أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سمير خطيب - مُسافِرونَ في الحافِلةِ 480














المزيد.....

مُسافِرونَ في الحافِلةِ 480


سمير خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 03:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


✍️: سمير الخَطيب
I
نَحنُ نُجيدُ فنَّ التَّظاهُرِ حتّى الإتقانِ،
أن نَحيا وِفقَ سيناريو مَكتوبٍ بِحِبرِ الضَّرورةِ،
ونَمُدَّ أيدينا في مَراسِمِ الاِضطِرارِ،
ونَنحَني — لا خُضوعًا — بَل كَي لا تَنكِسِرَ رَقَبةُ الحُلمِ.
تَعلَّمنا صَمتًا أعمَقَ مِنَ البَحرِ،
تعلّمنا أنَّ للصوتِ ميزانًا... لا يَزِنُهُ إلّا الصّمتُ حينَ يَنفَجِر.
II
لا تُخدَعنَّكم رقّةُ الغيمِ فوقَنا..
وأنَّنا قَد صِرنا أكبَرَ مِنَ الحِقدِ، أرحَبَ مِن قَبضةِ الغضبِ،
أنَّ قَلبَنا قَدِ احتَوى المَطَرَ... وغَسَلَ النُّدوبَ،
إن الحقيقةَ — يا صَديقَ اللَّيلِ —
أعقَدُ مِن خَريطةٍ رُسِمَت بِالحِبرِ على صخر الرُّخامِ.
III
ثَمَّةَ في أعماقِنا كائِنٌ يُحسِنُ التَّرَفُّعَ،
يَصفَحُ كَي لا يُشبِهَ الجَلّادَ...
لكنَّهُ لا يَغفِرُ،
يَصرُخُ لا لِيُسمَعَ، بَل كَي لا يَختَنِقَ،
يَحمِلُ إعصارًا مِنَ الكَلِماتِ... ويَكتُمُهُ،
لا يَنسى، بَل يُخبّئُ الذِّكرى كَما تُخبّأُ الحِجارةُ في حُضنِ الأرضِ،
يُخبّئُ الإهانةَ في صُندوقٍ مِنِ ابتِساماتٍ مَطلِيّةٍ بِالذَّهَبِ،
يَبلَعُ الشَّتيمةَ في كأسٍ مِنَ الحِكمةِ المُرَّةِ،
ويَقولُ لِلجَلّادِ حينَ يَعبُرُ الطَّريقَ:
"نَهارُكَ سَعيدٌ، أُستاذُ..." ويمد أيديه ليصافح
ثُمَّ يَعودُ إلى البَيتِ
لِيَغسِلَ يَدَيهِ ألفَ مَرَّةٍ وألفًا أُخرى
ولا يبرأ الجلد من سُخامها .
IV
لَسنا ضُعَفاءَ — كلّا،
لكنَّنا مُحاصَرونَ بِألفِ خَيطِ حَريرٍ... يَخنُقُ،
مُجبَرونَ على العَيشِ بَينَ مَن يَرَونَ في وُجودِنا خَطَأً،
ولا نَستَطيعُ الرَّحيلَ...
لأنَّنا نَحنُ الهَواءُ،
ونَحنُ التُّرابُ،
ونَحنُ الَّذينَ أَوجَدُوا الطَّريقَ قَبلَ أن يرسموا الخَرائِطُ.
نَقولُ: "نُسامِحُ"،
لكنَّنا لا نَنسى.
نَمُدُّ أيدينا في العَلَنِ كَالزَّيتونِ،
لكنَّنا نَضُمُّ قُلوبَنا في الخَفاءِ كَاللُّؤلُؤِ.
نَبتَسِمُ...
لا لأنَّنا نُحِبُّ، بَل لأنَّنا نُؤجِّلُ الصُّراخَ
كَي يَبقى مِنّا مَن يَشهَدُ أنَّ البَقاءَ فِعلٌ يَوميٌّ.
V
كُلَّ صَباحٍ
أجلِسُ في الحافِلةِ ذاتِها رَقمِ 480
أتَنَفَّسُ بَينَ مَقعَدَينِ:
واحِدٍ فيهِ عِطرُ الياسَمينِ مِن نافِذةِ جَدَّتي،
وآخَرَ فيهِ غبار الإسمنتِ الَّذي ظَنَّ أنَّهُ يُغيِّرُ التّاريخَ.
أنا لا أُشبِهُهُم في شَيءٍ
لكِنَّني أُجبَرُ على أن أَصيرَ ظِلَّ الظِّلِّ
كَي لا تَضيعَ هُوِيَّتي في ضَوضاءِ النَّهارِ.
VI
نَحنُ — الَّذينَ نَعيشُ على الحَدِّ الفاصِلِ بَينَ الغَضَبِ والحِكمةِ —
لا نُشفى مِنَ الجُرحِ أبدًا،
بَل نَعتادُ وُجودَهُ كَما يَعتادُ السَّجينُ على صَوتِ القُفلِ كُلَّ لَيلةٍ.
نَحفَظُ أسماءَ الشَّوارِعِ بِلِسانَينِ،
ونُحِبُّ الأرضَ بِقَلبَينِ،
ونَرتّلُ في الخفاءِ ما يُبقي نبضَنا... قيدَ البقاء.
VII
هكذا نَعيشُ —
نَنبِضُ في الخَفاءِ
ونَحتَفِظُ بِالجُرحِ كَما تَحتَفِظُ الأرضُ بِالبُذورِ
في اِنتِظارِ فَصلٍ لا يَأتي في التَّقويمِ الرَّسميِّ
لكنَّهُ مَحفورٌ في تََقويمِ الرُّوحِ... والذّاكِرةِ.
VIII
نَحنُ الَّذينَ لا نَستَطيع أن نَكونَ غَيرَ ما نَحنُ عليهِ...
حتّى لَو كَلَّفَنا ذلِكَ أن نَعيشَ على الحافَةِ أبدًا."



#سمير_خطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الكود والروح
- قارئة الفنجان
- على شفير الانفجار: هل بدأ العدّ التنازلي للحرب العالمية الثا ...
- في مأدبة الكاميرات‼️
- #رغيف_الخبز_في_غزة
- فلسطين… بوصلة التموضع في العالم المتعدد الأقطاب: هل تستطيع ا ...
- ))العقل بين الحصار والتحرر(( قراءة فلسطينية ماركسية لمشروع د ...
- اليوم الثامن - قصة تأملية فلسفية
- طائِرُ الفِينِيق الأَسِير... نَسْلُ الأَبَدِيَّة
- أيّوبُ القرنِ الواحدِ والعشرين
- لحن الحياة- قصة قصيرة
- قناع الليبرالية وذراع الصهيونية: بين دم الحقيقة , خجل الخطاب ...
- فَاطِمَةُ وَالْمِفْتَاحُ الْخَالِدُ
- التراجع الاستراتيجي
- يوم الارض
- دورةُ الأسى ما بين غزَّة ومكَّة
- أيمن عودة يريد تغيير الواقع لا أن يحلله ويحتج عليه فقط| سمير ...
- 75 عاما على قيام اسرائيل ...أزمة سياسية أم ازمة هوية وجودية ...
- التاريخ الزائف: ملاحظات حول كتاب -الحزب الشيوعي الإسرائيلي و ...
- في الذكرى ال- 104 لإنطلاقة ثورة أكتوبر الإشتراكية


المزيد.....




- مصر.. صورة مبنى -ملهوش لازمة- تشعل سجالا واستشهادا بهدم كنيس ...
- حصري لـCNN.. نجمة يوتيوب -السيدة راشيل- ترد على انتقادات دعم ...
- في إيران.. بحرينية تستكشف كهفًا ينبت فيه الشَّعر احتار العلم ...
- إسرائيل تقرّ خطة للسيطرة على مدينة غزة
- الولايات المتحدة تزيد مكافأة القبض على مادورو إلى 50 مليون د ...
- -قمة سلام تاريخية-.. ترامب يستضيف زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي.. أوبن إيه آي تطلق التحديث ا ...
- -كمين- في ريف بنسلفانيا.. مسلح يقتل جارته ويصيب شرطيين
- لماذ يقلل الخبراء الروس من أهمية لقاء بوتين-ويتكوف في موسكو؟ ...
- لماذا يكره -نبي الجغرافيا- أميركا وأوروبا إلى هذا الحد؟


المزيد.....

- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سمير خطيب - مُسافِرونَ في الحافِلةِ 480