أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع الهيمنة؟















المزيد.....

إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع الهيمنة؟


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة: حرب في الظل… تتحول إلى مواجهة مفتوحة

منذ أكثر من أربعة عقود، لم تهدأ الجبهات السياسية والعسكرية بين إيران والكيان الصهيوني، لكن ما شهدته المنطقة مؤخرًا يشير إلى تصعيد غير مسبوق ينذر بتحول الحرب “الخفية” إلى صدام مباشر. هذه ليست مجرد خلافات عابرة بين قوتين إقليميتين، بل صراع يتجذر في تضاد جذري بين مشروع مقاوم تسعى إيران من خلاله إلى إجهاض الاحتلال والاستعمار في فلسطين والمنطقة، وبين مشروع صهيوني توسعي مدعوم غربيًا يهدف إلى تكريس الهيمنة والسيطرة.

الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ انبثاقها من رحم ثورة شعبية عام 1979، أعادت تعريف العلاقة مع الكيان الصهيوني بشكل قاطع. فأغلقت السفارة الإسرائيلية وافتتحت بدلًا منها سفارة فلسطين، ورفعت شعار “إزالة إسرائيل من الوجود” كشعار مركزي في خطابها السياسي والأيديولوجي. واليوم، يتجدد هذا الصراع في شكل أكثر حدة، في ظل هجمات إسرائيلية متكررة على الأراضي الإيرانية، وردود إيرانية صاروخية بطابع انتقامي ودفاعي.
الجذور الأيديولوجية والسياسية للصراع الإيراني – الإسرائيلي

تنبع عداوة إيران لإسرائيل من مزيج من الاعتبارات العقائدية والسياسية والاستراتيجية. فعقائديًا، ترى إيران أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو انتهاك واضح لكل المبادئ الإسلامية والإنسانية. وسياسيًا، تعتبر أن دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية جزء من التزامها الإقليمي والدولي تجاه المستضعفين، وهو ما يُترجم عمليًا من خلال دعم حركة حماس، الجهاد الإسلامي، وحزب الله في لبنان.

في المقابل، تعتبر إسرائيل أن إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لأمنها القومي، ليس فقط بسبب برامجها الصاروخية والنووية، بل بسبب تصدرها لما يُعرف بـ”محور المقاومة” في المنطقة، والذي يمتد من طهران إلى بغداد، فدمشق، ثم بيروت وصنعاء وفلسطين وخصوصا غزة.
إسرائيل وسياسة الاستفزازات والضربات الاستباقية

منذ سنوات، اعتمدت إسرائيل سياسة الضربات الاستباقية تجاه إيران ومصالحها الإقليمية، من خلال عمليات اغتيال لعقول علمية مثل محسن فخري زاده، والهجمات الإلكترونية على منشآت نطنز النووية، والغارات المتكررة على مواقع الحرس الثوري في سوريا.

كما قامت إسرائيل، بدعم أمريكي صريح، بشن هجمات في العمق الإيراني، في خطوة عدّتها طهران تجاوزًا للخطوط الحمراء. وردت إيران في أبريل 2025 بهجوم صاروخي واسع النطاق هو الأكبر في تاريخ المواجهة بين الطرفين، شمل أكثر من 270 صاروخًا وطائرة مسيرة، مستهدفًا مواقع عسكرية إسرائيلية في القدس المحتلة وتل أبيب والنقب.

هذا الرد غير المسبوق مثّل نقطة تحول في قواعد الاشتباك، وأعاد خلط الأوراق في المشهد الإقليمي، حيث لم يعد من الممكن اعتبار إيران لاعبًا متفرجًا أو مجرد داعم لوكلاء، بل طرفًا مباشرًا يمتلك القدرة على المبادرة والتأثير.
إيران: الدفاع المشروع عن السيادة الوطنية

من وجهة نظر طهران، فإن كل ما تقوم به إسرائيل من عمليات تخريب وتجسس وهجمات عسكرية يندرج في إطار العدوان السافر على السيادة الإيرانية. وبالتالي، فإن الرد الإيراني ليس سوى ممارسة لحق الدفاع المشروع، كما تضمنه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، تؤكد إيران أن هدفها ليس الحرب الشاملة، بل تثبيت معادلة الردع ووقف العدوان. وتستشهد بالمواقف الغربية المنحازة التي تدين الرد الإيراني وتغض الطرف عن الأعمال العدائية الإسرائيلية التي تشكل أصل الصراع.

كما تشدد القيادة الإيرانية على أن دعم المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا هو التزام ديني وأخلاقي وخيار استراتيجي لن تتراجع عنه، ما دامت إسرائيل تواصل احتلالها لفلسطين وارتكاب المجازر بحق المدنيين، خاصة في غزة التي تحولت إلى رمز للصمود.
الإعلام الغربي وتزييف الحقائق

يلعب الإعلام الغربي دورًا سلبيًا في تغطية هذا الصراع، إذ يسوق الرواية الإسرائيلية باعتبارها الطرف “المدافع عن النفس”، متجاهلًا سياق الاحتلال والعدوان المستمر على دول المنطقة. كما يتجاهل تغطية معاناة الشعوب من السياسات الإسرائيلية التي لا تفرق بين مدني وعسكري.

أما الرواية الإيرانية، فتُعرض غالبًا على أنها خطاب متطرف أو تهديد إرهابي، وهو ما يُسهم في تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي.

لكن مع تصاعد الوعي الإعلامي في العالم العربي والإسلامي، بات من الصعب حجب حقيقة أن إيران تمثل، على الأقل في هذه القضية، صوتًا للمظلومين في مواجهة الظلم، ومحورًا لمشروع مقاوم في وجه الهيمنة.
التداعيات الإقليمية المحتملة

المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، إذا تصاعدت إلى حرب مفتوحة، ستؤدي إلى تداعيات كارثية في الإقليم. فإسرائيل، برغم تفوقها التكنولوجي والعسكري، لا تملك القدرة على تحمل وابل صاروخي مستمر من إيران، وربما من أطراف محور المقاومة الآخرين. كما أن ضربات دقيقة على منشآتها الحيوية قد تصيب اقتصادها في مقتل.

في المقابل، إيران أيضًا ستواجه صعوبات اقتصادية وعسكرية إذا طال أمد الحرب، لكن روح التعبئة الوطنية والمقاومة العميقة في المجتمع الإيراني تجعل من السقوط أمرًا مستبعدًا.

أما دول الخليج، فستكون أمام خيارات صعبة، إذ تخشى أن تصبح أراضيها منصات لحرب بالوكالة أو ساحات للاشتباك. وفي هذا السياق، تلعب قطر وسلطنة عمان دورًا متزايدًا في محاولة التهدئة والوساطة، بدعم من دول مثل الصين وروسيا.
الحسابات الأمريكية والغربية: ازدواجية المعايير

من اللافت أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تواصل تقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل، رغم أن الأخيرة تنتهك بشكل منهجي القوانين الدولية، وتستهدف دولًا ذات سيادة، وتُمارس الفصل العنصري والتهجير القسري بحق الشعب الفلسطيني.

الولايات المتحدة، التي تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، تتجاهل هذه الانتهاكات عندما يكون المعتدي هو “حليفها الاستراتيجي”، وتندد بردود الفعل الإيرانية بوصفها “تهديدًا للأمن الإقليمي”، في تناقض صارخ يفضح زيف الخطاب الغربي حول العدالة الدولية.
الخاتمة: صراع بين مشروعين لا بين دولتين

ما يجري اليوم ليس مجرد مواجهة عسكرية بين طهران وتل أبيب، بل هو صراع بين مشروعين تاريخيين:

مشروع المقاومة والتحرر، تقوده إيران إلى جانب حركات شعبية تسعى إلى تحرير الأرض ورفض التطبيع والدفاع عن السيادة والاستقلال.

ومشروع الاستعمار والاحتلال، تمثله إسرائيل كقوة نووية غير خاضعة للرقابة، تحتل فلسطين منذ أكثر من سبعين عامًا، وتدّعي حق “الدفاع عن النفس” بينما تبني سياستها على القتل والتهجير.

في هذا السياق، فإن تأييد إيران لا يعني بالضرورة القبول بكل سياساتها الداخلية أو الإقليمية، بل هو موقف أخلاقي في وجه كيان استيطاني عنصري لم يعد يجد من يردعه إلا محور مقاوم قرر أن لا يساوم على المبادئ.

في النهاية، فإن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإزالة جذور العدوان: الاحتلال الإسرائيلي، والكيل بمكيالين، والتدخلات الخارجية. وإلى أن يتحقق ذلك، ستبقى إيران – شئنا أم أبينا – لاعبًا مركزيًا في معادلة الردع، وصوتًا صلبًا في وجه التطبيع والخنوع.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد العمال (الأول من أيار): تحية للنضال الإنساني من أجل العد ...
- الرفيق عاطف زيد الكيلاني ينعى الشهيد على طريق القدس سماحة ال ...
- القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي
- الفروقات الجليّة بين جثة وجثمان
- الإنتخابات النيابية الأردنية (1) … كم أنا حزين!
- قادة أمميون وقوميون (1) – القائد الشيوعي الفلسطيني نجاتي صدق ...
- رسالة إلى شعبنا الأردنيّ العظيم قبل يومين من الإنتخابات البر ...
- حرية المرأة في جسدها من وجهة نظر ماركسية: تحليل اقتصادي واجت ...
- الرفيق القائد الأممي جوزيف ستالين ... سيرة ذاتية مختصرة ويتص ...
- الرئيس الجزائري الراحل بومدين: هل هو المستبد العادل أم له تص ...
- رأي لينين بنضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية / عاطف ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة ( 3 ) – الشيوعيون هم المم ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة في الأردن ( 2 ) ... الشيو ...
- من وحي الإنتخابات في الأردن … كم نحن في حاجة لنوّاب شيوعيين ...
- وداعاَ أيّها الرفاق والأصدقاء
- الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي: وجهة نظر حول اسرائيل الفاشية ...
- انتهى الدرس أيها الأغبياء !
- في الذكرى الأولى لاستشهاد الكاتب والمفكر المناضل اليساري ناه ...
- جائزة سمير قصير ... والعداء لسورية


المزيد.....




- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...
- رحلة اللقالق تحت المجهر: رومانيا تطلق مشروعًا علميًا فريدًا ...
- أهداف الناتو الجديدة أعباء وتحديات جديدة للجيش الألماني
- خبراء يحذرون من -سلبيات- العمل قبل السابعة صباحاً!
- 7 بدائل طبيعية للسكر تقلل استهلاكك دون التخلي عن حلاوة المذا ...
- قائد الجيش الإيراني: نقاتل اليوم من أجل النصر
- شمخاني يؤكد: اليورانيوم الإيراني المخصب لا يزال موجودا
- عراقجي يجري في موسكو محادثات -جادة ومهمة- مع بوتين
- واشنطن تحذر رعاياها بالداخل والخارج وتقلص بعثتيها في لبنان و ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع الهيمنة؟