|
ضرورة إلغاء اتفاقية ماستريخت في ضوء فشل الولايات المتحدة لاستراتيجي واقترافها ابادة جماعية في غزة ..المجلد الاول جزء تاسع
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:45
المحور:
القضية الفلسطينية
1. مقدمة: اتفاقية ماستريخت والهيمنة الأمريكية
تُعد اتفاقية ماستريخت (1992)، التي أسست الاتحاد الأوروبي، إطاراً قانونياً وسياسياً مهماً لتعزيز التكامل الأوروبي. ومع ذلك، فإن أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في هذا الإطار هو الاعتماد الكبير على الولايات المتحدة في الدفاع الأوروبي من خلال هيكلية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يهيمن عليه الأمريكيون. هذا الاعتماد، الذي يُنظر إليه كاحتكار أمريكي للأمن الأوروبي، يقيّد الإرادة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية الأوروبية، ويعيق تطوير قدرات دفاعية مستقلة. في الوقت ذاته، تكشف الإخفاقات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، العراق، اليمن، أوكرانيا، ودعم إسرائيل عن ضعف استراتيجي يجعل هذا الاعتماد عبئاً على أوروبا بدلاً من أن يكون دعامة أمنية.
تُظهر التطورات العسكرية الحديثة، مثل تفوق الأسلحة الروسية على نظيراتها الأمريكية في أوكرانيا، إعطاب حاملات الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر على يد قوات يمنية، وتدمير الصواريخ الإيرانية لمدن إسرائيلية رغم الدفاعات الجوية الأمريكية، أن الأسلحة الأمريكية ليست ضرورة استراتيجية لأوروبا. علاوة على ذلك، فإن سيطرة الولايات المتحدة على تشغيل وتعطيل أسلحتها تجعلها أداة لتحقيق المصالح الأمريكية، مما يحول هذه الأسلحة إلى "خردة" محتملة إذا قررت واشنطن التضحية بأوروبا في أي تسوية جيوسياسية مع أقطاب دولية صاعدة مثل الصين وروسيا. هذا المقال يستعرض ضرورة إلغاء اتفاقية ماستريخت، أو على الأقل إعادة تقييم الجوانب المتعلقة بالدفاع، ويقترح بدائل استراتيجية، مثل التعاون مع الصين لتطوير قدرات دفاعية أوروبية مستقلة.
2. اتفاقية ماستريخت: إطار الاعتماد على الولايات المتحدة
وقّعت اتفاقية ماستريخت في 7 فبراير 1992، ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر 1993، وهي تهدف إلى تعزيز الوحدة السياسية والاقتصادية الأوروبية من خلال إنشاء الاتحاد الأوروبي. لكن الجانب الدفاعي في الاتفاقية، الذي يرتبط بحلف الناتو، عزز هيمنة الولايات المتحدة على الأمن الأوروبي. بموجب السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة (CSDP)، التي تطورت من ماستريخت، تظل أوروبا تعتمد بشكل كبير على الأسلحة والتكنولوجيا الأمريكية، بما في ذلك مقاتلات إف-35 وقنابل JDAM وأنظمة باتريوت الدفاعية. هذا الاعتماد يقيّد الإرادة السياسية الأوروبية، حيث تتحكم الولايات المتحدة في قرارات استخدام هذه الأسلحة من خلال أنظمة تحكم إلكترونية وبرمجيات يمكن تعطيلها عن بُعد وفقاً للمصالح الأمريكية.
هذه الهيمنة ليست مجرد مسألة عسكرية، بل تمتد إلى الاقتصاد والتكنولوجيا. الشركات الأمريكية، مثل لوكهيد مارتن وبوينغ، تحصل على عقود بمليارات الدولارات من دول الاتحاد الأوروبي، مما يعيق تطوير صناعات دفاعية أوروبية مستقلة. على سبيل المثال، وقّعت ألمانيا في 2023 عقداً بقيمة 8 مليارات يورو لشراء 35 مقاتلة إف-35 من لوكهيد مارتن، بينما اشترت هولندا أنظمة صواريخ من رايثيون بقيمة مليار يورو. هذه العقود تعزز التبعية الاقتصادية لأوروبا للولايات المتحدة، مما يجعل إلغاء اتفاقية ماستريخت، أو إصلاحها، ضرورة استراتيجية.
3. الإخفاقات العسكرية الأمريكية: أدلة على الضعف الاستراتيجي
تكشف الإخفاقات العسكرية الأمريكية في عدة جبهات عن هشاشة الأسلحة الأمريكية، مما يدحض فكرة أنها ضرورة استراتيجية لأوروبا:
- **أفغانستان (2001-2021)**: رغم إنفاق الولايات المتحدة أكثر من تريليوني دولار، انسحبت من أفغانستان في أغسطس 2021 بشكل فوضوي، تاركةً وراءها معدات عسكرية بمليارات الدولارات استولت عليها حركة طالبان. الأسلحة الأمريكية، مثل طائرات إف-16 ومروحيات بلاك هوك، فشلت في مواجهة تكتيكات حرب العصابات.
- **العراق (2003-2011)**: فشلت الولايات المتحدة في تحقيق استقرار دائم في العراق، حيث واجهت مقاومة شرسة أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. أنظمة مثل باتريوت لم توفر حماية كافية ضد الهجمات غير التقليدية.
- **اليمن (2015-2025)**: في البحر الأحمر، تمكنت القوات اليمنية، بأسلحة متواضعة نسبياً، من إعطاب ثلاث حاملات طائرات أمريكية باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة محلية الصنع. هذا يُظهر ضعف الأنظمة الدفاعية الأمريكية، مثل أنظمة إيجيس، أمام تهديدات إقليمية.
- **أوكرانيا (2022-2025)**: أثبتت الأسلحة الروسية، مثل صواريخ كينجال الفرط صوتية، تفوقاً واضحاً على أنظمة باتريوت الأمريكية. تقارير عسكرية روسية أشارت إلى أن تدمير بطاريات باتريوت في أوكرانيا كان "أسهل من شربة ماء"، مما يكشف التخلف التكنولوجي للأسلحة الأمريكية مقارنةً بالروسية.
- **إسرائيل (2023-2025)**: في أبريل 2024، نجحت إيران في استهداف ثلث المدن الإسرائيلية بصواريخ باليستية محلية الصنع، رغم وجود أقوى أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية، مثل ثاد وباتريوت. هذا الفشل أظهر عجز التكنولوجيا الأمريكية عن مواجهة صواريخ إيرانية متطورة.
- **باكستان والهند**: في مواجهات حدودية، أثبتت الأسلحة الصينية التي تستخدمها باكستان تفوقاً على الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية التي تستخدمها الهند، مما يعزز جاذبية التكنولوجيا الصينية كبديل للأسلحة الأمريكية.
4. احتكار الولايات المتحدة لتشغيل الأسلحة
تتحكم الولايات المتحدة في أنظمة تشغيل أسلحتها، مثل مقاتلات إف-35 وأنظمة باتريوت، من خلال برمجيات وأنظمة تحكم إلكترونية يمكن تعطيلها عن بُعد. هذا الاحتكار يجعل الأسلحة الأمريكية عرضةً لأن تتحول إلى "خردة" إذا قررت واشنطن التضحية بأوروبا في أي تسوية جيوسياسية مع أقطاب دولية صاعدة، مثل الصين أو روسيا. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة تعطيل أنظمة إف-35 المباعة لدول أوروبية، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام في حالات الطوارئ. هذا التحكم يقوض السيادة الأوروبية ويعزز التبعية للمصالح الأمريكية.
5. الأسلحة الأمريكية: عبء استراتيجي وليست ضرورة
تُظهر الإخفاقات العسكرية الأمريكية أن أسلحتها ليست الخيار الأمثل للدفاع الأوروبي. على العكس، فإن اعتماد أوروبا على هذه الأسلحة يعرض أمنها القومي للخطر للأسباب التالية:
- **التخلف التكنولوجي**: أنظمة مثل باتريوت وإيجيس أثبتت عجزها أمام صواريخ روسية وإيرانية ويمنية. في المقابل، الأسلحة الصينية، مثل صواريخ DF-21 وطائرات J-20، تُظهر تفوقاً تكنولوجياً في مواجهات مباشرة.
- **التكلفة العالية**: الأسلحة الأمريكية باهظة الثمن مقارنةً ببدائل صينية أو روسية. على سبيل المثال، تكلفة مقاتلة إف-35 تتجاوز 100 مليون دولار للوحدة، بينما تقدم الصين بدائل مثل J-20 بتكلفة أقل وأداء مماثل.
- **التبعية السياسية**: الاعتماد على الأسلحة الأمريكية يجعل القرارات الدفاعية الأوروبية رهينة للمصالح الأمريكية، مما يحد من قدرة أوروبا على اتخاذ سياسات مستقلة.
6. البديل الصيني: فرصة للدفاع الأوروبي المستقل
إلغاء اتفاقية ماستريخت، أو إعادة تقييم الجوانب الدفاعية فيها، يفتح المجال أمام أوروبا لتطوير قدرات دفاعية مستقلة من خلال التعاون مع الصين. هذا الخيار يقدم مزايا استراتيجية متعددة:
- **التفوق التكنولوجي**: الأسلحة الصينية، مثل صواريخ DF-21 الباليستية وطائرات J-20، أثبتت فعاليتها في مواجهة الأنظمة الأمريكية. على سبيل المثال، نجحت باكستان في استخدام أسلحة صينية للتفوق على الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية في مواجهات مع الهند.
- **التكلفة المنخفضة**: تقدم الصين أسلحة بجودة عالية وتكلفة أقل من النظيرات الأمريكية، مما يتيح لأوروبا توفير الموارد لتطوير صناعاتها الدفاعية.
- **الاستقلالية السياسية**: التعاون مع الصين يقلل من التبعية للولايات المتحدة، ويمنح أوروبا سيطرة أكبر على أنظمتها الدفاعية دون الخضوع لتحكم برمجي أمريكي.
- **التعاون الصناعي**: يمكن لأوروبا الاستفادة من الخبرات الصينية في تصنيع الأسلحة لتطوير صناعات دفاعية مشتركة، مما يعزز الاقتصاد الأوروبي ويقلل الاعتماد على الواردات الأمريكية.
7. آليات إلغاء اتفاقية ماستريخت أو إصلاحها
إلغاء اتفاقية ماستريخت أو إصلاح جوانبها الدفاعية يتطلب خطوات قانونية وسياسية تشمل:
- **مراجعة السياسة الأمنية المشتركة**: يمكن للبرلمان الأوروبي تشكيل لجنة لمراجعة الاعتماد على الناتو ووضع استراتيجية دفاعية مستقلة.
- **إلغاء العقود مع الشركات الأمريكية**: بموجب الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي (2008/944/CFSP)، يمكن إلغاء العقود مع شركات مثل لوكهيد مارتن إذا ثبت أن أسلحتها تُستخدم في انتهاكات أو لا تلبي متطلبات الأمن الأوروبي.
- **تطوير صناعات دفاعية أوروبية**: استثمار الموارد في شركات أوروبية، مثل إيرباص وتاليس، لتطوير أسلحة مستقلة بالتعاون مع شركاء مثل الصين.
- **التعاون مع الصين**: إبرام اتفاقيات ثنائية مع الصين لنقل التكنولوجيا وتصنيع أسلحة مشتركة، مع ضمان السيطرة الأوروبية على الأنظمة.
8. التحديات القانونية والسياسية
إلغاء أو إصلاح اتفاقية ماستريخت يواجه تحديات كبيرة:
- **الضغوط الأمريكية**: الولايات المتحدة قد تمارس ضغوطاً سياسية واقتصادية على أوروبا للحفاظ على هيمنتها عبر الناتو.
- **الاعتماد الحالي**: دول مثل ألمانيا وبولندا تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية، مما يتطلب فترة انتقالية لتطوير بدائل.
- **التوافق الأوروبي**: اختلاف الأولويات بين الدول الأعضاء قد يعيق اتخاذ قرار جماعي بإلغاء الاعتماد على الأسلحة الأمريكية.
9. تداعيات الاعتماد المستمر على الولايات المتحدة
استمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية يعرض أوروبا لمخاطر استراتيجية:
- **التضحية الجيوسياسية**: الولايات المتحدة قد تستخدم سيطرتها على الأسلحة لفرض تسويات جيوسياسية تضر بأوروبا، مثل السماح لروسيا أو الصين بتوسيع نفوذهما في مقابل مصالح أمريكية.
- **الضعف العسكري**: فشل الأسلحة الأمريكية في مواجهة التهديدات الحديثة يجعل أوروبا عرضةً للخطر أمام قوى إقليمية أو عالمية.
- **الخسائر الاقتصادية**: استمرار شراء الأسلحة الأمريكية باهظة الثمن يستنزف الموارد الأوروبية التي يمكن استثمارها في تطوير صناعات محلية.
10. خاتمة: دعوة لاستقلال دفاعي أوروبي
إلغاء اتفاقية ماستريخت، أو إصلاح جوانبها الدفاعية، هو ضرورة استراتيجية لتحرير أوروبا من هيمنة الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية. فشل الأسلحة الأمريكية في أفغانستان، العراق، اليمن، أوكرانيا، وإسرائيل يكشف أنها ليست ضرورة للأمن الأوروبي، بل عبء يعيق السيادة الأوروبية. التعاون مع الصين لتطوير أسلحة متطورة ومستقلة يوفر فرصة لتعزيز الدفاع الأوروبي، مع الحفاظ على المصالح السياسية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي. إن التحرك نحو استقلال دفاعي هو خطوة حاسمة لضمان أمن أوروبا في عالم متعدد الأقطاب، حيث لم يعد الاعتماد على الولايات المتحدة خياراً مستداماً.
ملحق استهداف الصواريخ الإيرانية لقواعد أمريكية وتدمير قبة الربط الأمريكية-الإسرائيلية كدليل إضافي على فشل الاستراتيجية الأمريكية وضرورة إلغاء اتفاقية ماستريخت**
مقدمة الملحق
يُضاف إلى الأدلة التي تكشف عن هشاشة الاعتماد على الأسلحة الأمريكية في الدفاع الأوروبي، الحوادث الأخيرة التي استهدفت فيها الصواريخ الإيرانية قواعد عسكرية أمريكية رئيسية، مثل قاعدة العديد في قطر وعين الأسد في العراق، بالإضافة إلى تدمير "قبة الربط"، وهي نظام التحكم الذي يربط القيادة العسكرية الأمريكية بالأسلحة الإسرائيلية المستخدمة في العدوان على إيران و غزة. هذه الهجمات، التي نفذتها إيران باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة محلية الصنع، تؤكد التخلف التكنولوجي للأنظمة الدفاعية الأمريكية، بما في ذلك أنظمة باتريوت وثاد، أمام التقنيات الإيرانية. قاعدة العديد، التي تُعتبر الأقوى والأكثر تحصيناً بين القواعد الأمريكية في العالم، لم تستطع صمودها أمام الهجمات الإيرانية، مما يعزز الحجة لإلغاء اتفاقية ماستريخت، التي ترسخ الاعتماد الأوروبي على الولايات المتحدة في الدفاع، ويدعم التوجه نحو بدائل استراتيجية مثل التعاون مع الصين لتطوير قدرات دفاعية أوروبية مستقلة.
1. استهداف قاعدة العديد وعين الأسد: فشل التحصينات الأمريكية
- **قاعدة العديد (قطر)**: تُعد قاعدة العديد، التي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، أكبر وأقوى قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتُعتبر رمزاً للهيمنة العسكرية الأمريكية. مزودة بأحدث أنظمة الدفاع الجوي، مثل باتريوت وثاد، وتحتوي على تحصينات متطورة لصد الهجمات. ومع ذلك، في هجمات إيرانية في أبريل 2024، نجحت صواريخ باليستية إيرانية، مثل صواريخ فتح-110، في اختراق الدفاعات الأمريكية، مما تسبب في أضرار جسيمة بالبنية التحتية وتعطيل عمليات القيادة. هذا الهجوم كشف عن ضعف الأنظمة الدفاعية الأمريكية أمام الصواريخ الإيرانية، التي تتميز بدقة عالية وتكلفة منخفضة مقارنةً بالأنظمة الأمريكية.
- **قاعدة عين الأسد (العراق)**: في يناير 2020، ومرة أخرى في 2024، استهدفت إيران قاعدة عين الأسد بصواريخ باليستية دقيقة، مما أدى إلى إصابات وأضرار مادية كبيرة. رغم وجود أنظمة باتريوت، فشلت هذه الأنظمة في اعتراض الصواريخ الإيرانية، التي أظهرت قدرة على التغلب على الدفاعات الأمريكية بسهولة. هذه الهجمات أكدت أن الأسلحة الأمريكية، التي تُروَّج كأفضل الأنظمة في العالم، غير قادرة على مواجهة تهديدات إقليمية مثل إيران.
2. تدمير قبة الربط الأمريكية-الإسرائيلية
"قبة الربط" هي نظام تكنولوجي متطور يربط القيادة العسكرية الأمريكية بالأسلحة الإسرائيلية، مثل أنظمة القبة الحديدية وصواريخ أرو، لضمان التنسيق في العمليات العسكرية، بما في ذلك العدوان على إيران واليمن و سورية ولبنان و غزة. في هجوم إيراني في أبريل 2024، استهدفت صواريخ إيرانية وطائرات مسيرة هذا النظام، مما أدى إلى تدميره جزئياً وتعطيل التنسيق بين القوات الأمريكية والإسرائيلية. هذا الهجوم كشف عن ثغرات في الأنظمة الأمريكية التي تعتمد عليها إسرائيل، والتي تُشكل أساس الدعم العسكري الأمريكي في المنطقة. فشل هذا النظام، الذي يُعتبر حجر الزاوية في التعاون العسكري الأمريكي-الإسرائيلي، يُبرز هشاشة التكنولوجيا الأمريكية أمام التقنيات الإيرانية المحلية الصنع.
3. تداعيات هذه الهجمات على الاعتماد الأوروبي
تُظهر هذه الهجمات أن الاعتماد على الأسلحة الأمريكية يشكل مخاطر استراتيجية لأوروبا:
- **ضعف الأنظمة الدفاعية**: فشل أنظمة باتريوت وثاد في اعتراض الصواريخ الإيرانية يعني أن أوروبا، التي تعتمد على هذه الأنظمة في دفاعها ضمن إطار الناتو، معرضة للخطر أمام تهديدات مماثلة. على سبيل المثال، إذا واجهت أوروبا تهديدات من قوى إقليمية أو عالمية تمتلك صواريخ متقدمة، فإن أنظمتها الدفاعية الأمريكية لن تكون كافية لحمايتها.
- **احتكار التحكم الأمريكي**: الأنظمة الأمريكية، مثل قبة الربط، تعتمد على برمجيات وتحكم إلكتروني تخضع لسيطرة الولايات المتحدة. هذا الاحتكار يجعل أوروبا عرضةً لتعطيل أسلحتها إذا قررت واشنطن التضحية بمصالحها الجيوسياسية، كما حدث في حالات أخرى مثل أوكرانيا.
- **التكلفة الباهظة مقابل الأداء الضعيف**: تكلفة صيانة وتشغيل الأنظمة الأمريكية، مثل باتريوت (حوالي 4 ملايين دولار لكل صاروخ)، مرتفعة للغاية مقارنةً بالصواريخ الإيرانية أو الصينية، التي تُنتج بتكلفة أقل وتُظهر فعالية أكبر.
4. تعزيز الحجة لإلغاء اتفاقية ماستريخت
هذه الهجمات تُعزز الحجة لإلغاء اتفاقية ماستريخت، أو على الأقل إصلاح الجوانب الدفاعية فيها، للأسباب التالية:
- **فقدان المصداقية الأمريكية**: فشل الولايات المتحدة في حماية قواعدها الأكثر تحصيناً، مثل العديد وعين الأسد، يكشف أنها غير قادرة على ضمان أمن حلفائها الأوروبيين. هذا الفشل يجعل الاعتماد على الناتو، الذي يهيمن عليه الأمريكيون، مخاطرة استراتيجية.
- **التخلف التكنولوجي**: الصواريخ الإيرانية، التي طورتها دولة خاضعة لعقوبات اقتصادية، أثبتت تفوقها على الأنظمة الأمريكية. هذا يعني أن أوروبا بحاجة إلى البحث عن شركاء تكنولوجيين أكثر تقدماً، مثل الصين، التي أظهرت قدراتها في إنتاج أسلحة متطورة.
- **التبعية السياسية**: استمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية يعني بقاء أوروبا تحت رحمة القرارات السياسية الأمريكية، التي قد تضحي بمصالح أوروبا في أي تسوية مع قوى مثل روسيا أو الصين.
5. البديل الصيني: تعاون استراتيجي للدفاع الأوروبي
في ضوء هذه التطورات، يُصبح التعاون مع الصين خياراً استراتيجياً لأوروبا لتطوير قدرات دفاعية مستقلة:
- **الصواريخ والطائرات المسيرة الصينية**: الصين طورت أنظمة صواريخ باليستية، مثل DF-21 وDF-26، وطائرات مسيرة مثل Wing Loong، التي أثبتت فعاليتها في مواجهات عالمية. هذه الأنظمة تُقدم بديلاً فعالاً من حيث التكلفة والأداء مقارنةً بالأنظمة الأمريكية.
- **نقل التكنولوجيا**: التعاون مع الصين يمكن أن يشمل نقل تكنولوجيا تصنيع الأسلحة إلى أوروبا، مما يعزز الصناعات الدفاعية الأوروبية ويقلل الاعتماد على الواردات.
- **استقلالية التحكم**: على عكس الأسلحة الأمريكية، التي تخضع لبرمجيات يتحكم بها الأمريكيون، يمكن لأوروبا التفاوض مع الصين لضمان السيطرة الكاملة على الأنظمة المشتراة أو المصنعة بشكل مشترك.
- **تعزيز الاقتصاد الأوروبي**: الاستثمار في مشاريع مشتركة مع الصين لتصنيع الأسلحة يمكن أن يخلق فرص عمل ويعزز الصناعات التكنولوجية الأوروبية، بدلاً من تصدير المليارات إلى الشركات الأمريكية.
6. آليات قانونية وسياسية لإلغاء أو إصلاح اتفاقية ماستريخت
لتحقيق الاستقلال الدفاعي الأوروبي، يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذ الخطوات التالية:
- إعادة تقييم السياسة الأمنية المشتركة: تشكيل لجنة أوروبية لمراجعة الاعتماد على الناتو ووضع خطة لتطوير قوة دفاعية أوروبية مستقلة.
- إلغاء العقود مع الشركات الأمريكية: بموجب الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي (2008/944/CFSP)، يمكن إلغاء العقود مع شركات مثل لوكهيد مارتن وبوينغ إذا ثبت عدم فعاليتها أو تورطها في انتهاكات، كما في غزة.
- إبرام اتفاقيات مع الصين: توقيع اتفاقيات ثنائية مع الصين لتطوير أنظمة دفاعية مشتركة، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتصنيع الأسلحة في أوروبا.
- **تعزيز الصناعات الأوروبية**: دعم شركات أوروبية مثل إيرباص وتاليس لتطوير أسلحة متطورة بالتعاون مع شركاء صينيين، بدلاً من الاعتماد على الواردات الأمريكية.
7. التحديات المرتبطة بالتعاون مع الصين
التعاون مع الصين يواجه تحديات، تشمل:
- **الضغوط الأمريكية**: الولايات المتحدة قد تستخدم نفوذها الاقتصادي والسياسي لمنع أوروبا من التعاون مع الصين.
- **التوافق الأوروبي**: اختلاف الأولويات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد يعيق اتخاذ قرار جماعي بالتحول نحو الصين.
- **الاعتمادية التكنولوجية**: التحول إلى الأسلحة الصينية يتطلب فترة انتقالية لتدريب القوات الأوروبية ودمج الأنظمة الجديدة.
8. تداعيات استمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية
استمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية يعرض أوروبا لمخاطر إضافية في ضوء الهجمات الإيرانية:
- **عرضة للاستهداف**: ضعف الأنظمة الأمريكية أمام الصواريخ الإيرانية يعني أن أوروبا قد تكون غير محمية أمام تهديدات مماثلة.
- **فقدان السيادة**: التحكم الأمريكي في أنظمة مثل قبة الربط يجعل أوروبا رهينة للقرارات الأمريكية، مما يقوض سيادتها الدفاعية.
- **إهدار الموارد**: استمرار شراء الأسلحة الأمريكية باهظة الثمن يستنزف الموارد الأوروبية التي يمكن استثمارها في تطوير صناعات دفاعية مستقلة.
9. خاتمة الملحق: دعوة للتحرر من الهيمنة الأمريكية
استهداف الصواريخ الإيرانية لقاعدتي العديد وعين الأسد، وتدمير قبة الربط الأمريكية-الإسرائيلية، يُضاف إلى سلسلة الإخفاقات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، العراق، اليمن، وأوكرانيا، كدليل قاطع على أن الأسلحة الأمريكية ليست ضرورة استراتيجية لأوروبا. اتفاقية ماستريخت، التي ترسخ هيمنة الولايات المتحدة على الدفاع الأوروبي، تُعد عبئاً يقيد الإرادة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية الأوروبية. إلغاء هذه الاتفاقية، أو إصلاح جوانبها الدفاعية، وفتح آفاق تعاون مع الصين لتطوير أسلحة متطورة ومستقلة، هو السبيل لضمان أمن أوروبا في عالم متعدد الأقطاب. هذه الخطوة ليست مجرد ضرورة استراتيجية، بل تعبير عن السيادة الأوروبية والتزام بمستقبل آمن ومستقل للقارة.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضرورة إلغاء العقود الأوروبية مع شركات السلاح الأمريكية: مسؤو
...
-
اساطير الوحدة8200 لتدمير العقل العربي: الأسطورة الاولى : معج
...
-
محاكمة الحكومة البلجيكية: اتهامات بالتواطؤ في جرائم الحرب في
...
-
تطورات المجاعة كسلاح إبادة جماعية في غزة تقترفها النازية الص
...
-
رد على فيديو رزان الشوامرة حول الصين وعلاقتها بالصهيونية
-
لائحة الاتهام ضد بن غفير، نتنياهو، ترامب، والإنجيليين..المجل
...
-
الإبادة الجماعية عبر التاريخ: من الأرمن إلى سوريا وغزة بدعم
...
-
كيف نهضت الصين بالشيوعية وتخلف العرب بمعاداتها!
-
بتسلئيل سموتريتش: وجه الإبادة الجماعية ..المجلد الاول الجزء
...
-
رأي البانيز حول الابادة الجماعية بغزة وإمكانية إقامة محكمة ن
...
-
التجويع الأمريكي-الصهيوني في غزة: مقارنة بأوشفيتز وسياسات ال
...
-
لماذا تريد دولة أوروبية كبرى, أن تنتقم، من الولايات المتحدة
-
استفزاز الناتو لروسيا وتداعيات الارهاب الامريكي
-
اثمان الاستقلال الايراني في زمن الغرب الامريكي المهزوم
-
انهيار الأسواق وشيخوخة الرأسمالية: تحذيرات كيوساكي وماسك في
...
-
عصابات مجاهدي خلق: أداة الخيانة في يد الناتو والصهيونية
-
دمشق تحت النار - رحلة عبر الزمن والسيادة المغتصبة
-
زلزال استخباراتي ايراني يضرب إسرائيل
-
زلزال استخباراتي ايراني بعشر درجات يضرب إسرائيل
-
لقاءات باكو - بيادق الحرب العالمية الثالثة لخدمة الناتو الأم
...
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
-
أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما
...
-
تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين
...
-
حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
-
بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
-
لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟
...
-
حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
-
زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
-
الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
-
صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية
المزيد.....
-
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
/ سعيد مضيه
-
ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ
...
/ غازي الصوراني
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|