أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عناد - لا الحسين وصوت اليوم














المزيد.....

لا الحسين وصوت اليوم


احمد عناد

الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 19:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا الحسين… وصوت اليوم

“حين يكون الامتناع موقفًا… والرفض شهادة… فهل نملك شجاعة أن نقول لا؟
في صباح من صباحات التاريخ، وقف الحسين بن علي على أعتاب قدره، ووراءه مكة، وأمامه كربلاء، وفي قلبه يقين لا تزعزعه سيوف الدنيا كلها. عرضوا عليه البيعة ليزيد، فابتسم بصلابة وقال للعالم: إن الشرعية لا تُشترى بالخوف، ولا تُمنح بالقهر، ولا تُكتسب بالأغلبية الصامتة. تلك اللحظة لم تكن مواجهة بين رجل وحاكم فحسب، بل بين مبدأ وباطل، بين ضمير الأمة وغريزة السلطة.

واليوم، وبعد قرون، تقف الشعوب أمام صناديق اقتراع تُزيَّن بشعارات الديمقراطية، لكن كثيرًا منها لا يحمل إلا وجوهًا أُعيد إنتاجها من نفس الطين الفاسد. والسؤال الذي يطلّ علينا من زمن الحسين: أهي بيعة بوجه جديد؟ أم أن الامتناع عن التصويت، حين تصبح الخيارات بين الفاسد والفاسد، هو صرخة رفض تشبه “لا” الحسين في وجه يزيد؟

البيعة والانتخاب.. تشابه في الجوهر، اختلاف في الشكل

عندما رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد، لم يكن الموقف مجرد قرار شخصي، ولا نزاعًا على سلطة، بل كان موقفًا مبدئيًا في وجه حكم يراه جائرًا، فاقدًا للشرعية الأخلاقية والسياسية. البيعة في ذلك العصر كانت العقد السياسي–الاجتماعي الذي يمنح الحاكم مشروعيته، تمامًا كما يُمنح اليوم المرشح شرعية الحكم من خلال الانتخابات.

الحسين قال كلمته الشهيرة: “إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”، وهذه العبارة تختصر أن شرعية أي سلطة تُقاس بقدرتها على الإصلاح وتحقيق العدل، لا بمجرد حصولها على “الأصوات”.

علي شريعتي يلخص الأمر بقوله: “الاستبداد لا ينحصر في شخص الحاكم، بل في قابلية الناس لأن يُستبد بهم”، وهي جملة تضع المسؤولية على وعي الشعب، لا على الحاكم فقط.

المقاطعة كأداة سياسية
المقاطعة ليست انسحابًا سلبيًا بالضرورة، بل قد تكون أحيانًا موقفًا سياسيًا واعيًا يهدف إلى سحب الشرعية من سلطة أو نظام انتخابي مختل. في الفكر الديمقراطي، هناك نقاش طويل حول فاعلية المشاركة مقابل المقاطعة.

يقول شريعتي: “أعظم خيانة هي أن تصمت حين يجب أن تتكلم”، والصمت هنا لا يعني عدم الذهاب إلى الصندوق، بل عدم التعبير عن رفض النظام المختل بوضوح. المقاطعة الواعية قد تكون نوعًا من هذا التعبير إذا كان التصويت يعني تجديد شرعية الفساد.

النصف زائد واحد.. مشكلة الأغلبية النسبية
من أبرز إشكالات الديمقراطية التمثيلية اليوم أن فوز مرشح أو حزب بنسبة “النصف زائد واحد” يعني بالضرورة أن نصف الشعب لم يمنحه الشرعية، ومع ذلك يحكم باسم الجميع.

يقول توماس جيفرسون: “عندما تصبح الحكومة فاسدة، فإن واجب الشعب ليس فقط الحق، بل الواجب، أن يغيّرها. وإذا لم ينهض الشعب لذلك، فسوف يتحول حقه في الاختيار إلى أداة بيد الفاسدين لإدامة سلطتهم”. وهذه الفكرة تنسجم مع موقف الحسين الذي رفض منح الشرعية لحكم يراه باطلًا.

الخلاصة
رفض الحسين مبايعة يزيد كان إعلانًا أن الشرعية لا تُمنح لمجرد القوة أو العرف السياسي، بل يجب أن تستند إلى الحق والعدل. وكما قال شريعتي: “كن أنت الحسين في عصرك”، فإن المبدأ نفسه يمكن أن يكون مرشدًا لنا اليوم: إذا كانت صناديق الاقتراع لا تتيح إلا إعادة إنتاج الفساد، فإن الامتناع الواعي قد يكون أقرب إلى موقف الحسين من المشاركة الشكلية التي تمنح الفاسدين شرعية جديدة.

لكن يبقى السؤال مفتوحًا أمام كل فرد: هل المقاطعة اليوم أداة فعالة للتغيير، أم أن إصلاح النظام من الداخل بالمشاركة هو الطريق الأقل كلفة؟ التاريخ يعطينا الأمثلة، لكن القرار يظل ملك الشعوب الحية



#احمد_عناد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف في مراة السؤال السقراطي
- على تخوم الانهيار هل يعيد العراق ماساة السودان
- الخرافة ..حين يستحمر العقل
- النعرات والانقسام والفرصة الاخيرة
- إيران بين نيران حرب الأيام ال 12
- الشخصية الإيرانية: عقلية البقاء وجدلية التمايز في التاريخ وا ...
- المقاومة بين المبادي والدنس
- جحيم السجون
- فليم قطار الاطفال
- حياة الماعز فليم
- العراق الاقلام ام البنادق
- كلمة الصدر وشروطها
- مؤتمر بغداد
- جبران خليل جبران، وعلي شريعتي والحمار والاستحمار
- اثر الكوبرا
- زيارة ضريف مالها وعليها
- نطنز بين الكهرباء والاستهداف الاسرائيلي
- 20مليار دولار
- فتيان تشرين تكسر التابوه
- حوار متقاعد مع شاب


المزيد.....




- -انفجار غيوم- يودي بحياة 300 شخص بفيضانات في باكستان وجزء كش ...
- اختفت في ثوانٍ.. عملية سطو في وضح النهار تكلف متجر مجوهرات م ...
- منها حديث حصل لا يعلمه سوى بوتين وترامب بألاسكا.. ملخص سريع ...
- لماذا تعتبر معركة كردفان حاسمة في الحرب السودانية؟
- 18 قتيلاً في كارثة سقوط حافلة بوادي الحراش بالجزائر.. حداد و ...
- باكستان ـ حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية تتخطى حاجز الـ 600 قت ...
- -إتش تي سي- تعود مجددا للساحة مع نظارات ذكية تنافس -ميتا-
- مظاهرات حاشدة في عواصم عربية وغربية للتنديد بحرب غزة
- السيطرة على 80% من الحرائق بريف اللاذقية الشمالي
- بعد تحذيره النووي.. رئيس روسيا السابق يعلق على لقاء بوتين وت ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عناد - لا الحسين وصوت اليوم