أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي جديد ومتحرر من الهيمنة الإمبريالية















المزيد.....

إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي جديد ومتحرر من الهيمنة الإمبريالية


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ تأسيسه بالقوة والغصب عام 1948 على أرض فلسطين، شكّل الكيان الصهيوني تجسيدًا ماديًا مباشرًا لمشروع استعماري–إحلالي، خُطّط له في قلب المنظومة الغربية الإمبريالية، ورُسّخ بالعنف والتطهير العرقي والتمييز العنصري.
لكنه لم يكن يومًا مجرد مشروع استيطاني محلي، بل كان وما يزال مخلب قطٍ استراتيجيًا للإمبريالية العالمية، وقلعة متقدمة على تخوم العالم العربي والإسلامي، تُنفّذ السياسات الغربية، وتحفظ مصالحها، وتمنع أي نهضة أو استقلال حقيقي في المنطقة.
واليوم، ومع كل الحديث عن نظام عالمي جديد في طور التشكّل، تبدو الحقيقة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى: زوال الكيان الصهيوني لم يعد مجرد مطلب فلسطيني أو عربي، بل بات ضرورة عالمية للتحرر، ولإمكانية نشوء نظام عالمي حر، متعدّد الأقطاب، خالٍ من هيمنة السلاح والاحتلال والتمييز العرقي.
== الكيان الصهيوني: وظيفة استعمارية لا كيان قومي
لم يكن الكيان الصهيوني نتاجًا لحراك شعبي أو وطني طبيعي كما تدّعي الروايات الصهيونية، بل هو ثمرة تواطؤ استعماري واضح بين المشروع الصهيوني من جهة، والقوى الغربية (خصوصًا بريطانيا، ولاحقًا الولايات المتحدة) من جهة أخرى. وقد أُعطي "وعد بلفور" كمفتاح استعمارٍ جديد في قلب المنطقة العربية، بقصد ضرب أي وحدة أو استقلال محتمل، وفصل المشرق عن المغرب، وزرع جسم غريب مدجّج بالسلاح يُعيد إنتاج التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة.
إن الصهيونية، في جوهرها، ليست حركة تحرر قومية لليهود، بل أيديولوجيا عنصرية استعمارية، تقوم على طرد السكان الأصليين، و"استبدالهم" بمستعمرين غربيين، تحت غطاء ديني تارة، وأمني تارة أخرى.
وهي نسخة مطوّرة من الاستعمار الأبيض في جنوب إفريقيا، أو الاستيطان الأوروبي في الأمريكيتين وأستراليا.
من هنا، فإن الكيان الصهيوني لا يمتلك شرعية أخلاقية أو تاريخية أو قانونية، بل يقوم فقط على منطق القوة والسلاح والدعم الخارجي.
وبالتالي، فإن مقاومته وإسقاطه ليس "تطرّفًا"، بل هو ممارسة طبيعية لحق الشعوب في تقرير مصيرها.
== إسرائيل كأداة للإمبريالية العالمية
إنّ تحليل دور إسرائيل في السياق العالمي يُظهر أنها ليست مجرد دولة "محلّيّة"، بل هي أحد الأذرع التنفيذية الرئيسية للإمبريالية الأمريكية، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية، وتحول مركز الثقل من بريطانيا إلى واشنطن.
فهي ليست فقط قاعدة عسكرية متقدمة في الشرق الأوسط، بل أيضًا مركز استخبارات، وسوق سلاح، ومحرك لسياسات الفوضى والتحريض والتفتيت.
لقد دعمت إسرائيل معظم الحروب الأمريكية في العالم، وشاركت في تدريب وتسليح الأنظمة الديكتاتورية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وأسهمت في قمع الثورات، واغتيال القادة، ونشر تقنيات المراقبة والقمع.
اليوم، تُقدّم إسرائيل نفسها كـ"مختبر" عالمي لتكنولوجيا الأمن والرقابة، وتسوّق أدوات السيطرة والتحكم البوليسي على الشعوب، بعد أن جرّبتها أولًا على الشعب الفلسطيني.
ومن هنا، فإنها تُصدّر الاحتلال كـ"نموذج"، وتبيع أدوات القمع بوصفها "خبرة متقدمة".
من هنا تكون إسرائيل ليست فقط دولة احتلال، بل شريك نشط في قمع البشرية جمعاء.
== الكيان الصهيوني عقبة أمام السلام العالمي
عبر العقود الماضية، كانت فلسطين هي الساحة التي تكشف الوجه الحقيقي للنظام العالمي.
فبينما يدّعي الغرب التزامه بـ"حقوق الإنسان"، و"النظام الدولي"، و"حل النزاعات بالطرق السلمية"، نراه يُغضّ الطرف عن الاحتلال، ويدعمه سياسيًا وعسكريًا وماليًا، ويحميه من أي عقاب أو مساءلة دولية.
بل إن المؤسسات الدولية ذاتها، من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، أثبتت أنها عاجزة أو متواطئة حين يتعلق الأمر بالجرائم الإسرائيلية، سواء كانت اغتيالات، أو إبادة جماعية، أو حصارًا وتجويعًا كما حدث سابقا وكما يحدث هذه الأيّام في قطاع غزة.
هذه الازدواجية تُفقد النظام العالمي شرعيته، وتُظهر أن ما يُسمّى "القانون الدولي" ليس سوى أداة بيد الأقوياء.
ومن هنا، فإن بقاء إسرائيل واستمرار احتلالها، يُشكّل مؤشراً على عجز هذا النظام، وعلى فشله في تمثيل الشعوب وقضاياها العادلة.
ولذلك، فإن تحرير فلسطين، وإزالة الكيان الصهيوني ككيان عدواني عنصري، هو شرط أساسي لإعادة بناء نظام عالمي جديد، يقوم على العدالة والكرامة، لا على السلاح والنفاق.
== زوال الكيان ضرورة لنهاية عالم القطب الواحد
منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وتفكيكه، استأثرت الولايات المتحدة بقيادة العالم، وسعت لفرض نظام عالمي أحادي القطبية، قائم على العولمة الليبرالية، والتدخل العسكري، ونهب الموارد، وتفكيك الدول المقاومة.
وكان الكيان الصهيوني جزءًا أساسيًا من هذا المشروع، يضرب كل محاولة استقلال، ويمارس التخريب المباشر أو غير المباشر.
لكن هذا النموذج بات اليوم ينهار تدريجيًا، مع صعود قوى جديدة (كالصين وروسيا والهند والبرازيل)، وبروز قوى مقاومة إقليمية (من محور المقاومة إلى حركات التحرر في الجنوب العالمي).
وهذا يفتح نافذة تاريخية لإعادة تشكيل النظام الدولي.
غير أن بقاء إسرائيل، بكل ما تمثله من تحالفات وامتيازات ودور تخريبي، يُهدد هذا التحوّل، ويُبقي باب الابتزاز والعدوان مفتوحًا.
لذلك، فإن زوال الكيان الصهيوني لا يخدم فقط فلسطين، بل يخدم أيضًا الصين وروسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، وكل من يطمح لنظام عالمي أكثر عدالة وتوازنًا.
== تحرر فلسطين كرمز لتحرر البشرية
فلسطين اليوم ليست فقط قضية وطن محتل، بل صارت رمزًا عالميًا للمقاومة، ومختبرًا للكرامة الإنسانية.
من الجامعات الأمريكية إلى الشوارع الأوروبية، ومن إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، صارت فلسطين رمزًا لرفض الظلم، وفضح النفاق، وتحطيم الأصنام الإعلامية والسياسية.
إنّ انتصار فلسطين لا يعني فقط دحر الاحتلال، بل يعني أيضًا دحر ثقافة الاستسلام، والمظلومية الصامتة، والنظام العالمي القائم على المحاباة والنفاق.
وفي المقابل، فإن هزيمة إسرائيل ليست هزيمة لدولة الكيان فقط، بل هزيمة للفكرة العنصرية الإستعمارية التي قامت على الإقصاء، واحتقرت الإنسان، وقتلت الطفل والمرأة والشيخ المسنّ، ودمّرت البنى التحتيّة.
== من فلسطين تبدأ الحرية
إنّ زوال الكيان الصهيوني ليس حلمًا طوباوياً، بل هدف سياسي تاريخي، يتقاطع مع مصالح الشعوب، ويُمهّد لنظام عالمي أكثر إنسانية وتعددًا.
هو الخطوة الأولى لإعادة بناء شرق أوسط متحرر من القواعد الأجنبية، والهيمنة الاقتصادية، والتفتيت المذهبي والعرقي.
وإذا كانت فلسطين هي "قلب الأمة"، فإن تحريرها هو بداية شفاء هذه الأمة، بل والعالم بأسره.
فمن هناك ... من حدود غزة، وساحات القدس، وبلدات الضفة الغربية، تتشكّل معركة عالمية حقيقية: معركة الإنسان ضد آلة القتل، ومعركة العدالة ضد الكذب، ومعركة المستقبل ضد بقايا الاستعمار.
وما ضاع حق وراءه مقاومة.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توماس براك يفضح وجه أمريكا القبيح: وقاحة رسمية واستعلاء وقح ...
- اللواء أسامة العلي: وجه التطبيع المسموم وصدى نباح العدو الصه ...
- حزب الله ومحور المقاومة: بين فحيح التشويه وصوت الكرامة
- عندما خان حكام دمشق الجدد العروبة ... كيف سقطت سورية في حضن ...
- عبد الرحمن الراشد وتكرار نغمة الهزيمة: رد على مقال -أين اختف ...
- المناضل الأممي جورج إبراهيم عبد الله: أيقونة النضال الأممي  ...
- في الموقف من سوريا اليوم: يساريّون مع الدولة والشعب... لا مع ...
- السلطة الوطنية الفلسطينية: من مشروع تحرري إلى أداة وظيفية لخ ...
- لا لتزييف مفهوم السلام: ثلاثي الدم والإجرام ( ترمب، نتنياهو ...
- هل سيكون مصير قبرص نفس مصير فلسطين؟
- إجرام الولايات المتحدة الأمريكية حول العالم منذ تأسيسها وحتى ...
- تشرذم اليسار الأردني: أحزاب صغيرة، خلافات تافهة، ومسؤولية ثق ...
- التعليم الخاص في الدول الفقيرة: فرصة للنخبة أم خطر على بنية ...
- ضرورة التحالف بين القوى اليسارية والماركسية في العالم العربي ...
- هذا هو التوحّش الإمبريالي الأمريكي … ديمقراطيا كان الرئيس أم ...
- دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش
- إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع ...
- عيد العمال (الأول من أيار): تحية للنضال الإنساني من أجل العد ...
- الرفيق عاطف زيد الكيلاني ينعى الشهيد على طريق القدس سماحة ال ...
- القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي


المزيد.....




- مصر: صافي الأصول الأجنبية للبنوك يسجل رقمًا قياسيًا..وخبراء ...
- نيابة أمن الدولة تُخلي سبيل 33 من المحبوسين -السياسيين- بينه ...
- حملة مقاطعة -شاورمر- في السعودية تثير جدلا عن الشركات الوطني ...
- ثورة -الفاتح-.. احتفالات في ليبيا تشعل جدلا عن إرث معمر القذ ...
- بلجيكا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية وتفرض عقوبات على إسرائي ...
- إسرائيل تحشد الآلاف من جنود الاحتياط استعدادا للهجوم على مدي ...
- ليبيا.. نحو حسم عسكري في طرابلس؟
- الاختفاء القسري في سوريا... هل تداوي العدالة الجرح المفتوح؟ ...
- إذاعة الجيش الإسرائيلي: 40 ألف جندي احتياط يستعدون لاحتلال م ...
- حماس: على مجلس الأمن وقف الإبادة بغزة وواشنطن مسؤولة عن تعطي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي جديد ومتحرر من الهيمنة الإمبريالية