سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 12:37
المحور:
القضية الفلسطينية
في غزة، حيث يختبر الموت كل يوم أشكالًا جديدة من القسوة، قرر الاحتلال أن يطلق رصاصته الغادرة نحو قلب الحقيقة، وأن يحرق الكلمة قبل أن تصل إلى العالم.
لم تكن خيمة الصحفيين في مستشفى الشفاء سوى غرفة عمليات الحقيقة، حيث تصطف الكاميرات بدل البنادق، وتشتعل الشاشات بدل المدافع. لكن العدو الذي يعرف أن الصورة أقوى من دبابته، اختار أن يمحو الذاكرة بالدم، وأن يكتب فصلاً جديدًا من الإبادة الجماعية بحبر الشهداء.
استهداف خيمة الصحفيين في مستشفى الشفاء، وسقوط الشهداء أنس الشريف، محمد قريقع، مؤمن عليوة، محمد الخالدي، محمد نوقل، وإبراهيم ظاهر، هو جريمة حرب مكتملة الأركان، لا يمكن تبريرها أو التذرع بالخطأ العسكري لتبرئتها. هذه الجريمة تأتي ضمن خطة ممنهجة لإسكات الكلمة الحرة، وإبادة الصوت الفلسطيني الذي يفضح جرائم الاحتلال في غزة أمام العالم.
لقد تجاوز عدد الصحفيين الذين اغتالتهم آلة الحرب الإسرائيلية منذ بدء العدوان 225 شهيدًا، في سابقة لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلًا. ومع ذلك، فإن الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والإدارة الأمريكية، اختاروا التواطؤ بالصمت، أو الاكتفاء ببيانات باردة لا تردع قاتلًا ولا تحمي ضحية. هذا الصمت الدولي ليس حيادًا، بل هو شراكة في الجريمة، وهو الرصاصة الثانية التي تُطلق على الصحفي بعد سقوطه.
منذ النكبة وحتى اليوم، يدرك الاحتلال أن الرواية هي نصف المعركة، وأن الصحفي الفلسطيني هو حارس الذاكرة وناقل الحقيقة، ولذلك فهو يطارده في الميدان، يعتقله، يقصفه، أو يمنعه من العمل. من شيرين أبو عاقلة التي اغتيلت برصاصة قناص، إلى خيمة الشفاء التي دُمّرت فوق رؤوس من بداخلها، تتكشف سياسة واحدة: إسكات الشاهد قبل أن يشهد.
لكن ما لا يفهمه الاحتلال أن دماء الصحفيين لا تموت، وأن كل صورة نجت من القصف ستعيش لتروي القصة، وكل كلمة كتبت تحت النار ستبقى محفورة في ذاكرة العالم. إن اغتيال الصحفيين في غزة لن يخمد الحقيقة، بل سيجعلها أكثر وضوحًا، وأكثر إدانة لقاتلهم، وسيكتب في سجل الأمم أن من صمت اليوم، كان شريكًا في الجريمة.
في ختام سطور مقالي
– صفعة إعلامية
"من غزة نقول للعالم: دم الصحفيين ليس خبرًا عابرًا… إنه محكمة مفتوحة للتاريخ، وأنتم الشهود الغائبون والشركاء الصامتون."
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟