أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - شكوى إلى الله ضد إسرائيل














المزيد.....

شكوى إلى الله ضد إسرائيل


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 14:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اللهم إنّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل من بني إسرائيل عِبرة وعِظة للعالمين، وأن تنصر عليهم أُمة الإسلام والمسلمين. ألا ترى كيف يعيثون فساداً في أرض فلسطين؟! إنهم منذ نحو مئة عام الآن يذيقون عبادك هناك أشر أنواع الذل والبغي والظلم. ألست أنت حقاً المطلع، العليم، البصير، العادل كما تُسمي نفسك؟ أين قصاصك وعدلك إذن؟!

نعم يا إنسان. أعرفك منذ يوم خلقتك. كائن أناني مغرور بنفسك. تحسب أني قد خلقت الكون سُخرة لك، أنت وحدك. وغرورك هذا لا يقف عند حد. لكنه ماضٍ بك إلى حد تخيل أن الكون بما فيه وحتى خالقه نفسه رهناً برغباتك وأمنياتك وشكاويك، تحركه بإشارة من يديك وتحريك شفتيك ببعض كلمات سقيمة. تعتقد أني يجب أن أسمع شكواك، وأتدخل بقدرتي المطلقة حتى أغير لك الكون ليصبح كيفما تريد أنت لا كيفما خلقته أنا. هل تظنني شيء ملك يمينك، مصباح علاء الدين مثلاً أو مسخ آخر تدعوه أو تطلب منه فيجيبك "شبيك لبيك، عبدك وبين أيديك"؟!

لكنك قد وعدت بذلك عبادك المخلصين في كتبك المقدسة. وعدتهم بنصرتك لهم ضد أعدائهم، ليس في الآخرة فحسب لكن في هذه الحياة الدنيا أيضاً. أليس كذلك؟

ألم أقل لك مغرور؟ ومن تظن نفسك أنت من بين مخلوقاتي كافة حتى أخصك وحدك دونهم بعهد أو وعد مهما كان؟ ألا تعلم أن العهد فيه التزام، إذا لم يكن أمام آخرين يكون أمام مبادئ الشخص نفسه. بمعنى أن الشخص حين يعطي عهداً يرهن إرادته إما لأشخاص مثله أو لمبادئه الشخصية. ألا تعرف أن إرادتي مطلقة، لا يمكن رهنها لمخلوق مثلك ولا حتى لصفة من صفاتي الإلهية، لأني حينئذٍ سأصبح مقيد الإرادة بشيء أعلى من ذاتي الإلهية وهذا أمر محال في إله مطلق الحرية لا يقيده شيء مهما كان.

ربي. ألم تتدخل ذات يوم لإنقاذ عبادك المخلصين، بني إسرائيل أنفسهم، من ظلم فرعون مصر بمعجزة مشهودة؟ نحن المسلمين، لأننا أصبحنا عبادك المخلصين وليس بنو إسرائيل الذين حرفوا دينهم، نسألك أن تنقذنا من ظلم اليهود اليوم كما أنقذتهم من ظلم الفرعون بالأمس، ولو حتى بمعجزة مثلما فعلت معهم.

إنسان جاهل حقاً. من قال لك أنني قد تدخلت بفعل إعجازي عطل مفاعيل الكون لخاطر سواد عيون اليهود في ذلك الزمان؟ ألم أكن أستطيع بدلاً من شق البحر لهم حتى يلوذوا بالفرار أن أفني لهم المصريين عن بكرة أبيهم حتى أُمكن اليهود من أرض مصر ليتخذوها وطناً لهم، بدلاً من الضياع في الشتات آلاف السنين من عمرهم عبر أنحاء الأرض؟! لماذا تظن أن فيك سراً يجعلك أعظم ما في الكون كله والمحبب إليّ على وجه الخصوص؟ أنت يا إنسان الذي تحب وتكره، تتعاطف وتثأر. لكنني، أنا الله، لست مثلك أبداً. أنا مطلق، رغم إصرارك على تصوري في صورتك النسبية. النسبي هو من يستطيع أن يحب ويكره، وأن يجمع بين المتناقضين معاً وفي الوقت نفسه. بينما المطلق لا يحب ولا يكره، ومنزه عن التناقض. هل تظن أن قتل الأطفال بالملايين يُدمي قلبي أو يهز شعرة مني، إذا كان ليّ شعر أصلاً؟! لا، إطلاقاً. أنا ليس لي قلب مثلك حتى يوجعه أو يدميه أياً ما كان. أنا العدل المطلق لا العدل النسبي الذي تتمناه. الكون كله عندي سواء، يستوي فيه عندي الموت مع الحياة والظلام مع النور. لقد ارتضيت الكون وخلقته على هذا النحو. ولأني عادل بالمطلق، فأنا لا أميل أبداً مع أي مفردة كونية ضد أخرى، مع مسلم ضد يهودي أو يهودي ضد مسلم، مع مظلوم ضد ظالم، مع مؤمن ضد كافر. أنت الذي تتمنى ذلك وتفتريه عليّ حين تظن أن "الأطفال أحباب الله". غير صحيح. الله ليس له أحباب، ولا أعداء، لا من البشر ولا من أي شيء آخر، لأنه منزه ومطلق يعلو فوق كل شيء، وفوق مشاعر البشر. قبل سنوات قليلة حصد منكم كوفيد-19 ملايين الأرواح من الأطفال والنساء والشيوخ ولم أتدخل لكي أنقذكم. لماذا؟ لأن حتى كوفيد-19 هذا أحد مخلوقاتي. والعادل المطلق لا يأخذ صف أحد مخلوقاته ضد الآخر. وحين تمكنت يا إنسان من إيجاد الطعم القاتل له، لم أتدخل أيضاً في صف الكوفيد لحمايته من بغيك وظلمك له وأنت تنتزع منه حقه في الحياة كما أوجدته فيها. هل تفهم ما أعنيه؟

يا ربي. كأني أراك تتنصل من مسؤولياتك ووعودك التي أعطيتنا إياها مقابل حسن عبادتك والامتثال لأوامرك ونواهيك. إذا كان الأمر كذلك، فماذا يكون الفارق بالنسبة إليك بين المؤمن والكافر بك؟!

سحقاً لك أيها الإنسان المتغطرس. من تظن نفسك حتى أتحمل أمامك مسؤولية أو أعطي لك وعداً؟ إنني الله الواحد الأحد، رب الكون ورب العالمين بلا شريك ولا ولد. أنا لست تاجراً أمامك حتى تشتري مني شيئاً مقابل خدمة تسديها لي، الجنة مقابل العبادة المخلصة. أنا كامل، لا تنقصني خدمتك لي ولا تغنيني أنت ذاتك في شيء على الإطلاق. أنا مطلق. لا أتقيد بكلمة أو وعد أو عهد أمامك أو أمام غيرك. أنا حر التصرف بالمطلق في ملكوتي كيفما أشاء. هل تدعي أني وعدتك بجنتي؟ طيب مفيش جنة. وأعدائك في الجحيم؟ طيب مفيش جحيم. هل لك قول بعد قولي هذا؟ هل تملك لومي أو محاسبتي؟ ألم أقل لك أنني مطلق، وأنت تافه وأحمق؟ من تظن نفسك حتى تلزمني بشيء؟!

أيها الإنسان. اذهب وأفني اليهود جميعاً، أو يفنوكم هم جميعاً. هذا شأنكم أنتم ولا يعنيني في شيء. أنا كنت عادلاً بينكم في الخلق منذ البداية، بحيث لم أهب أحداً ذراعاً ولا ساقاً ولا عقلاً أكثر من أخيه. صراعاتكم تلك من أعمالكم واجتهاداتكم أنفسكم فيما بينكم ولا دخل لي فيها. أما ملكوتي، فلن ينقص مثقال ذرة لو أبادت البشرية نفسها بنفسها عن بكرة أبيها. أنا ملكوتي بلا حدود وبلا نهاية ولا يضره أن يفنى منه مخلوق مثلك حتى يُفسح فرصة الحياة أمام آخر، ربما أعظم وأفضل وأرقى منه.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدولة جنة الإنسان على الأرض، أو هكذا ينبغي
- ما هي حقيقة الدولة؟
- هل كانت 30 يونيو ثورة؟
- هل كانت 25 يناير ثورة؟
- الثورة بين الحقيقة والمجاز
- هل كانت 23 يوليو ثورة؟
- هل مصر دولة ديمقراطية؟
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع


المزيد.....




- إسرائيل تسيطر على المسجد الإبراهيمي.. فماذا يُخطط بن غفير لل ...
- الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس: درع الهوية المقدسية في ...
- فتوى للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: كسر الحصار عن غزة واجب ...
- مقابل قبة الصخرة.. مستوطنون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأق ...
- يائير جولان: اليهود يرتكبون مذابح بحق الفلسطينيين في الضفة
- لماذا لم يعد اليهود الأميركيون على قلب رجل واحد؟
- عودة -حسم-.. هل تتجدد تهديدات الإخوان للأمن المصري؟
- هل تختفي الدراسات العربية والإسلامية من جامعات أوروبا بسبب ا ...
- السلطات المصرية تعتقل خلية لحركة حسم والإخوان تنفي ارتباطها ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - شكوى إلى الله ضد إسرائيل