أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كاظم فنجان الحمامي - مشاعر بددتها الايام














المزيد.....

مشاعر بددتها الايام


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 09:04
المحور: سيرة ذاتية
    


عش حياتك كمسافر عابر. لا تتعلق كثيرا بالمحطات. ولا تحزن على من غادر قبل الوصول. فكل من يلتقيك في رحلتك هو درس. اما ان يهديك زهرة تبهج قلبك. أو يترك في يدك شوكة تعلمك الحذر. وكلاهما ضرورة ليكتمل الطريق. .
والآن اسمحوا لي ان اسرد اليكم هذه الحكاية التي عشت تفاصيلها لحظة بلحظة. .
في الشهر التاسع من عام 1980 وبينما كانت الأزمات الحدودية بين العراق وايران تتفجر هنا وهناك، تلقيت تكليفاً رسمياً بإرشاد ناقلة عراقية من كبريات سفن النفط، واسمها: (البعث)، للانطلاق بها من ارصفة المفتية القريبة من سايلو البصرة في شط العرب إلى البحر. كان ذلك قبل بضعة ايام من اندلاع الحرب بين البلدين. .
كنت على قناعة تامة انني ذاهب بنفسي إلى الموت، ويتعذر عليَّ التهرب أو التنصل عن اداء المهمة المكلف بها. . تخيل انك تقود سفينة كبيرة محملة بمواد نفطية سريعة الاشتعال، والسفينة اسمها (البعث). تقودها في شط العرب، وتمر بموانئ إيرانية: خرمشهر (المحمرة)، و عبادان، و خسروآباد. وتقطع مسافات حدودية طويلة بمحاذاة الضفة المعززة بالمدفعية الثقيلة، لا شك انها مقامرة ومغامرة ومخاطرة غير محمودة العواقب، ومع ذلك هيأت حقيبتي واوراق استعداداً لمغادرة بيتي في منطقة المعقل بالبصرة والتوجه نحو ارصفة المفتية. .
ودعت أمي وأختي واخي، وهممت بالخروج، لكنني وجدت ابن شقيقتي (أحمد) يلعب في حديقة الدار وهو بعمر ثلاث سنوات. فحضنته وقبلته وضممته الى صدري، كنت أنظر إلى عينيه بقلب رجل منكسر في طريقه إلى الموت المحتوم. قلت له: وداعا يا صغيري، ربما لن تراني بعد الآن، ولكن تذكرني عندما تكبر وتصبح بعمري. .
في مثل هذه المواقف لا بد أن يتألم من كان واسع الوجدان عميق الشعور. كنت أعتقد أن الوداع هو الحزن، لكن إتضح لي أن الوداع الحقيقي، لا بكاء فيه ولا دموع. .
تركت (احمد) يلعب في الحديقة، وغادرت (المعقل) حتى وصلت إلى أرصفة (المفتية)، لكنني فوجئت بإلغاء الرحلة بعد تصاعد الاشتباكات بين الضفتين في منطقة الواصلية المقابلة لمصفى عبادان. .
عدت مسرعا إلى البيت. أكاد أطير من الفرح، كان ابن شقيقتي (احمد) بانتظاري. فقبلته مرة اخرى وشكرت الله على سلامة العودة. .
استمرت الحرب سنوات وسنوات، وتكررت بعدها حروب وأزمات. .
كبر (احمد) وتزوج، لكنه لم يتواصل معي منذ عام 1980 وكأنه لا يعرفني، ولا يريد ان يعرفني على الرغم من تجاوزه العقد الرابع من العمر. .
كنت أضع آمالي وأحلامي بذلك الطفل الصغير، ولم يطرأ على بالي انه سوف يتنكر لي وينساني ولا يتذكرني. .
حياتنا مقبرة لمشاعر دفناها وفقدناها حينما كنا نراهن على السراب كأننا خارج محطات الزمن وتقلباته العجيبة. .



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خسة العربان ومروءة الرومان
- الأدرينوكروم: حصاد دماء الأطفال
- خدعونا بأبسط الطرق وأسهلها
- بلدان عربية مهددة بالزوال
- سنوات ضاعت مني في الموانئ
- رسالة إلى نواف الخواف
- لماذا يعرقلون إنتاجنا الصناعي ؟
- تساؤلات لا تنتظر الجواب
- رجاءً خلوها سكتة !؟!
- وطن بلا طائفية = وطن بلا كراهية
- مندسون شوهوا صورتنا
- الخميس يعلن الحرب على سكان الارض
- لبنان في قلب البركان
- صديقي السيد الرئيس المحترم
- خارج مضخات التشفير الطائفي
- وا عيباه - وا خزياه - وا أسفاه
- ارموا أسلحتكم كي نقتلكم
- نداء فوق فنارات الخور
- ما المقصود بسلاح (اليد الميتة) ؟
- ما سر الخصومة ضد بعضنا البعض ؟


المزيد.....




- -كان وضعًا مُخزيًا مع السجادة الحمراء-.. شاهد ردود أفعال أوك ...
- بوتين يوضح ما يريده مقابل إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا؟
- بعد تراجع المواليد.. عدد سكان مصر يزيد بمعدل 5000 نسمة في ال ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف -منشأة للطاقة- يستخدمها الحوثيون في ال ...
- الشرع يشدد على وحدة سوريا بدون دماء وضرورة تنفيذ الاتفاق مع ...
- جزيرة مان.. جوهرة بريطانية خفية وسط البحر الأيرلندي
- رحيل مفجع لمدير تصوير مصري أثناء إنقاذ ابنه من الغرق
- عصيان مدني بإسرائيل فهل تهتز حكومة نتنياهو ؟ 5 نقاط تشرح الم ...
- غارات إسرائيلية على منتظري المساعدات في مناطق عدة في غزة
- مجلة أميركية: هذه هي المادة السرية التي تجعل المقاتلات الأمي ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كاظم فنجان الحمامي - مشاعر بددتها الايام