أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سمير خطيب - في الذكرى ال- 104 لإنطلاقة ثورة أكتوبر الإشتراكية















المزيد.....

في الذكرى ال- 104 لإنطلاقة ثورة أكتوبر الإشتراكية


سمير خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 7069 - 2021 / 11 / 6 - 21:19
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في ذكرى إنطلاقة ثورة أكتوبر الإشتراكية

من الصعب الحديث عن هذه الثورة بعد انهيار الدولة التي أسستها وهي الإتحاد السوفياتي ، وذلك لأني ما زلت استحضر مشاهد الحياة اليومية والعزة والعظمة التي كانت هناك في الاتحاد السوفياتي قبل الإنهيار ، وأعترف انه لم يكن كل شيء ورديا ،وكان الكثير مما يجب تحسينه، أو تعديله وكنت أقول إنها التجربة الأولى وكل تجربة تأخذ العبر من سابقتها ، ولكني لم اتوقع هذا الانهيار وبهذه السرعة .

كثيرة هي الثورات على مر التاريخ ، وأول الثورات كما يعلمنا التاريخ هي ثورة الفلاحين عام 2132 قبل الميلاد ضد الأسرة الفرعونية الحاكمة ، وهناك ثورة أخناتون الدينية ، وشهد العالم العربي والاسلامي ثورة القرامطة وثورة العبيد في مكة الخ ، وصولا الى الثورات في العصر الحديث مثل الثورة الفرنسية التي كانت لها الأثر الأكبر على ماركس وانجلس عندما بدأت تتشكل لديهم النظرية الماركسية وتفسير حركة التاريخ والمجتمع0 ، وكل هذه الثورات بغالبيتها عفوية غير منظمة وهي نتاج الظلم والغبن اللاحق بالبشر ورغبة بالحرية وتحسين ظروف المعيشة ، ولهذا غالبيتها باءت بالفشل ، وإن كان حصل تحسن باوضاع الناس نتيجة بعض الإصلاحات التي قامت بها السلطات الحاكمة، تحسبا ودرء لثورات قادمة أخرى ، ووحدها الثورة الإشتراكية في روسيا كانت نتيجة دراسة معمقة للواقع السياسي والإقتصادي لروسيا القيصرية ، والذي لم يتناسب مع النظرية التي وضعها ماركس أن الثورة الإشتراكية يجب أن تبدأ في دولة رأسمالية متطورة مثل بريطانيا او ألمانيا وليس روسيا التي كانت دولة إقطاعية والرأسمالية فيها في بدايتها ، وبالتالي لا توجد طبقة عاملة كبيرة في روسيا .ومع هذا قرر الحزب البلشفي بقيادة لينين القيام بالثورة في روسيا (ما عرف لاحقا باللينينية ) وهو إمكانية نجاح الثورة الإشتراكية عبورا عن مرحلة الرأسمالية ، ونجحت الثورة وانجزت الكثير من الإنجازات الاقتصادية والعلمية والسياسية المغمسة بعرق ودم العمال والفلاحين وقسم من المعارضين ، ولكن للأسف بعد سبعين عاما انهار الحلم الإشتراكي وانهار الإتحاد السوفياتي.

لن اتطرق هنا لأسباب الانهيار الخارجية وأهمها الحصار السياسي والاقتصادي الذي كان مفروضا على الإتحاد السوفياتي، ولا للأسباب الداخلية كالبيروقراطية وغياب التحفيز الذاتي وتحويل الدولة للرأسمالي الكبير، ولكني ساتطرق للثورة ذاتها، فلأوّل مرّة في التاريخ الحديث تتفجّر ثورة شعبيّة بهذا العمق والمساحة والأبعاد. ولأوّل مرّة كذلك يزحف المستضعفون من العمال والفلاحين على الطغاة بهذا الشكل، ويواصلون الزحف حتّى يعصفوا بوجودهم ويستولوا على السلطة من أجل تحديد مستقبلهم بأنفسهم ، وقد انتصر البلاشفة في ثورة اكتوبر ١٩١٧ الروسية لأنهم تجرأوا بالدرجة الاولى على طرح مسألة السلطة. والحقيقة، لم يكن تسلّم السلطة من قبل مجالس العمال والجنود (السوفييتات) ذات الاغلبية البلشفية تعبيرا عن جهوزية المجتمع الروسي لثورة إشتراكية تستطيع أن تحلّ التناقض بين رأس المال والعمل. بل كان حسما لصراع بين سلطتين: سلطة الحكومة المؤقتة ذات وجهة جمهورية برجوازية، وسلطة منافسة قاعدتها مجالس العمال والجنود والفلاحين ذات وجهة اشتراكية ، وبعد الاستيلاء على السلطة بدأ بناء الإشتراكية في دولة مترامية الأطراف ، تعتمد على الزراعة بالأساس في ظل حرب خارجية وحرب أهلية دموية استمرت ثلاث سنوات حتى استقر النظام السوفياتي ، وبدأت مسيرة اللحاق بركب الدول الرأسمالية الغنية والمتطورة ، إلى أن استطاع الإتحاد السوفياتي أن يتحول إلى دولة عظمى عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، وهنا يسأل السؤال هل نجاح الثورة الإشتراكية في روسيا ساهم في إطالة عمر الرأسمالية بدلا من القضاء عليها ؟ وذلك من منطلق منع الثورات القادمة ونجاحها استطاعت الرأسمالية بمرونتها تقديم بعض التنازلات الشكلية مثل تحسين ظروف العمل والعمال، والضمان الإجتماعي وزيادة المحفزات للعمال وتخفيف حدة الصراع بين رأس المال وقوة العمل منعا لوصول حالة من الصراع والصدام تؤدي إلى انفجار ثورة اشتراكية قادمة ؟ وحتى لو كان الجواب ايجابيًا ، مع أنه لا يمكن إثبات ذلك ، تبقى الحقيقة الصارخة للعيان وهي أن الثورة الإشتراكية في روسيا ساهمت مساهمة كبيرة بتطور البشرية جمعاء ، (في روسيا وباقي دول العالم ) وذلك بتحسين الكثير من ظروف العمال والفلاحين في الدول الرأسمالية وفي مجال حقوق الإنسان ورفعت من مكانة المرأة في تلك الدول ، ويكفي هنا أن أذكر أن أول دولة أقرت إذن الولادة المدفوع للنساء هي الإتحاد السوفياتي .

إن استذكار هذه الثورة المجيدة والتضحيات التي قدمتها شعوب الإتحاد السوفياتي ، تعتبر نقطة انعطاف جذرية في تاريخ العالم، حيث غيرته لأكثر من سبعين عاماً، والتي ستظل مضيئة على الدوام في هذا التاريخ العاصف، إن هذه الثورة ومبادئها العليا في الخبز والأرض والسلم ستبقى خالدة في وجدان كل المناضلين من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية، فعلَمُ النضال ضد الظلم ومن أجل الاستقلال مازال يرفرف، رغم الضجيج بنهاية الأيديولوجيا.

لقد برزت قيمة الانجازات التي حققتها ثورة اكتوبر في المرحلة الراهنة, وبعد غيابها في ظل أنظمة الحكم الرأسمالية المستندة الى اقتصاد السوق واستغلال قوة عمل العمال لزيادة ارباحها . وفرضت عليها عدم إهمالها, فالحاجة مُلحة وضرورية الى تقييم متوازن يجمع بين الثغرات والتجاوزات التي أدت الى المآل المأساوي للتجربة الإشتراكية في الاتحاد السوفياتي, وبين ما حققته من تجاوز التخلف والعوز والاستقطاب الاجتماعي الفاقع, مراحل تاريخية بكاملها,وصولا الى بناء مجتمعات جديدة قائمة على مباديء العدالة والمساواة.

واخيرا ليس آخرا، أَبان الاتحاد السوفياتي وبلدان المنظومة الاشتراكية ، على الرغم من كل شيء، أن ثمة إمكانية لبناء ملامح مجتمع جديد، ليس قائما على مبدأ الربح وتقديس السوق والملكية الفردية، مجتمع يحقق مقادير عالية من تكافؤ الفرص لمواطنيه الاقل يسرا، ويفي بالحاجات الرئيسية للجميع في العمل والتعليم والسكن والطبابة، مجتمع يضع العدالة الاجتماعية على جدول أعمال التحقيق الفعلي ويعطي في الوقت ذاته قيمة خاصة للثقافة والفن والتراث الشعبي.

من هنا ، فان سقوط تجربة واحدة في بناء بديل اشتراكي للرأسمالية ليس يعني ان الرأسمالية صارت نهاية التاريخ، ولا هو يشير الى استنفاد البشرية لضرورة وامكانية بناء بدائل أخرى، خصوصا إذا نجحت القوى المناهضة للرأسمالية في التعلّم من دروس واخطاء التجربة الرائدة الاولى. والذين يقولون إن فشل أول تجربة في بناء الاشتراكية يقضي على أي امكانية لقيام الاشتراكية أصلا !!، يُردّ عليهم بالمثال التالي : أن أول البشر الذين حاولوا الطيران سقطوا أرضًا ومات معظمهم. لكن ذلك لم يمنع أن ينجح البشر أخيرا في الطيران.

ما انفكت البشرية تحلم ، وما زالت تمضي بأحلامها إلى العدل والمساواة وتوزيع الثروة العادل والعلم والهواء والنور، هذا حلمها، وقد قامت التجربة الاشتراكية بأخطاء كثيرة ، لكنها كانت أخطاء على الطريق الصحيح، أي الطريق الذي يسترشد بالعدل، بينما أنجزت الرأسمالية الكثير على طريقٍ خاطئ، أي طريق تعيش فيه الأقلية على حساب الأغلبية. أخطاء على الطريق الصحيح، وإنجازات على الطريق الخاطئ. هذه هي المعادلة الصحيحة ولهذا ألف تحية لثورة أكتوبر الاشتراكية وإن ضلت الطريق، وتحية للثورة لأجل مصالح الناس ، وللأماني بعالم عادل حقًا.



#سمير_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوحة بانورامية
- لماذا أنا شيوعي؟
- إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي ...
- في الطريق إلى قرار التقسيم!!
- أردوغان وماكرون.. تصدير مشاكل داخلية بواسطة استغلال الدين
- نعم ل -المراجعة- ... ونعم ل -التراجع-
- جدارية السنديانة الشيوعية
- لوليتا وليليت/ث... وغوص في بحر الأدب والميثولوجيا
- يوم الأسير الفلسطيني
- إلى أين ذاهبون ؟
- الحزب الشيوعي الإسرائيلي ومشروع ابتعاث الطلاب للدراسة الاكاد ...
- في ذكرى مجزرة دير ياسين 09/04/1948
- الصراع الطبقي في تجلياته المؤلمة في فيلم -الحفرة- !!
- دَرْءُ المفاسِدِ مُقدَّمٌ على جَلْبِ المصالح .
- الاقصاء التعسفي الاقصاء الطوعي وما بينهما..
- آه يا زمن التمني !!!!!
- ما بين الشوفينية وعقدة النقص القومية
- دراسة تحليلية بمناسبة 100 سنة على ثورة اكتوبر: جدلية الثورة ...
- جدلية الثورة والدمقراطية والإشتراكية (1-2) - دراسة تحليلية ب ...
- لماذا يحب الشيوعيون فيدل كاسترو


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سمير خطيب - في الذكرى ال- 104 لإنطلاقة ثورة أكتوبر الإشتراكية