أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ساجت قاطع - بين التحالف والخيانة... فرقٌ كبير














المزيد.....

بين التحالف والخيانة... فرقٌ كبير


محمد ساجت قاطع
كاتب وباحث عراقي

(Mohammed Sajit Katia)


الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم العلاقات بين الدول، المؤسسات، والأفراد، تتجلى مفاهيم الشراكة والتحالف والعمالة كمعايير حاسمة لفهم طبيعة التعاون والخيانة. الشراكة والتحالف يقومان على أساس واحد لا غنى عنه: وجود مصلحة مشتركة ومنفعة متبادلة. فالشراكة غالبًا ما تكون رسمية أو شبه رسمية، تتأسس على اتفاقات واضحة تحدد الأدوار والمسؤوليات وتقاسم الموارد. أما التحالف، فيكتسب مرونة أكبر، ويكون غالبًا مرحليًا ويركز على هدف محدد دون دمج كامل للموارد أو المصالح.

لكن مثل هذه العلاقات لا تصمد إلا إذا ظلت ركائزها الأساسية متينة. اختلال المصلحة المشتركة أو اختفاءها يؤدي إلى انهيارها سريعًا. وعندما تصبح المنافع محصورة في طرف واحد، تتحول الشراكة أو التحالف إلى حالة تبعية أو خضوع، حيث يقدم الطرف الآخر كل شيء دون مقابل، تاركًا نفسه ضحية لمصلحة أحادية الجانب.

العمالة تمثل المرحلة الأكثر خطورة، لأنها تتجاوز حدود التعاون العادي لتصبح خيانة صريحة. فالعميل ينحاز لطرف خارجي على حساب وطنه أو مجتمعه، مقابل منفعة شخصية—مالًا، حماية، أو نفوذًا. الفرق الجوهري بين العمالة من جهة والشراكة أو التحالف من جهة أخرى أن الأخيرين قائمان على إرادة حرة ومصلحة مشتركة، بينما العمالة تعمل لحساب طرف خارجي وتخدم مصالحه على حساب الذات والمجتمع، وغالبًا ما تصنف كخيانة عظمى.

ومع ذلك، تُستتر بعض سلوكيات العمالة وتُبرر أمام الجمهور بطرق متعددة، مثل استخدام لغة مخففة كـ"تنسيق" أو "شراكة استراتيجية"، أو تغليف العلاقة بخطاب ديني أو قومي مثل "وحدة الصف" و"التضامن الأخوي"، أو استدعاء أحداث تاريخية لتبرير الارتباط الحالي، بالإضافة إلى التلاعب الإعلامي لصياغة العلاقة على أنها حماية من خطر أكبر.

وليس كل من يساهم في استمرار العمالة مباشرًا. هناك مراتب للأشخاص المرتبطين بها:
1. العميل: الذي يختار الخيانة عمدًا لمصلحته الشخصية.
2. المتواطئ الواعي: الذي يدرك الخيانة لكنه يساندها طمعًا أو خوفًا.
3. المبرّر والمجمّل: الذي يستخدم منصبه أو منبره لتبييض العمالة وجعلها مقبولة.
4. المستفيد من نتائج العمالة: الذي يستفيد من ثمارها مع علمه بمصدرها.

قد يكون المتواطئ والمبرّر أسوأ من العميل نفسه، لأنهما يمنحان الخيانة عمرًا أطول وتأثيرًا أعمق. أما المغفلون، فهم الذين يمدون الخيانة باليد دون إدراك، بسبب سذاجتهم أو جهلهم، وغالبًا لا يتحملون وزر الخيانة الكامل، لكنهم يساهمون في انتشار آثارها بشكل غير مباشر.
الدرس الأهم أن أي تعاون أو اتفاق لا يمكن أن يصمد دون وضوح المصلحة المشتركة وصدق النية. وأي انحراف عن هذا المبدأ، سواء في التحالف أحادي المصلحة أو في العمالة، يقوض استقرار المجتمعات ويهدم الثقة بين الأطراف. إدراك هذه الفروق والوعي بها ليس مجرد تحليل نظري، بل هو جدار حماية للمجتمعات ضد الانزلاق نحو علاقات مشوهة يُستغل فيها الطمع الشخصي على حساب المصلحة العامة.

في النهاية، الوعي بهذه المراتب والتمييز بين الشراكة والتحالف من جهة، والعمالة والخيانة من جهة أخرى، ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة أخلاقية وسياسية. فهو يمنع المجتمعات من الانزلاق نحو علاقات متشابكة ومضللة، ويحفظ الحقوق والمصالح العامة، ويجعل من الشفافية والمصلحة المشتركة معيارًا لا بديل عنه لأي تعاون حقيقي ومستدام.


***
» محمد ساجت السليطي (كاتب وباحث عراقي )



#محمد_ساجت_السليطي (هاشتاغ)       Mohammed_Sajit_Katia#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آثار ظاهرة وعّاظ السلاطين على الدين والمجتمع
- الوجه النفسي لظاهرة وعّاظ السلاطين: الحاجة إلى الحماية بدل ا ...
- مثقفو التبرير: حين يتحول الفكر إلى أداة بيد السلطة
- تأثير الغباء الاجتماعي على الشعوب: قراءة في نظرية ديتريش بون ...
- فقه الطاعة وفقه الاستبداد: التحليل الفقهي والسياسي لشرعية ال ...
- الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين
- كيف يُهزم الجهل؟
- ليس الجهل وحدهُ الخطر...
- نظرية المشاركة: محاولة حسن العلوي للتصالح مع التاريخ
- الإصلاح الديني... لماذا يفشل دائما ؟ (1)
- الإصلاح الديني... لماذا يفشل دائما ؟ (2)
- أسطورة المنقذ: بين الحاجة للعدل واستغلال الوهم
- حين ينتصر الجهل
- فاجعة الكوت... حين يُستغل الألم لتصفية الحسابات
- من يصنع الجهل؟
- ماذا يشعر الجاهل؟
- التطبير... بین شجاعة الفتوى ومراعاة الجماهير
- متى يُصبح الجهل مقدسًا؟
- الجهل ... موت بطيء في هيئة حياة
- مضيق هرمز سلاح إيران ذو الحدين


المزيد.....




- مفتشو الطاقة الذرية يعودون إلى إيران للمرة الأولى منذ الصراع ...
- مسؤولة بأطباء بلا حدود لـCNN: لم يتخذ أحد موقفًا في غزة عندم ...
- تمهيدًا للمرحلة المقبلة.. الجيش الإسرائيلي: إخلاء مدينة غزة ...
- -عُد إلى بلادك-.. عاصفة الغضب تتّسع في لبنان بعد تصريحات بار ...
- إسرائيل تتوغّل في القنيطرة.. ودمشق تدين مقتل 6 جنود وتتعهد ب ...
- عراقجي: عودة مفتشي الوكالة الدولية إلى طهران لا تعني استئناف ...
- تقارير: ميرتس ووزراء في حكومته يصرفون آلاف اليوروهات على إطل ...
- السودان: وباء الكوليرا يفتك في إقليم دارفور ويفاقم معاناة ال ...
- إسرائيل تلغي جميع الوثائق والإجراءات الفلسطينية في المناطق ا ...
- الجيش الإسرائيلي: إخلاء مدينة غزة من سكانها واحتلالها -لا مف ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ساجت قاطع - بين التحالف والخيانة... فرقٌ كبير