أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - نتنياهو ومسرحية الفتح الهزلي: غزة تكتب النهاية بسخرية التاريخ















المزيد.....

نتنياهو ومسرحية الفتح الهزلي: غزة تكتب النهاية بسخرية التاريخ


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 17:32
المحور: كتابات ساخرة
    


"

1. أيها السادة والسيدات، مرحبًا بكم في العرض الأول لمسرحية نتنياهو الجديدة: "غزة: حلم الفتح العظيم"! لكن، يا للأسف، هذه المسرحية بلا ميزانية، بلا نص، وبلا ممثلين يعرفون كيف يمسكون السلاح، فما بالكم بالقتال! أعلن نتنياهو، الرجل الذي يبدو دائمًا كأنه خرج لتوه من إعلان شامبو مضاد للقشرة، أنه سيحتل غزة بأكملها. حسنًا، مبارك له هذا الإعلان الرنان! لكن، لو كان قادرًا على فعل ذلك، لما أمضى عشرين شهرًا يدور في حلقة مفرغة كمن ضل طريقه في متاهة من صنع خياله المريض. لو كنت، أيها السيد، تملك جيشًا يستحق اسمه، لكنت أنهيت المعركة في اليوم الأول، وعلقت وسام النصر على صدرك، والتقطت صورة تذكارية أمام لافتة مكتوب عليها "غزة فتحتها أنا"، ثم عدت إلى بيتك لتشرب قهوة الصباح بكل أريحية.

2. لكن، دعونا نتحدث عن الواقع، ذلك الشيء العنيد الذي يرفض أن ينصاع لأحلام نتنياهو الهزلية. المقاومة في غزة، حفظها الله، ليست مجرد مجموعة من الأبطال، بل هي ظاهرة خارقة للطبيعة! كل يوم تصبح أقوى، كأنها تتغذى على غبار القصف وتستمد قوتها من الأنقاض. تخيلوا بطلًا سينمائيًا يخرج من تحت الركام، ينفض الغبار عن كتفيه، ويبتسم ابتسامة هوليوودية قبل أن يواصل المعركة بكل ثقة. هذه هي المقاومة! أما جيش نتنياهو؟ آه، نسيت أن أخبركم، رئيس أركانه بنفسه خرج في مؤتمر صحفي، وهو يبدو كمن أدرك لتوه أن سفينته تغرق، وقال إن جيشه على وشك الانهيار. نعم، الانهيار! ومعه الكيان الصهيوني بأسره، الذي يشبه سفينة تايتانيك، لكن بلا أوركسترا تعزف ألحانًا حزينة أثناء الغرق.

3. دعونا نكون منصفين، رئيس الأركان لم يكذب هذه المرة. قالها صراحة: جنوده لا يستطيعون مواجهة "أسود المقاومة". وهذا ليس قولي، بل اعترافهم هم! غزة ليست مجرد أرض، بل مقبرة لجيش الاحتلال النازي. تخيلوا جيشًا يُدعى "الدفاع"، لكنه يقضي وقته مختبئًا خلف سواتر، يطلق النار على أي شيء يتحرك، سواء كان طفلًا يبحث عن كسرة خبز أو أبًا يحمل كيس طحين كأنه كنز. هذا ليس جيشًا، بل عصابة تفتقر إلى أدنى معايير الشجاعة. الجنود الذين يرسلهم نتنياهو كمن يرسل قطيع دجاج إلى مزرعة ذئاب، يركضون، يتعثرون، ويصرخون طلبًا للنجدة عند أول طلقة.

4. لنكن صريحين، نتنياهو يحاول أن يثبت وجوده، كطالب في امتحان يُسلم ورقة بيضاء لكنه يكتب اسمه بخط عريض مزخرف، ويضيف بجانبه قلبًا صغيرًا لعل المصحح يشفق عليه. يقتل الأطفال، يقصف المدنيين، يستخدم التجويع كسلاح، ويتباهى بذلك كأنه إنجاز عسكري. يا سيدي، هذه ليست بطولة، بل جريمة حرب موصوفة! جيش محترم يقاتل في الميدان، يواجه خصومه وجهًا لوجه، لا يختبئ خلف طائرات بدون طيار ليستهدف أبًا يبحث عن طعام لأبنائه، أو طفلًا قطع اثني عشر كيلومترًا تحت الشمس الحارقة وهو يعاني الجفاف بحثًا عن ماء. لو كانت هناك جائزة عالمية لأحقر جيش في التاريخ، لكان جيش نتنياهو قد فاز بها بالإجماع، مع شهادة تقدير إضافية لـ"الإبداع في استهداف العُزل".

5. دعونا نتحدث عن التجويع، تلك الاستراتيجية العبقرية التي تبناها نتنياهو. يمنع الطعام، يمنع الماء، يمنع الدواء، ثم يقف أمام الكاميرات ويقول: "نحن ندافع عن أنفسنا". يا سيدي، من تدافع عن نفسك؟ من طفل يبلغ من العمر خمس سنوات يبحث عن علبة حليب؟ أم من امرأة حامل تحاول إيجاد مستشفى لم يُقصف بعد؟ هذه ليست حربًا، بل إبادة جماعية تُنفذ ببرودة دم. ونتنياهو، بدلاً من أن يواجه المقاومة، يختار أن يواجه الضعفاء، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يجيده جيشه: استهداف من لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

6. المقاومة، أيها الأفاضل، هي القصة الحقيقية هنا. رجال ونساء يقاتلون بقلوب من حديد، بأسلحة قد تبدو متواضعة، لكنهم يملكون شيئًا لا يملكه نتنياهو ولا جيشه: إرادة لا تُكسر. كل قذيفة يطلقها الاحتلال تصنع مقاومًا جديدًا. كل منزل يُهدم يولد بطلًا جديدًا. غزة لا تُهزم، لأنها ليست مجرد أرض، بل فكرة، وروح، وإيمان. ونتنياهو، بكل أسلحته وطائراته، لا يستطيع هزيمة فكرة. يمكنه أن يدمر المباني، لكنه لا يستطيع أن يدمر الإرادة.

7. دعونا ننظر إلى الجانب الآخر: الكيان الصهيوني نفسه. رئيس الأركان يقول إنه على وشك الانهيار، والجنود يرفضون القتال، والمجتمع الصهيوني منقسم كما لم يكن من قبل. تخيلوا جيشًا يُفترض أنه "لا يُقهر"، لكنه يعاني من نقص في الجنود الذين يرغبون في المخاطرة بحياتهم في غزة. لماذا؟ لأنهم يعرفون أن غزة ليست نزهة. إنها أرض تبتلع الغزاة، وتجعل منهم قصصًا تحكى في كتب التاريخ تحت عنوان "كيف خسر جيش ما كان يملكه من كرامة".

8. نتنياهو، في محاولته لإثبات وجوده، يلجأ إلى ما يعرفه جيدًا: الدعاية الصفراء. يقف أمام الكاميرات، يلوح بذراعيه، يتحدث عن "النصر"، لكن عينيه تخونانه. إنه يعلم أن جيشه مهزوم، وأن شعبه منقسم، وأن العالم بدأ يرى الحقيقة. لكنه يستمر في المسرحية، لأن التوقف يعني الاعتراف بالهزيمة. ونتنياهو، كما نعلم، لا يعرف كيف يعترف بشيء سوى بأنه "الأقوى".

9. دعونا نتحدث عن المدنيين، أولئك الذين يدفعون ثمن هذه المسرحية. أطفال يمشون كيلومترات بحثًا عن ماء، آباء يحملون أبناءهم الجرحى إلى مستشفيات لم تعد موجودة، نساء يلدن تحت القصف. هذه ليست حربًا، بل إبادة جماعية تُنفذ ببرودة دم. ونتنياهو، بدلاً من أن يواجه المقاومة، يختار أن يواجه الضعفاء، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يجيده جيشه: استهداف من لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

10. لكن دعونا لا ننسى السخرية من هذا كله. نتنياهو يظن أنه يقود جيشًا، لكنه في الحقيقة يقود فرقة مسرحية فاشلة. جنوده يرتجفون خلف السواتر، وطائراته تقصف المستشفيات، وهو يقف أمام الكاميرات ويصرخ: "نحن الأقوى!" يا سيدي، الأقوى لا يحتاج إلى قصف الأطفال ليثبت قوته. الأقوى يواجه خصمه في الميدان، لا يختبئ خلف شاشات التحكم عن بُعد. لكن، يبدو أن نتنياهو قرأ كتاب "كيف تصبح بطلًا في فيلم هابط" وطبقه بحذافيره.

11. دعونا نتحدث عن الدعم الدولي، أو بالأحرى، غيابه. العالم، يا سادة، لم يعد يصدق مسرحية نتنياهو. الشعوب في كل مكان بدأت ترى الحقيقة: جيش يقتل الأطفال ليس جيشًا، بل عصابة. وحتى الحلفاء التقليديون بدأوا يتلعثمون في دعمهم. تخيلوا سفيرًا غربيًا يحاول تبرير قصف مستشفى أمام الصحفيين، وهو يتعرق ويبحث عن كلمات لا تجعله يبدو مجرمًا. هذه هي الحالة التي وصل إليها نتنياهو: حتى أصدقاؤه يخجلون منه!

12. لكن دعونا نعود إلى غزة، تلك الأرض التي ترفض أن تنحني. المقاومة ليست مجرد مجموعة من المقاتلين، بل هي شعب بأكمله. أطفال يكتبون وصاياهم على جدران المدارس المدمرة، نساء يصنعن الخبز من بقايا الطحين، رجال يقاتلون بأسلحة أقل ما يقال عنها إنها "متواضعة". لكنهم يملكون شيئًا لا يملكه نتنياهو: الإيمان. إيمان بأن الحق سينتصر، مهما طال الزمن.

13. نتنياهو، من جهته، يحاول أن يصنع انتصارًا وهميًا. يقصف، يدمر، يجوّع، ثم يقف أمام الكاميرات ويعلن: "نحن نسيطر!" يا سيدي، تسيطر على ماذا؟ على أنقاض مستشفى؟ على دموع أم فقدت طفلها؟ على جوع شعب بأكمله؟ هذا ليس سيطرة، بل هزيمة أخلاقية وعسكرية. جيشك لا يستطيع دخول غزة، لأنه يعلم أنها ليست مجرد أرض، بل فخ يبتلع كل غازٍ.

14. دعونا نتحدث عن الاقتصاد الصهيوني، الذي بدأ يترنح تحت وطأة هذه الحرب. الشركات تغلق، الشباب يهاجرون، والجنود يرفضون الخدمة. تخيلوا جيشًا يُفترض أنه "الأقوى في المنطقة"، لكنه يعاني من نقص في الجنود لأن الشباب يفضلون الهجرة إلى أوروبا على الموت في غزة. هذه ليست قوة، بل انهيار بطيء ومؤلم.

15. ومع ذلك، نتنياهو يستمر في مسرحيته. يقف أمام الكاميرات، يلوح بيديه كما لو كان يقود أوركسترا، ويتحدث عن "النصر القريب". لكن العالم يرى الحقيقة: جيشك مهزوم، شعبك منقسم، وحلفاؤك يبتعدون. والأهم، غزة تقاوم. تقاوم بكل ما تملك، وبكل ما لا تملك. تقاوم بالحجارة، بالإيمان، بالصبر.

16. دعونا نتحدث عن الأطفال، أولئك الذين يدفعون ثمن هذه المسرحية. طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، يمشي كيلومترات بحثًا عن ماء، وهو يعاني من الجفاف. أم تحمل طفلها الجريح إلى مستشفى تحول إلى أنقاض. هؤلاء هم أبطال القصة الحقيقيون، لأنهم يواجهون الموت يوميًا، ومع ذلك يواصلون الحياة. نتنياهو يظن أن قتلهم سيجعله يبدو قويًا، لكنه لا يدرك أن كل طفل يقتله يصنع ألف مقاوم.

17. لن ننسى الدعاية، تلك الآلة التي يعتمد عليها نتنياهو. يصنع فيديوهات مصقولة، ينشر صورًا لجنوده وهم يبتسمون، لكنه ينسى أن العالم لم يعد يصدق هذه الأكاذيب. الصورة الحقيقية هي طفل يبكي بجانب جثة أمه، أو أب يحفر تحت الأنقاض بحثًا عن أبنائه. هذه هي الحقيقة التي لا يستطيع نتنياهو إخفاءها، مهما حاول.

18. في النهاية، أيها السادة، هذه المسرحية لن تنتهي بنصر لنتنياهو. التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم لا تُهزم، وأن الغزاة، مهما امتلكوا من أسلحة، ينتهون إلى الزوال. غزة ستبقى، كما بقيت دائمًا، رمزًا للصمود. ونتنياهو؟ سيبقى مجرد ممثل في فيلم فاشل، يحاول إقناع العالم أنه بطل، بينما العالم يضحك على مسرحيته، ويبكي على ضحاياها.

19. لكن دعونا لا ننسى السخرية من هذا كله. نتنياهو يظن أنه قائد عظيم، لكنه في الحقيقة مجرد مهرج في سيرك متداعٍ. جيشه يختبئ، طائراته تقصف العُزل، وهو يقف أمام الكاميرات ويصرخ: "نحن الأقوى!" يا سيدي، الأقوى لا يحتاج إلى قتل الأطفال ليثبت قوته. الأقوى يواجه خصمه في الميدان، لا يختبئ خلف شاشات التحكم عن بُعد.

20. وفي الختام، دعونا نقولها بصراحة: غزة لن تنحني، ونتنياهو لن ينتصر. المقاومة ستبقى، والحق سينتصر، مهما طال الزمن. ونتنياهو؟ سيبقى مجرد ذكرى سيئة في كتب التاريخ، تحت عنوان "الرجل الذي ظن أنه يستطيع هزيمة غزة".


21. دعونا نعود إلى نتنياهو، ذلك الممثل الهوليوودي الذي يحلم بجائزة أوسكار لأفضل "قائد وهمي". الرجل يقف أمام الكاميرات، يرفع حاجبيه بطريقة دراماتيكية، ويعلن أنه سيحتل غزة كلها. لكن، يا سيدي، لو كنتَ بهذه القوة، لماذا لا تزال جالسًا في مكتبك تكتب خطابات النصر بدلاً من الاحتفال في شوارع غزة؟ الحقيقة أن نتنياهو ليس قائدًا عسكريًا، بل مخرج أفلام من الدرجة الثالثة، يحاول إقناع جمهوره بأن فيلمه الفاشل هو تحفة فنية. لكنه نسي شيئًا: الجمهور ليس غبيًا، والعالم بدأ يرى الحقيقة خلف ستار دعايته الصفراء.

22. دعونا نتحدث عن هذه الدعاية، تلك الآلة التي تعمل ليل نهار لتلميع صورة نتنياهو وجيشه. تخيلوا غرفة مليئة بالشباب الذين يجلسون أمام شاشات الحواسيب، يكتبون تغريدات على منصة X بأسماء مستعارة، يحاولون إقناع العالم أن قصف مستشفى كان "خطأ غير مقصود". يا إلهي، لو كانوا يملكون هذا الإبداع في القتال كما يملكونه في كتابة الأكاذيب، لكانوا قد احتلوا نصف الكرة الأرضية! لكنهم لا يستطيعون، لأن الدعاية، مهما كانت لامعة، لا تستطيع إخفاء جثث الأطفال أو صرخات الأمهات. العالم يرى، يا نتنياهو، والعالم يضحك على محاولاتك البائسة.

23. لنلقِ نظرة على الوضع الإنساني في غزة، حيث تكتب المأساة فصولها بمداد من الدم والدموع. تخيلوا طفلة صغيرة، لا تتجاوز الخامسة من عمرها، تحمل دلوًا مثقوبًا وتمشي كيلومترات تحت الشمس الحارقة بحثًا عن ماء. تخيلوا أبًا يقف أمام أنقاض منزله، يحفر بيديه العاريتين بحثًا عن أبنائه، بينما طائرة بدون طيار تحوم فوقه كطائر جارح ينتظر فريسته. هذه ليست مشاهد من فيلم رعب، بل هي يوميات غزة تحت حكم نتنياهو. ومع ذلك، يقف هذا الرجل أمام الكاميرات ويقول: "نحن نستهدف المسلحين فقط". يا سيدي، إما أنك لا تعرف معنى كلمة "مسلحين"، أو أنك تعتقد أن كيس الطحين هو سلاح دمار شامل!

24. لكن دعونا لا ننسى السخرية من هذا العبث. نتنياهو يظن أن التجويع سيجبر غزة على الركوع. يا سيدي، ألم تقرأ التاريخ؟ الشعوب التي تجوع تصبح أقوى، لأن الجوع يصنع منها أسودًا لا تهاب الموت. تخيلوا جيشًا يقضي مليارات الدولارات على طائرات وصواريخ، لكنه يخاف من فتاة تحمل حجرًا في يدها. هذا هو جيش نتنياهو: جيش يملك كل الأسلحة، لكنه يفتقر إلى الشجاعة. جيش يقصف المستشفيات، لكنه يرتجف عند سماع صوت صاروخ محلي الصنع.

25. دعونا ننتقل إلى الكيان الصهيوني نفسه، ذلك الكيان الذي يُفترض أنه "الدولة الأقوى في المنطقة". رئيس الأركان يقول إن الجيش على وشك الانهيار، والجنود يرفضون الخدمة، والشباب يحزمون حقائبهم ويهاجرون إلى أوروبا. تخيلوا جيشًا يُدعى "لا يُقهر"، لكنه يعاني من نقص في الجنود لأن الشباب يفضلون العمل في مقاهي باريس على الموت في شوارع غزة. هذه ليست قوة، بل مسرحية هزلية تنهار أمام أعيننا. ونتنياهو، كالمخرج العنيد، يصر على مواصلة العرض، رغم أن الجمهور بدأ يغادر القاعة.

26. لكن دعونا نتحدث عن الانقسامات الداخلية، تلك القنبلة الموقوتة التي تهدد الكيان الصهيوني. المجتمع منقسم بين من يؤيد نتنياهو وبين من يراه كارثة مشيّة. الاحتجاجات تملأ الشوارع، والسياسيون يتشاجرون كأطفال في ساحة المدرسة. تخيلوا دولة تُفترض أنها "قوية"، لكنها لا تستطيع الاتفاق على من يقودها. نتنياهو يحاول إسكات منتقديه بالخطابات النارية، لكن الحقيقة أن شعبه بدأ يفقد الثقة به. حتى جنوده يتساءلون: "لماذا نموت في حرب لا نفهمها؟" يا سيدي، عندما يبدأ جنودك بالتساؤل، فاعلم أن مسرحيتك على وشك الانتهاء.

27. دعونا نعود إلى المقاومة، تلك القوة التي تحير نتنياهو وجيشه. المقاومة ليست مجرد مجموعة من المقاتلين، بل هي شعب بأكمله. أطفال يكتبون أحلامهم على جدران المدارس المدمرة، نساء يصنعن الخبز من بقايا الطحين، رجال يقاتلون بأسلحة أقل ما يقال عنها إنها "متواضعة". لكنهم يملكون شيئًا لا يملكه نتنياهو: الإيمان. إيمان بأن الحق سينتصر، مهما طال الزمن. كل قذيفة يطلقها الاحتلال تصنع مقاومًا جديدًا. كل منزل يُهدم يولد بطلًا جديدًا.

28. نتنياهو، من جهته، يحاول أن يصنع انتصارًا وهميًا. يقصف، يدمر، يجوّع، ثم يقف أمام الكاميرات ويعلن: "نحن نسيطر!" يا سيدي، تسيطر على ماذا؟ على أنقاض مستشفى؟ على دموع أم فقدت طفلها؟ على جوع شعب بأكمله؟ هذا ليس سيطرة، بل هزيمة أخلاقية وعسكرية. جيشك لا يستطيع دخول غزة، لأنه يعلم أنها ليست مجرد أرض، بل فخ يبتلع كل غازٍ.

29. دعونا نتحدث عن رد فعل العالم، ذلك العالم الذي بدأ يستيقظ من سباته. الشعوب في كل مكان تنزل إلى الشوارع، ترفع أعلام فلسطين، وتصرخ في وجه حكوماتها: "كفى ظلمًا!" حتى الحلفاء التقليديون للكيان الصهيوني بدأوا يتلعثمون في تبريراتهم. تخيلوا وزير خارجية غربي يحاول تبرير قصف مدرسة أمام الصحفيين، وهو يتعرق ويبحث عن كلمات لا تجعله يبدو مجرمًا. هذه هي الحالة التي وصل إليها نتنياهو: حتى أصدقاؤه يخجلون منه!

30. لكن دعونا لا ننسى السخرية من هذا العبث. نتنياهو يظن أنه يقود جيشًا لا يُقهر، لكنه في الحقيقة يقود فرقة مسرحية فاشلة. جنوده يرتجفون خلف السواتر، وطائراته تقصف العُزل، وهو يقف أمام الكاميرات ويصرخ: "نحن الأقوى!" يا سيدي، الأقوى لا يحتاج إلى قتل الأطفال ليثبت قوته. الأقوى يواجه خصمه في الميدان، لا يختبئ خلف شاشات التحكم عن بُعد.

31. دعونا نتحدث عن الاقتصاد الصهيوني، الذي بدأ يترنح تحت وطأة هذه الحرب. الشركات تغلق، الشباب يهاجرون، والجنود يرفضون الخدمة. تخيلوا جيشًا يُفترض أنه "الأقوى في المنطقة"، لكنه يعاني من نقص في الجنود لأن الشباب يفضلون الهجرة إلى أوروبا على الموت في غزة. هذه ليست قوة، بل انهيار بطيء ومؤلم.

32. ومع ذلك، نتنياهو يستمر في مسرحيته. يقف أمام الكاميرات، يلوح بيديه كما لو كان يقود أوركسترا، ويتحدث عن "النصر القريب". لكن العالم يرى الحقيقة: جيشك مهزوم، شعبك منقسم، وحلفاؤك يبتعدون. والأهم، غزة تقاوم. تقاوم بكل ما تملك، وبكل ما لا تملك. تقاوم بالحجارة، بالإيمان، بالصبر.

33. دعونا نتحدث عن الأطفال، أولئك الذين يدفعون ثمن هذه المسرحية. طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، يمشي كيلومترات بحثًا عن ماء، وهو يعاني من الجفاف. أم تحمل طفلها الجريح إلى مستشفى تحول إلى أنقاض. هؤلاء هم أبطال القصة الحقيقيون، لأنهم يواجهون الموت يوميًا، ومع ذلك يواصلون الحياة. نتنياهو يظن أن قتلهم سيجعله يبدو قويًا، لكنه لا يدرك أن كل طفل يقتله يصنع ألف مقاوم.

34. لن ننسى الدعاية، تلك الآلة التي يعتمد عليها نتنياهو. يصنع فيديوهات مصقولة، ينشر صورًا لجنوده وهم يبتسمون، لكنه ينسى أن العالم لم يعد يصدق هذه الأكاذيب. الصورة الحقيقية هي طفل يبكي بجانب جثة أمه، أو أب يحفر تحت الأنقاض بحثًا عن أبنائه. هذه هي الحقيقة التي لا يستطيع نتنياهو إخفاءها، مهما حاول.

35. في الختام، أيها السادة، هذه المسرحية لن تنتهي بنصر لنتنياهو. التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم لا تُهزم، وأن الغزاة، مهما امتلكوا من أسلحة، ينتهون إلى الزوال. غزة ستبقى، كما بقيت دائمًا، رمزًا للصمود. ونتنياهو؟ سيبقى مجرد ممثل في فيلم فاشل، يحاول إقناع العالم أنه بطل، بينما العالم يضحك على مسرحيته، ويبكي على ضحاياها.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -ائتلاف أريزونا-: كوميديا فاشية بنكهة بلجيكية مضحكة ح ...
- مسرحية الخيانة اللبنانية: نواف سلام، جعجع، والكتائب في دور ا ...
- أفيون إعلام أكاذيب الوحدة 8200
- ما بين جون ميرشايمر وسمير امين :أسرار الإبادة الجماعية الأمر ...
- نقد فكري وسياسي لفاشية حكومة ائتلاف اريزونا البلجيكية
- نقد الأيديولوجيات المتطرفة والدفاع عن السيادة الوطنية
- الولايات المتحدة الشيوعية ،هل هو السيناريو الحتمي !
- هل روسيا وإيران تعيدان ترتيب الأمور في سورية !
- الإرهاب والتضليل بين سوريا وإيران.. الحقيقة المغيبة
- نجاح واشنطن في تدمير الاقتصاد الألماني هل يحل أزمتها الهيكلي ...
- من يُدمّر الحصانة الفكرية لأوروبا؟
- لماذا يعادي ، الغرب الامريكي، ديمقراطية إيران!
- إيران: ما لغز صمود الإرادة الشعبية في وجه الإرهاب الصهيوني و ...
- حركة فلسطين حرة و تحولات موازين القوى العالمية
- كشف الوجه الحقيقي لداعمي الكيان الصهيوني وعلاقتهم بشبكات الف ...
- ما سر دعم قيادات واشنطن ولندن وبروكسل لاسرائيل ؟..المجلد الا ...
- رحيل زياد الرحباني - العبقرية الشيوعية في الموسيقى والفكر
- حول -منهج إيلان بابيه: كشف التطهير العرقي الصهيوني وعلاقته ب ...
- ضرورة إلغاء اتفاقية ماستريخت في ضوء فشل الولايات المتحدة لاس ...
- ضرورة إلغاء العقود الأوروبية مع شركات السلاح الأمريكية: مسؤو ...


المزيد.....




- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - نتنياهو ومسرحية الفتح الهزلي: غزة تكتب النهاية بسخرية التاريخ