أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - خيبة الأمل في 23 يوليو














المزيد.....

خيبة الأمل في 23 يوليو


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 18:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن 23 يوليو 1952 كانت مُعبرة عن انقسام حقيقي وعميق عبر المنطقة العربية ما بين معسكر ماضوي، رجعي لا زال يعيش في ماضٍ غابر ومُصر على مواصلة العيش هناك ولو من تحت عباءة جديدة ومعسكر آخر يتطلع إلى المستقبل، تقدمي يسعى للتخلص من تركة الماضي الثقيلة حتى يستطيع اللحاق بالحداثة العالمية آنذاك ثم التقدم نحو مستقبل أكثر إشراقاً. لكن الواقع الآن، بعد مرور أكثر من 73 عاماً، أن هذا المعسكر الرجعي نفسه هو الذي حقق تقدماً فعلياً وملموساً على معظم الأصعدة، من العمران والتكنولوجيا والسلاح والتجارة والأعمال والبورصة والتصنيع إلى الرعاية الصحية والتعليم ومتوسط دخل الفرد والناتج المحلي الإجمالي...الخ في حين تراجعت مؤشرات أداء المعسكر التقدمي على معظم الأصعدة حتى مقارنة بمعدلاتها الحقيقية قبل عام 1952. قبل 1952، كان العالم العربي منقسم بالفعل إلى عالمين مختلفين؛ وهو حتى اليوم، في 2025، لا زال على نفس هذا الحال. لكن المفارقة تكمن في أن التقدمي تراجع بينما تقدم الرجعي. اليوم أصبحت الممالك العربية قبلة استثمارات وزيارات ومحط اهتمام واسترضاء العالم، بينما أصبحت الجمهوريات العربية خرابات وأنقاض يقصدها العالم بجهود الإغاثة والاسعاف للحد من الخسائر ومحاصرة الفوضى التي يخاف من أن تطال بلدانه، لا بغرض الاستثمار أو خطب الود أو ما شابه. الأشد وجعاً لا يزال، أن ذات الجمهوريات التقدمية أصبحت تعيش اليوم فيما يشبه العالة على تبرعات وهبات وصدقات ذات الممالك الرجعية نفسها التي ما كانت حتى تجد ما تأكله قبل 1952، فضلاً عن المعونات والقروض والمساعدات الآتية من دول غنية ومنظمات دولية. كيف تحول الأمل إلى كابوس؟

قد يقول كثيرون: "لم يكن أملاً حقيقياً؛ كان وهماً بُني من سراب". هذا القول غير صحيح لأنه يفتقر إلى وقائع تدعمه. الحقيقة أنه لم يكن أبداً سراباً بقدر ما كان أملاً حقيقياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إليكم الوقائع المؤيدة. وفق كل المقاييس الممكنة، كانت مصر قبل 1952 متقدمة على السعودية- المتربعة الآن فوق العرش العربي- بآلاف الأميال أبعد من التقدم الذي أحرزته المملكة اليوم على شقيقتها الجمهورية. في ذلك الزمن الماضي، كانت الحجاز أشبه بمحمية مصرية، تنتظر حتى تأتيها كُسوة الكعبة من صنع أيادي مصرية. في العمران والتكنولوجيا والصناعة والسلاح، في التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وحتى الديني كانت السعودية أقرب إلى نقطة العدم منها إلى الدرجة التي قد بلغتها المملكة المصرية على هذه الأصعدة آنذاك. لم يقتصر الأمر على مصر وحدها. لكن كان الحال أشبه بذلك أيضاً مع حالتين حداثيتين أخريين في سورية والعراق. هكذا كانت كل المقدمات المنطقية والحقائق الموضوعية على الأرض آنذاك تقطع بما يدع مجالاً للشك أن المستقبل يسير بلا رجعة مع مصر وسورية والعراق على وجه التحديد، لا مع السعودية والإمارات وقطر كما كشفت الوقائع فيما بعد. كيف، ومن أين، جاءت هذه المفارقة المستعصية على الفهم؟ كيف لا تُنتج المعطيات المؤكدة النتائج التي لا يمكن إلا أن تنتج منها؟ هل يُعقل أن يكون حاصل جمع 5+5 = -100 (سالب مائة)؟ هل من تفسير يقبله العقل؟

الفشل. نعم، الفشل. الوقائع على الأرض لا تخلق نفسها، بل يصنعها ويحفظها وينميها البشر أنفسهم. وهم، هؤلاء البشر، كما يستطيعون خلق الوقائع يمكنهم أيضاً إهدار ما قد تراكم منها بفضل مجهودات السابقين واستنزافه إلى حد الفناء. كانت لدى التقدميين في 1952 وقائع جيدة تحت أيديهم تسمح لهم بالأمل في بناء مستقبل أفضل وأكثر اشراقاً؛ لكنهم أهدروها وقادوا بلدانها إلى طريق مظلم ومسدود. بينما كان لدى الرجعيين في 1952 وقائع بدائية وفقيرة للغاية تحت أيديهم لا يمكن أبداً لعاقل أن يصدق أن يصنعوا منها أي مستقبل واعد لبلدانهم وسط دول العالم الحديث. لكنهم فعلوها- نجح الرجعيون فيما فشل فيه التقدميون. المحصلة، اليوم تعيش الممالك العربية حاضراً ما كانت تحلم به، بينما تعيش الجمهوريات العربية حاضراً ما كان يخطر أبداً حتى في أحلك كوابيس أشد المتشائمين من أبنائها في 1952.

يمكنك أن ترمي مسؤولية الفشل عمن تشاء، أياً ما كان أو يكون أو سيكون. كل هذا لا يهم إطلاقاً ولا ولن يغير من حقيقة الأمر شيئاً. الحقيقة واضحة والفشل أيضاً واضح. ويبقى أن من يفشلون، أو ينجحون، هم البشر فقط وليس أي شيء أو كيان آخر. لقد كان الأمل في 1952 حقيقياً ومشروعاً. لكن الفشل في بلوغ هذا الأمل الحقيقي والمشروع ولَّدَ في النفوس خيبة أمل كبيرة. ومن حرارة خيبة الأمل الكبيرة تلك اشتعلت ثورات الربيع العربي، داخل الجمهوريات نفسها التي رفعت شعارات تقدمية ضد ممالك رجعية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصريون بين طرحةً ناصر وحجاب المُرشد
- شكوى إلى الله ضد إسرائيل
- في الدولة جنة الإنسان على الأرض، أو هكذا ينبغي
- ما هي حقيقة الدولة؟
- هل كانت 30 يونيو ثورة؟
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
- أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما ...
- تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين ...
- حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
- بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
- لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟ ...
- حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - خيبة الأمل في 23 يوليو