أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - اعتباراً مِنَ الغَدّ.. مِنَ الغَدّ














المزيد.....

اعتباراً مِنَ الغَدّ.. مِنَ الغَدّ


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 12:03
المحور: كتابات ساخرة
    


في كلّ بلدانِ العالَمِ، للغَدِ طَعمٌ مُختلف، طعمٌ أعذَب، مَذاقٌ أطيب، عَيشٌ أفضل.. إلاّ هُنا في العراق.
غداً.. لن يكونَ لهُ مذاقٌ مُختَلِفٌ عن المذاقِ المُرِّ لهذا اليومِ "الماصِخِ".. أبداً.
غداً.. ليس لهُ وقعٌ أو إيقاعٌ مُختَلِف.
الغَدُ هنا يبدو مُظلِما على الدوام.. لا ضوء فيه، ولا أُفقَ له.
تذهبُ إلى طبيب الأسنان، لتحظى بابتسامةٍ أفضل تستقبلُ بها يومَ غد، فيخبركَ أن جميع اسنانكَ قد تبدأ بالتساقط.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيب القلب، لتحظى بقلبِ أكبرَ، وأكثرَ بياضاً، لتعيش به بين الناسِ، وكأنّ قلبكَ لم يكن "أسودَ" يوماً.. فيخبركَ الطبيبُ بأنّ هناكَ احتمالٌ كبير بأنّكَ قد تُصابُ بالجلطةِ الأخيرةِ (التي قد تكونُ "دماغيّةً" أيضاً).. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيب العيون، لترى العالمَ أجمل، والناسَ كما هُم، وليس كما تعتقدُ أنت.. فيخبركَ بأنّكَ قد تُصابُ بالعمى.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيبَ الأنفِ والأُذنِ والحُنجُرة، فيُخبِرُكَ بعبوس بأنّ "جِدْرَ الدولمة"، و صحنِ "البامية" ، و"ماعون اليابسة" ستفقِدُ مذاقها العراقيّ بالنسبة لك، ولن يكونَ لـ"فيروز" أو لـ "سعدي الحِليّ" وجودٌ صباحيٌّ (أو مسائيّ) في حياتكَ البائسةِ بعد الآن، وأنّكَ لن تولوِلَ بـعد الآن بـ "أبوذيّاتكَ" الكالِحة لتزعجَ بصوتكَ "المُنكَر" المِزاجَ الرائِقَ والذائقةَ "السيمفونيّة" للعائلةَ والجيران، وأنّ عليكَ استبدالَ "جيوبكَ الأنفيّةَ" بخياشيمِ "الجِرِّي" لكي تتنفّسَ الهواءَ "المكروهَ" بعُمق، وأنّ كُلّ هذا سيحدثُ لك.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى طبيب الأمراض النفسية والعصبية، فيقولُ لكَ بثِقة مُطلَقةٍ وهو يبتَسِم ببرود، بأنّ كُلّ شيءٍ فيكَ قد أصابهُ التَلَف، وأنَّ عليكَ على الفور أن "تَعهَدَ عَهدَك، وتَلُمَّ شملَك، وتكتبَ وصيّتك"، لأنك قد تبدأ محاولاتكَ الحثيثةَ لقتلِ نفسك.. اعتباراً من الغَدّ.
تذهبُ إلى من أصبحوا مُصادفةً "أولياءَ الأمرِ" في هذا البلد.. فيخبرونكَ أنّ "أبوابَ الجحيم" قد تُفتَحُ عليكَ إذا تجرّأتَ يوماً، وقُلتَ لهُم "أُفّاً"، أو "نَهَرتَهُم".. اعتباراً من الغَد.
تأتي إلى "هنا"، إلى حقل "التيسبوك" الفسيح، وتحاولُ أن تكتبَ شيئاً، أيّ شيءٍ، ليُخفّفَ عنك محنتَك، أو لتُرَفِّهَ عن نفسك، وتتملّصُ من "العقوباتِ" البشريّةِ عليك.. فيكتبُ لك بعض "الأصدقاء" الشباب:
لقد عشتَ يا "جِدّو" حياتكَ بالطول والعَرض، وبلغتَ من العُمر"عِتِيّا".. أما نحنُ فلم نحيا ولو ليومٍ واحدٍ حياةً ذاتَ معنى.. وكانت حياتنا أكثرُ صعوبةً وتعقيداً من حياتكم.. وأنّنا قد عشنا طويلاً دون جدوى، وأنّنا قد حارَبنا على جميع الجبهات، بل أنّنا "مُتنا" فقط، وشبَعنا موتاً، ولم "نستَشهِد" مثلكم، بالرغم من كوننا من مواليد 2007 فما فوق، وأنَّ لا أملَ لنا بشيءٍ أفضلَ قد يحدثُ لنا يومَ غَدّ، بل نحنُ أصلاً.. ليسَ لنا غَد!
يبدو أنّ أفضل شيءٍ يمكنُ لكَ أن تفعلهُ في هذه الحياةِ الكئيبة، هو أن تضَعَ كلّ هذا الهراء "الوجوديّ" حول الأمسِ واليومِ والغَدّ، تحتَ مؤخّرتكَ العتيقة.. وتذهب إلى "جُحرِكَ" الخاص.. وتواصِلُ "سُباتكَ" الدائمِ هناك، مثل "دُبٍّ" مُصابٍ باللوكيميا نتيجةً لنفوق أسماكَ "السَلَمون" في نهرِ دجلة.
ستنامُ طويلاً.. وتنامُ، وتنام.. إلى أن يقوم هذا "التاريخُ" السخيفُ باستهلاكِ نفسه..
ولا يكونُ لهُ غَدّ.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدِيّةُ والجِزيّةُ والمواطِن والمال السائب في العراق
- المُدونّات المذهبيّة للأحوال الشخصيّة ومُدوّنات النظام السيا ...
- دونَ انتظارٍ لشيء.. دونَ رسالةٍ في البريد
- إلى هذهِ اللحظة.. إلى هذهِ اللحظة
- كيف تُفلِسُ الأمم وكيفَ يُمكِن أن يَفلَسَ العراق؟
- آمال ومصائر الأُمّة العراقيّة وآمال ومصائر غيرها من الأُمم
- ما حدثَ في لبنانِ يوماً.. وما قد يحدُثُ في العراق
- تقييم العراق ودول أخرى في تقرير الحرية العالمي 2025
- العراقُ الرهينة.. والعراقيّونَ الرهائن
- استعراضات وكرنفالات اللحظات الأخيرة في عمل الحكومات في العرا ...
- مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق -3-
- الدكتاتورية التنموية في العراق :الإمكانات والمُحدِّدات
- مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق -2-
- مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق
- العراقُ سيرك.. العراقُ لم يَعُد سينما
- التنانيرُ القِصار والجُبَبِ الطِوال في الاقتصاد العراقي
- انتخابات وترشيحات وعوائل سعيدة (1)
- كم هو رائعٌ أن يكونَ العراقُ هناك
- انتخابات وترشيحات وعوائل سعيدة
- في الچول.. في الچول.. دونَ نَجمة *


المزيد.....




- تم تصويره في صحراء نيوم.. الفيلم السعودي -القيد- يقدم الدرام ...
- بين شاشات العرض والحرف اليدوية.. دور سينما تعيد تعريف تجربة ...
- كيف ننجح في عصر الذكاء الاصطناعي.. سألناه فهكذا أجاب
- كامل كيلاني وحديقة أبي العلاء
- كامل كيلاني وحديقة أبي العلاء
- جمعية البستان سلوان تختتم دورة باللغة الانجليزية لشباب القدس ...
- -كول أوف ديوتي- تتحوّل إلى فيلم حركة من إنتاج -باراماونت-
- ثقافة -419- في نيجيريا.. فن يعكس أزمة اقتصادية واجتماعية
- بريق الدنيا ووعد الآخرة.. قراءة في مفهومي النجاح والفلاح
- يجسد مأساة سكان غزة... -صوت هند رجب- ينافس على -الأسد الذهبي ...


المزيد.....

- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - اعتباراً مِنَ الغَدّ.. مِنَ الغَدّ