أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!














المزيد.....

جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 04:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


في يومٍ كان من المفترض أن يكون عادياً، تحوَّل الخامس والعشرين من تموز إلى لحظةٍ مريرةٍ للتأمل في معنى الوفاء… والنسيان.

لحظة الإفراج عن الرفيق جورج إبراهيم عبد الله، بعد أكثر من أربعة عقود قضاها خلف القضبان، لم تكن مجرد خبرٍ سار، بل كانت صدمةً أخلاقيةً موجعةً لكلّ من مرّت حياته مرور الكرام، بينما ظلّ هو هناك، سجيناً في عتمة الزنازين الفرنسية منذ عام 1984.

نكتب الآن بفرحٍ ممزوجٍ بالخجل… بترحيبٍ خجولٍ تأخّر واحداً وأربعين عاماً.
نكتب، وقد تأكدنا أن الجدران كانت أوفى منّا؛ صبرت معه، احتفظت بصوته، وصارت تحفظ وجهه أكثر مما نحفظه نحن.

سامحنا يا جورج،
لأننا أكملنا حياتنا… ذهبنا إلى أعمالنا، تناقشنا في السياسة، عشقنا، سافرنا، شربنا القهوة في الصباح، وتبادلنا التهاني في الأعياد، بينما كنت تطفئ شموع الحرية وحدك، في زنزانةٍ ضيقةٍ، حيث لا شمس تعترف بالوقت.

سامحنا يا جورج،
لأننا لم نصرخ بما يكفي، لم نحاصر السفارات، لم نكتب اسمك على الجدران، لم نحملك في قلوبنا كما ينبغي، لم نربِّ أبناءنا على حكايتك، كما تُربّى الأجيال على أساطير البطولة الحقيقية.

نعتذر لأننا لم نقف كلّ صباحٍ لنعدّ الأيام التي مرّت عليك هناك.
نعتذر لأن صمتنا كان طويلاً… أطول من لياليك الباردة.
نعتذر لأن خذلاننا لك لم يكن مرةً واحدة، بل خذلناك كلَّ يومٍ، بصمتنا، ببلادتنا، بنسياننا.

ولأن الحبر لا ينسى، نستعيد اليوم كلماتٍ كتبها لك الراحل الصحفي الكبير طلال سلمان، قبل أكثر من عقد، حين قال لك بحبٍّ وحرقة:
"لا تعُد يا جورج… لا تعُد."
قالها لأنه خاف عليك من وطنٍ تغيّر، من ناسٍ استبدلوا البوصلة، من زمنٍ لم يعُد يُنصف الأوفياء.
لكنك عدت.
عدت لأنك من طينةٍ لا تعرف الهروب، لأنك لم تفرّ من قدرك، كما لم تهرب من قضيتك.
عدت… ولم تسمع النصيحة.
فهل نستحقك؟

لقد قلتها يومًا أمام قضاتهم:
"أنا مقاتل، ولست مجرماً."
كان يجب أن نردّدها معك، أن نحملها كما نحمل نشيداً، أن نجعلها شعاراً لا يموت.
لكننا تركناك وحدك، في مواجهة عالمٍ لا يعترف بالشرفاء.

اليوم تعود، حرّاً… شامخاً…
لكننا لسنا أحراراً من خيبتنا.
لقد خذلناك… ونعترف.

سامحنا يا جورج، إن كان في قلبك متّسعٌ لمن خانوا الذاكرة.
سامحنا، فإنّ العار أقسى من السجن… ونحن نحمله اليوم في صدورنا.

وسيستقبلك الجميع بالقبلات، والأحضان، والخُطب الطنّانة.
ستُقام المهرجانات احتفاءً بعودتك سالماً، وستُخصَّص لك المقابلات على الشاشات الفضائية والأرضية، وفي الصحف التي تعيش زمن بؤسها المهني والأخلاقي.

لكن الحقيقة المُرّة، التي ستتكشّف لك بعد أيام، أن زنزانتك كانت أرحب، وأن سجّانيك هناك، كانوا أرحم من سجّاني بلادك… الذين ألغوا معنى الوطن والمواطن، فكيف بالمناضل؟

*[محمود كلّم]- كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة تكشِفُ عوراتِ الأُمّةِ!
- غزة... مرثيةُ أمةٍ فقدت شرفها!
- الطفلة شام تسأل عن الطعام في الجنة، وغزة تموت جوعاً!
- نداء عاجل إلى العشائر العربية المتجهة إلى السويداء!
- بين الترفيع والترقيع: المشهد الفلسطيني في لبنان تحت المجهر
- الشيخ مرهج شاهين... حين يُهان الوقار ويسقط وجه الأمة!
- بيان نويهض الحوت تلتحق بشفيق وأنيس... ويصمت صوت الحقيقة
- غريبٌ بين النجوم
- إِصلاحٌ أم انتقامٌ؟ قراءةٌ في تحرُّكاتِ -القيادةِ الفلسطينيّ ...
- ما بين -الشجرة- وغزة... أنشودة الدم التي لا تموت!
- غسّان كنفاني وناجي العلي: حين يكتُبُ الحبرُ والدّمُ تاريخنا!
- غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!
- غزة... وحيدة في ليل الخذلان!
- غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!
- من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!
- غزّة... تنزفُ في عرض البحر!
- غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!
- غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!


المزيد.....




- -بينهم أوبرا وينفري وبيونسيه-.. ترامب: يجب محاكمة هاريس بتهم ...
- قائد شرطة يكشف تفاصيل حادثة طعن 11 شخصًا في متجر أمريكي
- بن غفير يعلق على قرار زيادة المساعدات إلى غزة.. ويعلن استبعا ...
- نهاية -احتجاج الجسر-.. ناشطو -غرينبيس- ينجحون في إيقاف ناقلة ...
- التجنيد الإجباري.. تعميق لأزمة نقص العمالة الماهرة في ألماني ...
- إسرائيل تعلن -تعليقا تكتيكيا- يوميا لعملياتها العسكرية في من ...
- ويتكوف: المفاوضات مع حماس تعود إلى مسارها
- غزة بلا إذاعات.. من يملأ فراغ الأثير بعد أن أسكتته الحرب؟
- دكار تحتضن اتفاقيات سنغالية-فيتنامية لتعزيز التعاون الثنائي ...
- الجزائر.. الدفاع المدني يكافح للسيطرة على حرائق بشرق البلاد ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - جورج إبراهيم عبد الله: حين يعود المناضل… ويغيب الوطن!