|
الخازوق الروسي وغباء بروكسل... واشنطن تنتحر بابتسامة
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 00:36
المحور:
كتابات ساخرة
1. الخازوق الروسي: نفط رخيص للصين والهند صورتك عن نفسك، احيانا ، قد تكون قاتلة ، ففي السياسة ،حيث الجميع يلعب الشطرنج وواشنطن تعتقد أنها تلعب "مونوبولي"، جاءت روسيا بمفاجأة لم تكن في الحسبان. قررت موسكو، بكل بساطة، أن تكون "الصديق الوفي" للصين والهند، وهما الدولتان اللتان كانت واشنطن تحلم بقص أجنحتهما التنموية. نفط رخيص؟ غاز بأسعار مخفضة؟ هيا، خذوا يا أصدقاء! بينما بايدن ومن بعده ترامب يصرخان في البيت الأبيض: "كيف تجرؤون على النمو دون إذننا؟"، كانت روسيا تضحك في سرها وهي ترسل براميل النفط إلى بكين ونيودلهي بأسعار تجعل أي تاجر أمريكي يبكي دمًا. *يا لها من خيانة! الدول التي كان يفترض أن تُدمر اقتصاديًا، أصبحت تتغذى على خازوق روسي مغلف بالنفط الرخيص. واشنطن، بالطبع، لم تجد سوى رفع شعار "العقوبات"، وكأن العقوبات ستوقف عجلة التاريخ.
2. بروكسل: عاصمة الغباء العالمي إذا كنت تبحث عن عاصمة الغباء السياسي، فلا داعي للسفر بعيدًا، بروكسل تنتظرك! الاتحاد الأوروبي، بشخصيات مثل ماكرون و مستشاري المانيا، لحد الان، ودي ويفر وجورج بوشيز بكل فخر، قرر أن يضع رأسه تحت حذاء واشنطن ويقول: "اضربوا أقوى!" عندما سمحت بروكسل للأمريكيين بتفجير خط "نورد ستريم"، كان الأمر أشبه بأن تطلب من شخص أن يحرق منزلك ثم تشكره على الدفء. خطوط الطاقة الروسية، التي كانت تمنح أوروبا الغاز الرخيص، تحولت إلى مجرد ذكرى، بينما أوروبا تشتري الغاز المسال الأمريكي بأسعار تجعل ميزانياتها تبكي. برلين، يا عزيزتي، كنتِ محرك أوروبا، تصدرين بتريليون ونصف تريليون دولار سنويًا، والآن؟ اقتصادك في حالة انكماش، ومصانعك تتسول الكهرباء. هل كان الأمر يستحق؟ أم أن قياداتك قررت أن تكونوا مجرد "إمعة" لواشنطن؟*
3. تفجير "نورد ستريم": الانتحار الأوروبي تخيل المشهد: أوروبا تجلس على كرسي مريح، تشرب قهوتها الصباحية، وفجأة تقرر أن تطلق النار على قدميها. هذا بالضبط ما حدث عندما سمحت بروكسل وبرلين للأمريكيين بتفجير خط "نورد ستريم". لماذا؟ لأن واشنطن قالت: "الغاز الروسي خطر على أمنكم!"، وأوروبا، بكل طاعة، أومأت برأسها وفتحت محفظتها لتشتري الغاز الأمريكي بأربعة أضعاف السعر. يا سادة، هذا ليس غباءً عاديًا، إنه غباء استراتيجي! أوروبا، التي كانت تتباهى بصناعاتها وصادراتها، أصبحت الآن سوقًا مفتوحًا للغاز الأمريكي بأسعار فلكية. واشنطن، بالطبع، تضحك وهي تحسب الأرباح، بينما المصانع الألمانية تغلق أبوابها واحدًا تلو الآخر.
4. العقوبات الأوروبية... أم الأمريكية؟ دعونا نتحدث عن العقوبات. أوروبا، بكل فخر، أعلنت أنها ستفرض عقوبات على روسيا. لكن، لحظة! من الذي صيغت هذه العقوبات لخدمته؟ واشنطن، بالطبع! أوروبا، التي كانت تعتمد على النفط والغاز الروسيين، قررت أن تقطع يدها بيدها، وتسمي ذلك "دفاعًا عن القيم". يا لها من قيم! قيم تدمير الاقتصاد الألماني، قيم إغلاق المصانع، قيم دفع فواتير طاقة تجعل المواطن الأوروبي يفكر في العودة إلى عصر الحطب. *العقوبات لم تكن أوروبية، بل كانت أمريكية بتوقيع أوروبي. واشنطن أرادت تدمير الاقتصاد الأوروبي لتظل هي اللاعب الأكبر، وأوروبا؟ حسنًا، قالت: "حاضر، سيدي!"*
---
5. ألمانيا: من قاطرة أوروبا إلى عربة مكسورة كانت ألمانيا، حتى 2022، محرك أوروبا الاقتصادي. صادراتها كانت تتجاوز التريليون ونصف التريليون دولار، وصناعاتها كانت تحكم السوق العالمي. ثم جاء قرار الانصياع لواشنطن، وتحولت ألمانيا إلى قصة مأساوية. الاقتصاد في حالة ركود، الصناعات تنهار، والانكماش يطرق الأبواب للمرة الثانية. لماذا؟ لأن برلين قررت أن تشتري الغاز الأمريكي بأسعار تجعل أي عقل يتساءل: هل هؤلاء القادة يدركون ما يفعلون؟ المانيا، يا سيدة الصناعة، كيف تحولتِ إلى متسولة طاقة؟ كيف تخليتِ عن الغاز الروسي الرخيص لصالح فواتير أمريكية تجعل مواطنيك يفكرون في بيع أطفالهم لدفع فاتورة التدفئة؟
6. روسيا: الاقتصاد الذي لم يسقط بينما أوروبا كانت مشغولة بحرق مواردها، كان الاقتصاد الروسي يضحك في وجه العقوبات. توقع الغرب أن تنهار موسكو تحت وطأة العقوبات، لكن ماذا حدث؟ معدلات النمو الروسي تجاوزت ما قبل العقوبات! روسيا وجدت أسواقًا جديدة في الصين والهند، واستمرت في بيع نفطها وغازها، بينما أوروبا تشتري الغاز الأمريكي وتتذمر من التضخم. يا لها من مفارقة! الدولة التي كان يفترض أن تُدمر، أصبحت أقوى، بينما الدول التي فرضت العقوبات تحولت إلى ضحية خططها الخاصة. روسيا، يا سادة، ليست فقط قوة عسكرية، بل أصبحت لاعبًا اقتصاديًا يعرف كيف يلعب بأوراقه.
7. الصين والهند: الضحكة الأعلى الصين والهند، الدولتان اللتان كانت واشنطن تحلم بإبقائهما في الصف الثاني، أصبحتا الآن نجمتي العرض. بفضل النفط الروسي الرخيص، استطاعت الصين أن تواصل نموها الصناعي، بينما الهند تضحك وهي تشتري براميل النفط بأسعار تجعل الشركات الأمريكية تبكي حسرة. الصين، التي كانت تدرك أن واشنطن تنتحر بطمعها، استغلت الفرصة لتصبح القوة الصناعية الأولى عالميًا. واشنطن ظنت أنها تستطيع خنق الصين، لكن الصين كانت تعلم أن الوحش الأمريكي يقتل نفسه بنفسه. من يضحك الآن؟ بكين، بالطبع!
8. واشنطن: الانتحار الهيكلي دعونا نتحدث عن واشنطن، التي نهبت دول الخليج الصهيو أمريكية ، وأوروبا، وكل من استطاعت الوصول إليه. لكن، حتى مع كل هذا النهب، لا تزال الولايات المتحدة غارقة في أزمة هيكلية. فساد؟ موجود. عجز صناعي؟ بكل تأكيد. مديونية هائلة؟ أكثر مما تتخيل. التعرفة الجمركية التي يتباهى بها البعض؟ مجرد محاولة يائسة من دولة فقدت أي أمل في إحياء صناعتها. واشنطن دمرت صناعتها خلال عقدين فقط، ظنًا منها أنها تستطيع العيش على طباعة الدولارات. لكن، يا سادة، الدولارات الورقية لا تصنع مصانع، ولا تبني اقتصادًا. الصين فهمت ذلك، وروسيا استغلته، وأوروبا؟ حسنًا، لا تزال تبحث عن عقلها.
9. أوروبا: جبناء بحجم قشرة بصل إذا كنت تبحث عن تعريف الجبن السياسي، فابحث عن قادة الاتحاد الأوروبي. هؤلاء الذين سمحوا لواشنطن بتدمير اقتصادهم، دون أن يرفعوا صوتًا واحدًا. كان بإمكان أوروبا أن تدافع عن مصالحها، أن تستمر في شراء الغاز الروسي الرخيص، لكنها اختارت أن تكون "إمعة" لواشنطن. النتيجة؟ اقتصاد منهار، ومواطنون يتذمرون، وقادة يتظاهرون بأن كل شيء على ما يرام. يا سادة، إذا كان جبنكم بسعر قشرة بصل، فلا تتوقعوا أن يحترمكم أحد. أوروبا، التي كانت يومًا قوة اقتصادية، أصبحت الآن مجرد ظل لنفسها، بفضل قراراتها "العبقرية".
10. الخلاصة: من يضحك أخيرًا؟ في النهاية، الخازوق الروسي كان هدية للصين والهند، وسيفًا في خاصرة أوروبا. واشنطن، التي ظنت أنها ستتحكم بالعالم، وجدت نفسها في مأزق انتحار هيكلي. روسيا، التي كان يفترض أن تنهار، أصبحت أقوى. والصين؟ حسنًا، الصين تضحك وهي تشاهد الغرب يحترق بنيران طمعه. العالم يتغير، يا سادة، والذين يظنون أن بإمكانهم إيقاف التاريخ بورقة دولار أو عقوبة، سيجدون أنفسهم في النهاية يبكون على أطلال أحلامهم. من يضحك أخيرًا؟ ليس واشنطن، وبالتأكيد ليس بروكسل.
……………….
ملخص تنفيذي
قبل الحرب الأوكرانية في فبراير 2022، كان اقتصاد ألمانيا، رابع أكبر اقتصاد عالمياً، يعتمد بشكل كبير على التصنيع والصادرات، مع الاستفادة من الطاقة الروسية الرخيصة، حيث كانت تستورد حوالي 55% من الغاز الطبيعي و48% من النفط من روسيا. بلغ الناتج المحلي الإجمالي الألماني في 2021 حوالي 4.18 تريليون دولار، مع نمو بنسبة 2.9% بعد انتعاش من جائحة كورونا. العقوبات الغربية على روسيا، بما في ذلك تجميد 300 مليار دولار من الأصول الروسية واستبعاد بعض البنوك الروسية من نظام SWIFT، أثرت بشكل كبير على التجارة الألمانية-الروسية، حيث انخفضت الواردات الألمانية من روسيا بنسبة 94.6% إلى 1.8 مليار يورو في 2024 مقارنة بـ33.1 مليار يورو في 2021. هذه العقوبات، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة، أدت إلى ركود اقتصادي في ألمانيا، مع توقعات بخسارة 260 مليار يورو من القيمة المضافة بحلول 2030. في المقابل، يعاني الاقتصاد الأمريكي من تحديات هيكلية، بما في ذلك دين عام يتجاوز 33 تريليون دولار في 2023 (120% من الناتج المحلي الإجمالي) وتضخم مستمر، مما يحد من فعالية سياساته الاقتصادية، بما في ذلك الرسوم الجمركية، في تحقيق الاستقرار.
1. اقتصاد ألمانيا قبل الحرب الأوكرانية
1.1. نظرة عامة على الاقتصاد الألماني في عام 2021، كان اقتصاد ألمانيا يُعتبر القاطرة الاقتصادية لأوروبا، حيث شكّل أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وفقاً للبنك الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الألماني 4.18 تريليون دولار (اسمي) في 2021، مع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 50,802 دولار. كانت القوة الاقتصادية تعتمد على القطاع الصناعي الذي ساهم بنسبة 27.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مع التركيز على السيارات، الآلات، والكيماويات. الخدمات شكلت 72% من الناتج المحلي الإجمالي، مع قوة في الخدمات المالية والتكنولوجيا، بينما ساهمت الزراعة بنسبة 0.9% فقط، لكنها كانت منتجة بكفاءة عالية، حيث غطت 90% من الاحتياجات الغذائية المحلية.
1.2. التبادل التجاري كانت ألمانيا رابع أكبر مصدّر عالمياً في 2021، حيث بلغت قيمة الصادرات 1.62 تريليون دولار، مع شركاء رئيسيين مثل الولايات المتحدة (8.6%)، الصين (7.6%)، وفرنسا (7.3%). الواردات بلغت 1.37 تريليون دولار، مع الاعتماد الكبير على روسيا للطاقة. وفقاً لمكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، استوردت ألمانيا سلعاً بقيمة 33.1 مليار يورو من روسيا في 2021، تشمل بشكل رئيسي النفط، الغاز الطبيعي، والمعادن.
1.3. الاعتماد على الطاقة الروسية كانت روسيا المورد الرئيسي للطاقة لألمانيا حيث شكّل الغاز الطبيعي 55% من إجمالي الواردات والنفط 48% من الاحتياجات. الفحم كان له حصة أقل، لكنه ظل مهماً للصناعات الثقيلة. هذا الاعتماد جعل ألمانيا عرضة للاضطرابات الجيوسياسية، خاصة بعد قرار وقف مشروع "نورد ستريم 2" في فبراير 2022.
1.4. مؤشرات اقتصادية رئيسية نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ 2.9% في 2021، بعد انخفاض بنسبة 4.9% في 2020 بسبب جائحة كورونا. التضخم بلغ 3.1% في 2021، وهو معدل معتدل مقارنة بالسنوات اللاحقة. البطالة انخفضت إلى 3.6% في 2021، مما يعكس انتعاش سوق العمل. الدين العام بلغ 69.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من المتوسط الأوروبي.
1.5. نقاط القوة البنية التحتية الصناعية جعلت ألمانيا رائدة في إنتاج السيارات (5.7 مليون سيارة في 2021)، والآلات، والمنتجات الكيميائية. القوى العاملة الماهرة تضم 43.9 مليون عامل في 2021، مع تركيز على التعليم التقني. الاستقرار السياسي ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 36.2 مليار دولار في 2021.
2. تأثير الحرب الأوكرانية والعقوبات على ألمانيا
2.1. العقوبات على روسيا بعد اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير 2022، فرض الاتحاد الأوروبي، بدعم من الولايات المتحدة، 17 حزمة عقوبات على روسيا حتى مايو 2025. شملت هذه العقوبات تجميد حوالي 300 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي في الغرب، معظمها في دول الاتحاد الأوروبي. استبعاد العديد من البنوك الروسية من نظام SWIFT عطّل المدفوعات الدولية وأثر على التجارة. حظر الطاقة فرض قيوداً على استيراد النفط والغاز الروسي، مع خطط للتخلص التدريجي من النفط الخام بحلول نهاية 2022.
2.2. تأثير العقوبات على التجارة الألمانية وفقاً لمكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، انخفضت الواردات من روسيا إلى ألمانيا بنسبة 94.6% في 2024، لتصل إلى 1.8 مليار يورو (2.06 مليار دولار) مقارنة بـ33.1 مليار يورو في 2021. تراجعت الصادرات الألمانية إلى روسيا بنسبة 71.6%، لتصل إلى 7.6 مليار يورو في 2024. انخفضت حصة روسيا في الواردات الألمانية من 2.8% في 2021 إلى 0.1% في 2024، وفي الصادرات من 1.9% إلى 0.5%.
2.3. أزمة الطاقة توقف إمدادات الغاز الروسي، خاصة بعد إغلاق "نورد ستريم 1" وتعليق "نورد ستريم 2"، أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة. تكلفة الغاز الطبيعي ارتفعت بنسبة 35.7% في مارس 2022. زيت التدفئة زاد بنسبة 52.6%، والكهرباء بنسبة 13%. بحلول 2024، خفضت ألمانيا اعتمادها على الغاز الروسي من 55% إلى 30%، مع التحول إلى الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، قطر، والجزائر.
2.4. التضخم والركود الاقتصادي التضخم بلغ 7.3% في مارس 2022، وهو الأعلى منذ أربعة عقود، وتوقعت المعاهد الاقتصادية استمراره عند 6.1% في 2023. الركود جعل الاقتصاد الألماني لا يسجل نمواً حقيقياً منذ 2022، وتوقع معهد بحوث التوظيف خسارة 260 مليار يورو (266.16 مليار دولار) من القيمة المضافة بحلول 2030 بسبب الحرب وأزمة الطاقة. الصناعة تأثرت، حيث أعلنت "فولكس فاغن" في 2024 عن إغلاق 3 مصانع وتسريح 30 ألف موظف، و"كونتيننتال" خفضت 7 آلاف وظيفة.
2.5. تأثير على سوق العمل الطلب على العمالة في القطاعات الصناعية انخفض بنسبة 5% في أبريل 2022، مع توقعات بفقدان المزيد من الوظائف في الصناعات الكيميائية والثقيلة. تجارة التجزئة تأثرت، حيث انخفضت مبيعات الملابس بنسبة 8.4% والوقود بنسبة 11.5% في مارس 2022.
2.6. التحولات السياسية أدت الأزمة الاقتصادية إلى انهيار الائتلاف الحكومي الألماني في ديسمبر 2024، مع استقطاب سياسي حول دعم أوكرانيا. ألمانيا، كأكبر داعم مالي لأوكرانيا (8 مليارات دولار في 2024، خُفضت إلى 4 مليارات في 2025)، واجهت انتقادات داخلية وخارجية بسبب اعتمادها السابق على الطاقة الروسية.
3. تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي
3.1. تجميد الأصول تم تجميد حوالي 300 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي في الغرب، وهو ما يمثل نصف احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية. هذا التجميد حدّ من قدرة روسيا على تمويل الحرب الأوكرانية وأثر على استقرار الروبل، الذي انخفض بنسبة 20% في مارس 2022 قبل أن يستعيد جزءاً من قيمته بفضل تدخلات البنك المركزي.
3.2. استبعاد SWIFT استبعاد البنوك الروسية من نظام SWIFT، الذي يقع مقره في بلجيكا، عطّل المدفوعات الدولية. أثر على تصدير النفط والغاز، حيث اضطرت روسيا للبحث عن أسواق بديلة مثل الصين والهند. زاد من تكاليف المعاملات المالية، مما أدى إلى انخفاض الصادرات الروسية إلى أوروبا بنسبة 78% في 2024.
3.3. تأثير على العلاقات التجارية تراجعت حصة الاتحاد الأوروبي كشريك تجاري لروسيا من 36.5% من الواردات و37.9% من الصادرات في 2020 إلى مستويات متدنية في 2024. أدت العقوبات إلى تحويل روسيا نحو آسيا، حيث زادت الصادرات إلى الصين بنسبة 30% في 2023.
4. الاقتصاد الأمريكي: تحديات هيكلية
4.1. الوضع الاقتصادي قبل الحرب في 2021، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي 23.3 تريليون دولار، وهو الأكبر عالمياً. لكن الاقتصاد كان يعاني من دين عام بلغ 28.4 تريليون دولار (121% من الناتج المحلي الإجمالي). التضخم ارتفع إلى 7% في 2021، وهو الأعلى منذ 1982. عجز الميزان التجاري بلغ 971 مليار دولار في 2021، مع الاعتماد الكبير على الواردات من الصين.
4.2. تأثير الحرب والعقوبات صادرات الطاقة استفادت الولايات المتحدة من زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، حيث وصلت إلى 15 مليار متر مكعب في 2022. الرسوم الجمركية فرضت إدارة ترامب رسوماً بنسبة 35% على كندا في 2025 بسبب قضايا المخدرات، مما زاد من التوترات التجارية. نمو الاقتصاد سجل نمواً بنسبة 3% في الربع الثاني من 2025، لكنه ظل عرضة للتقلبات بسبب الحروب التجارية.
4.3. التحديات العضوية الاقتصاد الأمريكي يعاني من تحديات هيكلية حيث ارتفع الدين العام إلى 33 تريليون دولار في 2023، مما يحد من قدرة الحكومة على الاستثمار. التضخم المستمر بلغ 6.5% في 2023، مما أثر على القوة الشرائية. الاعتماد على الدولار، على الرغم من هيمنته، يواجه تهديداً من تحركات دول مثل الصين وروسيا لتقليل الاعتماد عليه. التنافس مع الصين تراجعت الحصة الأمريكية في التكنولوجيا المتقدمة، مع تفوق الصين في الذكاء الاصطناعي والرقائق.
4.4. فشل السياسات الاقتصادية الرسوم الجمركية لم تحقق الاكتفاء الذاتي المرجو، حيث ظل عجز الميزان التجاري مرتفعاً. دعم أوكرانيا بأكثر من 75 مليار دولار حتى 2024 زاد من العبء المالي دون تحقيق استقرار جيوسياسي. العقوبات على روسيا لم تؤد إلى انهيار اقتصادها كما توقع الغرب، حيث وجدت روسيا أسواقاً بديلة.
5. تحليل مقارن
5.1. ألمانيا مقابل الولايات المتحدة الاعتماد على الطاقة جعل ألمانيا أكثر تأثراً بأزمة الطاقة بسبب اعتمادها على روسيا، بينما استفادت الولايات المتحدة من تصدير الغاز. الركود الاقتصادي أدخل ألمانيا في ركود مستمر منذ 2022، بينما حقق الاقتصاد الأمريكي نمواً متقطعاً. السياسة الخارجية ربطت ألمانيا بسياسات الاتحاد الأوروبي، بينما تملك الولايات المتحدة مرونة أكبر في فرض العقوبات والرسوم.
5.2. تأثير العقوبات على الاقتصاد العالمي أدت العقوبات إلى تقسيم الاقتصاد العالمي إلى كتل، مع تحالف روسيا-الصين مقابل الغرب. ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً (روسيا وأوكرانيا تمثلان 14% من إنتاج القمح) أثر على الاقتصادات النامية أكثر من الغرب.
6. الخاتمة اقتصاد ألمانيا، الذي كان مزدهراً قبل الحرب الأوكرانية، تعرض لضربة قوية بسبب العقوبات وأزمة الطاقة، مع خسارة متوقعة بـ260 مليار يورو بحلول 2030. العقوبات على روسيا، بما في ذلك تجميد 300 مليار دولار واستبعاد SWIFT، أضرت بألمانيا أكثر مما أضرت بروسيا، التي وجدت أسواقاً بديلة. في المقابل، يعاني الاقتصاد الأمريكي من تحديات هيكلية، لكن سياساته الاقتصادية لم تتمكن من تحقيق الهيمنة المطلوبة. الأزمة كشفت عن هشاشة الاقتصادات الغربية في مواجهة الصراعات الجيوسياسية، مع تزايد الاستقطاب السياسي والاقتصادي عالمياً.
ملاحظات إضافية تم الاعتماد على بيانات من مصادر موثوقة مثل مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، البنك الدولي، وتقارير اقتصادية.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هولوكوست الصحفيين الفلسطينيين في زمن التيك توك (إسرائيل تتفو
...
-
إسرائيل تتفوق على النازيين بستة أضعاف والبيت الأبيض يصفق ..ا
...
-
آل سعود وثاني: حراس الإبداع أم قوادو التخلف؟ رحلة في تدمير ا
...
-
أغنية -مربى الدلال- لزياد الرحباني: وعي طبقي ساخر، وإبداع مو
...
-
آل سعود وثاني واردوغان.. مهندسو إفقار العرب و ابادتهم من الع
...
-
ألاسكا: حيث يوقّع ترامب استسلام الناتو وبوتين يحتسي فودكا ال
...
-
هولندا وأبقارها المعجزة: مسرحية الغرب الهزلية لتدمير أحلام ا
...
-
سنغافورة الاوهام: من السودان إلى سوريا، رحلة التدمير بضمانة
...
-
نتنياهو ومسرحية الفتح الهزلي: غزة تكتب النهاية بسخرية التاري
...
-
مسرحية -ائتلاف أريزونا-: كوميديا فاشية بنكهة بلجيكية مضحكة ح
...
-
مسرحية الخيانة اللبنانية: نواف سلام، جعجع، والكتائب في دور ا
...
-
أفيون إعلام أكاذيب الوحدة 8200
-
ما بين جون ميرشايمر وسمير امين :أسرار الإبادة الجماعية الأمر
...
-
نقد فكري وسياسي لفاشية حكومة ائتلاف اريزونا البلجيكية
-
نقد الأيديولوجيات المتطرفة والدفاع عن السيادة الوطنية
-
الولايات المتحدة الشيوعية ،هل هو السيناريو الحتمي !
-
هل روسيا وإيران تعيدان ترتيب الأمور في سورية !
-
الإرهاب والتضليل بين سوريا وإيران.. الحقيقة المغيبة
-
نجاح واشنطن في تدمير الاقتصاد الألماني هل يحل أزمتها الهيكلي
...
-
من يُدمّر الحصانة الفكرية لأوروبا؟
المزيد.....
-
مثقفون مغاربة يطلقون صرخة تضامن ضد تجويع غزة وتهجير أهاليها
...
-
مركز جينوفيت يحتفل بتخريج دورة اللغة العبرية – المصطلحات الط
...
-
-وقائع سنوات الجمر- الذي وثّق كفاح الجزائريين من أجل الحرية
...
-
مصر.. وفاة الأديب صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عاما
-
-وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية-.. وفاة الأديب المصري صنع الله
...
-
الحنين والهوية.. لماذا يعود الفيلم السعودي إلى الماضي؟
-
-المتمرد- يطوي آخر صفحاته.. رحيل الكاتب صنع الله إبراهيم
-
وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
-
وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاما
-
وزارة الثقافة المصرية تعلن وفاة -أحد أعمدة السرد العربي المع
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|