أفيون إعلام أكاذيب الوحدة 8200

احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 23:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مقدمة
منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، التي قادتها قوى متباينة من الشيوعيين وأنصار الإمام الخميني، لم تتوقف الحملات الإعلامية والاستخباراتية التي تستهدف النظام الإيراني. هذه الحملات، التي تُدار من قبل وحدة 8200 الإسرائيلية وأجهزة استخبارات غربية ومرتزقتهم من محميات الخليج الصهيو أمريكية ومن لف لفها ، تسعى إلى تقويض الرواية الإيرانية التي تقدم النظام كمدافع عن السيادة الوطنية وحقوق شعبه. تُروج هذه الحملات لصورة مفبركة عن "حراك شعبي" داخل إيران، مدعوم من جماعات مثل منظمة مجاهدي خلق، في محاولة لتشويه صورة النظام وتبرير التدخلات الخارجية. هذه المادة تستعرض هذا الإطار، مُسلطة الضوء على دور الوحدة 8200، والتأثيرات الإمبريالية، والمقاومة الإيرانية ضد محاولات الهيمنة الغربية.

1. الثورة الإيرانية: نقطة تحول
عندما أطاحت الثورة الإيرانية بنظام الشاه عام 1979، لم تكن مجرد تغيير سياسي، بل تحول جيوسياسي أعاد تشكيل توازن القوى في الشرق الأوسط. الثورة، التي جمعت بين تيارات فكرية متنوعة، من الشيوعية إلى الإسلامية، وضعت إيران على مسار الاستقلال عن الهيمنة الغربية. لقد رفض النظام الجديد الخضوع للإملاءات الأمريكية، مما جعله هدفًا للعداء الغربي. منذ ذلك الحين، بدأت حملات إعلامية واستخباراتية تهدف إلى تصوير إيران كدولة فاشلة، تفتقر إلى الدعم الشعبي، وهو ما يتعارض مع الواقع الذي يظهر تماسكًا داخليًا نسبيًا رغم التحديات.

2. وحدة 8200: العقل المدبر للأكاذيب؟
وحدة 8200، التابعة لمديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، تُعد واحدة من أكثر الأجهزة الاستخباراتية تقدمًا في العالم. تتخصص في الحرب السيبرانية، التنصت الإلكتروني، وتحليل البيانات، وقد ارتبط اسمها بعمليات مثل فيروس "ستوكسنت" الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية. تُتهم الوحدة بقيادة حملات إعلامية تهدف إلى زعزعة استقرار إيران عبر نشر الأكاذيب وتضخيم الروايات المعادية للنظام. تروج هذه الحملات لفكرة أن هناك "ثورة شعبية" داخل إيران، بينما تُظهر الوقائع أن الاحتجاجات الداخلية، رغم وجودها، غالبًا ما تُبالغ فيها وسائل إعلام غربية وإسرائيلية.

3. منظمة مجاهدي خلق: أداة التخريب
منظمة مجاهدي خلق، التي تأسست كحركة معارضة للشاه، تحولت إلى أداة مثيرة للجدل تستخدمها قوى خارجية لتقويض النظام الإيراني. بعد صدامها مع النظام الإسلامي في الثمانينيات، تحولت المنظمة إلى جماعة منفية، تعتمد على دعم غربي وإسرائيلي. تُتهم المنظمة بالعمل كوكيل للموساد، حيث تقوم بجمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات داخل إيران. رغم ادعاءاتها بوجود دعم شعبي واسع، إلا أن تأثيرها الفعلي داخل إيران محدود، حيث ينظر إليها كثيرون على أنها جماعة خائنة تخدم أجندات أجنبية.

4. الإمبريالية الأمريكية: هزائم متكررة
تاريخ التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط مليء بالفشل، من لبنان في الثمانينيات إلى العراق وأفغانستان في العقود اللاحقة. الحادثة الأبرز هي تفجير ثكنات المارينز في بيروت عام 1983، الذي أودى بحياة 241 جنديًا أمريكيًا، وأُرجع إلى حزب الله بدعم إيراني. هذا الحدث أجبر الولايات المتحدة على سحب قواتها من لبنان، مما يُظهر أن المقاومة الإقليمية، المدعومة من إيران، نجحت في إفشال مشاريع الهيمنة. هذه الهزائم، التي تُوثقها حتى مراكز الأبحاث الأمريكية، تؤكد أن محاولات واشنطن للسيطرة على المنطقة واجهت مقاومة شرسة.

5. البرنامج النووي الإيراني: رمز السيادة
يُعد البرنامج النووي الإيراني رمزًا للاستقلال الوطني. رغم الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية، واصلت إيران تطوير قدراتها النووية، حيث وصلت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي خطوة تُظهر رفضها للخطوط الحمراء التي يفرضها الغرب. هذا التقدم العلمي، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية بما فيها العابرة للقارات وإطلاق الأقمار الاصطناعية ، يعكس استراتيجية إيران لتحقيق الاكتفاء الذاتي والدفاع عن سيادتها. الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يرى في هذه القدرات تهديدًا لمصالحه، ومن هنا تأتي محاولاته لتقويضها عبر العقوبات والعمليات السرية.

6. دعم حركات التحرير: استراتيجية إقليمية
دعم إيران لحركات مثل حزب الله وحماس وحركات أخرى في العراق واليمن يُعد جزءًا من استراتيجيتها لمواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. هذه الحركات، التي تُوصف في الإعلام الغربي كـ"إرهابية"، تُعتبر في إيران وحلفائها حركات تحرير وطني تهدف إلى مقاومة الاحتلال والاستعمار، ومن هنا عداء الغرب الامريكي لها. هذا الدعم مكّن إيران من بناء شبكة نفوذ إقليمية قوية، مما أثار حفيظة القوى الغربية التي تسعى إلى تقويض هذا النفوذ عبر دعم جماعات معارضة مثل مجاهدي خلق.

7. الدور الغربي في زعزعة الاستقرار
تُتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، مثل إيطاليا وبلجيكا، بدعم جماعات معارضة لإيران كجزء من استراتيجية لتقويض التنمية المستقلة. يُشار إلى شخصيات مثل شارل ميشيل أو حكومات ذات توجهات نيوليبرالية كأدوات تنفذ أجندات وول ستريت. الهدف، بحسب هذه الرواية، هو منع إيران من تحقيق الاكتفاء الذاتي وإبقائها تحت الضغط الاقتصادي والسياسي. دعم الغرب لجماعات مثل مجاهدي خلق يُنظر إليه كمحاولة لتكرار سيناريو سوريا، حيث أدت التدخلات الخارجية إلى الفوضى والدمار.

8. سوريا: نموذج للدمار الغربي
سوريا تُعد مثالًا صارخًا لما يمكن أن يحدث عندما تتدخل القوى الغربية لتقويض نظام معارض لها. دعم الولايات المتحدة وإسرائيل لجماعات مثل جبهة النصرة وغيرها أدى إلى احتلال أجزاء من سوريا، بما في ذلك الجنوب السوري، دون مقاومة فعالة من هذه الجماعات. هذا النموذج يُستخدم كتحذير من محاولات مماثلة قد تستهدف إيران، حيث يُخشى أن يؤدي دعم الغرب للمعارضة إلى تحويل إيران إلى مستنقع من الفوضى والإرهاب.

9. بيروت 1983: نقطة انهيار الغرب
تفجير ثكنات المارينز في بيروت عام 1983 و تفجير مقر السي اي ايه مع قيادتها في الشرق الأوسط وتفجير مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور ومقتل مئة ضابط وجندي اسرائيلي يُعد رمزًا لفشل المشروع الأمريكي في المنطقة. هذا الهجوم، الذي نفذته قوى مقاومة مدعومة من إيران، أظهر هشاشة الوجود العسكري الغربي في الشرق الأوسط. الاعتراف المتأخر بمسؤولية المقاومة عن هذا الحدث في حالة تفجير مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور وإبادة قيادات العدو ، بعد سنوات من الادعاء بأنه ناتج عن "تسرب غاز"، يكشف عن محاولات الغرب الصهيوني للتستر على هزائمه. هذا الحدث ألهم حركات المقاومة في المنطقة وأثبت أن القوى الإمبريالية ليست لا تُقهر.

10. إسرائيل: أكذوبة المناعة
أمام المقاومة المدعومة من إيران. تفجير مقر الحاكم العسكري في صور عام 1982، الذي نفذه أحمد قصير، هو مثال آخر على قدرة المقاومة على استهداف البنية العسكرية الإسرائيلية. لعقود، حاولت إسرائيل التستر على هذه العملية بادعاء أنها ناتجة عن تسرب غاز، لكن الاعتراف المتأخر يكشف عن محاولاتها لتضليل الرأي العام. اليوم، تستمر إسرائيل في مواجهة تحديات من المقاومة، حيث تُدمر قواعدها العسكرية وتُعاني من خسائر كبيرة، رغم محاولاتها التقليل من هذه الخسائر.


11. الوثائق الأمريكية: شهادة على المقاومة
وثائق مراكز القرار الأمريكية، التي تُفرج عنها بشكل تدريجي، تؤكد أن إيران نجحت في منع تحويل المنطقة إلى ساحة للهيمنة الأمريكية. هذه الوثائق تُظهر أن تدخلات واشنطن في العراق ولبنان وسوريا واجهت مقاومة قوية، مدعومة من إيران وحلفائها. على عكس الروايات الإعلامية التي تُروج لها وحدة 8200 ووسائل إعلام غربية، تُبرز هذه الوثائق أن إيران لعبت دورًا حاسمًا في إفشال المشاريع الإمبريالية.

12. المرتزقة: أدوات الهيمنة
جماعات مثل مجاهدي خلق، والكتائب اللبنانية، وبعض فصائل الإخوان المسلمين، تُوصف كمرتزقة تخدم مصالح الغرب وإسرائيل. هذه الجماعات، التي تتلقى تمويلًا من دول الخليج والولايات المتحدة، تُستخدم لزعزعة استقرار الدول المعارضة للهيمنة الغربية. لكن هذه الجماعات تفتقر إلى الشرعية الشعبية، حيث يُنظر إليها كأدوات للقوى الخارجية. إن جبنها وفشلها في المواجهات العسكرية يعكسان ضعفها الحقيقي أمام إرادة الشعوب.

13. البترودولار: وقود الأكاذيب
التمويل الخليجي، وخاصة من السعودية والإمارات، يلعب دورًا محوريًا في دعم الحملات الإعلامية والاستخباراتية ضد إيران. هذه الأموال، التي تُسمى "البترودولار"، تُستخدم لتمويل وسائل إعلام وجماعات معارضة تهدف إلى تشويه صورة إيران وحلفائها. وحدة 8200، بقدراتها السيبرانية، تُنسق هذه الحملات لضمان وصول الأكاذيب إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، مما يُعزز الانقسامات الداخلية في الدول المستهدفة.

14. الإعلام الغربي: أداة التضليل
وسائل الإعلام الغربية، بدعم من أجهزة استخبارات مثل وحدة 8200، تلعب دورًا رئيسيًا في نشر الأكاذيب عن إيران. تُروج هذه الوسائل لروايات عن "اضطهاد شعبي" أو "فشل النظام"، بينما تتجاهل الإنجازات العلمية والعسكرية لإيران. هذا التضليل يهدف إلى تبرير العقوبات والتدخلات العسكرية، مع إخفاء الحقيقة عن مقاومة إيران للهيمنة الغربية.

15. التحديات الداخلية: محاولات التضخيم
لا يُنكر أن إيران تواجه تحديات داخلية، مثل الاحتجاجات الاقتصادية أو الاجتماعية التي شهدتها في 2019 و2022. لكن هذه الاحتجاجات تُستغل من قبل الإعلام الغربي ووحدة 8200 لتصويرها كـ"ثورة شعبية" ضد النظام. في الواقع، تُظهر هذه الاحتجاجات طابعًا اقتصاديًا أكثر منه سياسيًا، وغالبًا ما تتراجع بسرعة، مما يعكس تماسك النظام رغم الضغوط الخارجية.

16. إيران وسوريا: دروس من المقاومة
إيران وسوريا تُشكلان نموذجًا للمقاومة ضد التدخلات الغربية. في سوريا، نجحت إيران وحلفاؤها في دعم الحكومة ضد الجماعات الإرهابية المدعومة من الغرب. هذا الدعم منع انهيار الدولة السورية إلى أواخر ديسمبر 2024، رغم الدمار الذي خلفته الحرب. إيران تتعلم من هذه التجربة، مدركة أن أي ضعف داخلي قد يُستغل لتحويلها إلى ساحة فوضى مشابهة.

17. حزب الله: رأس الحربة
حزب الله، المدعوم من إيران، يُعد رأس الحربة في مواجهة إسرائيل والغرب. نجاحاته، من تفجير صور 1982 إلى حرب 2006، أثبتت أن المقاومة قادرة على تغيير قواعد اللعبة. هذه النجاحات جعلت من حزب الله نموذجًا يُحتذى به، مما يزيد من مخاوف إسرائيل والغرب من النفوذ الإيراني.

18. المستقبل: تحديات وفرص
إيران تواجه تحديات معقدة، من العقوبات الاقتصادية إلى الحملات الإعلامية. لكنها أثبتت قدرتها على الصمود والتكيف، من خلال تطوير قدراتها العلمية والعسكرية. المستقبل يتطلب من إيران تعزيز وحدتها الداخلية ومواصلة دعم حلفائها لمواجهة المخططات الغربية.

19. أكذوبة الدعم الشعبي للمعارضة
الروايات التي تُروج لدعم شعبي واسع لجماعات مثل مجاهدي خلق تفتقر إلى المصداقية. هذه الجماعات، بتمويلها الخارجي وتاريخها المثير للجدل، لا تملك قاعدة شعبية حقيقية وإلا لم استخدمت الإرهاب واعتمدت بتمويلها على دوائر الغرب الاستعماري ومحمياتها الخليجية الصهيو أمريكية . الشعب الإيراني، رغم تحدياته، يظل ملتزمًا بسيادته الوطنية، رافضًا التدخلات الأجنبية.

20. الخاتمة
إن أفيون الإعلام الذي تروجه وحدة 8200 وأجهزة الغرب لن يتمكن من كسر إرادة إيران. النظام الإيراني، رغم عيوبه، يُظهر صمودًا استثنائيًا في مواجهة الهيمنة الإمبريالية. من خلال دعم المقاومة، وتطوير قدراتها، ورفض الخضوع للإملاءات الغربية، تستمر إيران في تحدي النظام العالمي. إن الحقيقة، التي تُكشف تدريجيًا عبر الوثائق والأحداث، تؤكد أن إيران ليست مجرد دولة تقاوم، بل رمز للاستقلال في عالم تسعى القوى الإمبريالية للسيطرة عليه.

#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل