه إلى الحيوان الصغير المعروف باسم الدلق؛ وربما لهذا السبب صار على علاقة ودية مع بعض الحيوانات المستعدة على الدوام لمساعدته كلما دعاهم، ومن بين هؤلاء ثعلب الماء(5)، والقندس(6) والوشق(7) والغرير(8) والشره(9). وجاء وقت صار في حاجة ماسة لخدماتهم فلم يتأخروا في تقديم العون كما سنرى:. كان لأوجيك زوجة يحبها كثيرًا وابن يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، يتوقع له أن يصبح صيادًا عظيمًا مثل والده. ولقد أظهر بالفعل مهارة فائقة في استخدام القوس والسهم؛ فإذا ما منع عارضٌ أوجيك من إمداد الأسرة بالطرائد التي يعيشون عليها، شعر ابنه بأنه يستطيع قنص أكبر عدد ممكن من السناجب والديوك الرومية للحؤول بينهم وبين الهلاك من الجوع. دأب أوجيك على حمل لحم الغزال ولحم الدب والديك الرومي البري إلى البيت، ولهذا كان لديهم الكثير ليأكلوه. ولولا البرد لكان الصبي في أتم سعادة، فقد كانوا يرتدون ملابس دافئة من الفراء وجلد الأيل، وكان أمامهم كل حطب الغابة لإبقاء نارهم مشتعلة. ومع ذلك كان البرد محنتهم العظيمة، فهم في شتاء دائم، ولم يذب الثلج السميك يوما. من مكان ما سمع بعض كبار السن من الحكماء أن السماء ليست سقف عالمنا فحسب، بل هي أيضًا أرضية لعالم جميل وراءها، عالم تغني فيها طيور زاهيات الريش بأعذب الألحان، في فصل دافئ جميل يسمى الصيف. إنها لقصة جميلة تمنى الناس تصديقها، وربما ذهبوا إلى أنها قد تكون حقيقية، يدعوهم إلى ذلك كون الشمس بعيدة جدًا عن الأرض وقريبة جدًا من السماء نفسها. اعتاد الصبي أن يحلم بهذا الأمر وأن يتساءل عما يمكن عمله. إن والده يستطيع فعل أي شيء. لقد أكد البعض بأنه مانيتو. ربما يمكنه إذن أن يجد طريقة ما لجلب الصيف إلى الأرض. سيكون ذلك أعظم شيء على الإطلاق. في بعض الأحيان كان الجو باردًا لدرجة أن أصابعه تتجمد وتتقرح من الصقيع عندما يدخل الغابة حتى لا يعود قادرا على تثبيت سهمه في وتر القوس ويضطر للعودة إلى البيت دون غنيمة. وفي يوم ما، وبينما هو يسير في أعماق الغابة عائدا إلى بيته خالي الوفاض، رأى سنجابًا أحمر يجلس على قائمتيه الخلفيتين فوق جذع شجرة مقطوعة ويقضم كوز صنوبر. ولم يحاول السنجاب الصغير الهرب عندما اقترب الصياد الشاب بل خاطبه قائلا: - "اسمع يا حفيدي، ثمة شيء أود أن أخبرك به وسوف تسعد بسماعه. أبعد سهامك ولا تحاول التسديد علي، وسأعطيك بعض النصائح الجيدة." تفاجأ الفتى، لكنه أرخى قوسه وأعاد السهم إلى جعبته فقال السنجاب: - "والآن، أنصت جيدًا لما أقول: إن الأرض مغطاة بالثلج دائمًا والصقيع يجمد أصابعك ويجعلك تعيساً. أنا أيضا مثلك لا أحب البرد. ليس هناك، في الحقيقة، ما يكفي من طعام في هذه الغابة، حيث الأرض متجمدة طوال الوقت. يمكنك أن ترى مقدار هزالي فليس في كوز الصنوبر الكثير مما يؤكل. ستحل علينا نعمة عظيمة إذا نجح شخص ما في إنزال الصيف من السماء." - "أ صحيح ما يقال من أن ثمة أرض دافئة لطيفة فوق السماء، حيث لا يمكث الشتاء إلا لبضعة أشهر فقط؟" - "نعم هذا صحيح. نحن الحيوانات نعرف ذلك منذ زمن طويل. إن (كين-يو) النسر المقاتل الذي يحلق بالقرب من الشمس قد رأى ذات مرة صدعًا صغيرًا في السماء أحدثه البرق (وَي واسي مو) خلال عاصفة عظيمة غطت الأرض كلها بالمياه. لقد شعر النسر كين-يو بالهواء الدافئ المتسرب من خلاله، لكن الناس الذين يعيشون فوقه أصلحوا الصدع خلال لحظات، ولم ترشح السماء أبدًا مرة أخرى." - "إذن كان شيوخنا الحكماء على حق. إن والدي أوجيك يستطيع أن يفعل كل أمر ينويه. هل تعتقد بأنه يستطيع عبور السماء وإحضار الصيف إلينا إذا بذل كل جهده؟" - "بالطبع! (صاح السنجاب) هذا ما دعاني إلى التحدث اليك بهذا الصدد. إن والدك مانيتو، وسيحاول ذلك إذا توسلت إليه بقوة وأخبرته بمقدار تعاستك. عندما تعود إلى البيت أظهر له أصابعك المتجمدة المتقرحة. أخبره كيف تتجول طوال اليوم في الثلج ومدى صعوبة العودة إلى المنزل. أخبره بأنك قد تتجمد تماما في يوم ما ولا تعود أبدًا. عندها سيفعل ما تطلبه لأنه يحبك حبا جما." شكر الصبي السنجاب ووعد باتباع هذه النصيحة. ومنذ ذلك اليوم لم يترك والده ينعم بساعة من سلام حتى رضخ أوجيك وقال له: - "يا بني. إن ما تطلب مني فعله شيء خطير لا أعرف ما قد ينتج عنه. لكن قوتي كرجل مانيتو لم توهب لي إلا لأستغلها في فعل الخير، ولا يمكنني أن أستخدمها بأفضل من محاولة إنزال الصيف من السماء وجعل العالم مكانًا أكثر متعة للعيش." ثم أعد وليمة دعا إليها أصدقاءه ثعلب الماء والقندس والوشق والغرير والشره، وتشاوروا ليقرروا ما يفعلون. كان الوشق أول من تكلم. لقد سافر كثيرا وجاب العالم على أطرافه الطوال وزار أماكن غريبة كثيرة. ثم أنك، إذا ما ملكت عيونا قوية ونظرا حادا وتطلعت إلى السماء في ليلة صافية غير مقمرة، فسوف يسهل عليك رؤية مجموعة صغيرة من النجوم التي يقول كبار السن الحكماء إنها تشبه الوشق تمامًا، وهذا ما منحه قدرا من الأهمية، خاصة في أمور من هذا النوع. لذلك أصغى الآخرون اليه باحترام كبير عندما بدأ الحديث وقال: - "ثمة جبل عالٍ لم يره أحد منكم من قبل ولم يسبق لأحد أن رأى قمته لأن الغيوم تغطيه على الدوام، لكن قيل لي إنه أعلى جبل في العالم تقريبًا وإنه يلامس السماء." عندها ضحك ثعلب الماء. إنه الحيوان الوحيد القادر على الضحك، لكنه يضحك أحيانًا دون سبب واضح غير حبه للتباهي واعتقاده بأنه أكثر ذكاءً من الحيوانات الأخرى. - "علام تضحك؟" سأل الوشق، فأجاب ثعلب الماء: - "أوه، لا شيء! كنت أضحك فقط." - "يومًا ما سوف يوقعك ذلك في المشاكل. هل تظن أن مثل هذا الجبل ليس له وجود لمجرد أنك لم تسمع به من قبل؟" - "هل تعرف كيف تصل إليه؟ (سأل أوجيك) ربما وجدنا طريقة لاختراق السماء إذا نجحنا في بلوغ القمة. تبدو هذه خطة جيدة." - "هذا ما كنت أفكر فيه (قال الوشق) صحيح أنني لا أعرف أين هو بالضبط. لكن على مسافة شهر من هنا يعيش مانيتو على شكل عملاق. إنه يعرف، ويمكنه إخبارنا." وهكذا ودّع أوجيك زوجته وابنه الصغير، وفي اليوم التالي بدأ الوشق الرحلة الطويلة، يتبعه أوجيك والآخرون. وصدق ما قاله الوشق؛ إذ وصلوا بعد مسيرة شهر كامل إلى نزل (كما يسمي الرجال البيض الخيمة الهندية) ورأوا هناك مانيتو واقفًا في المدخل. كان رجلاً غريب المظهر لم يروا مثيله من قبل، ذا رأس ضخم وثلاثة عيون، واحدة منها في جبهته فوق العينين الأخريين. دعاهم المانيتو إلى الكوخ ووضع أمامهم بعض اللحم، لكن نظرته كانت غريبة وحركاته خرقاء جدًا لدرجة أن ثعلب الماء لم يستطع منع نفسه من الضحك. عندها احمرت العين الموجودة في جبين مانيتو مثل جمرة فحم وقفز على ثعلب الماء الذي تمكن بالكاد من الفرار عبر المدخل إلى البرد القارس وظلام الليل دون أن يتذوق لقمة من العشاء. وعندما ذهب الثعلب بدا مانيتو راضياً وأخبرهم أنه يمكنهم قضاء الليل في نزله ففعلوا ذلك، ولاحظ أوجيك، الذي ظل مستيقظًا أثناء نوم أصدقائه، أن عينين فقط من عيون المانيتو كانتا مغلقتين بينما بقيت عينه التي في جبهته مفتوحة. عند الصباح طلب المانيتو من أوجيك أن يمضي من فوره نحو نجم الشمال وأخبره بأنهم سيصلون إلى الجبل في غضون عشرين شمسا -الاسم الهندي لليوم– ثم أضاف: - "بما أنك أنت نفسك مانيتو، فقد تكون قادرًا على بلوغ القمة وأخذ أصدقائك معك. لكن لا يمكنني أن أعدك بأنك ستستطيع النزول مرة أخرى." - " كل ما أرجوه أن تكون القمة قريبة قربا مناسبا من السماء." وانطلقوا من جديد فالتقوا في طريقهم بالثعلب الذي ضحك مرة أخرى حين رآهم، لكنه ضحك هذه المرة لسببين؛ العثور عليهم والحصول على بعض اللحم الذي اذخره أوجيك من عشاء مانيتو. وبعد عشرين يومًا وصلوا إلى سفح الجبل ثم تسلقوا وتسلقوا حتى اخترقوا الغيوم، الى أن توقفوا أخيراً وقد تقطعت أنفاسهم، وجلسوا كي يستريحوا على أعلى قمة في العالم. وكان من دواعي سرورهم أن السماء بدت قريبة جدًا لدرجة أنهم تمكنوا من لمسها تقريبًا. ملأ أوجيك ورفاقه غلايينهم. لكن قبل أن يشرعوا في التدخين دعوا الروح العظيمة ملتمسين منها أن توفقهم في مسعاهم، وأشاروا بالطريقة الهندية إلى الأرض وإلى السماء من فوقهم وإلى الرياح الأربع. وعندما انتهى أوجيك من تدخين غليونه قال: - "والآن. من منكم يستطيع القفز أعلى من غيره؟" ضحك ثعلب الماء فأمره أوجيك: - "أقفز إذن!" قفز ثعلب الماء فارتطم رأسه بالسماء لكنها كانت أصلب من رأسه فسقط مرة أخرى، وعندما اصطدم بالأرض أخذ ينزلق على الجبل وسرعان ما غاب عن الأنظار ولم يروه بعد ذلك. - "يا للقرف! (نخر الوشق) فليرنا كيف سيضحك الآن!" وجاء دور القندس فضرب السماء هو الآخر، لكنه تكوم على الأرض. ولم يكن حظ الغرير والوشق بأفضل وظلت رؤوسهم تؤلمهم بعد ذلك لوقت طويل. - "الأمر كله يتوقف الآن عليك (قال أوجيك للشره) أنت الأقوى من بينهم. هل أنت جاهز؟ الآن.. اقفز!" قفز الشره ثم سقط أرضا، لكنه نزل على قدميه، سليمًا وصحيحاً. - "هذا حسن! (صاح أوجيك) حاول مرة أخرى." وفي هذه المرة أحدث الشره انبعاجا صغيرا في السماء. - "إنها تتصدع! (صاح أوجيك) الآن.. مرة أخرى!" وقفز الشره للمرة الثالثة فإذا به يخترق السماء ويغيب عن الأنظار، وسرعان ما تبعه أوجيك. ونظرا من حولهما فرأيا أرضًا رائعة الجمال. وقف أوجيك الذي قضى حياته بين الثلوج كما لو كان في حلم، متسائلاً إن كان ما يراه صحيحًا. لقد خلّف وراءه عالماً باردا أجرد يلفه الشتاء بالبياض متجمد المياه على الدوامً، عالما لا أغنية فيه أو لون. وها قد جاء الآن إلى بلاد تمتد مثل سهل أخضر رائع، حيث الورود الزاهية بألوانها، وحيث تغني الطيور ذات الريش الجميل وسط الأغصان المورقة للأشجار المثقلة بالفاكهة الذهبية. كانت الجداول تجري عبر المروج وتصب في البحيرات الجميلة، والنسيم العليل يهب محملا بأريج ملايين الزهور. نعم، إنه الصيف! وعلى طول ضفاف البحيرة تناثرت الأكواخ التي يعيش فيها سكان السماء الذين أبصروهم من بعيد. ونظروا إلى الأكواخ فإذا هي فارغة، لكن أمامها أقفاص معلقة فيها الكثير من الطيور الجميلة. كان هواء الصيف الدافئ قد بدأ بالفعل في الاندفاع عبر الفتحة التي أحدثها الشره. وسارع أوجيك الآن لفتح الأقفاص حتى تتمكن الطيور من الفرار. وعندما رأى سكان السماء ما يحدث أطلقوا صرخة عظيمة. لكن الربيع والصيف والخريف كانوا قد هربوا بالفعل من خلال تلك الفتحة نحو العالم الذي تحتها، ومعهم الكثير من الطيور. وتمكن الشره أيضًا من الوصول إلى الحفرة والنزول إلى الأرض قبل أن يمسكه سكان السماء. لكن أوجيك لم يكن محظوظًا تماماً. لقد تبقت بعض الطيور التي يعلم أن ابنه يرغب في رؤيتها، فواصل فتح الأقفاص، وفي هذا الوقت كان سكان السماء قد أغلقوا الحفرة وفات الأوان على أوجيك. وبينما هو يفر من مطاردة سكان السماء حوّل نفسه إلى دلق وأخذ يركض بأقصى سرعته مخترقا السهل نحو الشمال. لقد عرف أنه يستطيع الركض بشكل أسرع إذا اتخذ هذا الشكل، وأن أية سهام ستعجز عن إيذائه ما لم تصبه في نقطة معينة بالقرب من طرف ذيله. لكن سكان السماء زادوا من سرعتهم ولحقوا به فتسلق شجرة عالية. كانوا رماة جيدين، وأطلقوا عددًا كبيرًا من السهام حتى أصاب أحدها أخيرًا تلك النقطة المميتة. أدرك الدلق أن منيته قد حانت، ونظر إلى أعدائه فرأى أن بعضهم علّموا أجسادهم بطواطم أو شارات عائلته وقبيلته فدعاهم قائلاً: - "يا ابناء العم! أرجو منكم أن تبتعدوا وتتركوني هنا لوحدي." وافق سكان السماء على طلبه. وعندما غادروا نزل الدلق من الشجرة وتجول لفترة من الوقت، باحثًا عن فتحة في السهل قد يعود من خلالها إلى الأرض، لكنه لم يعثر على أية واحدة. ثم تسلل الضعف والوهن إلى جسده فتمدد على أرضية السماء التي يمكن من خلالها رؤية النجوم من العالم الأسفل وقال بحسرة خالطها الرضا والارتياح: - "لقد وفيت بوعدي. الآن سيستمتع ابني وكل من على الأرص بالصيف. وسأكون إلى الأبد شارة في السماء، وسينطق اسمي مقرونا بالحمد والثناء. إنني راضٍ وسعيد." وهكذا بقي الدلق في السماء، حيث يمكنك رؤيته بوضوح في الليالي الصافية والسهم يخترق ذيله، في كوكبة من النجوم يسميها الهنود كوكبة الدلق، بينما يسميها البيض بكوكبة المحراث.
(1) اعتاد الهنود الحمر (الهنود الأمريكيون) أن يطلقوا على أطفالهم تسميات غريبة كثيراً ما يستلهمونها من بيئتهم أو من أول شيء يصادفونه عند خروجهم من خيامهم بعد ولادة الطفل. (2) أبو الحنّاء: طائر صغير صدره أحمر ضارب إلى الصفرة. (3) أي الشهور. (4) الدلق أو الخز (fisher): حيوان من فصيلة العرسيات أكبر من ابن عرس موطنه أوربا والأناضول والشام والعراق وهو أحمر اللون أبيض الحلق والزور. (5) ثعلب الماء أو القُضَاعَة، أو كلب الماء (otter): ثدييات برمائية آكلة للأسماك والمحار وغيره من الطرائد المائية. (6) القندس (beaver): جنس من الحيوانات من رتبة القوارض. وهو من القوارض المائيّة. يعيش عادة في الماء قائما بصورة دؤوبة على بناء السدود من أخشاب الأشجار التي يقطعها بأسنانه الحادة. ويعد هذا الحيوان أمهر مهندس في بناء السدود بين الحيوانات قاطبة. (7) الوشَق (lynx) حيوان لاحم مفترس من فصيلة السنوريات غذاؤه الرئيسي الفرائس الصغيرة كالأرانب والثعالب وغيرها من الحيوانات. (8) الغُرَيْر :(badger)جنس من الحيوانات اللاحمة التي تنتمي إلى فصيلة ابن عرس. وللغُرير غُدَد شَرجية يطلق منها رائحة كريهة كلّما استشعر أذىً أو انزعاجًا. (9) الشَّرِه أو الدب الظربان (wolverine): حيوان يعيش في المناطق شبه القطبية الشمالية، وهو حيوان قصير قوي ممتلئ الجسم من آكلات اللحوم ينتمي إلى فصيلة ابن عرس لكنه أكثر شبهًا بـالدب الصغير. يشتهر هذا الحيوان بالوحشية والقوة غير المتناسبة مع حجمه، ويتميز بقتله لفرائس يبلغ حجمها أضعاف حجمه.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايات عالمية - عروس الجن
-
حكايات عالمية - الحصان الأزرق - من حكايات الهنود الأمريكيين
-
حكايات عالمية - الأميرة ذات التنّورات العشرين - حكاية من هول
...
-
حكايات عالمية - أسطورة الحذاء الخشبي -هولندا
-
حكايات عالمية - ملكة البقدونس - اليابان
-
حكايات عالمية - كيف أُغريت إلهة الشمس بالخروج من كهفها - الي
...
-
حكايات عالمية - الاستبصار
-
حكايات عالمية - أسطورة الخلق اليابانية
-
حكايات عالمية-لماذا لعن طائر السمان-البرتغال
-
حكايات عالمية-الحلزونة والجاموس-الفلبين
-
حكايات عالمية-الرجل الغابر-الصين
-
حكايات عالمية-ليلة في ساحة معركة-الصين
-
أسطورة نشوء كوريا ووالدها الأمير خشب الصندل
-
الأخوة الثلاثة-حكاية من صربيا
-
حكايات عالمية-البنت الصغيرة الحكيمة-البرتغال
-
حكايات عالمية-الاسكافي-إيطاليا
-
حكايات عالمية-سيد الموت-الهند
-
هو
-
حكايات عالمية-الارنب الذكي
-
حكايات عالمية-يومَ تَمزق قوسُ قزح
المزيد.....
-
تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
-
تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين (
...
-
الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو
...
-
الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من
...
-
انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي
...
-
-الصليب الملتوي-: الرواية المفقودة التي وجّهت تحذيراً من أهو
...
-
بعد 80 عامًا من وفاة موسوليني ماذا نتعلم من صعود الفاشية؟
-
مطربة سورية روسية تحتفل بأغنية في عيد النصر
-
مركز السينما العربية يكشف برنامجه خلال مهرجان كان والنجمان ي
...
-
فيلم وثائقي يكشف من قتل شيرين ابو عاقلة
المزيد.....
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|