ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 02:26
المحور:
الادب والفن
لماذا تتدلى آذان الكلاب
من حكايات الهنود الحمر
ترجمة ماجد الحيدر
إذا نظرت إلى الكلب الذي يرقد على مدخل بيت سيده ويتوسل للحصول على عظمة لغدائه أو ويزحف مبتعداً عندما يهز سيده عصاه، فسترى أن أذنيه لا تنتصبان بشجاعة بل تتدليان وتتهدلان، وأن وذيله لا يقف منصبا بل يتدلى بين ساقيه. يتصرف هذا الكلب وكأنه يتذكر شيئًا يخجل منه، شيئاً فعله أحد أسلافه منذ زمن بعيد وتسبب في فقدان سلالة الكلاب التي يملكها الهنود كبرياءها.
قبل أن يترك الكلب ابن عمه البري الذئب ويخرج من الغابات والبراري ليعيش مع الإنسان، كان متوحشاً مثل الذئب. كانت أذناه المرهفتان تقفان منتصبتين ومستعدتين دائمًا لتحذيره من العدو لكي يتهيأ للقتال. وكان يرفع ذيله عالياً لأنه حيوان حر ومليء بالفخار ولا يخاف أحدًا.
ذات مرة، توالت عليه أيام عدة دون أن يجد طعامًا يسد رمقه، فاضطر إلى الاقتراب من معسكر قبيلة من الهنود ليرى إن كان يستطيع العثور على شيء يأكله هناك فأبصر شرائح من لحوم الغزلان والدببة كانوا يعلقونها على أعمدة ويقلبونها حتى تجف في الشمس. تقدم إليه الكلب الجائع وأخبره بأنه على استعداد للبقاء في المخيم والعيش مع الهنود وقتال جميع الحيوانات الأخرى التي تحوم حوله إذا تنازل له عن قطعة من اللحم.
وجدها الهندي فكرة جيدة ووافق على إطعامه فصار صديقًا للإنسان وقاتل الدببة والقطط البرية التي تدنو من المخيم وساعد الهنود على اصطياد الأرانب وصار ينبح في الليل إذا اقترب الأعداء. لكن الكلب لم يزل يرفع أذنيه باستقامة ويبقي ذيله مرفوعاً فوق مؤخرته لأنه لم يكن خائفاً من شيء.
وفي ذات ليلة جاء عدد من أبناء عمومته الذئاب إلى حيث يعيش الهنود. في البداية زمجر الكلب ولم يسمح لهم بالمرور لكن عندما أخبروه بأنهم يريدون فقط أن يروا محبة الكلب لأصدقائه الجدد، توقف عن الهرير وانشغل في الحديث مع بعضهم دون أن يلحظ الآخرين وهم يتسللون من خلف ظهره ويسرقون قطع اللحم الموضوعة على العصي، وفي النهاية نهبوا كل اللحم ثم ضحكوا وهربوا بأسرع ما يمكن بينما أخذ الكلب ينبح وراءهم بغضب.
لكن الوقت قد فات على النباح. لقد ذهب اللحم! وعندما استيقظ الهنود وخرجوا من أكواخهم (التي يسمونها الوغوام) رأوا أن اللحم قد اختفى فبدأوا في ضرب الكلب المسكين والصراخ عليه فشعر بالخجل الشديد من خداع الذئاب له، وتهدلت أذناه وتدلى ذيله بين ساقيه وصار يئن ويزحف على بطنه في التراب. بدا الكلب المسكين حزينًا لدرجة أنهم تركوه أخيرًا وشأنه. لكنه فقد من يومها كبرياءه وصار يرتعد خوفا عندما ينهره البشر وبقي على هذا الحال إلى اليوم.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟