أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - تشرذم اليسار الأردني: أحزاب صغيرة، خلافات تافهة، ومسؤولية ثقيلة على عاتق الشيوعيين بالذات














المزيد.....

تشرذم اليسار الأردني: أحزاب صغيرة، خلافات تافهة، ومسؤولية ثقيلة على عاتق الشيوعيين بالذات


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 04:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على انفتاح الحياة السياسية في الأردن، ما تزال قوى اليسار الأردني تواصل انحدارها التنظيمي والشعبي، وتعيش أسوأ مراحلها من التشرذم والانقسام الداخلي، دون أن تبدي أي قدرة حقيقية على الخروج من أزماتها البنيوية. فما بين تعدد الأحزاب ذات المرجعية اليسارية، والتخبط الأيديولوجي، وتضخم الذوات القيادية، والتمترس خلف خلافات تكاد تبدو في كثير من الأحيان تافهة أو ثانوية، يبدو اليسار الأردني كأنه يعيش في عزلة مقصودة عن الواقع السياسي والاجتماعي للبلاد.
مشهد متشظٍّ ومفكك

عدد أحزاب اليسار الأردني يفوق تأثيرها بمراحل.

فمن الحزب الشيوعي الأردني، إلى حزب الشعب الديمقراطي (حشد)، مرورا بحزب الوحدة الشعبية، والحزب الديمقراطي الإجتماعي، والحزب المدني الديمقراطي، وغيرها من تجمعات ومنابر ومنتديات وملتقيات، وما شئتم من مسمّيات متعددة … وصولًا إلى محاولات فاشلة لتأسيس “تحالفات يسارية” لم تعمر طويلًا.

كل هذه التشكيلات تدّعي تمثيلها لذات القاعدة الاجتماعية والطبقية، ولكنها تفشل حتى في الجلوس إلى طاولة واحدة لصياغة رؤية سياسية مشتركة، أو الاتفاق على برنامج حد أدنى يوحّدها في مواجهة التحديات الوطنية والاجتماعية.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف يمكن لقوى تدّعي تمثيل العمال والفقراء والمهمّشين أن تكون عاجزة حتى عن تمثيل ذاتها في مشهد سياسي متماسك؟

وكيف يمكن لهذه الفصائل أن تقنع الجماهير بأنها البديل، وهي نفسها غارقة في نزاعات صغيرة، وموغلة في الحسابات الشخصية والتاريخية التي لم تعد تعني أحدًا خارج جدران مكاتبها الحزبية الضيقة؟
خلافات بلا مضمون

ليست الخلافات بين أحزاب اليسار الأردني خلافات جوهرية في معظم الأحيان.

فعلى المستوى النظري، تتشارك هذه الأحزاب في ذات القناعات حول أهمية العدالة الاجتماعية، ورفض التبعية الاقتصادية، ومناهضة سياسات الليبرالية الجديدة.

ومع ذلك، نراها تفشل مرة تلو الأخرى في التوافق على آلية تنسيق، أو مشروع تحالفي مستدام، أو حتى موقف سياسي مشترك من القضايا الوطنية الكبرى.

تعود هذه الخلافات في جوهرها إلى أسباب شخصية، وتاريخية، وتنظيمية أكثر من كونها سياسية.

ففي كثير من الأحيان، يدور الخلاف حول من يقود التحالف، أو من يُمنح مساحة أكبر للظهور الإعلامي، أو من يتحكم في صياغة البيان، وليس حول البرنامج السياسي أو الموقف من الخصخصة، أو القوانين القمعية، أو العلاقة مع الحكومات.
الشيوعيون: مسؤولية مضاعفة

من بين مختلف أطياف اليسار الأردني، يتحمّل الحزب الشيوعي الأردني، بصفته الأقدم والأعرق، القسط الأكبر من المسؤولية في ما آل إليه حال اليسار.

فالحزب الذي امتلك في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن المنصرم قاعدة شعبية واسعة، ونفوذًا نقابيًا وثقافيًا لا يستهان به، بات اليوم يعاني من شيخوخة تنظيمية، وعزلة فكرية، وابتعاد شبه كامل عن قواعده

الطبيعية.

لقد اختار الحزب منذ التسعينات أن ينكفئ إلى صراعاته الداخلية، وأن يدير ظهره لتحولات المجتمع الأردني، فغاب عن الحراكات الاجتماعية الحقيقية، وتراجع دوره في النقابات، وانحسر وجوده في الجامعات.

كما لم ينجح الحزب في تجديد خطابه أو كوادره، ولا في قراءة التحولات السياسية والاجتماعية التي طرأت على الأردن والمنطقة.

وما يزيد من وطأة هذا الواقع هو أن الحزب لم يكتفِ بالانكفاء، بل ساهم في تغذية الانقسامات داخل الطيف اليساري، عبر تبنّي مواقف إقصائية، ورفضه المتكرر للدخول في تحالفات جادة مع قوى يسارية أخرى، إلا بشروط يراها الآخرون تعجيزية أو متعالية.
الحاجة إلى “برنامج حدّ أدنى”

إن ما تحتاجه قوى اليسار الأردني اليوم ليس اندماجًا شكليًا، ولا لقاءات موسمية تصدر عنها بيانات إنشائية، بل رؤية سياسية واقعية، مبنية على فهم حقيقي لتحولات المجتمع الأردني، ومبنية على قاعدة برنامج حدّ أدنى يُجمع عليه الجميع.

هذا البرنامج يمكن أن ينطلق من أولويات واضحة:

1 – الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين

2 – رفض الخصخصة وبيع المؤسسات الوطنية

3 – المطالبة بتعديل قوانين الانتخاب والأحزاب والحريات العامة

4 – الوقوف في وجه الفساد

5 – رفض التطبيع مع العدوّ الصهيوني.

هذه ليست نقاط خلافية بين قوى اليسار، بل هي أرضية مشتركة يمكن البناء عليها.

أما إذا استمر اليسار في اجترار خلافاته القديمة، والانغلاق على ذاته، فإنه سيواصل التآكل، حتى يختفي من الوعي العام، إن لم يكن قد بدأ بذلك بالفعل.
المجتمع بحاجة إلى يسار قوي

في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية، وازدياد نسب الفقر والبطالة، وتراجع الخدمات العامة، واحتدام التفاوت الطبقي، تبدو الحاجة إلى تيار يساري قوي ومتماسك في الأردن أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

ولكن هذا التيار لن يتبلور ما لم تُراجع القوى اليسارية نفسها بعمق، وتعيد صياغة علاقتها بالمجتمع، وتخرج من نخبويتها التنظيمية والمركزية العقيمة.

كما أن القوى الشبابية الجديدة، التي لا تجد نفسها في هذه الأحزاب المترهلة، بحاجة إلى مساحة ضمن مشروع يساري جامع، يتجاوز الخطابات المؤدلجة الجوفاء، نحو أفعال ملموسة ومواقف مبدئية تتماهى مع هموم الناس وتطلعاتهم.
خاتمة: الفرصة ما تزال قائمة… ولكنها تضيق

رغم هذا المشهد القاتم، فإن الفرصة لم تُغلق تمامًا أمام قوى اليسار الأردني.

لا تزال هناك كوادر نقابية، وشباب مثقف، وعقول نقدية داخل هذه الأحزاب وخارجها، تؤمن بأن التغيير ممكن، وبأن دور اليسار لم ينته بعد.

لكن هذه الفرصة تضيق مع كل يوم تستمر فيه حالة التشرذم والتنازع الداخلي.

وإذا لم تُتخذ خطوات حقيقية نحو التوحيد والتجديد، فإن اليسار الأردني لن يكون فقط غير ذي صلة بالمستقبل، بل قد يتحول إلى مجرد صفحة في كتب التاريخ، تُروى كعبرة عن التيارات التي فشلت في قراءة زمانها، فضلاً عن تغييره.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم الخاص في الدول الفقيرة: فرصة للنخبة أم خطر على بنية ...
- ضرورة التحالف بين القوى اليسارية والماركسية في العالم العربي ...
- هذا هو التوحّش الإمبريالي الأمريكي … ديمقراطيا كان الرئيس أم ...
- دونالد ترمب: الوجه الأقبح للإمبريالية ورأس المال المتوحش
- إيران في مواجهة الكيان الصهيوني: صراع سيادة أم مقاومة مشروع ...
- عيد العمال (الأول من أيار): تحية للنضال الإنساني من أجل العد ...
- الرفيق عاطف زيد الكيلاني ينعى الشهيد على طريق القدس سماحة ال ...
- القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي
- الفروقات الجليّة بين جثة وجثمان
- الإنتخابات النيابية الأردنية (1) … كم أنا حزين!
- قادة أمميون وقوميون (1) – القائد الشيوعي الفلسطيني نجاتي صدق ...
- رسالة إلى شعبنا الأردنيّ العظيم قبل يومين من الإنتخابات البر ...
- حرية المرأة في جسدها من وجهة نظر ماركسية: تحليل اقتصادي واجت ...
- الرفيق القائد الأممي جوزيف ستالين ... سيرة ذاتية مختصرة ويتص ...
- الرئيس الجزائري الراحل بومدين: هل هو المستبد العادل أم له تص ...
- رأي لينين بنضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية / عاطف ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة ( 3 ) – الشيوعيون هم المم ...
- من وحي الإنتخابات النيابية القادمة في الأردن ( 2 ) ... الشيو ...
- من وحي الإنتخابات في الأردن … كم نحن في حاجة لنوّاب شيوعيين ...
- وداعاَ أيّها الرفاق والأصدقاء


المزيد.....




- -لم يتغير شيء-.. إيران تحاول إعادة تسليح وكلائها في العراق و ...
- وجه رسالة للبدو والدروز بسوريا.. الكلمة الكاملة لأحمد الشرع ...
- فيديو منسوب لـ-اشتباكات عشائر بدوية- مع مسلحين دروز بالسويدا ...
- بريطانيا ترفض دفع تعويضات للأفغان الذين تعاونوا مع القوات ال ...
- إصابة 30 شخصا في حادث دهس بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية
- رغم إعلان وقف إطلاق النار.. تسجيل عدد من الخروقات في السويدا ...
- التوترات تزداد في أوروبا.. 49% من الألمان يرون في روسيا تهدي ...
- ندوة بعنوان “ما زلنا نقاوم” بمناسبة الذكرى الـ 53 لاستشهاد ا ...
- محمد باسو: -دائمًا ما أبحث عن المواضيع التي تمسّ جوهر اهتمام ...
- سنغافورة تتعرض لهجوم سيبراني خطير وسط اتهامات للصين وبكين تن ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - تشرذم اليسار الأردني: أحزاب صغيرة، خلافات تافهة، ومسؤولية ثقيلة على عاتق الشيوعيين بالذات