|
علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية!
طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 22:00
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نشر الرفيق والاستاذ العزيز دكتور حسين علوان حسين المحترم مقالة بعنوان -تاريخ الكومونات الإشتراكية (1)- https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=881457 وقد علقت عليها بالقول: "يفرحني اعلامنا باصدار جون بيلامي فوستر كتابه -كسر قيود القدر: أبيقور وماركس-. حيث نعلم ان ماركس ناقش في اطروحته للدكتوراه التوتر بين الحتمية والارادة الحرة في فلسفة ابيقور. وهذا الصراع بين الحتمية والارادة الحرة لا زال يثير الكثير من الجدل في علوم النفس والاعصاب والدماغ وحتى في علم الاجرام لتحديد المسؤولية الشخصية عند ارتكاب شخص لجريمة ما. ولا اعلم هل ان رسالة الدكتوراه هذه مترجمة الى اللغة العربية. عموما يمكن قرائتها بالانكليزية في The Difference Between the Democritean and Epicurean Philosophy of Nature https://www.marxistleninists.org/M&E/1841/dr-theses/index.htm كما ان عالم الاعصاب الشهير جون إيكليس ناقش هذا الموضوع من وجهة نطر علوم الدماغ وفيزياء الكم. إيكليس، عالم وظائف الأعصاب الحائز على جائزة نوبل، بنظريته التفاعلية الثنائية للعقل والدماغ، والتي تُعارض الحتمية. اقترح أن العقل والدماغ منفصلان لكنهما يتفاعلان سببيًا، حيث يؤثر العقل الواعي غير المادي على الدماغ المادي. تُشير هذه النظرة إلى أن تجاربنا الواعية لا تُحددها العمليات المادية فحسب، مما يعني وجود قدر من الإرادة الحرة. واني اعتقد ان نظريته تعيد الاعتبار الى حرية الارادة للانسان التي سلبته منه الماركسية المبتذلة بالكامل على ايدي ستالين وجوقته. انظر مثلا Nobel Prize Winner John Eccles on How Materialism Demeans Human Mystery https://medium.com/paul-austin-murphys-essays-on-philosophy/nobel-prize-winner-john-eccles-on-how-materialism-demeans-human-mystery-bdf3a376f743 ولذا اعتقد انه على الماركسيين اعادة النظر في ثنائية الحتمية والارادة الحرة, انسجاما مع كون الماركسية نظرية علمية وعليها مواكبة المستجدات في كل العلوم والا لأصبحت دوغما او وكأنها عقيدة دينية تتلبس لباس النقيض, فتصبح قوانين التاريخ صنوا للمهدي المنتظر او خلافه!" فعلق مشكورا الاستاذ د. حسين علوان حسين بالقول: "هذه اول مرة أسمع فيها بإيكلس وارجو من شخصكم الغالي تنويرنا بأفكاره وفق طريقتك الموسوعية المحببة في الشرح والتفسير لنطور مداركنا ." واني استجيب بكل ممنونية الى طلب الرفيق العزيز د. حسين علوان حسين بكتابة هذه المقالة لشرح وجهات نظر عالم الاعصاب الكمي، الحائز على جائزة نوبل في الطب, جون إيكلس وزملاءه الاخرين. حيث استخدم إيكلس الفسلجة العصبية وفيزباء الكم لافتراض ثنائية بوجود عقل لا مادي يؤثر على الدماغ المادي. تؤدي فرضيته الى الاعتقاد بوجود الارادة الحرة لدى الانسان التي يمكن تفعيلها فسيولوجيا-كعملية واعية تسمى ال veto. ولكن لفهم ذلك بصورة افضل ارتأيت شرح ماهية الوعي البشري وهل نحن بحاجة اليه ام لا, اضراره ومنافعه, مستشهدا باقوال علماء ومفكرين بارزين. وفي الخاتمة دعوت الماركسيين الى استلهام ثناية العقل- الدماغ وما يترتب عليها من وجود الارادة الحرة بالتزامن مع رؤى الماركسية الامريكية الكبيرة رايا دونايفسكايا. لتوفير اساس علمي صلد يمكننا ان نستخدمه لننعش إنسانية ماركس، كجسم حي من الأفكار، ولخلق حركات حقيقية من أجل الحرية. .................... "الوعي هو الشيء الحقييقي الوحيد في العالم، وهو أعظم لغز على الإطلاق." فلاديمير نابوكوف، بيند سينيستر (1947). وهو نفس مؤلف الرواية لوليتا. "الدماغ أوسع من السماء، فإذا وضعتهما جنبًا إلى جنب، سيشمل أحدهما الآخر بكل سهولة، وأنت بجانبه" إميلي ديكنسون (حوالي 1862) ............ ما فائدة الوعي؟ لماذا تطور الوعي؟ هل يُمكن للعقل الواعي وحده القيام ببعض العمليات؟ أم أن الوعي مجرد ظاهرة ثانوية، سمة عديمة الفائدة، أو حتى وهمية، في تركيبنا البيولوجي؟ في الواقع، يدعم الوعي عددًا من العمليات المحددة التي لا يُمكن أن تتكشف دون وعي. المعلومات الباطنية زائلة، لكن المعلومات الواعية مستقرة - يُمكننا الاحتفاظ بها طالما نشاء. كما يُضغط الوعي المعلومات الواردة، مُختزلًا تدفقًا هائلًا من البيانات الحسية إلى مجموعة صغيرة من الرموز المُختارة بعناية. يُمكن بعد ذلك توجيه المعلومات المُختارة إلى مرحلة معالجة أخرى، مما يسمح لنا بإجراء سلاسل عمليات مُتحكم بها بعناية، تمامًا مثل جهاز كمبيوتر تسلسلي. تُعد وظيفة البث هذه للوعي أساسية. عند البشر، تُعززها اللغة بشكل كبير، مما يُتيح لنا توزيع أفكارنا الواعية عبر الشبكة الاجتماعية. تشير تفاصيل توزيع الوعي، على حد علمنا، إلى فعاليته.
في تاريخ علم الأحياء، قلّما خضعت مسائلٌ لنقاشٍ حادّ كنقاش الغائية أو الغاية - أي ما إذا كان من المجدي الحديث عن الأعضاء على أنها مصممة أو متطورة "لـ" وظيفةٍ محددة ("سببٌ نهائي" أو telos باليونانية). في عصر ما قبل داروين، كانت الغاية هي القاعدة، إذ كان يُنظر إلى يد الله (استبدلت الآن في الاقتصاد باليد الخفية للسوق لآدم سميث ) على أنها مُصممٌ خفيٌّ لكل شيء. وقد استعان عالم التشريح الفرنسي العظيم جورج كوفييه -جورج كوڤييه- https://www.marefa.org/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC_%D9%83%D9%88%DA%A4%D9%8A%D9%8A%D9%87 دومًا بالغائية عند تفسير وظائف أعضاء الجسم: فالمخالب "لـ" اصطياد الفريسة، والرئتان "لـ" التنفس، وهذه الأسباب النهائية هي شروط وجود الكائن الحي ككلٍّ متكامل.
غيّر تشارلز داروين الصورة جذريًا بالإشارة إلى الانتقاء الطبيعي، بدلًا من التصميم، كقوة غير موجهة تُشكّل المحيط الحيوي بشكل أعمى. لا تحتاج النظرة الداروينية للطبيعة إلى قصد إلهي. فالأعضاء المتطورة ليست مصممة "لوظيفتها"؛ بل إنها تمنح صاحبها ميزة تكاثرية فحسب. وفي انقلاب جذري للمنظور، اتخذ مناهضو التطور منما اعتبروه أمثلة واضحة على تصاميم غير مفيدة أمثلةً مضادة لداروين. لماذا يمتلك الطاووس ذيلًا ضخمًا، خلابًا بصريًا، ولكنه أخرق؟ لماذا يمتلك الميغالوسيروس، الأيل الأيرلندي المنقرض، زوجًا ضخمًا من القرون، يصل طوله إلى اثني عشر قدمًا، ضخمًا لدرجة أنه يُلام على انقراض هذا النوع؟ رد داروين بالإشارة إلى الانتقاء الجنسي: من المفيد للذكور، الذين يتنافسون على جذب انتباه الإناث، تطوير عروض معقدة ومكلفة ومتناسقة تُعلن عن لياقتهم البدنية. كان الدرس واضحًا: الأعضاء البيولوجية لم تُصنّف بوظيفة، وحتى الأجهزة الخرقاء، التي عدّلها التطور، يمكن أن تمنح أصحابها ميزة تنافسية.
خلال القرن العشرين، فاقمت نظرية التطور التركيبية من تبديد الصورة الغائية. وتشمل المصطلحات الحديثة للتطور والنمو (evo-devo) الآن مجموعة واسعة من المفاهيم التي تُفسر مجتمعةً التصميم المتطور دون وجود مُصمّم:
التولد التلقائي للأنماط: كان عالم الرياضيات آلان تورينج (له تأثير كبير في تطوير علوم الكمبيوتر النظرية) Alan Turing British mathematician and logicia https://www.britannica.com/biography/Alan-Turing أول من وصف كيف يمكن للتفاعلات الكيميائية أن تؤدي إلى ظهور سمات منظمة، مثل خطوط الحمار الوحشي أو أضلاع البطيخ. 1. على بعض أصداف المخاريط، تُنظّم أنماط تصبغ متطورة نفسها تحت طبقة معتمة، مما يُثبت بوضوح افتقارها إلى فائدة جوهرية - فهي مجرد فرع من التفاعلات الكيميائية، ولها سبب وجودها الخاص.
2. العلاقات المتجانسة: قد تؤدي زيادة الحجم الكلي للكائن الحي (والتي قد تكون مفيدة في حد ذاتها) إلى تغيير متناسب في بعض أعضائه (والتي قد لا تكون كذلك). ومن المحتمل أن قرون الأيل الأيرلندي الغريبة نتجت عن هذا التغيير المتجانس. الزوايا: صاغ عالم الحفريات الراحل ستيفن جاي غولد من جامعة هارفارد Stephen Jay Gould https://www.ebsco.com/research-starters/biography/stephen-jay-gould هذا المصطلح للإشارة إلى سمات الكائن الحي التي تنشأ كمنتجات ثانوية ضرورية لبنيته، ولكن قد يتم لاحقًا دمجها (أو "تكييفها بشكل مسبق") لتؤدي دورًا آخر.
3. مثال على ذلك حلمة الثدي الذكرية - وهي نتيجة غير مهمة ولكنها ضرورية لخطة الكائن الحي لبناء أثداء أنثوية مميزة.
مع وضع هذه المفاهيم البيولوجية في الاعتبار، لم يعد بإمكاننا افتراض أن أي سمة بيولوجية أو نفسية بشرية، بما في ذلك الوعي، تلعب بالضرورة دورًا وظيفيًا إيجابيًا في نجاح جنسنا البشري عالميًا.
قد يكون الوعي نمطًا زخرفيًا عرضيًا، أو نتيجة عرضية لزيادة هائلة في حجم الدماغ حدثت في جنسنا البشري، أو حتى مجرد عقدة، نتيجة لتغيرات حيوية أخرى.
تتوافق هذه النظرة مع حدس الكاتب الفرنسي ألكسندر فيلات (كاتب وصحفي فرنسي توفى في عام ١٩٧١) ، الذي صرّح بشكل غريب بأن "الوعي، مثل الزائدة الدودية، لا يؤدي أي دور سوى إصابتنا بالمرض". في فيلم "أن تكون جون مالكوفيتش" عام 1999 Being John Malkovich (1999) – Malkovich, Malkovich https://www.google.com/search?q=movie+being+john+malkovich+full+version&num=12&sca_esv=78b5cc96a5d77d7c&rlz=1CAPKUQ_enAT1119&udm=7&biw=1807&bih=895&sxsrf=AE3TifPY-kmOn6EpM2co-E6KiAWOB4vhSg%3A1755790175427&ei=XzunaJfkGYSokdUP1ciZkAY&oq=movie+Being+John+Malkovich%2C+full+versio&gs_lp=EhZnd3Mtd2l6LW1vZGVsZXNzLXZpZGVvIidtb3ZpZSBCZWluZyBKb2huIE1hbGtvdmljaCwgZnVsbCB2ZXJzaW8qAggAMgcQIRigARgKMgcQIRigARgKMgcQIRigARgKMgcQIRigARgKSMZCUKQDWLUwcAF4AJABAJgBhgKgAc4VqgEFMC41Lji4AQHIAQD4AQGYAg2gAu8VwgIKEAAYsAMY1gQYR8ICBhAAGBYYHsICBRAhGKABwgIFECEYnwXCAgQQIRgVmAMAiAYBkAYIkgcHMS41LjYuMaAHv0yyBwcwLjUuNi4xuAecFcIHCTItNi42LjAuMcgHowE&sclient=gws-wiz-modeless-video#fpstate=ive&vld=cid:d563dc82,vid:T79yxY3Jplc,st:0 يأسف محرك الدمى كريج شوارتز على عدم جدوى التأمل الذاتي: "الوعي لعنة مروعة. أفكر. أشعر. أعاني. وكل ما أطلبه في المقابل هو فرصة القيام بعملي".
هل الوعي مجرد ظاهرة ثانوية؟ هل يُشبَّه هدير محرك طائرة نفاثة عالٍ - نتيجةٌ غير مجدية ومؤلمة، وإن كانت حتمية، لآلية الدماغ، تنشأ حتمًا من تركيبته؟ يميل عالم النفس البريطاني ماكس فيلمانز Max Velmans https://www.researchgate.net/profile/Max-Velmans بوضوح إلى هذا الاستنتاج المتشائم, ويجادل بأن مجموعةً هائلةً من الوظائف المعرفية لا علاقة لها بالوعي - قد نكون على درايةٍ بها، لكنها ستستمر في العمل بكفاءةٍ متساويةٍ حتى لو كنا مجرد زومبي.
4. صاغ الكاتب العلمي الدنماركي الشهير تور نوريتراندرز مصطلح "وهم المُستخدِم" للإشارة إلى شعورنا بالسيطرة، وهو شعورٌ قد يكون خاطئًا؛ إذ يعتقد أن كل قرارٍ نتخذه ينبع من مصادر لا واعية. يشير وهم المستخدم إلى الوهم الناتج عن واجهة تفاعل بين الإنسان والحاسوب، مثل استعارة سطح المكتب المرئية المستخدمة في واجهات المستخدم الرسومية. وقد جادل بعض الفلاسفة بأن الوعي بحد ذاته هو شكل من أشكال وهم المستخدم، حيث لا تكون تجربتنا للعالم فورية بسبب وقت المعالجة، بل هي محاكاة يُنتجها الدماغ لا شعوريًا. وقد استُكشف مفهوم وهم المستخدم الذي يُقلل من أهمية الوعي في كتاب تور نوريتراندرز الصادر عام 1991 بعنوان "وهم المستخدم" User Illusion https://www.scribd.com/document/334467558/User-Illusion
5. يتفق العديد من علماء النفس الآخرين على أن الوعي هو بمثابة السائق الخلفي، وهو مُراقبٌ عديم الفائدة للأفعال التي تبقى دائمًا خارج سيطرته- التحليل النفسي بالاخص.
تحدي ديكارت طُرحت في وقت مبكر فكرة أن العقل ينتمي إلى عالم منفصل، منفصل عن الجسد، في نصوص فلسفية بارزة، مثل كتاب "فيدون" لأفلاطون (القرن الرابع قبل الميلاد) وكتاب "الخلاصة اللاهوتية" لتوما الأكويني https://www.noor-book.com/book/review/421263 وهو نص أساسي للرؤية المسيحية للروح. إلا أن الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (1597 -1650) هو من صرّح صراحةً بما يُعرف الآن بالثنائية: وهي فرضية أن العقل الواعي يتكون من مادة غير مادية تتجنب قوانين الفيزياء العادية.
أصبحت السخرية من ديكارت رائجة في علم الأعصاب. فبعد نشر كتاب أنطونيو داماسيو الأكثر مبيعًا "خطأ ديكارت" عام 1994, الذي يمكن قرائته بالكامل في Descartes Error: Emotion, Reason, and the Human Brain https://www.google.at/books/edition/Descartes_Error/MRY3hmYc1W8C?hl=en&gbpv=1&-print-sec=frontcover بدأت العديد من الكتب المدرسية المعاصرة حول الوعي بانتقاد ديكارت بزعم تأخره قرون عن أبحاث علم الأعصاب.
لكن الحقيقة هي أن ديكارت كان عالمًا رائدًا، واختزاليًا في جوهره، وكان تحليله الميكانيكي للعقل البشري، الذي سبق عصره بكثير، أول ممارسة في علم الأحياء التركيبي والنمذجة النظرية. لم تكن ثنائية ديكارت نزوة عابرة، بل كانت مبنية على حجة منطقية تؤكد استحالة محاكاة الآلة لحرية العقل الواعي.
ويُقرّ ويليام جيمس، الأب المؤسس لعلم النفس الحديث، بأننا مدينون له بذلك: "يعود الفضل لديكارت لكونه أول من تجرأ على تصور آلية عصبية مكتفية ذاتيًا تمامًا، قادرة على القيام بأفعال معقدة وذكية ظاهريًا". في الواقع، قدّم ديكارت في مؤلفاته الرؤيوية "وصف الجسد البشري"، و"أهواء الروح"، و"الإنسان"، منظورًا ميكانيكيًا حازمًا حول العمليات الداخلية للجسم. نحن آلات متطورة، كما كتب هذا الفيلسوف الجريء. أجسادنا وأدمغتنا تعمل حرفيًا كمجموعة من "الأعضاء": آلات موسيقية تُضاهي تلك الموجودة في كنائس عصره، ذات منفاخ ضخم يدفع سائلًا خاصًا يُسمى "الأرواح الحيوانية" إلى خزانات، ثم مجموعة واسعة من الأنابيب، التي تُولّد تركيباتها جميع إيقاعات وموسيقى أفعالنا." ويقول ايضا -أرجو أن تُراعي جميع الوظائف التي نسبتها إلى هذه الآلة، مثل هضم الطعام، ونبض القلب والشرايين، وتغذية ونمو أعضاء الجسم، والتنفس، واليقظة والنوم؛ واستقبال الضوء والأصوات والروائح والحرارة وغيرها من الصفات المماثلة بواسطة الحواس الخارجية؛ وانطباع الأفكار عنها في عضو الحس السليم والخيال، وحفظ هذه الأفكار أو طبعها في الذاكرة؛ والحركات الداخلية للشهوات والأهواء؛ وأخيرًا، الحركات الخارجية لجميع أجزاء الجسم التي تتبع بدقة حركات الأشياء المعروضة على الحواس... هذه الوظائف تنبع من ترتيب الأعضاء بشكل طبيعي تمامًا، كما تنبع حركات الساعة أو أي آلة أوتوماتيكية أخرى من ترتيب أثقالها وعجلاتها.- طبعا زمن الساعة هنا هو زمن نيوتن وفقًا لنيوتن، لا يستطيع البشر إدراك الزمن إلا نسبيًا، وهو قياس للأجسام المتحركة المُدرَكة (مثل القمر أو الشمس). ومن هذه الحركات، نستنتج مرور الزمن. أما المكان المطلق، بطبيعته، وبغض النظر عن أي شيء خارجي، فيبقى دائمًا ثابتًا ومتماثلًا.
المشكلة الأخيرة -بصفتنا بشرًا، يمكننا تحديد مجرات تبعد سنوات ضوئية، ودراسة جسيمات أصغر من الذرة. لكننا لم نكتشف بعد لغز المادة التي تزن ثلاثة أرطال والتي تقبع بين آذاننا.- —باراك أوباما يُعلن عن مبادرة "الدماغ" (2 أبريل/نيسان 2013)
بفضل إقليدس، وكارل فريدريش غاوس، وألبرت أينشتاين، نمتلك فهمًا معقولًا للمبادئ الرياضية التي تحكم العالم المادي. وانطلاقًا من عظمة عمالقة مثل إسحاق نيوتن وإدوين هابل، نُدرك أن أرضنا ليست سوى ذرة غبار في واحدة من مليار مجرة نشأت من انفجار بدائي، الانفجار العظيم. وقد أظهر لنا تشارلز داروين، ولويس باستور، وجيمس واتسون، وفرانسيس كريك أن الحياة تتكون من تريليونات من التفاعلات الكيميائية المتطورة - مجرد فيزياء.
يبدو أن قصة ظهور الوعي وحدها هي التي بقيت في ظلمات العصور الوسطى. كيف أفكر؟ ما هذا "الأنا" الذي يبدو أنه يُفكر؟ هل كنت سأختلف لو وُلدت في زمن مختلف، أو مكان آخر، أو في جسد آخر؟ أين أذهب عندما أنام، وأحلم، وأموت؟ هل ينبع كل ذلك من دماغي؟ أم أنني روحٌ جزئيًا، مصنوعةٌ من مادةٍ فكريةٍ مميزة؟ لقد حيرت هذه الأسئلة العديد من العقول النيرة. ففي عام 1580، كتب الإنساني الفرنسي Michel de Montaigne إحدى مقالاته الشهيرة، التي اعرب فيها عن أسفه لأنه لم يستطع إيجاد أي تماسك فيما كتبه المفكرون السابقون عن طبيعة الروح - فقد اختلفوا جميعًا، سواء في طبيعتها أو في مكانها داخل الجسم: "وضعها أبقراط وهيروفيلوس في بطين الدماغ؛ ووضعها ديمقريطس وأرسطو في جميع أنحاء الجسم، ووضعها أبيقور في المعدة، ووضعها الرواقيون داخل القلب وحوله، ووضعها إمبيدوكليس في الدم؛ واعتقد جالينوس أن لكل جزء من الجسم روحه الخاصة؛ ووضعها ستراتون بين الحاجبين". الروح قد تعني هنا الوعي ضمن اشياء اخرى.
طوال القرنين التاسع عشر والعشرين، ظلّ سؤال الوعي خارج نطاق العلم التقليدي. كان مجالًا غامضًا وغير مُحدَّد المعالم، جعلته ذاتيته إلى الأبد بعيدًا عن متناول التجارب الموضوعية. لسنوات عديدة، لم يُحاول أي باحث جاد التطرق إلى هذه المشكلة: إذ كان التكهن بالوعي هوايةً مقبولة لدى العلماء المُسنّين.
في كتابه "علم النفس، علم الحياة العقلية" (1962)، اقترح جورج ميلر، الأب المؤسس لعلم النفس المعرفي، George Armitage Miller (1920-2012) Father of the Cognitive Revolution Cognitive Psychology, Psycholinguistics, and Cognitive Neuroscience https://psychology.fas.harvard.edu/people/george-miller حظرًا رسميًا: "الوعي كلمةٌ فقدت معناها لنطقها من قبل ملايين الالسنة... ربما يجب علينا حظر الكلمة لعقد أو عقدين حتى نتمكن من تطوير مصطلحات أكثر دقةً للاستخدامات المتعددة التي يُطمسها مصطلح "الوعي" الآن".
في العشرين عامًا الماضية او ما يقرب، شنّت مجالات العلوم المعرفية، وعلم وظائف الأعصاب، وتصوير الدماغ، هجومًا تجريبيًا قويًا على الوعي. ونتيجةً لذلك، فقدت هذه المشكلة طابعها التخميني وأصبحت مسألةً تتعلق بالإبداع التجريبي.
في كتابه، Consciousness and the Brain: Deciphering How the Brain Codes Our Thoughts https://www.softouch.on.ca/kb/data/Consciousness%20and%20the%20Brain.pdf يستعرض Stanislas Dehaene بتفصيلٍ كبير الاستراتيجية التي حوّلت لغزًا فلسفيًا إلى ظاهرةٍ مختبرية. وقد أتاحت ثلاثة عناصر أساسية هذا التحول: صياغة تعريفٍ أفضل للوعي؛ واكتشاف إمكانية التلاعب بالوعي تجريبيًا؛ واحترامٍ جديدٍ للظواهر الذاتية.
يجادل Dehaene بأن ما يُعَدّ وعيًا حقيقيًا هو الوصول الواعي - وهي حقيقة بسيطة مفادها أنه عادةً، كلما كنا مستيقظين، يُمكن لأي شيء نُقرر التركيز عليه أن يُصبح واعيًا. لا اليقظة ولا الانتباه وحدهما كافيان. عندما نكون مستيقظين ومنتبهين تمامًا، يُمكننا أحيانًا رؤية شيء ما ووصف إدراكنا له للآخرين، ولكن في بعض الأحيان لا يُمكننا ذلك - ربما كان الشيء خافتًا جدًا، أو وُمض لفترة وجيزة جدًا بحيث لا يُمكن رؤيته. في الحالة الأولى، يُقال إننا نستمتع بالوصول الواعي، وفي الثانية لا نستمتع به -ومع ذلك، كما سنرى، قد يُعالج دماغنا المعلومات دون وعي.
في علم الوعي الجديد، يُعد الوصول الواعي ظاهرة مُحددة جيدًا، مُختلفة عن اليقظة والانتباه. علاوة على ذلك، يُمكن دراستها بسهولة في المختبر. نعرف الآن عشرات الطرق التي يُمكن أن يتجاوز بها المُحفز الحد الفاصل بين ما هو غير مُدرَك وما هو مُدرَك، بين ما هو غير مرئي وما هو مرئي، مما يسمح لنا باستكشاف ما يُغيره هذا العبور في الدماغ. يُعدّ الوصول الواعي أيضًا مدخلًا إلى أشكال أكثر تعقيدًا من التجارب الواعية. في لغتنا اليومية، غالبًا ما نخلط بين وعينا وإحساسنا بالذات - كيف يُنشئ الدماغ وجهة نظر، "أنا"، تنظر إلى محيطها من منظور مُحدد. يُمكن للوعي أيضًا أن يكون تكراريًا: يُمكن لل"أنا" أن تنظر إلى نفسها، وتُعلّق على أدائها، بل وتُدرك متى لا تعرف شيئًا. والخبر السار هو أنه حتى هذه المعاني العليا للوعي لم تعد بعيدة المنال عن التجارب. في مختبراتنا، تعلمنا تحديد ما تشعر به "أنا" وتُبلغ عنه، سواءً عن البيئة الخارجية أو عن نفسها. يُمكننا حتى التلاعب بإحساس الذات، بحيث يُمكن للناس خوض تجربة الخروج من الجسد أثناء استلقائهم داخل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي.
لا يزال بعض الفلاسفة يعتقدون أن أيًا من الأفكار المذكورة أعلاه لن يكفي لحل المشكلة. يعتقد هؤلاء أن جوهر المشكلة يكمن في شعور آخر بالوعي، يُطلقون عليه اسم "الوعي الظاهري": ذلك الشعور البديهي، الموجود فينا جميعًا، بأن تجاربنا الداخلية تمتلك صفات حصرية، وصفات فريدة، مثل حدة نكهة خبز الأسنان أو خضرة ورقة الشجر الطازجة التي لا تُضاهى. ويجادلون بأن هذه الصفات الداخلية لا يمكن اختزالها إلى وصف عصبي علمي؛ فهي بطبيعتها شخصية وذاتية، وبالتالي تتحدى أي تواصل لفظي شامل مع الآخرين. لكن Dehaene يختلف معهم، ويجادل بأن فكرة الوعي الظاهري، المنفصل عن الوصول الواعي، مُضللة للغاية وتؤدي إلى منحدر زلق نحو الثنائية. يجب أن نبدأ ببساطة وندرس أولًا الوصول الواعي. بمجرد أن نوضح كيف يمكن لأي معلومة حسية الوصول إلى عقولنا وتصبح قابلة للإبلاغ، ستختفي عندها المشكلة المستعصية المتمثلة في تجاربنا التي لا تُوصف.
جون إيكلس والارادة الحرة للانسان جون إيكلس (1903-1997) طبيب استرالي متخصص في الفلسجة العصبية, وفيلسوف. Sir John Eccles Biographical https://www.nobelprize.org/prizes/medicine/1963/eccles/biographical/ حصل على جائزة نوبل في الطب في عام 1963. اما آرائه الفلسفية فتجد تلخيصا لها في Facing Reality acing Reality: Philosophical Adventures by a Brain Scientist https://www.amazon.com/Facing-Reality-Philosophical-Adventures-Heidelberg/dp/0387900144 وضح جون إيكلس الإرادة الحرة للإنسان من منظور تفاعل العقل والدماغ. وافترض أن الإرادة البشرية حرة، رافضًا الحتمية الفيزيائية. ووفقًا لإيكلس، يلعب العقل دورًا فعالًا في التحكم بالدماغ، مما يسمح للقرارات والنوايا الواعية بتشكيل أفعالنا.
يمكن تلخيص آراء إيكلس حول الإرادة الحرة على النحو التالي: - *تفاعل العقل والدماغ*: اعتقد إيكلس حسب ثنائيته العقل-الدماغ أن العقل يتفاعل مع الدماغ، مؤثرًا على العمليات العصبية ومُمكّنًا من التحكم الواعي بأفعالنا. واقترح أن هذا التفاعل يحدث من خلال عملية كمية تؤثر على إطلاق النواقل العصبية. John Carew Eccles https://www.informationphilosopher.com/solutions/scientists/eccles/ - *حق النقض الواعي*: اقترح إيكلس، بالتعاون مع عالم الأعصاب بنيامين ليبيت، The Neuroscience of Free Will https://www.informationphilosopher.com/freedom/neuroscience/ أن الإرادة الواعية يمكنها نقض أو منع القرارات اللاواعية، مما يسمح بدرجة من الإرادة الحرة. تُمكّننا هذه القدرة على النقض من تجاوز العمليات التلقائية واتخاذ خيارات مدروسة. - *نموذج المرحلتين*: يمكن ربط عمل إيكلس بنموذج الإرادة الحرة ذي المرحلتين، والذي يتضمن توليدًا عشوائيًا أوليًا للاحتمالات، تليها عملية تقييم واختيار. يسمح هذا النموذج بعدم الحتمية والإبداع في صنع القرار. - *التأثير الكمي*: استكشف إيكلس فكرة أن ميكانيكا الكم قد تلعب دورًا في التفاعل بين العقل والدماغ، مما قد يُدخل عدم الحتمية والحرية في العمليات العصبية.
بشكل عام، يُشدد تفسير إيكلس للإرادة الحرة البشرية على أهمية التجربة الواعية، والتفاعل بين العقل والدماغ، وإمكانية التأثيرات الكمومية على العمليات العصبية. ولا يزال عمله يُلهم النقاشات حول طبيعة الإرادة الحرة والعقل البشري.
كتب كارل ماركس نفسه عن استغلال العمل ومفهوم فائض القيمة في كتابه "رأس المال"، حيث ناقش ظروف عمل الطبقة العاملة ونضالاتها خلال الثورة الصناعية. تشمل بعض الجوانب الرئيسية لعمل ماركس التي قد ترتبط بأفكار إيكلس: - *استغلال العمل*: جادل ماركس بأن الرأسماليين يستغلون العمال من خلال الاستيلاء على فائض القيمة، وهي القيمة التي يخلقها العمال بما يتجاوز ما هو ضروري لمعيشتهم. - *الاغتراب*: اعتقد ماركس أن الرأسمالية تُبعد العمال عن عملهم وزملائهم وإنسانيتهم، وهو ما يمكن اعتباره تناقضًا مع تأكيد إيكلس على التحكم الواعي والإرادة الحرة. - *الحتمية مقابل الإرادة الحرة*: أفكار ماركس حول الحتمية والإرادة الحرة معقدة، لكن بعض التفسيرات تشير إلى أنه رأى أن السلوك البشري مُشكل بقوى تاريخية واقتصادية، وهو ما قد يبدو متعارضًا مع منظور إكليس الثنائي.
من بين أبرز المفكرين الماركسيين الذين علّقوا على مواضيع ذات صلة: - *جورج لوكاش*: استكشف العلاقة بين الوعي والواقع في كتابه "التاريخ والوعي الطبقي". - *لويس ألتوسير*: ناقش دور الأيديولوجيا في تشكيل السلوك البشري وحدود الحرية الفردية. - *هربرت ماركوز*: حلل الطرق التي تُشكّل بها المجتمعات الرأسمالية رغبات الأفراد وتحدّ من إمكاناتهم البشرية.
تجدر الإشارة إلى أن أعمال إيكلس تُركّز على فلسفة العقل والإرادة الحرة، بينما تُركّز أعمال ماركس بشكل رئيسي على الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع. ورغم أنه قد لا يكون هناك أي تعليق من الماركسيين على أفكار إيكلس المُحدّدة، إلا أن هناك بالتأكيد نقاشات ذات صلة في السياق الأوسع للفكر الماركسي.
حظي عمل جون إكليس حول مُشكلة العقل والدماغ والإرادة الحرة باهتمام وتعليق كبيرين من زملائه علماء الأعصاب والفلاسفة. فيما يلي بعض وجهات النظر البارزة: *دعم الثنائية* - *تشارلز سكوت شيرينجتون*: حائز على جائزة نوبل وعالم فيزيولوجيا الأعصاب، مهدت أبحاثه الطريق لعلم وظائف الأعصاب الخلوية. كان، مثل إيكلس، مؤمنًا بالثنائية، يؤمن بوجود شيء يتجاوز مادة الدماغ، وهو ما يُشكل العقل البشري.
- *ويلدر بنفيلد*: جراح أعصاب مشهور، قادته أبحاث بنفيلد إلى استنتاج أن العقل ليس مجرد دماغ. كان يعتقد أن بعض القوى، مثل الفكر والإرادة، غير مادية.
- *روجر سبيري*: حائز آخر على جائزة نوبل، قادته أبحاث سبيري على مرضى انقسام الدماغ او الانفصال بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر (بقطع الجسم الثفني في الدماغ: حزمة من الألياف العصبية التي تُمكّن نصفي الدماغ الأيمن والأيسر من التواصل. يلعب هذا الجسم دورًا في كيفية تفكيرنا وتذكرنا وتنسيق حركاتنا. قد تؤثر الحالات المرضية عند الولادة والحالات المكتسبة على نمو هذا الجزء من الدماغ ووظيفته) إلى الإيمان بحقيقة العقل وعدم قابليته للاختزال إلى عمليات فيزيائية بحتة.
*تحدي المادية* - *مايكل إغنور*: جراح أعصاب وفيلسوف، يُجادل إغنور بأن العقل لا يمكن أن ينبثق من الدماغ بسبب الاختلافات الجوهرية بين الفكر والمادة. يدعم منظورًا ثنائيًا، مستشهدًا بأعمال إيكلس وآخرين.
- *كارل بوبر*: فيلسوف، تعاون بوبر مع إكليس في تأليف كتاب "الذات ودماغها"، مستكشفًا العلاقة بين العقل والدماغ من منظور ثنائي. The Self and Its Brain: An Argument for Interactionism https://www.researchgate.net/publication/274266408_The_Self_and_Its_Brain_An_Argument_for_Interactionism
الآن اناقش نظرية الانعكاس المرآتي في الماركسية المبتذلة (ستالين واتباعه), وزعمها في ان الوعي هو انعكاس للواقع او الوجود الموضوعي-وكأنه يوحد واقع او وجود موضوعي واحد يتفق عليه كل البشر الذي يحل محل السرديات المتنافسة مع بعضها البعض وغلبة احداها على الاخرى بسبب معطيات علمية او تاريخية او بسبب غلبة منطق حق القوة على منطق قوة الحق. ولكن الغلبة قد تكون هي نفسها مؤقتة وليست دائمية ولنفس الاسباب ايضا. بعرف هذه الماركسية يُخلق الوعي بانعكاسه مرآتيا في الدماغ: الدماغ عنصر سلبي غير خلاق يسلك سلوم المرآة-ولكن ما اذا كانت المرآة نفسها متخدشة او متتشظية؟ يصبح الناس, بموجب هذه الماركسية, قطيعا وكلونات لبعضهم البعض: زومبيات مجردة من اية ارادة (حرة). والاخلاص للمبدأ يحل محله الاخلاص للقائد, او لنصوص نظرية مجزأة وشعاراتية تطمس الواقع او تشوهه ولا تجسده. ويصبح اكثرهم شمولية اكثرهم تفكيكية للنص وللوي عنقه لصالح القائد الأوحد او لحزبه. نظرية الانعكاس المرآتي للواقع في الدماغ لا تتفق مع العلم بدلالة: 1. ان الطفل لا يولد ودماغه كأنه لوحة بيضاء tabula rasa نستطيع ان نكتب عليها ما نشاء. The history of the philosophy has witnessed a controversy between those who maintain that the human being is born with inherited knowledge and those who assert that the mind of man is like a "tabula rasa", a tablet on which nothing has been written. Recent experiments have shown that the last group was wrong. The human being is born endowed with certain types of knowledge which were already present in those animals which preceded us in the evolution. The fear of snakes, the number sense and the recognition of familiar faces are three typical examples among others. "قد شهد تاريخ الفلسفة جدلا بين من يقول إن الإنسان يولد بالمعرفة الموروثة، ومن يؤكد أن عقل الإنسان مثل "اللوحة البيضاء"، وهي لوح لم يُكتب عليه شيء. أظهرت التجارب الحديثة أن المجموعة الأخيرة كانت خاطئة. يولد الإنسان وهو يتمتع بأنواع معينة من المعرفة التي كانت موجودة بالفعل في تلك الحيوانات التي سبقتنا في التطور. إن الخوف من الثعابين، والشعور بالأرقام، والتعرف على الوجوه المألوفة هي ثلاثة أمثلة نموذجية من بين أمثلة أخرى." [The myth of "tabula rasa"] https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/11205038/ 2. Identical twins have exactly the same DNA, but they are not exactly alike. Each twin has his´-or-her own personality, talents, likes, and dislikes. There are even diseases that appear in one twin but not the other, including arthritis, diabetes, autism, schizophrenia, cancer, and many others. The differences between identical twins don t come from DNA—they all come from external factors. "التوائم المتماثلة جينيا او التوائم نتيجة بيضة واحدة مخصبة لها نفس الحامض النووي تمامًا، لكنهم ليسوا متشابهين تمامًا (حتى لو كانوا يتمتعون بنفس التنشئة). لكل توأم شخصيته ومواهبه وما يحبه وما يكرهه. حتى أن هناك أمراض تظهر في أحد التوأمين دون الآخر، بما في ذلك التهاب المفاصل، والسكري، والتوحد، والفصام، والسرطان، وغيرها الكثير." Identical twins: same DNA, different environment https://learn.genetics.utah.edu/content/genetics/traits#:~:text=Identical%20twins%20have%20exactly%20the,%2C%20cancer%2C%20and%20many%20others. 3. Numerous clinical reports suggest that these -alter-personality states exhibit distinct physiological differences -السمة الأساسية للاضطراب النفسي المسمى -تعدد الشخصيات- (MPD) هي وجود حالتين أو أكثر من حالات الشخصية المتغيرة التي تتبادل السيطرة على سلوك الفرد. تشير العديد من التقارير السريرية إلى أن هذه الحالات الشخصية المتغيرة تظهر اختلافات فسيولوجية واضحة (في نفس الشخص وبموجب الشخصية المسيطرة وقتها-. Differential autonomic nervous system activity in multiple personality disorder https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/2333357/ ط.ا.) 4. العديد يعتقد ان لكل منا نفسا او أنا واحدة ego. ولكن التحليل النفسي يتكلم عن وجود نفسين او (انوتين ان صح التعبير) على الأقل عموما. طوّر المحلل النفسي ريتشارد ستيربا مفهومي "الأنا المُجرّبة-الانفعالية " و"الأنا المُراقِبة-المفسِرة والمحايدة نوعا ما" في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. صاغ ستيربا فكرة "الانفصال العلاجي للأنا"، حيث يعمل جزء من الأنا على تقييم الواقع، بينما يتصرف جزء آخر بناءً على الدوافع. طوّر المحلل النفسي الماركسي أوتو فينيشل هذه المفاهيم ووسّع نطاقها، وابتكر مصطلحي "الأنا المُجرّبة" و"الأنا المُراقِبة". وبالتالي ان تفاعلنا مع الواقع يعتمد على اي انا من الاثنين تكون لها الغلبة اثناء التفاعل مع الحدث. وبجدر الذكر ان فينيشل كون محموعة من المحللين النفسيين الماركسيين مثل Siegfried Bernfeld, Erich Fromm, Wilhelm Reich, Ernst Simmel, Frances Deri وأخرون- وكتب مقالة مهمة بعنوان Psychoanalysis as the Nucleus of a Future Dialectical - Materialistic Psychology -التحليل النفسي كنواةٍ لعلم النفس المادي الديالكتكي المستقبلي- https://www.jstor.org/stable/26302273?read- now=1&seq=3#page_scan_tab_contents يُجادل فينيشل في المقالة حول توافق التحليل النفسي مع المادية الديالكتكية، معتبرًا إياه أساسًا قيّمًا لعلم نفس يدرس التفاعل بين الإنسان وبيئته دراسة علمية. ويفترض ان النهج التجريبي للتحليل النفسي في الظواهر البيولوجية والنفسية، مع رفضه التفسيرات الصوفية أو الروحية، يتماشى مع تركيز المادية الديالكتكية على التفاعل بين الإنسان والبيئة وتطور الوعي من خلال الظروف المادية. ويُبرز نشر المقال في مجلة "إيماجو الأمريكية" عام 1967 أهميته في ربط التحليل النفسي الفرويدي بالفكر الماركسي. الحجج والمفاهيم الرئيسية: الدراسة التجريبية للتفاعل بين الإنسان والبيئة: يعتقد فينيشل أن التحليل النفسي يُقدم منهجًا علميًا لدراسة التفاعل المُعقد بين الفرد البيولوجي وبيئته. رفض المثالية والمادية الزائفة: يضع المقال التحليل النفسي كحل وسط، معارضًا الفلسفات المثالية التي تفصل الروح عن الجسد، والمادية الزائفة التي تنكر النفس. الإطار المادي الديالكتكي: باعتبار الظواهر النفسية مشتقات من تفاعلات الإنسان والبيئة، بدلًا من اعتبارها قوى روحية أو صوفية أساسية، يمكن للتحليل النفسي أن يكون نواة لعلم نفس مادي دياليكتكي حقيقي. أساس لعلم النفس المستقبلي: يقترح مقال فينيشل أنه من خلال المادية الديالكتكية، يمكن للتحليل النفسي أن يُشكل أساسًا لعلم نفس مستقبلي يفهم الوعي باعتباره متجذرًا في الواقع المادي والتطور التاريخي. 5. التحليل النفسي يرفض المرآتية لأن موضوعة الوعي-اللاوعي ليست موضوعة تاريخية بشكل كامل دشنها ظهور الأنسان الحديث على وجه الأرض tabula rasa, الذي مكوناته قد تعود الى مخلوقات سبقت نشوء الجنس البشري لا يمكن لها ان تخضع (كليا) لحيثيات الاقتصاد او السياسة. وهي محصنة ضد الوعي الطبقي لأنها ما قبل لغوية prelingual! كما ان اللاوعي ليس ممكن تفكيكه بشكل كامل من خلال التحليل النفسي بسبب ما يسمى ال real او ما هو قرين الثقب الاسود في الفيزياء. "الانسان بعرف لاكان محكوم باللاوعي وما يسمى ال Real الذي لا يمكن التعبير عنه لغويا او فهمه او استشرافه او استقصاءه وحاله حال الثَّقب الأسود الذي يمكن ادخال معلومات فيه ولكن لا يمكن استخراجها بحكم التعريف" - التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 34- https://ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=77882 كما ان اي تغيير فكري او سياسي لا ينال سوى السلوكيات التي تتحكم فيها 1,2 بالمائة من الجينات لان الباقي مشترك مع الحيوان. Humans and chimps share a surprising 98.8 percent of their DNA DNA: Comparing Humans and Chimps https://www.amnh.org/exhibitions/permanent/human-origins/understanding-our-past/dna-comparing-humans-and-chimps#:~:text=Humans%20and%20chimps%20share%20a%20surprising%2098.8%20percent%20of%20their%20 6. عالم فيزياء الكم ايرفين شرودنغر الحائز على جائزة نوبل في الفيزباء اثبت من خلال تجربته العقلية المسماة -قطة شرودنغر- ان معرفة الواقع الموضوعي: القطة حية ام ميتة؟- تتشكل من خلال الذات المتفاعلة مع الموضوع. What is Schrödinger s Cat? | https://www.youtube.com/watch?v=keiFzYJbfdw وبهذا الصدد يقول عالم الفيزياء النظرية البريطاني ستيفن هوكنج :-كلما سمعت عن قطة شرودنجر مددت يدي نحو المسدس!- أي يريد أن يقتل نفسه (تهديد فارغ لأنه كان مشلول العضلات !) لأن المعادلة تبدو صحيحة رياضياً و لكنها مستحيلة في الواقع فكيف يحصل هذا التناقض المحير؟- للاسف ارتكبت الماركسية الاختزالية او المبتذلة خطايا نظرية فادحة ترتبت عليها نتائج كارثية في الواقع العملي: اولا, الاعتراف فقط بعالم الاحاسيس على حساب عالم الرياضيات. ثانيا, الفصل الميكانيكي بين الذات والموضوع, واعتبار الثورة دوما قضية مؤجلة الى ابد الدهر بسبب الزعم بالقصور الذاتي-نيوتن, الذي هو في واقع الامر نتيجة تقاعس في العمل, يستخدم كتبرير لبقاء الامور كما هي عليه. وهنا يسقط هؤلاء في مثالية لعالم مماثل لذلك الذي ينتظر ظهور السيد المسيح او الامام المهدي: والكل في انتظار غودو! ثالثا, اعتبار افكارنا انعكاس ميكانيكيا للواقع, اي ان الدماغ يسلك سلوك المرآة. والخطأ هنا واضح ومناقض حتى لما تسميه الماركسية-الوعي الطبقي, اي ان شخصين من انحدار طبقي مختلف سيفسران نفس العالم بصورة مختلفة ومنسجمة مع واقعهما الطبقي بالرغم من وجود نفس الواقع. الماركسية المبتذلة تختزل الواقع الى عالم المحسوسات, وبالتالي انها قزّمت الماركيسة والواقع على حد سواء, واحالت الماركسية الى ما يشبه الفيزياء الاجتماعية, وضمنت, ضمن امور اخرى, وضعها في موضع المعاداة لعلوم تعني باللامحسوس او العقل الباطن, مثل علم التحليل النفسي. فمن غير الممكن اختزال الواقع الى عالم المحسوسات الفيزياوية (والكيمائية) بسبب وجود عالم الرياضيات الذي هو اعلى مقاما من عالم الفيزياء, التي تسمى عادة ملكة العلوم والتي تستند هي بدورها على بديهيات (axioms) رياضية, مشتقة من علم المنطق ولا تستدعي الاثبات الفيزياوي او التجريبي. وكذلك لسسب آخر مشتق من نظرية المعلومات 7. الحقائق المشتقة هنا من نظربة المعلومات في الرياضيات مذهلة او حتى قد تكون صادمة للعديد. توقع العديد من الباحثين أن يُظهر الدماغ البشري قدرة هائلة على معالجة المعلومات. ومن المثير للاهتمام، أنه عندما سعى الباحثون لقياس قدرات معالجة المعلومات خلال الأنشطة "الذكية" أو "الواعية"، مثل القراءة أو العزف على البيانو، توصلوا إلى قدرة قصوى تقل عن 50 بت (بت هي اصغر وحدة معلومات) في الثانية. على سبيل المثال، معدل قراءة نموذجي يبلغ 300 كلمة في الدقيقة يُعادل حوالي 5 كلمات في الثانية. وبافتراض أن متوسط القراءة هو 5 أحرف لكل كلمة وحوالي 2 بت لكل حرف، نحصل على المعدل المذكور وهو 50 بت في الثانية. من الواضح أن الرقم الدقيق يعتمد على افتراضات مختلفة، وقد يختلف باختلاف الفرد والمهمة المُنفذة. ومع ذلك، من المعروف أن الحواس تجمع حوالي 11 مليون بت في الثانية من البيئة المحيطة.
يوضح جدول "معدلات نقل المعلومات عبر الحواس" مقدار المعلومات التي تُعالجها كل من الحواس الخمس. يُسلط هذا الجدول الضوء مباشرةً على مشكلة تحديد ما يحدث لجميع هذه البيانات. بمعنى آخر، يُرسل جسم الإنسان 11 مليون بت في الثانية إلى الدماغ للمعالجة، بينما يبدو أن العقل الواعي لا يستطيع معالجة سوى 50 بت في الثانية. معدلات نقل المعلومات عبر الحواس. Information transmission rates of the senses sensory system bits per second eyes 10,000,000 skin 1,000,000 ears 100,000 smell 100,000 taste 1,000 يبدو أن ضغطًا هائلاً يحدث إذا تم تقليل 11 مليون بت إلى أقل من 50. تجدر الإشارة إلى أن التباين بين كمية المعلومات المرسلة وكمية المعلومات التي تتم معالجتها كبير جدًا لدرجة أن أي خطأ في القياسات لا يُذكر.
تبرز مشكلتان أخريان عند التفكير في هذا الكم الهائل من الضغط. أولًا، مشكلة تحديد المدة التي يستغرقها الضغط، وثانيًا، مشكلة تحديد مصدر قوة المعالجة اللازمة لإجراء هذا القدر من الضغط.
يُقترح حل المشكلة الأولى من خلال التأخير الذي يقارب نصف ثانية بين لحظة استقبال الحواس للمنبه ولحظة وعي العقل به. (للتعويض عن هذا التأخير، يمتلك الجسم نظامً الافعال الانعكاسية الذي يستجيب في أقل من عُشر الثانية، قبل أن يُدرك العقل المنبه). يبدو أن هذا التأخير الذي يبلغ نصف ثانية هو الوقت اللازم لمعالجة وضغط المُدخلات الحسية.
يُقترح حل المشكلة الثانية من خلال وجود ما يقارب 100 مليار خلية في الدماغ، تتصل كل منها بآلاف الخلايا الأخرى. بفضل هذا العدد من المعالجات، قد يكون الدماغ قادرًا على تنفيذ ما يصل إلى 100 مليار عملية في الثانية، وهو رقمٌ مذهلٌ حقًا.
يُفترض غالبًا أن الوعي هو السمة الغالبة للدماغ. لكن الملاحظات الموجزة أعلاه تُشير إلى صورة مختلفة نوعًا ما. يبدو الآن أن الغالبية العظمى من المعالجة تتم خارج نطاق الوعي، وأن معظم أنشطة الجسم تتم خارج نطاق السيطرة الواعية المباشرة. يشير هذا إلى أهمية الممارسة والعادة، إذ تُدرّبان دوائر الدماغ على القيام ببعض الأفعال "تلقائيًا"، دون تدخل واعٍ. حتى نشاط "بسيط" كالمشي يُفضّل القيام به دون تدخل من الوعي، الذي يفتقر إلى قدرة كافية على معالجة المعلومات لمواكبة متطلبات هذه المهمة. Physiology information theory in Applications of information theory https://www.britannica.com/science/information-theory/Physiology والسؤال الاهم كيف يمكن ل 50 بت يعاملها الدماغ في الثانية بدل ال 11 مليون بت التي ترسل اليه من الحواس الخمسة ان تكون هي انعكاسا (واقعيا) للواقع. واترك للقارئ الكريم حساب حصيلة 50 مقسومة على 11 مليون لحساب النسبة المئوية للمعلومات التي يتعامل الدماغ بها مقارنة مع تلك المرسلة له من الحواس الخمسة التي لا نملك غيرها لادراك الواقع او ما يسمى هكذا.
خاتمة: تقول Laura Hood -العالم في فوضى عارمة. كيف يُعقل الناس المفكرون كل هذا؟ في هذه السلسلة، طلبنا من عدد من مؤلفينا اقتراح كتاب، أو فلسفة، أو عمل فني - أو أي شيء آخر - يُساعد على فهم كل هذا. العالم الذي نعيش فيه مكانٌ خطيرٌ ومُربك. في سعيي لفهمه، أعود إلى كتاب "الماركسية والحرية" - بعد أربعين عامًا من قراءته لأول مرة. RAYA DUNAYEVSKAYA MARXISM AND FREEDOM: FROM 1776 UNTIL TODAY https://www.marxists.org/archive/dunayevskaya/works/1958/M+F/index.html كتبته مؤسسة الفلسفة الماركسية الإنسانية، رايا دوناييفسكايا (1910-1987). قرأتُ الكتاب لأول مرة عام 1979، وهو العام الذي انتُخبت فيه مارغريت تاتشر في بريطانيا، والبداية الرسمية للثورة المضادة النيوليبرالية . وصفته دوناييفسكايا بأنه "عالم متغير". في ذلك الوقت، كان عمر الكتاب قد تجاوز العشرين عامًا، لكنني وجدتُ فيه شيئًا منعشًا في تناوله للماركسية كفلسفة حية مرتبطة بنضالات الحياة اليومية. ركزت عودتي إلى مجلة "الماركسية والحرية" هنا في عام 2019 على بعض أفكارها التي قد تُساعد في توجيه تفكيرنا في الوقت الحاضر. هذا في وقت نواجه فيه المراحل المَرَضية للنيوليبرالية بأشكالها الفاشية الجديدة والقومية الاستبدادية: من جايير بولسونارو في البرازيل إلى دونالد ترامب في الولايات المتحدة، ومن رجب أردوغان في تركيا إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. لم تكن دوناييفسكايا (التي وُلدت باسم رايا شبيغل، لكنها اتخذت اسم عائلة والدتها قبل الزواج) أكاديميةً، بل كانت مثقفة ثوريةً تعلّمت من المنظمات ونضالاتها. انضمت إلى الحركة الثورية في الولايات المتحدة في سن المراهقة في أوائل عشرينيات القرن الماضي، وطُردت من الحزب الشيوعي في سن الثامنة عشرة بعد أن طلبت مناقشة ليون تروتسكي. كان تروتسكي ثوريًا ماركسيًا بارزًا طُرد من الاتحاد السوفيتي عام 1929 بعد انتقاده جوزيف ستالين. انضمت دوناييفسكايا إلى الحركة التروتسكية. ولعلّ شهرتها الأبرز انها كانت سكرتيرة تروتسكي للغة الروسية في المكسيك، حيث استقرّ بعد طرده، وحيث اغتيل عام 1940. وبحلول وفاته، كانت دوناييفسكايا قد انفصلت عن تروتسكي بسبب دفاعه عن الاتحاد السوفيتي بعد معاهدة هتلر-ستالين عام 1939. أكدت دوناييفسكايا أن نظرية ماركس في التحرير تحولت إلى نقيضها من قبل المثقفين في الحزب الشيوعي السوفيتي لتبرير نظام شمولي لا يرحم. "الماركسية إما أن تكون نظرية تحرير أو لا شيء"، هذا ما أكدته دوناييفسكايا في كتابها «الماركسية والحرية». وانطلاقًا من اهتمامها بحرية البشرية وتدمير الحياة البشرية في ظل الرأسمالية، كان أحد أهداف كتاب «الماركسية والحرية» إعادة تأسيس الماركسية في شكلها الأصلي، والذي أطلق عليه ماركس اسم "الطبيعية الشاملة، أو الإنسانية". مُنذِرةً بما يُسمى الآن بالتقاطعية، وسلّطت الضوء على "العواطف الجديدة والقوى الجديدة" التي برزت في نضالات الحرية. وجادلت بأن على النشطاء والمثقفين أن يُصغوا لهذه الأصوات الجديدة وتعبيرات الحرية الجديدة التي غالبًا ما أُسكِتت أو جُهِلت. اعتبرت دوناييفسكايا حركات التحرير السوداء بمثابة طليعة النضالات التاريخية من أجل الحرية في الولايات المتحدة. كما أعلنت أن حركات التحرر من الاستعمار في أفريقيا وآسيا التي تطورت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كانت بمثابة حقبة تاريخية، لأنها أثارت مسألة العلاقات الإنسانية باعتبارها "مجموعًا من التفاني في النضال من أجل الحرية". تكمن روعة كتاب "الماركسية والحرية" ، وإعادة صياغته لماركسية ماركس كنظرية للتحرر، في أنه كُتب بالتعاون مع عمال المناجم وعمال صناعة السيارات والطلاب الذين ساهموا في "فهم جديد". لم تقتصر الفكرة على أن الناس يفكرون فحسب، بل أن المناضلين يطورون أيضًا طرقًا جديدة للمعرفة من خلال التجربة والحوار والتأمل الذاتي. باختصار، دأبت دوناييفسكايا على حثّ النشطاء على التفكير فيما وراء النشاط: ألا يقتصروا على التفكير في هدم المجتمع القديم، بل في بناء مجتمع جديد أيضًا. كانت تؤمن بأهمية التشكيك في كل شيء، وخاصةً الفصل بين العمل الفكري والعمل البدني. إرث من التعلم كان كل هذا مثيرًا لي كشابة في الحادية والعشرين من عمري، كنت قد أصبحتُ متشككة في الجماعات الاشتراكية البرامجية التي غالبًا ما كانت تعتبر الحركات مادةً للتعبئة. ربما لم أفهم الأمر تمامًا حينها، لكنني أتذكر لقائي بدوناييفسكايا عام 1985, بعد أن مُني إضراب عمال المناجم البريطانيين الذي استمر عامًا بهزيمة تاريخية. عندما التقينا، كانت قد انتهت لتوها من كتابة كتابها "روزا لوكسمبورغ، تحرير المرأة، وفلسفة ماركس للثورة "، وهو الجزء الأخير من "ثلاثيتها الثورية" (كتابها الثاني كان " الفلسفة والثورة: من هيجل إلى سارتر ومن ماركس " عام 1973). (Raya Dunayevskaya Archive 1910–1987 https://www.marxists.org/archive/dunayevskaya/index.htm ط.ا) وعندما سُئلت عن الحب في مقابلة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عام 1984، قالت : لا أعتقد أنه من الصواب أن نحاول الاجابة على السؤال نيابةً عن الآخرين. أعتقد أن ما يجب علينا فعله هو تهيئة الظروف للجميع ليتمكنوا من تجربة الخيارات، في حبّ. عندما التقينا، تحدثت معي عن أهمية المثقفين العماليين في الماركسية الإنسانية. ومن بين الحاضرين، عامل السيارات الأسود من ديترويت، تشارلز دينبي، مؤلف كتاب " قلب ساخط: يوميات عامل أسود". التقيا في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وظلا زميلين حتى وفاته عام 1983. عندما توفي ستالين عام 1953، اتصل بها دينبي. أراد أن يخبرها بما كان يقوله عمال المصنع: -لدي الرجل المناسب لملء مكان ستالين - رئيس عمالي. لا يزال كتاب "الماركسية والحرية" حيًا في ذهني في عام 2019. ليس فقط لأننا نعيش في عصر الأزمات العديدة التي تهدد البشرية، ولكن الكتاب يذكر البشرية بأن تبقي آذانها وعقولها مفتوحة للثورات الجديدة والتي غالبًا ما تكون غير قابلة للتصور. في هذه اللحظة من القمع العنيف، تظهر أشكال جديدة من النضال باستمرار، وتسعى نحو مستقبل مشرق. وهنا تتبين هذه اللحظة من القمع العنيف، تظهر أشكال جديدة من النضال باستمرار، ويسعى نحو مستقبل مشرق. وهنا يتبين التقارب بين المثالي والواقعي: حيث تُنعش إنسانية ماركس، كجسم حي من الأفكار، حركات حقيقية من أجل الحرية.- Making sense of the world: why ‘Marxism and Freedom’ still resonates https://theconversation.com/making-sense-of-the-world-why-marxism-and-freedom-still-resonates-107230 لم يتكلم إيكلس او عموم علم الاعصاب الكمي عن الحرية من وجهة نظر ماركسية او خلافه, ولكن نتائج بحوث إيكلس وعلم الاعصاب الكمي بوجود الارادة الحرة تمنحنا الارضية العلمية-كمية-عصببة التي توفر لنا اساسا يمكننا ان نستخدمه لننعش إنسانية ماركس، كجسم حي من الأفكار، ولخلق حركات حقيقية من أجل الحرية, كما دعت اليه وناضلت من اجله الماركسية الكبيرة دوناييفسكايا.
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكومونات الأشتراكية, علم الطوبولوجيا, وقانون ويلسون!
-
مناقضة (وهم) الزمان للماركسية!
-
الكومونات الاشتراكية ومناهضة الإمبريالية
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 95
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 94
-
هل هناك من سيلوم ماركس لو...!؟
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 93
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفي 92
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفي 91
-
كارل ماركس وعلوم اللغة 4
-
كارل ماركس وعلوم اللغة 3
-
كارل ماركس وعلوم اللغة 2
-
كارل ماركس وعلوم اللغة 1
-
البيتزا توّحد البشر!
-
كذبة معاداة ايران للامبريالية!
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 90
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 89
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 88
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 87
-
التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 86
المزيد.....
-
فلتتضافر كل الجهود لوقف الإبادة الجماعية والتجويع في غزة ومن
...
-
تونس: حزب العمال يستقبل وفدا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
...
-
لنقف بحزم ضد عسكرة المدن والقمع السياسي
-
با ل?ب?اوان? دژ ب? ميلتاريز?کردني شار?کان و س?رکوتي سياسي بو
...
-
مظاهرات حاشدة في أستراليا دعماً للفلسطينيين، وغانتس يدعو لتح
...
-
عائلتي الشهيدين الدريدي وبلهواري: تعزية في وفاة المناضل الكب
...
-
ستوكهولم.. مئات المتظاهرين ينددون بخطة إسرائيل لاحتلال كامل
...
-
م.م.ن.ص// الرفيق: المفهوم، المضمون، والوجود الثوري
-
-كان ديكتاتورا-.. عمرو موسى يشعل ضجة بانتقاده جمال عبدالناصر
...
-
اليمين المتطرف يقود موجة احتجاجات منظمة أمام فنادق اللاجئين
...
المزيد.....
-
علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية!
/ طلال الربيعي
-
مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
المزيد.....
|