أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أوزجان يشار - الذكاء الاصطناعي ينهش الوظائف التقليدية… والتعليم لا يزال في غيبوبة عن المستقبل















المزيد.....

الذكاء الاصطناعي ينهش الوظائف التقليدية… والتعليم لا يزال في غيبوبة عن المستقبل


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 00:10
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تحليل استراتيجي مع حلول جذرية وتنسيق مؤسسي

أولًا: الذكاء الاصطناعي يتقدم… والتعليم يتأخر

في زمن يتسارع فيه الذكاء الاصطناعي بوتيرة تتجاوز الخيال البشري، نجد أن عشرات المهن التقليدية – بل وربما المئات – باتت مهددة بالتلاشي أو التحول الجذري. هذا التحول لا يأتي من فراغ، بل من تطور تقني غير مسبوق يقوده الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي لم يعد حكرًا على البرمجة أو الحوسبة، بل أصبح يمتد إلى المحتوى، التحليل، اللغة، التخطيط، الإدارة، والمبيعات.

تشير دراسة نشرتها شركة مايكروسوفت عام 2024، استنادًا إلى تحليل أكثر من 200 ألف محادثة واقعية مع مساعد الذكاء الاصطناعي “Microsoft Copilot”، إلى أن أكثر من أربعين مهنة باتت عرضة لتغيير جذري أو اختفاء محتمل في المستقبل القريب، إذا لم تُدمج تكنولوجيًا أو يُعاد تعريفها جوهريًا.

لكن الخطر الأكبر لا يكمن في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في أنظمة التعليم التي لا تزال تعمل بمنهجيات القرن الماضي، بينما يقف المستقبل أمامنا – لا يطرق الباب، بل يقتحمه.



ثانيًا: الوظائف المهددة ليست استثناء… بل قاعدة قادمة

تشير البيانات إلى أن المهن المهددة تشمل طيفًا واسعًا من الوظائف المكتبية والمعلوماتية، يمكن تصنيفها كما يلي:
• الوظائف الكتابية والمعرفية: مثل المترجمين، مؤلفي المحتوى، المحررين، كتاب الإعلانات، كتّاب السيناريو، ومدخلي البيانات.
• الوظائف التحليلية: كالمحللين الاقتصاديين، محللي الأعمال، مستشاري التسويق، ومدققي الحسابات.
• الوظائف التفاعلية والتنظيمية: مثل منسقي الفعاليات، ممثلي خدمة العملاء، مساعدي التسويق، ومديري الحسابات الرقمية.
• الوظائف البيروقراطية الروتينية: مثل أمناء المكتبات التقليديين، موظفي الحجز، كتبة الملفات، ومجهزي التقارير الورقية.

ويؤكد تقرير “ماكنزي” الصادر عام 2023 أن ما يزيد عن 70% من المهام المعرفية قابلة للأتمتة الجزئية أو الكاملة في بيئات العمل، بينما يُظهر تقرير “Gartner” أن 60% من الشركات الكبرى تخطط لتقليص وظائفها التقليدية بنسبة تتراوح بين 30% و50% بحلول عام 2028.

أما الأكثر فداحة، فهو ما جاء في تقرير “البنك الدولي” عام 2024، الذي أشار إلى أن 45% من خريجي الإعلام واللغات في الشرق الأوسط عاطلون عن العمل رغم حصولهم على درجات علمية. وهذا لا يعكس عجزًا فرديًا، بل فشلًا مؤسسيًا في قراءة الواقع والتحضير للمستقبل.



ثالثًا: الجامعات تُخرّج عاطلين… بامتياز أكاديمي

إن المشكلة الحقيقية ليست في الخريجين أنفسهم، بل في البرامج الأكاديمية التي لم تُحدّث بما يكفي لتتماشى مع تحولات السوق، ولم تُدرّب طلابها على أدوات الذكاء الاصطناعي، ولا حتى على التفكير التكنولوجي التحويلي.

لا تزال بعض الجامعات تدرّس الإعلام كما كان يُدرّس في السبعينيات، والترجمة كما كانت تُمارس في زمن القواميس الورقية، واللغات بمعزل عن علوم البرمجة وتحليل النصوص. النتيجة؟ جيل مُحمّل بالشهادات، لكنه غير مؤهل للنجاة في سوق عملٍ لا يرحم.



رابعًا: حلول جذرية تتطلب تنسيقًا مؤسسيًا عاجلًا

لتفادي انفجار البطالة في السنوات القادمة، لا بد من تحرك وطني على مستوى السياسات التعليمية والتدريبية، في صورة تنسيق حقيقي بين وزارات التعليم، والعمل، والاتصالات، والصناعة، بالشراكة مع القطاع الخاص، والجامعات نفسها. ويمكن تلخيص أبرز محاور الحل فيما يلي:

1. إغلاق أو إعادة توجيه الكليات المتجاوزة
• إغلاق الكليات غير الملائمة، مثل كليات الترجمة التي لم تُحدّث مناهجها، وأقسام الإعلام التي لا تدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأقسام العلوم الإنسانية التي لا تُخرج إلا شعارات.
• تحويل هذه الكليات إلى مراكز تدريب رقمي سريع، تتخصص في مجالات مثل الأمن السيبراني، تحليل البيانات، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

2. دمج التخصصات النظرية بالتقنيات الرقمية
• تحويل الصحافة إلى صحافة بيانات وتحليل وسائط رقمية.
• تطوير أقسام اللغات لتشمل معالجة اللغات الطبيعية NLP وتصميم الواجهات الذكية.
• إعادة هيكلة العلاقات العامة لتصبح إدارة سمعة رقمية وتحليل مشاعر الجمهور.
• فرض دورات إلزامية في البرمجة وتحليل البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي (مثل MidJourney, Gemini, Grok) على جميع الطلاب.

3. بناء شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص
• تخصيص 30% من مقاعد الجامعات لتخصصات مطلوبة بشدة بالتعاون مع Google, Microsoft, Tesla وغيرها.
• تأسيس معسكرات تدريب مهني داخل الجامعات (Bootcamps) متخصصة في مجالات مثل تصميم التطبيقات، تطوير الألعاب، وإدارة قواعد البيانات الضخمة.
• دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في المناهج اليومية لكل تخصص دون استثناء.

4. إعادة تأهيل الأكاديميين والمعلمين
• فرض شهادات مهنية مثل “مدرب معتمد في الذكاء الاصطناعي” كشرط لمواصلة التدريس.
• تحويل أعضاء هيئة التدريس في الكليات المهددة إلى مرشدين مهنيين رقميين.

5. صياغة خريطة وطنية للمهن المستقبلية
• تشكيل لجنة وطنية دائمة تضم الجهات الحكومية والخاصة لتحديد التخصصات ذات الأولوية.
• إلزام الجامعات بنشر معدلات توظيف الخريجين سنويًا، كما تفعل بعض الجامعات العالمية.
• تقديم إعفاءات مالية للطلاب المنتقلين إلى تخصصات مستقبلية.
• استقطاب كفاءات دولية مؤقتة في مجالات الذكاء الاصطناعي عبر تأشيرات سريعة.
• إطلاق حزم تمويل حكومية لدعم الانتقال إلى تخصصات مثل الهندسة الطبية، الطاقة الخضراء، وعلوم البيانات.



خامسًا: كوريا الجنوبية مثال على ما يمكن فعله

لم تتردد كوريا الجنوبية في اتخاذ قرارات شجاعة. ففي عام 2023، قامت بإغلاق 56 قسمًا جامعيًا، أعادت توجيه 80% من طلابها نحو تخصصات المستقبل.
وكانت النتيجة خلال عامين فقط:
• انخفاض معدل بطالة الخريجين من 12% إلى 4%.
• تحوّلت جامعة “سونغكيونكوان” إلى مركز عالمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي.

هذا النموذج يُظهر بما لا يدع مجالًا للشك أن الإصلاح التعليمي الجذري ممكن وفعّال، متى ما وُجد القرار السياسي، والرؤية المؤسسية، والشراكة المجتمعية.



سادسًا: التعليم التقليدي يفقد مساحات التأثير والقيمة فهو لم يعد إستحقاق مقدسً

إن الاستمرار في تعليم ما لا يحتاجه السوق هدرا للموارد والجهد، وتخريج دفعات من العاطلين في تخصصات لا تجد لها طلبًا، هو جريمة فكرية واجتماعية واقتصادية.
الذكاء الاصطناعي لا ينتظر أحدًا. والخوارزميات لا تُضرب بالعاطفة، بل تُجابَه بالمهارة.

“إذا لم تُعلّم جامعاتنا مهارات المستقبل، فسيختار الطلاب Coursera وYouTube، وسيُترك التعليم التقليدي للغبار.”
— خبير في التعليم العالي بمنظمة OECD



بإختصار شديد إن لم نستيقظ الآن، فسندفع الثمن لاحقًا

الذكاء الاصطناعي لا يُلغِي الوظائف فقط، بل يُعيد تعريف قيمة الإنسان في بيئة العمل. فإن لم نتحرك اليوم، فغدًا سيكون متأخرًا جدًا.
كل يوم تأخير يعني دفعة جديدة من الخريجين بلا مكان، وكل جامعة لا تُجدد مناهجها تُشارك في صناعة أزمة بطالة معلنة.

المستقبل قادم لا محالة… ولكن من سيبني له طريقًا في التعليم والعمل؟



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كين نورتون: المارينز الذي هزَمَ العمالقة.. وقهره النسيان
- ست ساعات في أديس أبابا: عبورٌ في شرايين القارة القديمة
- المجتمع والحضارة: عشرة محاور تصنع مصير الأمم
- تلقين الدم والتفوق: كيف تصنع المدارس الإسرائيلية جيلًا يؤمن ...
- الرومانسية الخالدة للكلمات: تأمل في الحب وإرث برونتي عبر آفا ...
- زلزال روسيا المهيب يقرع جرس الخطر: العالم على موعد مع موجات ...
- حين تعبت من مطاردة الكمال… وجدت الطريق في الداخل
- حين تُبتر الساق وتُبتر الذكرى: قراءة فلسفية ونفسية في رسالة ...
- الجدل العقائدي بين النقد أم الشيطنة؟ حين نرى العالم بعين واح ...
- حين يُصبح الصمتُ العالمي شريكًا في الإبادة
- الهوية الأمازيغية بين وهم النقاء وخديعة الجينات: صراع الانتم ...
- حين تعشق أجنحة الطائر أسلاك القفص
- شخصية الضحية المزمنة: بين قناع الضعف وحقيقة الاستنزاف المقدس ...
- ومضات من حياة ديكنز (الجزء الثاني): عبقريةٌ مزدوجة وظلالُ زو ...
- إبادة غزة تسقط الهولوكوست من كافة المعايير الانسانية ومن الا ...
- السيخية بين الروح والتاريخ: تأملات رحّالة بين المعابد
- عندما يضيء عقلك عتمة حياتك: أربعون درسًا من قلب الطريق
- الابتسامة التي تُبنى عليها الإمبراطوريات
- ملفات إبستين: التستر الكبير، الانقسام المؤسسي، وامتحان الشفا ...
- لوران ديكريك… عندما تصبح الأسئلة التاريخية جريمة أخلاقية


المزيد.....




- ماكرون يتشدد.. منحدر جديد في العلاقات الفرنسية الجزائرية
- ما تداعيات قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وما هي خ ...
- ما حجم التقدم في مباحثات ويتكوف وبوتين لإنهاء حرب أوكرانيا؟ ...
- رغم فرضه عقوبات على روسيا.. البيت الأبيض: ترامب مستعد للقاء ...
- اصطحبت طفليها إلى الشاطئ.. ابنة هالك هوغان تفسّر سبب عدم حضو ...
- موجات الحرّ -تفتك- بإسبانيا: تسجيل أكثر من ألف حالة وفاة خلا ...
- الجيش السوداني يعلن إسقاط طائرة إماراتية -محملة بمقاتلين أجا ...
- 200 منظمة خيرية ووكالات أممية تدعو إسرائيل لإلغاء تشريع
- جنوب أفريقيا تدعو العالم للاعتراف بفلسطين ووقف الإبادة الجما ...
- تعرف على 5 تحف معمارية تزين الرباط


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أوزجان يشار - الذكاء الاصطناعي ينهش الوظائف التقليدية… والتعليم لا يزال في غيبوبة عن المستقبل