أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - صيد التروتة من ينابيع الجبال














المزيد.....

صيد التروتة من ينابيع الجبال


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 02:48
المحور: قضايا ثقافية
    


كانت الجبال المحيطة بأرياف لامبيتر في ويلز تُدهشني بسكون قطعان الأغنام وهي متناثرة على سفوحها ، كأنها تنسج لوحة صيفٍ يعشق زائريه قبل أن يعشقوه.
وعلى الطرق الصاعدة نحو مزرعة تفيض بالحياة وتزدحم بأسراب عصافير ملونة لم تألفها عيني من قبل، توقّفنا أمام بيت ريفي صغير ، أشار صديقي إليه بابتسامة:
“من هنا ستبدأ رحلتنا… صيد الأسماك … من ينابيع ويلز العذبة، بعيدًا عن سواحل البحر الأيرلندي.
إنها تجربة مع سمك التروتة — Brook trout — الذي لا يعيش إلا في الجداول النقية الباردة ، ويتغذّى على الحشائش الطبيعية.”

لم ننتظر طويلًا حتى أقبل صاحب البيت، رجل في السبعين من عمره، يحمل في قسماته صفاء المُزارع الويلزي ووداعته. رحّب بنا بحرارة ، وأخبرنا أنه سيقودنا إلى مجرى نهر صغير ينساب بهدوء عبر مزرعته. ابتسم قائلًا:
“ستشهدون صيدًا ليس عسيرًا، لكنه يستحق عناء السفر عبر هذه الغابات والمنعطفات حتى القمم العالية، من أجل سمكة التروتة الرائعة.”

أمسك الرجل شبكته وراح يصطاد السمكة تلو الأخرى؛ تروتة صغيرة لا يتجاوز طولها غالبًا 20 – 30 سم، تعيش متخفية بين صخور الجداول الباردة. وبعد أن جمع حصيلته، دعانا إلى مطبخ بيته الريفي ، أعد لنا قهوة دافئة كجزء من كرم ضيافته، ثم جلس ينظّف الأسماك واحدة تلو الأخرى، وهو يحدّثنا بفخر عن قيمتها الغذائية: بروتين عالي الجودة، ونكهة طبيعية لا يضاهيها شيء.

فجأة سألني:
“من أي البلاد أنت، أيها الرجل؟”
أجبته: “من بلاد ما بين النهرين.”
فارتسمت على وجهه دهشة، وقال: “إذن أنت من أرض الرافدين… نهران عظيمان كما تذكر كتب التاريخ عن Mesopotamia.”

ابتسمت وقلت: “نعم، نحن بلاد تتصدّر فيها الأسماك تقاليد المائدة، لكن الفارق أننا نبدأ بتنظيف السمكة بفتح ظهرها، كما يفعل صيادو دجلة، بينما أنت تبدأ من بطنها.”

ضحك الرجل وقال: “الفرق واضح… أسماك بلادكم النهرية الكبيرة تفرض طريقتها، بينما أسماك ساقيتي الصغيرة تملي أسلوبها!”
ضحكنا معًا، قبل أن يضيف مبتسمًا:
“بين تروتة جبال ويلز الباردة وأسماك وادي الرافدين… فضاءان مختلفان في ارتفاع الجغرافيا، لكن الطعم والذوق على مائدة الإنسانية واحد.”

انتهى



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
- الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال ...


المزيد.....




- بينها جمجمة ويد مومياء.. مصر تستعيد 13 قطعة أثرية من بريطاني ...
- بعد عقود من الغموض.. علماء يكشفون سر -مادة لزجة- في جرار برو ...
- أكثر الفترات دموية بالنسبة للإعلاميين.. هذا عدد الضحايا الصح ...
- اعترفت إسرائيل باستهدافه.. مقتل الصحفي أنس الشريف يشعل غضباً ...
- عدد الصحفيين القتلى في غزة يرتفع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين ...
- الوقفة التضامنية والمظاهرة الأسبوعية مع غزة في مدينة يوتوبو ...
- -إنها كارثة-.. المجموعة الروسية -أفريكا كوربس- تتكبد أولى هز ...
- في باكستان.. نساء يتحدين التقاليد و يكسرن القيود المجتمعية
- التلة الفرنسية.. مستوطنة بنيت على أنقاض بلدة لفتا المقدسية
- القبة الحرارية تسبب موجة حر قياسية في الشرق الأوسط


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - صيد التروتة من ينابيع الجبال