أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ساجت قاطع - الدين حين يتحول إلى أيديولوجيا قمع














المزيد.....

الدين حين يتحول إلى أيديولوجيا قمع


محمد ساجت قاطع
كاتب وباحث عراقي

(Mohammed Sajit Katia)


الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 10:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أخطر تحولات الدين في المجال السياسي أنه يفقد بعده الروحي والأخلاقي ليُختزل في خطاب قمعي. فالدين السياسي لا يكتفي بأن يكون حارسًا للسلطة، بل يتجاوز ذلك ليصبح أداة أيديولوجية لإسكات الشعوب. أي أنه لا يُستخدم لحماية الإيمان، بل لحماية النظام القائم.

أ‌. القمع بالنصوص: بين التقديس والتوظيف
السلطة لا تحتاج دائمًا إلى السيف، بل يكفيها أن تجعل السيف "مقدسًا". وهنا تكمن خطورة التديين: تُستدعى النصوص الدينية لتبرير الطاعة وتحريم المعارضة، فيُصبح الخروج على الحاكم خروجًا على الله، ويُختزل الاحتجاج في كلمة "فتنة"، ويُجرَّم الإصلاح بوصفه "مؤامرة".
النص القرآني والحديثي ــ بما يملك من سلطة معنوية ــ يتحول إلى أداة ضبط اجتماعي، بحيث لا يكون الحاكم بحاجة إلى تبرير دنيوي، بل يستعير غطاءً مقدسًا يعفيه من أي مساءلة. وهذا هو ما يسميه ماكس فيبر "الشرعية التقليدية-الكاريزمية"، حيث تُستمد السلطة لا من الكفاءة أو العقد الاجتماعي، بل من نسبتها إلى المقدس.

ب‌. القمع الرمزي: من بورديو إلى الواقع الإسلامي
وفقًا لمفهوم العنف الرمزي عند بيير بورديو، فإن السلطة الأخطر ليست تلك التي تُمارَس بالعنف المادي، بل بالعنف الرمزي: أي حين يقتنع الناس بأن خضوعهم هو "طاعة لله"، وأن معارضتهم للحاكم "إثم". هنا يتحول القمع من فعل خارجي إلى قناعة داخلية، ويُعاد إنتاج الاستبداد من داخل وعي المجتمع نفسه. وهذا ما حدث في تجارب عديدة:
في العصر الأموي، جرى ترويج خطاب "طاعة أولي الأمر" حتى في ظل ظلمهم، مما حوّل الدين إلى آلية لضبط المجتمع.
في العصر العباسي، استُخدمت "محنة خلق القرآن" لتصفية المعارضين الفكريين باسم الدين، رغم أن القضية كانت سياسية بامتياز.
في أوروبا القرون الوسطى، وظّفت الكنيسة مفهوم "الحق الإلهي للملوك" لتجعل الطاعة للملك جزءًا من العقيدة الدينية.

ج. الأمثلة الحديثة: من الشرق الأوسط إلى العالم الإسلامي
إيران: أي احتجاج يُوصف بأنه "خروج على ولاية الفقيه"، فيُعتبر تمردًا ليس فقط سياسيًا بل عقائديًا، فتُسحق المظاهرات باسم حماية الدين.
السعودية سابقًا: رُوّجت فتاوى "تحريم الخروج على ولي الأمر" كذراع أيديولوجي لإخماد أي حراك، حتى المطالب الإصلاحية السلمية.
العراق: خلال انتفاضة تشرين، صُوّر المحتجون على أنهم "مؤامرة غربية" أو "منحرفون دينيًا"، ليُشرعن قمعهم عبر خطاب ديني-سياسي مزدوج.

د. المفارقة: الدين من تحرير إلى تقييد
الدين في جوهره رسالة تحرير: "فكّ رقبة"، "كلمة حق عند سلطان جائر"، "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". لكنه في ظل التحالف مع السياسة ينقلب إلى أيديولوجيا قمع، حيث تُقتل الحرية باسم الطاعة، وتُصادر الكرامة باسم الحفاظ على الوحدة، ويُعاد إنتاج الاستبداد بغطاء مقدس.


***
» محمد ساجت السليطي (كاتب وباحث عراقي )



#محمد_ساجت_السليطي (هاشتاغ)       Mohammed_Sajit_Katia#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تُنتج الدولة رجال دينها؟
- من الدين لله إلى الدين للسلطة
- الدين بين الرسالة والأداة
- بين التحالف والخيانة... فرقٌ كبير
- آثار ظاهرة وعّاظ السلاطين على الدين والمجتمع
- الوجه النفسي لظاهرة وعّاظ السلاطين: الحاجة إلى الحماية بدل ا ...
- مثقفو التبرير: حين يتحول الفكر إلى أداة بيد السلطة
- تأثير الغباء الاجتماعي على الشعوب: قراءة في نظرية ديتريش بون ...
- فقه الطاعة وفقه الاستبداد: التحليل الفقهي والسياسي لشرعية ال ...
- الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين
- كيف يُهزم الجهل؟
- ليس الجهل وحدهُ الخطر...
- نظرية المشاركة: محاولة حسن العلوي للتصالح مع التاريخ
- الإصلاح الديني... لماذا يفشل دائما ؟ (1)
- الإصلاح الديني... لماذا يفشل دائما ؟ (2)
- أسطورة المنقذ: بين الحاجة للعدل واستغلال الوهم
- حين ينتصر الجهل
- فاجعة الكوت... حين يُستغل الألم لتصفية الحسابات
- من يصنع الجهل؟
- ماذا يشعر الجاهل؟


المزيد.....




- الكنيست يصوت على تعديل مصطلح -الضفة الغربية- إلى -يهودا والس ...
- حرب غزة وتداعياتها.. هل أثرت على الأقلية اليهودية في تونس؟
- الاضطرابات تجتاح أكبر دولة إسلامية في العالم.. فما الذي يجب ...
- الموصل تستعيد رموزها التاريخية: افتتاح الجامع النوري والحدبا ...
- استنكار واسع في بلجيكا بعد إدراج طبيب كلمة -يهودية- ضمن قائم ...
- السوداني يفتتح رمز مدينة الموصل الجامع النوري ومنارته الحدبا ...
- بين الخلاف المحمود والمذموم.. كيف عالج الإسلام الاختلافات؟
- شاهد كيف استقبل مسيحيو سوريا افتتاح كنيسة القديسة آنا بإدلب ...
- السوداني يفتتح الجامع النوري والمئذنة الحدباء وسط مدينة المو ...
- أكسيوس: السفير الأمريكي للاحتلال يتبنى مصطلح -يهودا والسامرة ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ساجت قاطع - الدين حين يتحول إلى أيديولوجيا قمع