أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش














المزيد.....

دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 03:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


...


في زمنٍ أصبحت فيه السياسة لعبةً إعلامية وتجارية، برز دونالد ترمب كأيقونةٍ للنيوليبرالية الفجة والإمبريالية العارية من أي قناع أخلاقي. لم يكن ترمب رئيسًا أمريكيًا "تقليديًا" كما حاول البعض ترويجه، بل كان تجسيدًا حيًا لأكثر أوجه الرأسمالية عدوانية، حيث تذوب القيم في مقابل الربح، وتتوارى الإنسانية خلف أسوار المصالح.

ترمب، الذي صعد من عالم العقارات إلى سدة الحكم، لم يأتِ ببرنامج سياسي بمعناه الكلاسيكي، بل بحزمة من الشعارات النارية التي تخاطب الغرائز القومية البيضاء، وتغذي الهواجس الاقتصادية لدى الطبقات المهمشة، دون أن يقدم حلولًا حقيقية. لكنه، في الوقت ذاته، كشف عن عمق التصدع في النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وجعل من نفسه رمزًا للوجه القبيح الذي حاولت الإمبريالية الأمريكية إخفاءه لعقود.

الرأسمالية العارية: أرباح على جثث البشر

منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى البيت الأبيض، بدا واضحًا أن دونالد ترمب لا يمثل إلا شريحة ضيقة جدًا من الأمريكيين: تلك التي تتربع على قمة هرم المال والنفوذ. منح الأولوية القصوى لتقليل الضرائب على الأثرياء، وفتح الأسواق أمام الشركات الكبرى، وقلّص الضوابط البيئية، ووقف ضد أي مسعى لتأمين صحي شامل أو حماية اجتماعية للفقراء.

وقد تجلّى هذا الانحياز الطبقي خلال جائحة كورونا، حين رفض الإغلاق الكامل رغم الكلفة البشرية، وقلّل من شأن العلم والطب في مقابل الدفاع عن "الاقتصاد". كانت إدارته تفضّل أن تموت الأرواح على أن تتراجع أرباح الشركات في وول ستريت. هنا تتجلى الرأسمالية في أبشع صورها: لا ضمير، لا إنسان، فقط أرقام.

إمبريالية بلا رتوش

منذ نشأتها، حاولت الإمبريالية الأمريكية تزيين تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى بشعارات مثل "الديمقراطية"، "حقوق الإنسان"، أو "الحرية". لكن ترمب ضرب بهذه الأقنعة عرض الحائط، ورفع شعارات علنية للابتزاز السياسي والاقتصادي. قالها بوضوح حين خاطب السعودية: "لولا حمايتنا لما استطعتم البقاء أسبوعًا"، وطلب مقابلًا ماليًا مباشرا لتلك "الحماية".

لقد خاض حروبًا اقتصادية ضد الصين، وكوريا الشمالية، وإيران، وهدد الحلفاء الأوروبيين، وأصرّ على سياسة العقوبات الخانقة ضد دول مثل فنزويلا وكوبا، في محاولة لتركيعها اقتصاديًا. لم يكن ترمب مهتمًا بتحقيق استقرار عالمي، بل بخلق حالة من الفوضى التي تعيد تأكيد الهيمنة الأمريكية عبر الضغط والابتزاز.

خطاب الكراهية كأداة للسلطة

في الداخل الأمريكي، استخدم ترمب خطابًا عنصريًا صريحًا ضد المهاجرين، والمسلمين، والسود، واللاتينيين. وصف الدول الإفريقية بـ"الحثالة"، واعتبر المسلمين تهديدًا أمنيًا، وفرض حظرًا على دخولهم، وأطلق يد الشرطة في قمع الاحتجاجات الشعبية، وخاصة تلك التي قادها أصحاب البشرة السمراء بعد مقتل جورج فلويد.

كان بذلك يؤسس لما يشبه "الترامبية" كعقيدة سياسية جديدة: مزيج من القومية البيضاء، والرأسمالية المتوحشة، والانغلاق القومي، والمعاداة لكل ما هو مختلف أو "غير أمريكي بما يكفي". وقد نجح في خلق قاعدة شعبية صلبة تؤمن بهذه القيم، وهو ما يجعل خطره مستمرًا حتى بعد مغادرته الحكم.

ترمب وظاهرة الشعبوية العالمية

ترمب ليس ظاهرة معزولة، بل هو جزء من موجة صاعدة عالميًا تعكس صعود اليمين الشعبوي، كما نراه مع بولسونارو في البرازيل، وفيكتور أوربان في المجر، وحتى الأحزاب اليمينية في أوروبا. جميعهم يشتركون في ثلاثية واحدة: استعداء المهاجرين، رفض العولمة الاقتصادية "إذا لم تكن لصالحهم"، والدفاع عن القومية الضيقة. لكن ترمب يتميز عنهم بشيء إضافي: أنه يقود أقوى دولة في العالم.

إن عودة ترمب أو أي من تلاميذه السياسيين إلى الحكم لا تعني مجرد تغيير في الخطاب، بل انقلابًا محتملًا على النظام العالمي الهش، ودخول العالم في طور جديد من الحروب التجارية، والصراعات العرقية، والاستقطاب الداخلي. لقد أصبح من الممكن أن تنهار ديمقراطيات باسم "إرادة الشعب"، وتُخنق الحقيقة تحت شعارات "الإعلام الكاذب".

هل ترمب ماضٍ أم مستقبل؟

رغم خسارته الانتخابات الرئاسية في 2020، لم تنتهِ قصة ترمب. فقد ظل لاعبًا مركزيًا في الحزب الجمهوري، ويسيطر على قاعدته الشعبية والإعلامية. وحتى وهو يواجه قضايا قانونية متعددة، يواصل خطاب الضحية، ويقدّم نفسه كمنقذ لأمريكا من "اليسار المتطرف"، و"الدولة العميقة"، و"المهاجرين الغزاة".

ترمب اليوم ليس فقط مرشحًا محتملاً للرئاسة، بل هو رمز لتيار عالمي أوسع يرفض التعددية الثقافية، ويتبنى أيديولوجيا الصدمة لتحقيق مكاسب اقتصادية على حساب الاستقرار والسلم. إن تجاهل هذا التيار، أو التعامل معه باعتباره "ظاهرة إعلامية"، هو تجاهل خطير لحقيقة التهديد.

في الخلاصة: التوحش بلا خجل

لقد كان دونالد ترمب بمثابة المرآة التي عكست الوجه الحقيقي لمنظومة ظلت تتزيّن طويلاً بالديمقراطية، لكنها في عمقها تستند إلى قوة المال، وقانون الغاب، ومبدأ الربح قبل كل شيء. هو ليس انحرافًا عن المسار الأمريكي، بل تكثيفًا له، وتجليًا واضحًا لما يمكن أن يكون عليه النظام العالمي إذا ما تخلّى عن آخر ما تبقى من قيمه الإنسانية.

إن مقاومة "الترامبية"، داخل أمريكا وخارجها، ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية. لأن العالم لا يمكن أن يتحمّل المزيد من الرأسمالية المتوحشة، التي ترتدي بدلة فاخرة، وتلوّح بعلم، بينما تبيع الأسلحة وتبني الجدران وتحرق الأرض تحت أقدام الفقراء.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع ...
- عيد العمال (الأول من أيار): تحية للنضال الإنساني من أجل العد ...
- الرفيق عاطف زيد الكيلاني ينعى الشهيد على طريق القدس سماحة ال ...
- القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي
- الفروقات الجليّة بين جثة وجثمان
- الإنتخابات النيابية الأردنية (1) … كم أنا حزين!
- قادة أمميون وقوميون (1) – القائد الشيوعي الفلسطيني نجاتي صدق ...
- رسالة إلى شعبنا الأردنيّ العظيم قبل يومين من الإنتخابات البر ...
- حرية المرأة في جسدها من وجهة نظر ماركسية: تحليل اقتصادي واجت ...
- الرفيق القائد الأممي جوزيف ستالين ... سيرة ذاتية مختصرة ويتص ...
- الرئيس الجزائري الراحل بومدين: هل هو المستبد العادل أم له تص ...
- رأي لينين بنضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية / عاطف ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة ( 3 ) – الشيوعيون هم المم ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة في الأردن ( 2 ) ... الشيو ...
- من وحي الإنتخابات في الأردن … كم نحن في حاجة لنوّاب شيوعيين ...
- وداعاَ أيّها الرفاق والأصدقاء
- الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي: وجهة نظر حول اسرائيل الفاشية ...
- انتهى الدرس أيها الأغبياء !
- في الذكرى الأولى لاستشهاد الكاتب والمفكر المناضل اليساري ناه ...
- جائزة سمير قصير ... والعداء لسورية


المزيد.....




- قد تكبده غرامة.. مخالفة يرتكبها وزير الخارجية البريطاني خلال ...
- مثل -راتاتوي-.. مهندسة تصمّم فأرًا روبوتيا كربطة رأس -يتحكّم ...
- قابلهم 48 مرة.. إليك تفاصيل لقاءات بوتين السابقة مع رؤساء ال ...
- السودان: عشرات الوفيات في دارفور جراء الكوليرا ومنظمة أطباء ...
- احتجاجات في واشنطن بعد إعلان البيت الأبيض انتشار قوات فيدرال ...
- غَرق قارب مهاجرين قبالة لامبيدوسا يُوقع 26 قتيلاً على الأقل ...
- مصدر رسمي: الأردن رفض مرور مساعدات إسرائيلية للسويداء عبر أر ...
- باكستان تنشئ قوة جديدة للإشراف على الصواريخ بعد الصراع مع ال ...
- اشتباكات متصاعدة في صربيا بين معارضي الرئيس ومؤيديه
- 100 منظمة إغاثية تتهم إسرائيل بعرقلة دخول المساعدات لغزة


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش