أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - قراءة في مذكرات جولدا مائير (3) الغباء الرسمي العربي !















المزيد.....

قراءة في مذكرات جولدا مائير (3) الغباء الرسمي العربي !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تصف "جولدا" بشئ من التفصيل مشاق كابدتها ومجموعة من اليهود، على متن الباخرة المتجهة بهم إلى فلسطين. كانت الرحلة، بحسبها، "مخيفة ومتعبة، لكن كان علينا أن نثبت إخلاصنا لأهدافنا حتى لو استدعت الأمور العيش في ظروف قاسية".
بوصول الباخرة إلى الإسكندرية، قررت هي ومن معها الإنتقال إلى فلسطين من هناك بالقطار. وتُفاجئ القارئ بانطباعها العنصري الأول، إذ تقول: ذقنا أول طعم الشرق الأوسط بكل مرارته، إذ شاهدنا جموع الشحادين وهم يرتدون الأسمال البالية والذباب يغطيهم...وتصورت أنني سوف أصرخ لو أن أحدًا منهم لمسني. لكننا كنا قد تعودنا على المآسي، فشققنا طريقنا وسط قذارة لا يمكن وصفها" . وجه الغرابة هنا، أن "جولدا" الفقيرة باعترافها، التي عاشت حياة قاسية ولا تملك شروى نقير تأخذ على "جموع الفقراء" ما عانته هي من حرمان وبؤس في ظروف لا تقل قسوة. لكن كلامها يستبطن رسالة موجهة إلى الأوروبيين والأميركيين، ترمي إلى تحقيق هدفين دعائيين في وقت واحد: تشويه صورة المنطقة بداية، لتستسهل بعد ذلك صرف الأذهان عن طبيعة المشروع الاستعماري الصهيوني الدخيل إلى الحضارة والتمدن المُنتَظَرين بعد مجئ اليهود إلى فلسطين وإقامة دولتهم فيها !!!
تقول "جولدا"، وهنا تطالعنا أول صور الإستبداد العربي وأفاعيله الغبية، أنه بعد وصول الباخرة إلى الإسكندرية صعد رجال شرطة مصريين إلى سطحها بحثًا عن إثنين من الشيوعيين. وتصادف وجود اثنين من زملائنا يحملان اسمي الشيوعِيَّيَن المطلوبَين، فأخذوهما وأعادوهما بعد ساعات طويلة مُرهقة من التحقيق. ولنا ملاحظة أن النظام الحاكم في مصر آنذاك غير معني بجلب اليهود إلى فلسطين، كما برمجته بريطانيا، بل تتركز جهوده على أمور أكثر أهمية بمنظوره، منها ملاحقة الشيوعيين.
على سيرة الشيوعيين وبما ان الشئ بالشئ يُذكر، تنقلنا "جولدا" في موضع آخر من مذكراتها إلى صورة أكثر غباء تتعلق بأنماط تفكير النظام الرسمي العربي. تذهب بنا إلى جولات كيسينجر المكوكية بعد حرب 1973 (أفردنا لها حلقة خاصة)، وكانت هي رئيسة وزراء الكيان اللقيط حينئذٍ، ولقائه حاكم دولة عربية مهمة. تذكر "جولدا" أن هذا الحاكم العربى ألقى محاضرة على كيسينجر في أول زيارة لهذا الأخير إلى بلاده، عن "الشيوعيين الإسرائيليين اليهود". وتتلخص المحاضرة، كما تروي "جولدا" في مذكراتها بأن "اليهود هم الذين خلقوا الشيوعية من أجل قهر العالم". وتسلط الضوء على حوار مختصر بين الحاكم العربي وكيسينجر في السياق ذاته. فقد قال الحاكم العربي لكيسينجر: هل تعلم أن جولدا مائير قد وُلدت في كييف؟ أجاب كيسينجر بالإيجاب. حينها قال الحاكم ذاته: كييف...روسيا...الشيوعية، هذه هي المعادلة".
لنا أن نتخيل إنطباع شخصية بحجم كيسينجر، وهو يستمع إلى تحليل على هذا المستوى من "العبقرية" من حاكم عربي يُنظر إليه على أنه "وجه البكسة" عند بني قومه آنذاك. نحن على ثقة أن كيسينجر شعر بالغبطة لسماعه تفكيرًا على هذا النحو "العبقري"، وهو يعلم علم اليقين أن "جولدا" والكيان الذي تتسلم أهم منصب فيه ذراع أميركا القوية لمحاربة الشيوعية.
لقد نسي الحاكم العربي، أو تناسى ربما، أن الدول التي كان يحكمها الشيوعيون آنذاك وفي طليعتها الإتحاد السوفييتي السابق، كانت تقف بقوة إلى جانب القضايا العربية والقضية الفلسطينية خاصة. وغاب عن الحاكم العربي "العبقري" أن السلاح الذي حارب به العرب في أكتوبر 1973 وحققوا به انجازات فاجأت العدو وصدمته في الأيام الأولى للحرب واستعادوا به شيئًا من كرامتهم بعد هزيمة 1967 المهينة، مصدره الإتحاد السوفييتي. أما السلاح، الذي تعتدي به اسرائيل على العرب وتقتل أبناءهم وبناتهم وتحتل أراضيهم وما تزال فمصدره الدولة التي كان كيسينجر وزير خارجيتها.
بطبيعي الأمر، لن يعدم كيسينجر الخبيث الداهية الوسائل الكفيلة بإيصال النظرية "العبقرية" التي أتحفه بها الحاكم العربي عن الشيوعية إلى قادة الإتحاد السوفييتي. هنا تتأكد صحة الرأي القائل بأن العرب عبء على أصدقائهم وحلفائهم، ونعمة لأعدائهم.
ونرى أن الوعي الجمعي العربي السائد ما يزال متأثرًا بإنطباعات مشوهة عن الفكر الشيوعي، لأسباب عدة نحصرها في اثنين، الأول، هيمنة الفهم البدائي القروسطي للدين. والثاني، تأثير الماكنة الإعلامية الغربية الضخمة التي كانت ترى في الفكر الشيوعي أكبر خطر يتهدد النظام الرأسمالي الاستغلالي الفاسد.
وتطلع "جولدا" قراء مذكراتها على أحد لقاءاتها "السرية" مع حاكم عربي آخر، قبيل إعلان زرع "اللقيط" في فلسطين بستة شهور تقريبًا. وكانت حينها تشغل منصب رئيسة الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية.
جرى اللقاء بطلب من الحاكم العربي ذاته في عاصمة بلاده، وكان برفقتها عزرا دانين أحد خبرائهم في الشؤون العربية كما تصفه. وتقول إن عزرا اعتاد لقاء الحاكم العربي ذاته من قبل كثيرًا !!!
وتمضي في سرد الاستعداد للقاء بأسلوب هوليوودي، لا ينقصه سوى كاتب سيناريو ومخرج مُحترِفَين ليجعلا منه فيلمًا يجذب ملايين المشاهدين. ارتدى عزرا غطاء الرأس العربي للتنكر، وكان يجيد اللغة العربية ويعرف عادات العرب، بحيث يمكن عدّه عربيًّا. أما هي فقد لبست العباءة السوداء والحجاب العربيّيَن، وكإمرأة مسلمة تصاحب زوجها فلم يكن مطلوبًا منها أن تتحدث مع أحد.
وتسترسل "جولدا" قائلة: كان علينا أن نغيِّر السيارات مرات لنضمن أن أحدًا لا يقتفي أثرنا إلى أن نصل مبتغانا.
كانت رحلة طويلة خلال الليل، غيَّرنا فيها السيارة ثلاث مرات. ولم يعتريني شكٌّ بمقدرة عزرا على إمرارنا بين خطوط الأعداء(العرب كلهم أعداء بالنسبة لهم، بمن فيهم أولئك الذين يلتقونهم بالسر والعلن).
تتابع "جولدا": قلت له (الحاكم العربي)، ألا تفهم أننا حلفاؤك الوحيدون في المنطقة والآخرون كلهم أعداؤك؟
فقال: نعم، أعلم ذلك لكن الأمر ليس بيدي.
فقالت: يجب أن تعلم أنه إذا فُرضت علينا الحرب فسوف نحارب، وسوف ننتصر.
قال: نعم، أعلم ذلك.
وطلب إليها مضيفهما التخلي عن إقامة دولة واسقاط مطالبهم بالهجرة اليهودية الحرة إلى فلسطين. مقابل ذلك، سوف يُمثَّلون في برلمانه وسيعاملهم بطريقة حسنة للغاية ولن تكون هناك حرب.
ردت "جولدا" على هذا العرض السخي بقولها: "إنك تعلم ما فعلناه وما تحملناه من مشاق. ونحن لم نفعل ذلك لكي نُمَثَّل في برلمان أجنبي. أنت تعلم ما نريد وما نتطلع إليه. وإذا لم يكن لديك ما تقدمه لنا غير ما قلته، فستكون هناك حرب وسنكسبها".
أما مرافقها عزرا الخبير في الشؤون العربية، فوجه كلامه إلى الحاكم العربي قائلًا:"إنكم تعتمدون إلى حدٍّ كبير على دباباتكم، وسوف نسحقها كما تحطم خط ماجينو". يتبع.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع العجز
- الإنسان والدين (بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).
- ظاهرة سياسية أردنية غير محمودة !
- ماذا تبقى من أوسلو ووادي عربة؟!
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (2) السفر إلى فلسطين !
- لهذا اندحرت أميركا في فيتنام وتبهدلت
- يرفضون التخلي عن مضمونهم الاستعماري !
- استحوا...عيب !!!
- قراءة في مذكرات جولدا مائير(1) مشكلتهم مع التاريخ !
- لماذا تتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار؟!
- أصل قصة الضلع القاصر في الأديان
- فلسطين بمنظور فرويد
- ليست رمانة بل قلوب مليانة !
- وسائل السيطرة على الإنسان !
- لماذا تعامل واشنطن العرب باستخفاف؟!
- الكتاب الصيحة (14) والأخيرة. استهداف التربية والتعليم.
- شعوبنا تائهة وثقافتنا مأزومة !
- قابيل وهابيل في أساطير الأولين!
- الكتابُ الصَّيْحَة (13) لماذا لا يظهر البترول والغاز في الأر ...
- الدين بمنظور علم النفس*


المزيد.....




- -البعض يحبها-.. ترامب يكشف دراسة إدارته لقرار بشأن الماريغوا ...
- خلّف سحابة سوداء ضخمة.. فيديو يُظهر انفجارًا بمصنع للصلب في ...
- قصف روسي على زابوريجيا يصيب 20 شخصا على الأقل
- خطة نتنياهو الكارثية للسيطرة على غزة - افتتاحية فايننشال تاي ...
- استنفار أوروبي قبل قمة ألاسكا.. ميرتس يجتمع بترامب وزيلينسكي ...
- السودان: 40 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين ...
- -مراسلون بلا حدود- تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية صحفي ...
- منظمات دولية للجزيرة نت: اغتيال طاقم غزة لإسكات آخر شهود الح ...
- موقع وهمي وشعارات مزيفة.. سقوط -مكتب مكافحة الجريمة- في الهن ...
- 7 أيام في ألماتي الكازاخية جوهرة آسيا الوسطى


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - قراءة في مذكرات جولدا مائير (3) الغباء الرسمي العربي !