أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عاطف زيد الكيلاني - التعليم الخاص في الدول الفقيرة: فرصة للنخبة أم خطر على بنية المجتمع؟














المزيد.....

التعليم الخاص في الدول الفقيرة: فرصة للنخبة أم خطر على بنية المجتمع؟


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 04:50
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في العقود الأخيرة، شهدت الدول الفقيرة تصاعدًا ملحوظًا في انتشار مؤسسات التعليم الخاصة، من مدارس وروضات إلى جامعات ومعاهد عليا.

وعلى الرغم من أن هذه المؤسسات تُروَّج غالبًا على أنها حلول بديلة لأنظمة التعليم الحكومي المتعثرة، فإنها في الواقع تشكل تهديدًا حقيقيًا لبنية المجتمع وتماسكه في هذه الدول.

فجوة طبقية تتسع

أحد أبرز المخاطر هو تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.

فالتعليم الخاص غالبًا ما يكون مرتفع التكلفة، ما يجعله حكرًا على الفئات الميسورة.

وبذلك يُحرم غالبية أبناء الفقراء من الوصول إلى تعليم بجودة مشابهة.

هذه الديناميكية تؤسس لمجتمع منقسم: فئة تملك أدوات النجاح والتقدم بفضل تعليمها المدفوع، وأخرى تُدفع تدريجيًا إلى هامش الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

خصخصة المعرفة وتفكيك المساواة

التعليم، في جوهره، يفترض أن يكون حقًا مشتركًا، لا امتيازًا يُشترى.

عندما تسيطر المؤسسات الخاصة على مشهد التعليم، فإنها تحوّل المعرفة إلى سلعة، وتُخضعها لمنطق السوق.

وهذا يتناقض مع الدور المفترض للتعليم كأداة للعدالة الاجتماعية.

في هذه الحالة، يصبح تفوق الفرد مرهونًا بقدرته على الدفع، لا بجهده أو موهبته، ما يؤدي إلى تآكل مبدأ “تكافؤ الفرص” الذي يُعد أحد ركائز أي مجتمع سليم.

تجريف التعليم العام

انتشار التعليم الخاص لا يأتي بمعزل عن التأثير على التعليم الحكومي.

فعندما يلجأ الطلاب القادرون إلى المدارس والجامعات الخاصة، يتراجع الضغط الشعبي لتحسين المؤسسات العامة.

وغالبًا ما يُهمل التعليم الحكومي وتُخفض ميزانياته، مما يزيد من تدهوره، ويُحكم القبضة على الفقراء الذين لا خيار أمامهم سوى القبول بالجودة المتدنية.

محتوى تعليمي منفصل عن الواقع المحلي

كثير من المؤسسات التعليمية الخاصة تعتمد مناهج مستوردة أو مصممة وفق معايير عالمية دون مراعاة للواقع الثقافي والاقتصادي المحلي.

هذا يُنتج أجيالًا منفصلة عن مجتمعاتها، تفكر بلغة غير لغتها، وتبحث عن فرص خارج أوطانها بدل المساهمة في بنائها.

التعليم الخاص كأداة للصراع الطبقي

في عمق هذه الأزمة، يبرز التعليم الخاص كأحد تجليات الصراع الطبقي في الدول الفقيرة، حيث تُستخدم مؤسسات التعليم – خصوصًا الخاصة منها – كوسيلة لإدامة الهيمنة الطبقية، لا كجسر للترقي الاجتماعي.

فالنخب الاقتصادية، التي غالبًا ما تملك هذه المؤسسات أو تستفيد منها، تستثمر في التعليم ليس بهدف تنمية المجتمع، بل لضمان استمرارية نفوذها وسيطرتها على الموارد والمراكز من خلال تقديم تعليم “نخبوي” منفصل عن عامة الناس، لتُعاد صياغة وتصنيع طبقة متعلمة ومهيمنة تتحدث لغات أجنبية، وتتبنى ثقافات بعيدة عن سياقها المحلي، وتُجهَّز لتولي المناصب العليا في الدولة والقطاع الخاص.

هذا النموذج لا يخدم سوى توسيع الهوّة الطبقية، إذ يُقصى الفقراء من دوائر التأثير والقرار، وتُكرَّس بنية اقتصادية تخدم القلّة وتُقصي الأغلبية.

وفي المحصلة، يتحول التعليم إلى أداة لتغوّل الرأسمالية، حيث تُسحب مقدرات الدولة – بما فيها العقول والكوادر – إلى خدمة مصالح رأس المال المحلي والدولي، بدل أن تكون رافعة لتحقيق العدالة والتنمية الوطنية الشاملة.

نحو حلول عادلة

لا يعني هذا رفض التعليم الخاص من حيث المبدأ، بل الدعوة إلى ضبطه وتنظيمه.

فالدولة يجب أن تضمن ألا يُستخدم التعليم الخاص كأداة لإعادة إنتاج الامتيازات.

ويمكن وضع ضوابط على الرسوم، وتحديد نسب للطلاب من خلفيات مختلفة، وفرض التزامات اجتماعية على هذه المؤسسات.

في المقابل، يجب أن يكون الاستثمار الحقيقي في التعليم العام، من حيث الجودة، والبنية التحتية، والتدريب، والرواتب، ليعود قادرًا على أداء دوره كقاطرة للتنمية، لا عبئًا على كاهل المجتمع.

خاتمة

التعليم ليس سلعة، بل حق إنساني، وأداة لتشكيل المستقبل.

وفي الدول الفقيرة، لا يجوز أن يُترك للعرض والطلب.

فبقدر ما نضمن عدالته، بقدر ما نبني مجتمعات متماسكة، لا تستند إلى التفاوت، بل إلى الأمل المشترك.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة التحالف بين القوى اليسارية والماركسية في العالم العربي ...
- هذا هو التوحّش الإمبريالي الأمريكي … ديمقراطيا كان الرئيس أم ...
- دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش
- إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع ...
- عيد العمال (الأول من أيار): تحية للنضال الإنساني من أجل العد ...
- الرفيق عاطف زيد الكيلاني ينعى الشهيد على طريق القدس سماحة ال ...
- القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي
- الفروقات الجليّة بين جثة وجثمان
- الإنتخابات النيابية الأردنية (1) … كم أنا حزين!
- قادة أمميون وقوميون (1) – القائد الشيوعي الفلسطيني نجاتي صدق ...
- رسالة إلى شعبنا الأردنيّ العظيم قبل يومين من الإنتخابات البر ...
- حرية المرأة في جسدها من وجهة نظر ماركسية: تحليل اقتصادي واجت ...
- الرفيق القائد الأممي جوزيف ستالين ... سيرة ذاتية مختصرة ويتص ...
- الرئيس الجزائري الراحل بومدين: هل هو المستبد العادل أم له تص ...
- رأي لينين بنضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية / عاطف ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة ( 3 ) – الشيوعيون هم المم ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة في الأردن ( 2 ) ... الشيو ...
- من وحي الإنتخابات في الأردن … كم نحن في حاجة لنوّاب شيوعيين ...
- وداعاَ أيّها الرفاق والأصدقاء
- الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي: وجهة نظر حول اسرائيل الفاشية ...


المزيد.....




- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- مراسل فرانس24 في طهران في قلب مراسم تشييع قتلى الحرب بين إسر ...
- ترامب: محاكمة نتنياهو تعيق قدرته على التفاوض مع إيران وحماس ...
- موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، فهل تغيّر طقس القارة العجوز؟ ...
- Day at the Races 789club – Cu?c ?ua t?c ?? m? màn chu?i th?n ...
- عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: نعتزم مع شركائنا الأوروبيين ال ...
- العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
- فيديو.. عامل معلق رأسا على عقب في الهواء بعد صدمة مفاجئة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عاطف زيد الكيلاني - التعليم الخاص في الدول الفقيرة: فرصة للنخبة أم خطر على بنية المجتمع؟